فيما تكثف القوات الروسية والسورية قصفها على مناطق في إدلب، فرّ عشرات الآلاف نحو تركيا خلال اليومين الأخيرين. وأنقرة تخشى وصول موجة جديدة من آخر منطقة كبرى خاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة.
إعلان
قالت وسائل إعلام تركية رسمية اليوم الأحد (22 كانون أول/ديسمبر 2019)، إن ما لا يقل عن 25 ألف مدنيا فروا من منطقة إدلب في شمال غرب سوريا إلى تركيا خلال اليومين الماضيين وسط تصاعد القصف السوري- الروسي للمنطقة.
وتستضيف تركيا حاليا نحو 3.7 مليون لاجئ سوري، وهو أكبر عدد من اللاجئين تستضيفه دولة في العالم، وتخشى وصول موجة جديدة إليها من منطقة إدلب التي يقطنها ما يصل إلى ثلاثة ملايين سوري. وإدلب هي آخر منطقة كبرى خاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة.
وتقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إن المئات قتلوا هذا العام في هجمات على مناطق سكنية في إدلب. وتعهد الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة السيطرة على إدلب، ودفع القصف المزيد من سكانها إلى النزوح صوب تركيا. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس الماضي إن 50 ألف شخص يفرون من إدلب باتجاه حدود سوريا مع تركيا. وذلك قبل أن تضيف وكالة الأناضول الرسمية للأنباء اليوم الأحد إن 25 ألفا آخرين فروا من إدلب منذ أن أدلى أردوغان بهذه التصريحات وأضافت أنهم وصلوا إلى منطقة قرب الحدود التركية.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن قوات الرئيس السوري بشار الأسد تواصل التقدم جنوب شرق محافظة إدلب شمال غربي البلاد. وأوضح المرصد أن قوات النظام وصلت إلى أعتاب نقطة المراقبة التركية في قرية "الصرمان" التابعة لمنطقة معرة النعمان. وأضاف أن "قوات النظام تواصل هجماتها البرية في عمق ريف إدلب الجنوبي الشرقي، محققة مزيدا من التقدم على حساب الفصائل والجهاديين بإسناد بري وجوي عنيف ومكثف".
في الوقت ذاته أعلنت تركيا شنّ ثلاث عمليات عسكرية عبر الحدود في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها "جماعة إرهابية". وسيطرت أنقرة على مناطق شاسعة من الأرض على الجانب الآخر من الحدود في تلك العمليات، وتقول إنها تسعى لإعادة توطين اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم في تلك المناطق.
ا.ف/ و.ب (رويترز، د.ب.أ)
المدنيون يتحملون العبء الأكبر للهجوم التركي في سوريا
يحاول من نزح جراء المعارك في شمال شرق سوريا النجاة بالاحتماء في منازل ومدارس مهجورة. ومع رحيل المنظمات الدولية غير الحكومية، يصطف المواطنون لساعات من أجل كسرة خبز. أما القلة القليلة التي تبقت من الأطباء فغارقة في عملها.
صورة من: DW/K. Zurutuza
المحطة الأولى رأس العين
تشير مصادر أممية إلى وجود أكثر من مائتي ألف نازح داخل شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي، الذي بدأ في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2019. وكان لمدينة رأس العين الحدودية النصيب الأكبر إثر هجوم مشترك لميليشيات مدعومة من تركيا التركية وقصف جوي. وستبقى المدينة تحت السيطرة التركية وفق اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"فقدنا كل شيء"
وتفيد تقارير بأن أغلب الفارين ينتمون إلى الأكراد. أما ما تبقى في المدينة من مدنيين فهم غالبًا من العرب الذين لا يزالون على تواصل هاتفي بجيرانهم القدامى. وقال هذا الرجل لـ DW (دويتشه فيله): "لقد أخبروني أمس أن الإسلاميين كانوا ينهبون منزلنا؛ لقد فقدنا كل شيء".
صورة من: DW/K. Zurutuza
كل كَسرة خبز تساعد
قوات النظام السوري تتمركز على مسافة كيلومترات قليلة من تل تمر بمحافظة الحسكة. ومن ثم، فقد فرَّت على مدار الأيام القليلة الماضية منظماتٌ دولية غير حكومية كانت تتخذ المنطقة مركزًا لها في السابق. ويعتمد النازحون داخليًّا من رأس العين والقرى المجاورة على عمل المنظمات غير الحكومية التي تكافح لمواكبة الأزمة.
صورة من: DW/K. Zurutuza
قرى خاوية ومخاطر عديدة
وبخلاف تل تمر، تستقبل قرى متاخمة أخرى مئات النازحين، الذين يعتمدون على منظمات محلية غير حكومية. وأوضح حسن بشير، منسق محلي لمنظمة غير حكومية، في تصريحات لـ DW أنهم "يعيشون في قرى خاوية، يوجد كثيرٌ منها بالقرب من مواقع أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من الأتراك أو خلايا نائمة لداعش".
صورة من: DW/K. Zurutuza
وجبة واحدة لكل أسرة
لهذا النازح العربي القادم من رأس العين أربع زوجات وسيكابدون جميعا مشقة الحصول على ما يكفي لإطعام جميع أطفالهم، إذ تقول المنظمات غير الحكومية إنها لا تستطيع توزيع أكثر من وجبة غذائية واحدة لكل أسرة. وقال لـ DW بعد أن حصل على وجبة غذائية واحدة: "ليس ذنبهم أنهم مجرد أطفال".
صورة من: DW/K. Zurutuza
المدارس مغلقة.. إلى الأبد؟
منذ بداية الهجوم في شمال شرق سوريا والمدارس مغلقة، ويستقبل كثيرٌ منها الآن نازحين داخليًّا من رأس العين. وسينتقل من يستطيع تحمل التكلفة إلى مدن مثل الحسكة، التي تقع على بعد 80 كيلومترًا نحو الجنوب، أما البقية فسيتعين عليهم التكيف مع الظروف القاسية في مدينة حدودية تواجه المزيد من الهجمات من الشمال.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"استمرار الوضع ينذر بكارثة كبرى"
تعيش حاليًا 50 أسرة كردية من رأس العين في هذه المدرسة المهجورة بتل تمر، وسط غيابٍ للمياه والكهرباء. ومع تدهور الأوضاع الصحية، يخشى أطباءٌ محليون والمستشفى في تل تمر من تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض، إذ أخبر أحد الأطباء المحليين DW: "إذا استمر الوضع هكذا، يجب أن نستعد لكارثة إنسانية كبرى".
صورة من: DW/K. Zurutuza
مرضى تقطعت بهم السبل
على الرغم من أن المشفى في تل تمر يعالج الجرحى، فإنه لا يستطيع مساعدة أولئك الذين يعانون من أمراض مثل السرطان. وأخبر نازحان DW أنهما كانا من المفترض أن يتلقيا علاجًا كيميائيًّا في دمشق قبل بدء الهجوم، إلَّا أن الوضع الأمني الحالي يجعل الوصول إلى هناك مستحيلًا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
نوع آخر من أماكن اللعب
منذ سيطرة تنظيم "داعش" على تل نصري، بقيت القرية المسيحية الواقعة على أطراف تل تمر خاوية، إذ رحل أغلب سكانها السابقين خلال حصار داعش عندما دمَّرت المليشيات الكنائس بمتفجرات، قبل سقوط "الخلافة" المزعومة. ومع عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، يعيش العديد من النازحين داخليًّا من رأس العين في تل نصري.
صورة من: DW/K. Zurutuza
العيش على الصلاة
هؤلاء الفِتيانٌ من بين عشرات العالقين في تل نصري، إلَّا أن أوضاع المعيشة القاسية هي أبسط مشكلاتهم. فقبل التقاط الصورة مباشرة، أخبر نازحون DW أنهم تعرضوا لهجوم من قرية مجاورة يُقال إنها واقعة في قبضة إسلاميين، وأوضح مقاتلٌ بقوات سوريا الديمقراطية لـDW: "بدأوا بإطلاق النار علينا واشتبكنا [معهم] لأكثر من ساعة".
كارلوس زوروتوزا (تل تمر) / ج.ا