تقرير: أوروبا بحاجة إلى تخزين الطاقة لتحقيق الاستقلالية
إيمان ملوك
١٦ نوفمبر ٢٠٢٥
كشف تقرير لـ"بيزنس واير" عن أهمية مضاعفة تخزين الطاقة الحالية لدى أوروبا، لأجل تحقيق الاستقلالية المنشودة في هذا المجال. فما هي التدابير الضرورية؟ وهل تسير أوروبا على النهج الصحيح؟
تستورد أوروبا حالياً أكثر من نصف احتياجاتها من الطاقةصورة من: Joerg Boethling/imago images
إعلان
بحلول عام 2030، يتعين على أوروبا مضاعفة سعة تخزين الطاقة الحالية لديها لتحقيق أهدافها في التحول في مجال الطاقة، وفق أحدث تقرير لـ "بيزنس واير" وهي مؤسسة متخصصة في توزيع البيانات الصحفية والإفصاحات التنظيمية.
تستورد أوروبا حالياً معظم احتياجاتها من الطاقة (58%). وأوضح التقرير المذكور أن عدم اتخاذ تدابير داعمة للتخزين على المدى الطويل، سيجعل الدول الأوروبية أكثر عرضة لتقلبات الأسعار وانقطاعات الإمدادات، وهو ما سوف يؤدي إلى المزيد من الأصول المتعثرة. في المقابل يمكن لمشاريع تخزين الطاقة طويلة الأجل وعلى نطاق واسع أن تلعب دوراً رئيسياً في استقلال أوروبا وأمنها في مجال الطاقة: فمشروع بقدرة 500 ميغاوات يمكن أن يُغني ما يقرب من 1.2 مليون أوروبي عن إمدادات الغاز، بحسب "بيزنس واير".
أوروبا تتخلف عن الركب؟
تناول التقرير أيضاً كيف يُمكن لدول الاتحاد الأوروبي خفض تكاليف توسيع شبكة الكهرباء وتقليص تغذية الشبكة بحلول عام 2040. واقترح لذلك، مبادرات لتعزيز الاستثمارات الاستراتيجية طويلة الأمد في تخزين الطاقة، مما يُجنّب إنفاق مليارات اليورو على مرافق الغاز الطبيعي المُهمَلة. ووفق دراسة حديثة أجرتها جمعية تخزين الطاقة الأوروبية، يُمكن أن يُوفّر نشر هذه التقنيات في جميع أنحاء أوروبا حوالي 103 مليارات يورو بحلول عام 2040.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن شركة "هيدروستور"، المتخصصة في مجال تخزين الطاقة، فإن التدابير الرامية إلى تعزيز الاستثمار في تخزين الطاقة مع فترات تخزين أطول يمكن أن تقلل من تكاليف شبكة الكهرباء بمليارات الدولارات وتساعد القارة العجوز على تحقيق أهدافها المناخية لعام 2050 واستقلاليتها في هذا المجال.
وفي هذا الصدد أوضح جون نورمان، رئيس شركة "هايدروستور" المتخصصة في تخزين الطاقة: "في حين يكتسب تخزين الطاقة طويل الأمد زخماً عالمياً، تُواجه أوروبا خطر التخلف عن الركب. يجب على الحكومات التحرك على الفور لتنفيذ المشاريع في الوقت المحدد والوفاء بالتزاماتها وأهدافها الدولية. وإلا، سنُفوّت فرصة توفير مليارات الدولارات، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيق استقلالية الطاقة، مع خفض أسعار الكهرباء ومكافحة تغير المناخ في الوقت نفسه".
تحرير: وفاق بنكيران
سويسرا: طاقة نظيفة من جبال الألب
في سويسرا بدأ تشغيل محطة نانت دي درانس، وهي واحدة من أضخم محطات توليد الطاقة الكهرومائية على مستوى أوروبا. ويرى المسؤولون أنها يمكن أن تسهم في تحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة بسويسرا ودول أوروبية أخرى.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
جوهرة زرقاء
بلونه الأزرق الناصع يتلألأ خزان المياه فيو أيموسون الواقع وسط جبال الألب تحت أشعة الشمس. في أغسطس/ آب الماضي بدأ هنا تشغيل ثاني أكبر محطة توليد بتخزين ضخي في سويسرا. بنحو 900 ميغاواط يولد نانت دي درانس طاقة تعادل تلك التي يولدها جناح في محطة نووية لتوليد الطاقة، وبإمكانه تزويد 900.000 بيت بالكهرباء.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
استعراض القوة في محطة توليد الطاقة
السد الذي طال انتظاره طويلا كان يستحق كل هذا الانتظار والعمل، فقد استغرق بناء المرافق تحت الأرضية 14 عاماً بتكلفة ناهزت 2.3 مليار يورو. خلال هذه الفترة قام العمل بحفر خندقين رأسيين في صخور الألب، ويمكن من خلالهما ضخ المياه، كما تم حفر خنادق وقنوات بطول 17 كيلومتراً من الأنفاق.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
حافة ضيقة
تقع محطة الطاقة الفعلية على بعد 600 متر أسفل سد فيو إيموسون الذي يحب للبعض السير فوقه، وتظهر على هيئة مغارة عظيمة. واعتمد المهندسون الفرق في الارتفاع بين بحيرتي السد، وهما فيو أيموسون وأيموسون، لتوليد الطاقة ومن ثم تخزينها.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
القوة في العمق
تعمل المنشأة مثل بطارية هائلة: فمياه أيموسون الواقع في الأسفل يتم نقلها بمضخات إلى أعلى السد. وتُشغل المضخات عندما يفوق توليد الكهرباء من مصادر أخرى مثل الرياح والشمس الطلب وتصبح فائضة عن الحاجة. وهنا يمكن مشاهدة علامات مستويات المياه على ضفة فيو أيموسون.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
توربينات توربو
على هذا النحو يتم تخزين الطاقة: عندما تكون هناك حاجة إلى الكهرباء تتدفق المياه بمساعدة قوة الجاذبية من الخزان الواقع في الأعلى بـ 2200 متر. ويوجد من المياه ما يكفي لمدة 20 ساعة من التشغيل الكامل. وتشغل 360 مترا مكعبا من الماء في الثانية الواحدة تحرك هذه التوربينات الستة.
صورة من: LAURENT GILLIERON/Keystone/picture alliance
طاقة في غضون خمس دقائق
يمكن لمحطة نانت دي درانس توليد 20 غيغاوات في الساعة من الطاقة المخزنة. "هذا يعني أنه يكفي لشحن 400 ألف سيارة كهربائية بالطاقة تماماً في آن واحد"، كما يقول مدير المحطة آلان سوتيي. ولا يستغرق الأمر سوى خمس دقائق للتحول من عملية الضخ إلى توليد الكهرباء بالقدرة الكاملة.
صورة من: Denis Balibouse/REUTERS
فائض من الطاقة النظيفة
عمال يربطون نانت دي درانس بشبكة نقل الكهرباء. وتنتج سويسرا ما يصل إلى 60 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، أي أكثر مما تستهلكه في المتوسط السنوي. أما الفائض فيتم تصديره، ففي 2020 صدرت ما مجموعه نحو 10 بالمائة من إنتاجها من الكهرباء. وبفضل محطة الطاقة الجديدة يمكن زيادة صادراتها منها بشكل ملموس.
صورة من: Jean-Christophe Bott/Keystone/picture alliance
"لدينا ما نعرضه على أوروبا"
"نعول على أوروبا. وبإمكاننا أن نقدم شيئاً لأوروبا من خلال محطات توليد طاقة مثل نانت دي درانس"، كما قالت المستشارة الاتحادية سيمونيتا زوماروغا، وهي تقف هنا قبل تشييد جدار السد فيو أيموسون. ونظرا لنقص الطاقة الذي يهدد أوروبا يمكن لمحطة توليد الطاقة السويسرية الجديدة المساهمة في تأمين التزود بالطاقة بدول أوروبا. إعداد: نيله ينش/ م.أم.
صورة من: LAURENT GILLIERON/Keystone/picture alliance