تقارير: تورط كريدي سويس في قبول أموال مجرمين ومستبدين
٢١ فبراير ٢٠٢٢
كشفت تقارير صحفية في ألمانيا أن مصرف كريدي سويس السويسري استمر على مدار سنوات عديدة في قبول أموال حكام مستبدين من دول عربية وأفريقية وآسيوية، وتجار مخدرات وأشخاص يشبته في ارتكابهم جرائم حرب وتجار بشر كعملاء.
إعلان
بعد سنة صعبة يواجه مصرف "كريدي سويس" منذ مساء الأحد (20 فبراير/ شباط 2022) أزمة جديدة بعدما اتهمه تحقيق صحفي تجريه وسائل إعلام دولية عدة، باستقبال أموال مصدرها الفساد أو اوساط الجريمة إلا ان البنك السويسري "رفض تماما" هذه الاتهامات. وجاء ذلك وفقا لأبحاث استقصائية لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية استنادا إلى بيانات من البنك حصلت عليها من مصدر لم يكشف عن هويته. وقامت الصحيفة بتحليل المستندات بالاشتراك مع إذاعتي "إن.دي.إير" و"دبليو.دي.آر" وشركاء إعلاميين آخرين بينهم صحيفة "غارديان" و"لوموند" و"نيويورك تايمز".
وفي رد على الصحيفة، نفى البنك الاتهامات وقال وفقا لما نقلته الصحيفة "كريدي سويس يلتزم خلال ممارسة أعماله بالقوانين والتوجيهات العالمية والمحلية المعمول بها"، وأشار إلى أن جزءا كبيرا من الحسابات تم إغلاقه منذ فترة طويلة. وذكر البنك اليوم أن "التقرير يستند إلى معلومات غير كاملة وغير دقيقة أو معلومات انتقائية اقتطعت من سياقها، مما تسبب في تفسيرات متحيزة لسلوك العمل الخاص بالبنك"، موضحا أن 90% من الحسابات أغلقت بالفعل.
وأضاف البنك "سنواصل تحليل الأمر واتخاذ إجراء إذا كان هذا ضروريا".
وحسب تقرير الصحيفة، تعطي المستندات معلومات عن حسابات أكثر من 30 ألف عميل من كل أنحاء العالم، وأفاد التقرير بأن مجرمين فتحوا حسابات وتمكنوا من الاحتفاظ بها بعد ذلك "حتى مع أن البنك تمكن من أن يعرف منذ فترة طويلة أنه يتعامل مع مجرمين". وتضمنت البيانات مديرا سابقا في سيمنس، قال التقرير إنه امتلك في بعض الأحيان ستة حسابات أحدها كان به ثروة تزيد عن 54 مليون فرنك سويسري (نحو 51.66 مليون يورو)، وهو مبلغ لا يمكن تفسيره من خلال راتبه السنوي في سيمنس.
وذكر معدو التقرير البحثي أن المدير السابق نفى ارتكابه أي سوء سلوك دون أن يوضح من أين حصل على هذه الملايين. وذكرت وسائل الإعلام المشاركة في إعداد التقرير أن البنك رفض الإجابة على أسئلة محددة عن الواقعة وعن حسابات أخرى مثيرة للشك لكنه أكد أنه يتبع "أعلى المعايير السلوكية". وقال المصدر الذي يكشف عن هويته للبيانات "أعتقد أن السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية.. حجة حماية الخصوصية المالية مجرد ستار لتغطية الدور المخزي للبنوك السويسرية كشركاء للمتهربين من الضرائب".
أموال عربية شملها التحقيق
وبالاستناد إلى بيانات أكثر من 18 ألف حساب في هذا المصرف منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي وحتى نهاية 2010 تفيد مجموعة Organized Crime and Corruption Reporting Project (OCCRP) التي تضم 47 وسيلة إعلامية من بينها صحف "لوموند" و"ذي غارديان" و"ميامي هيرالد" و"لا ناسيون"، من المصرف السويسري "استقبل أموالا مرتبطة بالجريمة والفساد على مدى عقود" على ما ذكرت "لوموند" .
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن ذلك أتى "على حساب الضوابط المعتمدة في المصارف الدولية".
واستندت OCCRP على بيانات سلمتها مصادر لم يكشف عن هويتها قبل أكثر من سنة بقليل إلى صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" بشأن حسابات تعود إلى 37 ألف شخص بقيمة إجمالية تزيد عن مئة مليار دولار "من بينها ثمانية مليارات مرتبطة بزبائن حددوا على أنهم يطرحون مشكلة" على ما ذكرت "لوموند".
وأضافت لوموند أن عدة مؤسسات إعلامية ضمن OCCRP قدمت نفسها على أنها "زبائن أثرياء يسعون إلى معاملة متكتمة" تلقت عرضا يسمح بفتح حساب مجهول الهوية وإنشاء شركات قابضة مع أسماء مستعارة وهي وسيلة للحلول مكان الحسابات المشفرة التي لا تحمل أسماء وهي ممارسة في طريقها إلى الزوال في سويسرا.
وغالبية الأشخاص الذين تولت OCCRP بياناتهم يأتون من دول نامية لا سيما إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأميركا الجنوبية فيما لا يشكل المودعون الذين يقيمون في أوروبا سوى 1 % من المجموع وفق "لوموند".
وبين هؤلاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس كازخستان قاسم جومارت-توكاييف فضلا عن موظفين كبار في دول عربية عدة "أخرجوا كميات كبيرة من الأموال من بلدانهم ابان +الربيع العربي+" على ما أوضحت الصحيفة.
ح.ز/ م.س (د.ب.أ، أ.ف.ب)
أين حلّت الدول العربية في مؤشر الفساد لعام 2020؟
"لا يزال يُنظر إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنها شديدة الفساد مع إحراز تقدم ضئيل في السيطرة عليه"، هذا ما يقوله تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد ومستوياته خلال عام 2020 في 180 دولة ومنطقة عبر العالم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. al Jurani
اليمن.. الرتبة 175 بـ 15 درجة فقط!
ليست أحوال البلد الذي يعيش "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" بالجيدة في المؤشر، رغم تقدم طفيف بدرجتين في المؤشر الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية (ترانسبارنسي). ويعزو هذا الوضع المستمر إلى الحرب داخل البلد، ما خلق مشاكل اقتصادية واسعة وصعب محاربة الفساد. وترى المنظمة أن حتى إدارة الإغاثة الخاصة بتدبير جائحة كورونا لم تكن لها الشفافية اللازمة في توزيع المساعدات الإنسانية.
صورة من: ESSA AHMED/AFP/Getty Images
سوريا.. الرتبة ما قبل الأخيرة عالميا!
لا يوجد أسفلها سوى جنوب السودان والصومال اللذان حلا في المركز 179، بينما حلت سوريا في 178. تدهورت أحوال البلد منذ اندلاع النزاع المسلح في أعقاب بداية الانتفاضة ضد نظام الأسد. خسرت سوريا 12 نقطة منذ عام 2012 وتملك الآن 14 نقطة فقط وهو وضع يكاد يكون طبيعيا نظرا لاستغلال منظومة الفساد لحالة الحرب ولجوء السوريين، لدرجة أن هناك من تؤكد أن للفساد منظومة قد تتجاوز منظومة الدولة.
صورة من: Delil Souleiman/AFP /Getty Images
الجزائر.. الرتبة 104 بـ 36 درجة
تقدمت الجزائر مرتبتين عن تقرير العام الماضي. يدرك المتتبعون أن البلد يعاني من أزمة فساد بنيوية، وليست المحاكمات الأخيرة لمجموعة من رموز نظام بوتفليقة سوى تجليا بسيطا لها، فهناك جرائم خطيرة تتعلق بنهب الأموال العمومية وتهريبها للخارج وتقديم رشاوى ضخمة والاغتناء غير المشروع. وفي الوقت الذي ينظر فيه البعض بعين الرضا لهذه المحاكمات، هناك من يرى أنها مجرد تصفية حسابات بين أقطاب في الدولة.
صورة من: Reuters/R. Boudina
المغرب.. الرتبة 86 بـ40 درجة
تراجع المغرب عن ترتيب 2019 بـ 6 مراتب . ترى المنظمة أن التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الرباط استجابة لحالة الطوارئ "افتقرت إلى الرقابة وسمحت بإعفاءات خاصة لم تخضع الحكومة للمساءلة عنها"، وهو ما "شكل مخاطر كبيرة على جهود مواجهة سوء إدارة الأموال والفساد". وهنا تشير المنظمة كذلك إلى اعتقال السلطات للصحفيين المستقلين، إذ تم اعتقال ثلاثة صحفيين ونشطاء إعلاميين على الأقل عام 2020.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. Achoui-Lesage
الإمارات وقطر.. نتائج مرضية نسبيا
حافظت الإمارات على ترتيبها بحلولها في المركز 21 بـ 71 درجة. تملك الإمارات منظومة قوانين تشدّد على محاربة الفساد وتؤكد على الشفافية، غير أن البلد يدار بقبضة من حديد، كما أن "الفساد يتكرس في أماكن أخرى بالقطاع الخاص". حلت قطر ثانية عربيا في المركز 30 عالميا، وهي بدورها تملك هيئات رقابية قوية تفرض شروطا صارمة على التعاملات المالية، بيد أن انتقادات كبيرة تلاحقها وخاصة حقوق عمال ملاعب المونديال.
صورة من: Kamran Jebreili/AP Photo/picture-alliance
لبنان.. مركز مخيّب للغاية
الرتبة 149 بـ 25 درجة وبتراجع 12 درجة عن آخر ترتيب، يتأكد أن لبنان يعاني بشكل واضح في محاربة الفساد، إذ لم ينجح الحراك المناوئ للحكومة في تحسين الوضع. تقول المنظمة إنه رغم هذه الاحتجاجات، فـ 'التحقيقات الرئيسية لم تبدأ، ولم يخضع أيّ مسؤول عام للمحاكمة". وزادت جائحة كوفيد -19 من صعوبة الوضع، ثم انفجار مرفأ بيروت. وتشير المنظمة إلى افتقار المحاكم للاستقلالية رغم وجود قوانين لمحاربة الفساد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
مصر وتونس.. مساران متناقضان
تراجعت مصر بتسعة مراتب لتحتل المركز 117 بـ 33 نقطة. ومن أبرز المجالات التي توجه فيها الانتقادات لمصر الطريقة التي يتدخل بها الجيش في الحياة العامة مع ما يكتنف ذلك من غياب للشفافية وصعوبات للمساءلة. عكس ذلك، تقدمت تونس خمس مراتب لتحتل المركز 69، فرغم أن البلد يعاني من عدم استقرار سياسي و من شبه إخفاق في معالجة المشاكل الاجتماعية، إلّا أنه قطع بشكل كبير مع الفساد المهيكل.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
العراق.. غنى الموارد مقابل فقر الحياة
تقدم ضئيل للغاية بمركزين ليحتل العراق المركز 160، لكنه تقدم غير كافٍ لإبعاد البلد عن دائرة الدول "الأكثر فسادا"، تقول المنظمة إن "الفساد المترسخ في النظام يحرم الناس من حقوقهم الأساسية مثل الحصول على مياه الشرب والرعاية الصحية". يعيش البلد الغني بالنفط أزمة اقتصادية أجلت أكثر من مرة دفع رواتب الموظفين، وسط اتهامات بنهب المال العام بأكثر من 250 مليار دولار منذ 2003، مقابل غياب تام للمساءلة.
صورة من: picture-alliance/AA/Murtadha Al-Sudani
صورة "قاتمة" في العالم
يؤكد المؤشر أن "معظم البلدان لم تحرز سوى تقدم ضئيل أو معدوم". وذلك في سنة شهدت جائحة كوورنا التي استغلتها حكومات متعددة لصالحها. حافظت ألمانيا على ترتيبها تاسعة في المؤشر، فيما كانت الصدارة من نصيب نيوزيلندا والدانمارك. المثير أن دولا غربية حلّت بشكل متراجع نسبياً منها فرنسا (23) وأمريكا (29) وإسرائيل (35) وإيطاليا (52) وهي الرتبة نفسها التي تقاسمتها هذه الأخيرة مع السعودية.