تقارير: قضاء مهاجرين عطشاً بعد طردهم في صحراء الجزائر
٢٢ مايو ٢٠٢٤
ذكرت تقارير أنه توفي خلال الشهرين الماضيين 11 مهاجرا عطشا في الصحراء الجزائرية، على حدود النيجر، في المنطقة المعروفة باسم "النقطة صفر". وتتواصل عمليات طرد المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى من قبل سلطات الجزائر.
إعلان
أفادت الفرق التابعة لمجموعة "هاتف الإنذار في الصحراء" (Alarme Phone Sahara)، أنها عثرت في 12 أيار/مايو، على مواطن مالي فاقد للوعي في الصحراء الكبرى، على الحدود بين الجزائر والنيجر، في المنطقة المعروفة باسم "النقطة صفر".
ووفقاً للمصدر ذاته، تركت السلطات الجزائرية المهاجر في الصحراء، قبل ذلك بعدة ساعات، في درجة حرارة تصل إلى 45 درجة مئوية، قبل أن تنقله المجموعة بأسرع ما يمكن إلى "أساماكا"، وهي أول بلدة حدودية على بعد 15 كيلومتراً في النيجر.
وفي اتصال مع مهاجرنيوز، يقول عزيزو شيهو، منسق مجموعة "هاتف الإنذار في الصحراء"، "لكن الوقت كان قد فات، لسوء الحظ توفي (المهاجر المالي) بسبب الحر الشديد".
وقبل ذلك بيومين، تم العثور على سبع جثث في نفس المنطقة، بين النقطة صفر و"أساماكا". يقول عزيزو شيهو "كانوا ثلاثة ماليين وغينيين اثنين وبوركيني واحد، بالإضافة إلى جثة مجهولة الهوية. لقد ماتوا من العطش".
وكان قد وقع حادث مروع آخر في 5 نيسان/أبريل، حيث عثرت فرق "هاتف الإنذار في الصحراء" على ثلاث جثث في حالة متحللة، بالقرب من النقطة صفر. يقول عزيزو شيهو "من المؤكد أنهم لم يكونوا قادرين على تحمل الحرارة، كما أنهم كانوا مرهقين، دون أي احتياطي للمياه. ولم نتمكن من العثور على أي وثائق بحوزتهم".
وتلقى فريق مهاجرنيوز العديد من الشهادات خلال الأعوام الأخيرة، حول قيام السلطات الجزائرية بإرسال المهاجرين إلى الصحراء على الحدود مع النيجر.
طرد 23 ألف شخص في عام 2023، و10 آلاف في عام 2024
ووفقا لفرق "هاتف الإنذار في الصحراء" والتي تعمل في "أغاديز وأساماكا وأرليت ونيامي في منطقة قعوار (على الطريق إلى ليبيا)، فقد تم بالفعل طرد 10 آلاف مهاجر منذ بداية العام. "ونحن في شهر أيار/مايو فقط، إذا استمر هذا الاتجاه، على الأرجح سنتجاوز الأرقام المسجلة في 2023: 23 ألف مرحّل".
وعلى حسابها على منصة "X" (تويتر سابقاً)، توثق مجموعة "هاتف الإنذار في الصحراء" عمليات نقل المهاجرين إلى الصحراء وتركهم فيها دون مياه أو طعام، وترصد أعداد المهاجرين الوافدين إلى النيجر بعد تركهم في الصحراء، ففي 26 نيسان/أبريل 2024، "وصل 647 شخصا إلى أساماكا"، وفي 21 نيسان/أبريل، "وصل 262 مهاجراً إلى أساماكا". وتعلق المجموعة على صفحتها بأن "الحرارة الشديدة التي تضرب المنطقة منذ أسابيع، جعلت مرة أخرى الظروف المعيشية للمهاجرين صعبة ومقلقة للغاية".
وفي كانون الثاني/يناير، أشارت مجموعة "هاتف الإنذار في الصحراء" إلى استئناف السلطات الجزائرية عمليات المداهمة في عدة مدن جزائرية، وأوضحت المنظمة حينها أن "هذه الاعتقالات التعسفية كانت موجودة دائما ولكن بحدة مختلفة. اليوم، يتم اعتقال السود في شققهم وفي الشارع، وفي أماكن عملهم وفي الملاعب الرياضية، ثم يتم إرسالهم إلى النقطة الصفر".
سلسة من عمليات الدفع والطرد
ويقع هؤلاء المهاجرون ضحايا لسلسلة من عمليات الطرد من قبل عدة دول، على سبيل المثال، قامت تونس لعدة أشهر بطرد الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى إلى ليبيا والجزائر. يوضح عزيزو شيهو "عندما تلاحظ السلطات الجزائرية أن السود قد عبروا الحدود، تقوم باعتقالهم، ثم يتم طردهم مرة أخرى إلى النيجر".
وفي إجابة على سؤال حول أعداد الأشخاص الذين يموتون دون العثور عليهم، يقول عزيزو آسفاً "لا يمكننا أن نعرف (عددهم)، للأسف، ليس لدينا المعدات أو المركبات المناسبة للبحث عنهم في الصحراء". في كل عام، يختفي الكثير من المهاجرين في الصحراء.
وفي اتصال مع مهاجرنيوز، قال الشاب المهاجر أمادو، إنه رأى ثلاثة أشخاص يموتون أمام عينيه في الصحراء. وأوضح الشاب الأفريقي الذي كان يعمل في الجزائر لمدة عامين قبل أن يتم القبض عليه، "لقد كانوا متعبين للغاية لدرجة أنهم انهاروا على الأرض".
ورداً على تكثيف السلطات الجزائرية لعمليات القمع العنيفة ضد مواطني جنوب الصحراء الكبرى، استدعى المجلس العسكري الحاكم في النيجر السفير الجزائري لدى البلاد في 3 نيسان/أبريل.
وعبّر نائب الأمين العام لوزارة الخارجية النيجيرية، عمر إبراهيم سيدي، الذي استقبل الدبلوماسي الجزائري، "رسميا عن احتجاج السلطات العليا في النيجر ضد الطبيعة العنيفة لطريقة العمل التي تستخدمها أجهزة الأمن الجزائرية لتنفيذ هذه العمليات". كما "طلب" من الدبلوماسي الجزائري "التوسط" لدى سلطات بلاده، حتى يتم "احترام كرامة السلامة الجسدية والمعنوية" للمهاجرين أثناء عمليات الإرجاع عبر الحدود.
مهاجرون أفارقة يتنازلون عن "الحلم الأوروبي" من أجل المغرب!
بدلًا من اتخاذه نقطة عبور إلى أوروبا، أصبح المغرب بلد استقرار للعديد من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى. ورغم أن كثيرين ما زالوا يحلمون بالوصول إلى أوروبا، إلا أن بعضهم قرر البقاء.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الاستفادة القصوى من الوضع الصعب
تشير التقارير إلى وجود ما بين 70 ألف إلى 200 ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، والعديد منهم وصلوا بشكل غير نظامي منذ سنوات ويخططون للعبور إلى أوروبا. لكن سياسة بروكسل المتمثلة في تشديد الحدود الخارجية جعلت من الصعب عليهم العبور. ويبدو المغرب أكثر ترحيبًا، رغم أن سياسته المتعلقة بالهجرة لا تزال غامضة. ويعاني بعض المهاجرين من الاستغلال، كما أن الاندماج في المجتمع ليس أمرًا مسلمًا به.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
على طول الطريق من داكار إلى الدار البيضاء
سيارة "فان" صغيرة في طريقها إلى المغرب تنقل البضائع والأشخاص على طول الطريق من روسو (على الحدود بين السنغال وموريتانيا) إلى نواكشوط. تغادر الحافلات الصغيرة داكار عدة مرات في الأسبوع وتسير على طول الساحل إلى الدار البيضاء، قاطعة مسافة 3000 كليومتر ذهابًا وإيابًا. يبدأ العديد من المهاجرين، بما في ذلك السنغاليون، رحلتهم إلى البحر الأبيض المتوسط من هنا أو يقومون بأعمال تجارية على طول الطريق.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ظروف العمل صعبة
عثمان دجوم مع صديق له على سطح أحد المباني في بلدية آيت عميرة جنوب أغادير. وفي الخلفية، تشير مئات الدفيئات الزراعية إلى نجاح "مخطط المغرب الأخضر" الذي حول المنطقة إلى مركز للزراعة. يعمل العديد من الشباب الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هنا مقابل حوالي 6 يورو (6.50 دولارًا) يوميًا. لا أحد تقريبًا لديه تصريح إقامة ساري المفعول، كما أن ظروف العمل صعبة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
لا أوراق، لا حماية!
دجوم وزميله يمشيان بين أشجار الموز في إحدى الدفيئات الزراعية العملاقة. يعد العمل بدون أوراق رسمية والافتقار إلى الحماية القانونية أمرًا شائعًا في قطاعات أخرى أيضًا، مثل البناء وصيد الأسماك. هناك قدر معين من التسامح مع المهاجرين الذين انتهت مدة تأشيراتهم، ما يفيد الصناعات التي توظف أعدادا كبيرة من العمال غير المسجلين بتكلفة منخفضة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
كسب لقمة العيش في مراكش
تعد الجالية السنغالية، وهي أكبر جالية للمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى وما زالت تكبر، منظمة بشكل جيد، خاصة في المراكز الحضرية مثل مدينة مراكش السياحية. هنا، من السهل ممارسة تجارة الشوارع (أو تجارة الأرصفة) كعمل أول - مثل هذا البائع السنغالي في ساحة جامع الفنا الشهيرة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التضامن بين المهاجرين
بابكر ديي، رئيس جمعية السنغاليين في المغرب (ARSEREM)، يتحدث إلى أعضاء آخرين في منطقة بمراكش. تساعد الجمعية والشبكات الدينية الأعضاء في العثور على السكن وفهم الإجراءات الإدارية والحصول على الخدمات الأساسية. الجمعية لديها 3000 عضو. تضم جماعة المريدين الصوفية السنغالية 500 عضو في مراكش وحدها.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
حلم الوصول إلى أوروبا لايزال يراود كثيرين!
بعد العمل الشاق في العديد من الوظائف ذات الأجر المنخفض في جميع أنحاء المغرب، وجد عمر باي عملًا كطاهٍ في مطعم بأغادير. يقول: "لم آت إلى المغرب للبقاء. حاولت دون جدوى الوصول إلى إسبانيا (بشكل غير منتظم بالقارب) لمدة ثلاث سنوات". وعلى الرغم من أنه أصبح الآن مهاجرًا نظاميًا في المغرب وكوّن أسرة، إلا أنه لم يتخل عن حلمه بالذهاب إلى أوروبا.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ميزات التحدث بالفرنسية
يعمل باباكر ديوماندي (الواقف في الصورة) منذ سنوات في مركز اتصال بمراكش. وهو الآن يقود فريقًا صغيرًا لشركة تجارية. ويعمل آلاف المهاجرين في مراكز الاتصال براتب شهري يصل إلى 55 يورو. تتعامل الشركات بشكل أساسي مع السوق الفرنسية، ما يزيد من صعوبة توظيف المغاربة، الذين ابتعدوا قليلًا عن اللغة الفرنسية التي فرضت خلال فترة الحكم الاستعماري الفرنسي.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
مواجهة العنصرية في الحياة اليومية
يدير محمد الشيخ موقف سيارات في ضواحي مراكش. حصل على تصريح الإقامة مبكرًا لأنه تزوج من مغربية. ويقول إن المجتمع مازال لا يقبل الزواج المختلط، ولذلك يجب أن تظل مثل هذه الزيجات سرية في كثير من الأحيان. يتمتع الشيخ بعلاقة جيدة مع زبائنه، لكنه لا يزال "يواجه العديد من أشكال العنصرية"، كما يقول.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التوترات الاجتماعية والعنف
افتتح يحيى عيدارا مطعمًا ومشروعًا تجاريًا في مراكش لاستيراد المنتجات من السنغال. ويقول إن لديه العديد من الأصدقاء المغاربة اليوم، لكن كان لديه "الكثير من الخلافات مع البائعين في الماضي". ويبلغ معدل البطالة في المغرب 13 بالمئة، بينما تصل النسبة بين المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 24 سنة إلى 30 بالمئة. وحيثما تكون المنافسة شرسة، تؤدي التوترات بين السكان المحليين والمهاجرين في بعض الأحيان إلى العنف.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
تشجيع الاندماج
تُلقب إحدى مناطق سوق المدينة بالدار البيضاء بـ "marché sénégalais" (السوق السنغالية) بسبب كثرة تجارها السنغاليين. الزيادة في أعداد المهاجرين المستقرين في المغرب دفعت الرباط إلى إعادة التفكير في استراتيجيات الاندماج. منذ عام 2014، سمحت حملتا تسوية لأكثر من 50 ألف أجنبي بالحصول على تصاريح إقامة. وفي عام 2018، أطلق الاتحاد الإفريقي على المغرب لقب "البطل الإفريقي للهجرة".
صورة من: Marco Simoncelli/DW
المهاجرون يحتاجون إلى المزيد من الدعم
شاب سنغالي (في الوسط) يستمع إلى الموسيقى على الترامواي في الدار البيضاء. بين عامي 2014 و2022، خصص الاتحاد الأوروبي 2.1 مليار يورو (2.2 مليار دولار) من أموال التعاون للمغرب لتعزيز حدوده وإدارة الهجرة. ومع ذلك، فإن الإطار القانوني للهجرة في البلاد لا يزال يعتمد على قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 ويفتقر إلى الأموال اللازمة لسياسات الاندماج.
إعداد: ماركو سيمونسيلي/دافيد ليمي/م.ع.ح