تقليصات تشمل إعانة الوالدين.. حكومة شولتس تقر ميزانية متقشفة
٥ يوليو ٢٠٢٣بعد مفاوضات شاقة، أقرت الحكومة الاتحادية في ألمانيا اليوم الأربعاء (الخامس من تموز/يوليو 2023) مشروع ميزانية العام المقبل، والتي تهدف إلى فرض اقتطاعات كبيرة بعد سنوات من زيادة الإنفاق بسبب جائحة كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا.
وعقب أشهر من الخلافات إثر مطالبة وزير المالية كريستيان ليندنر المنتمي إلى الحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) -المراعي لقطاع الأعمال- باقتطاعات حادة، وافقت حكومة المستشار أولاف شولتس على مشروع ميزانية 2024.
ويتوقع أكبر اقتصاد في أوروبا، والذي سجل ركودًا مطلع العام وسط تداعيات ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، إنفاق 445,7 مليار يورو (485 مليار دولار) العام القادم، بانخفاض عن 476,3 مليار مخطط لها لعام 2023. وسيطرح مشروع الميزانية للنقاش في البرلمان اعتبارًا من أيلول/سبتمبر.
جدل حول تقليصات "إعانة الوالدين"
وبحسب مشروع الميزانية، تعتزم برلين خفض الحد الأقصى للدخل الذي يحدد أحقية العائلات في الحصول على "إعانة الوالدين"، وهي إعانة حكومية في أثناء حصول أحد الأبوين على إجازة رعاية الأطفال، وهي خطوة يعتبرها النقاد أنها تشكل خطرًا على النساء العاملات.
وقالت وزيرة شؤون الأسرة الألمانية ليزا باوس لمحطة "إن تي في" التلفزيونية إنه بحسب مشروع الميزانية، فإن الآباء والأمهات الذين يتقاضون دخلاً مشتركًا يتجاوز 150,000 يورو (163,190 دولار) لن يتلقوا المدفوعات المرتبطة بإجازة رعاية الطفل، معبرة عن أسفها، ومشيرة إلى أن الخطوة جاءت "من وزارة المالية".
ويعد هذا خفضًا بمقدار النصف مقارنة بالحد السابق البالغ 300,000 يورو، والذي وصفه المستشار أولاف شولتس اليوم الأربعاء بأنه "مرتفع جدًا جدًا" ورأى أنه بالتالي يستحق إعادة النظر فيه.
ويقدم الاقتصاد الألماني، وهو الأكبر في أوروبا، دعمًا سخيًا في الوقت الحالي للأسر - كجزء من مكافحة الارتفاع السريع في معدل الشيخوخة بين السكان ولتشجيع الآباء على تولي دور أكثر فعالية في رعاية الأطفال - ولكن الاقتصاد الألماني يواجه تخفيضات حادة في الميزانية للحد من العجز الذي حدث بعد أزمات متتالية. وتأمل الحكومة في توفير حوالي 290 مليون يورو من خلال هذا التدبير.
وأوضحت باوس أن الخطة تستهدف الأسر ذات الدخل الأعلى وستستبعد 60,000 أسرة من استلام هذه الإعانات. ورد خبراء اقتصاد من معهد كولونيا لأبحاث الاقتصاد تعليقًا على هذا الإجراء أنه لا يأخذ في الاعتبار الأزواج الذين سيكون لهم أطفال في المستقبل، فضلًا عن نحو 435 ألف من الأزواج يعيشون في ألمانيا وأعمارهم تقل عن 50 عامًا ويتقاضون أكثر من 150 ألف يورو سنويًا، أي ما يقرب من 5% من هذه الشريحة العمرية.
"محطة مهمة" بعد سنوات من زيادة الإنفاق
وأشار وزير المالية ليندنر إلى تفهمه الانتقادات بشأن التقليصات المتعلقة بإعانة الوالدين، وقال إنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من المشاورات بشأن الإعانة، مضيفًا أنه لايزال من الممكن إجراء تعديلات خلال المناقشات في البوندستاغ.
لكن ليندنر دافع عن خفض الميزانية عمومًا، مشيرًا إلى أن مشروع الميزانية الجديد "محطة مهمة" بعد سنوات من الانفاق الهائل للتصدي أولًا لجائحة كورونا ثم لأزمة طاقة نجمت عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكتب الوزير في مقالة في صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ": "مع الميزانية الاتحادية لعام 2024 نأخذ خطوة مهمة نحو وضع مالي طبيعي"، وأضاف: "ليس كل ما هو شعبيّ يمكن تمويله".
وتصريحاته انتقاد لاذع لشريكيه في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الديموقراطي (يسار وسط) بزعامة شولتس والخضر، اللذين كانت المفاوضات معهما صعبة. وكان الخضر مستائين إزاء رفض ليندر التضحية بإعفاءات ضريبية لسائقي السيارات فيما هو بدوره كان مترددًا بشأن خطة جديدة مقترحة لمكافحة فقر الأطفال.
ورغم خفض الميزانية، سيظل الإنفاق أعلى بنسبة 25 بالمئة مما كان عليه في 2019، بحسب مشروع الميزانية. بل أن خفض الاقتراض سيكون أكثر وقعًا. وبالنسبة لعام 2024 من المتوقع أن يبلغ حجم الاقتراض الجديد 16,6 مليار يورو مقارنة بـ 45,6 مليار في 2023.
وينبغي على ألمانيا أن تمتثل لـ"سقف الدين" الدستوري الذي يحدد نسبة الاقتراض السنوي الجديد بـ0,35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا. وبعد تعليق تلك القاعدة منذ 2020 بموازاة إنفاق ألمانيا مبالغ ضخمة للتصدي لتداعيات الجائحة، عاد العمل بها هذا العام.
وقد استخدمت المبالغ خصوصًا لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة بعد أن قطعت روسيا إمدادات غاز ضرورية لأوروبا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وستستخدم الحكومة قسمًا من تلك الأموال لبلوغ هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) لعام 2024 المتمثل في إنفاق 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الجيش، وفقًا لمشروع الميزانية.
وسيذهب قرابة 19,2 مليار يورو إلى القوات المسلحة من مخصصات بقيمة 100 مليار يورو لتحديث البوندسفير (الجيش) الذي يعاني من صعوبات بعد بدء النزاع في أوكرانيا. وسيضاف ذلك المبلغ إلى ميزانية الدفاع العادية البالغة 51,8 مليار يورو، مقارنة ب 50 مليار دولار العام السابق.
م.ع.ح/أ.ح (د ب أ ، أ ف ب)