تقرير الامم المتحدة حول اغتيال الحريري يوسع الهوة بين المعارضة والحكومة
قالت بعثة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة والتي يترأسها الايرلندي بيتر فيتزجيرالد ان التحقيق اللبناني في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تشوبه عيوب خطيرة ويجب اجراء تحقيق دولي "للكشف عن الحقيقة". وأكد التقرير أن هذه الاجهزة "لم توفر الحماية المناسبة للحريري وخلقت بالتالي ظرفا مواتيا لاغتياله"، مضيفا أن الاجهزة الامنية اللبنانية "اظهرت اهمالا كبيراً في القيام بمهمات يقوم بها عادة جهاز امني وطني محترف". وقال: "من هنا فشلت الاجهزة الامنية في تأمين مستوى امني مقبول للمواطنين في لبنان واسهمت في نشر ثقافة تخويف وافلات من العقاب". واضاف ان التحقيق اللبناني "يعاني من عجز خطير ولا يملك القدرة ولا التفاني اللازمين للتوصل الى نتيجة مرضية وذات صدقية". وذهب الى حد الاشارة الى "امكانية حدوث اعمال اجرامية للتلاعب بعناصر الادلة". واعتبر أيضا ان "استعادة اجهزة الامن اللبنانية لنزاهتها ومصداقيتها تمثل اهمية حيوية للامن والاستقرار في البلاد." الا أن لجنة تقصي الحقائق اعتبرت انه "من المشكوك فيه" ان يتمكن فريق مستقل من القيام بمهمته بشكل مرضٍ "طالما ان التدرج الهرمي الحالي للاجهزة الامنية اللبنانية لا يزال قائماً". واضاف التقرير أن "جهدا ثابتا من اجل اعادة بناء اجهزة الامن اللبنانية واصلاحها وتأهيلها سيكون ضروريا من اجل التوصل الى هذه الغاية". وامتنع الفريق عن التكهن بشأن هوية منفذي الاعتداء، لكنه اشار الى انه من المرجح ان يكون نفذ بواسطة متفجرة من مادة "تي ان تي" تزن حوالى الطن.
جزء من السؤولية يقع على عاتق سوريا
جاء في التقرير "ان الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية للتوتر السياسي الذي كان سائدا في لبنان قبل الاغتيال"، وانها "كانت تمارس نفوذا يذهب الى ابعد من الممارسة المعقولة لعلاقات التعاون والجوار". الا انه لم يذهب الى حد اتهام سوريا مباشرة بعملية الاغتيال. واضاف ان دمشق "كانت تتدخل في تفاصيل شؤون الحكم في لبنان بشكل كبير وصارم وهذا كان السبب الرئيسي للاستقطاب السياسي التي تبع ذلك". وقال التقرير ان المخابرات العسكرية السورية تتحمل مسؤولية اساسية عن نقص الامن والحماية وسيادة القانون والنظام في لبنان. واشارت البعثة الاممية الى أن الرئيس السوري بشار الاسد هدد في اجتماع له مع الحريري قبيل استقالته في التاسع من سبتمبر/ ايلول من رئاسة الوزراء "بأذى بدني" اذا عارض تمديد ولاية الرئيس اللبناني المؤيد لسوريا اميل لحود. واستشهدت البعثة بعدد من الروايات لوقائع هذا الاجتماع استنادا الى تصريحات الحريري نفسه لاخرين. ونقل عن الاسد قوله انه "يفضل ان يكسر لبنان على رؤوس الحريري وجنبلاط على ان تكسر كلمته في لبنان." وردا على ذلك قال فيصل مقداد سفير سوريا لدى الامم المتحدة انه على يقين تام بان الاسد "لم يهدد بأذى بدني".
الحكومة تنتقد التقرير والمعارضة ترحب به
في بيروت اكد بيان لرئاسة الجمهورية اللبنانية ان "الرئيس اميل لحود تلقى اتصالا هاتفيا من الامين العام للامم المتحدة كوفي انان اطلعه فيه على الخطوط العريضة للتقرير الذي تسلمه من لجنة تقصي الحقائق" بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. واضاف البيان ان "لحود طلب من انان اجراء ما يلزم لكشف حقيقة جريمة اغتيال رفيق الحريري في اسرع وقت ممكن"، موضحا ان الرئيس اللبناني شكر الامين العام على "الاهتمام الذي يبديه حيال الوضع في لبنان". أما وزير الخارجية اللبناني محمود حمود فقد قال اليوم الجمعة ان لجنة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة تخطت "صلاحياتها" بالنتائج التي توصلت اليها وفي مقدمها تكليف لجنة دولية للتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وقال حمود في مؤتمر صحافي ان اللجنة التي كلفها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان اعداد التقرير "لم يكن لها صلاحية تسمح لها بالنتائج التي وصلت اليها خصوصا بالنسبة للاقتراحات". واضاف "هذا ليس انتقادا بل توضيحاً لمهامها". واكد حمود ان لجنة دولية للتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري يجب ان تعمل "بالتنسيق مع الدولة" اللبنانية. واوضح حمود انه "اذا قرر مجلس الامن قيام لجنة تحقيق دولية، فعليه تحديد الاطار الذي ستعمل فيه وبالتنسيق مع الدولة" اللبنانية. واضاف "حتى الان لم نلغ انفسنا ومؤسساتنا. نحترم الشرعية الدولية ونتمسك بسيادة لبنان."
من ناحيته، قال النائب المعارض مروان حماده للمؤسسة اللبنانية للارسال "تلفزيون ال بي سي" ان بيان رئاسة الجمهورية "يعني ان لبنان يستعد لقبول فكرة لجنة تحقيق دولية" حول اغتيال الحريري والتي قد يقترحها مجلس الامن الدولي. واعتبر وزير العدل اللبناني السابق بهيج طباره وهو كان احد ابرز المقربين من رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، في تصريح لنفس المؤسسة في اول رد فعل على تقرير لجنة تقصي الحقائق، "من الواضح اننا نتجه نحو تشكيل لجنة تحقيق دولية مع صلاحيات واسعة (...) وقد يترجم هذا الامر بتشكيل محكمة دولية". وقال دبلوماسيون انه من المتوقع ان تسارع الولايات المتحدة وفرنسا الى تقديم مشروع قانون في مجلس الامن الدولي يطلب اجراء تحقيق دولي في اغتيال الحريري. وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان تقرير تقصي الحقائق اثار "مزاعم خطيرة ومثيرة للقلق" وان الولايات المتحدة تريد ان تجري لجنة دولية مستقلة تحقيقا في الامر. وقال ادم اريلي نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان "التقرير يوضح مرة اخرى اهمية الانسحاب الفوري الكامل للقوات واجهزة المخابرات السورية من لبنان." وقال السفير البريطاني ايمير جونز فاري للصحفيين "اتوقع ان يؤيد المجلس فكرة اجراء تحقيق مستقل."