تصاعد الاتهامات بين إسرائيل وتركيا بشأن سوريا.. صراع مصالح؟
٤ أبريل ٢٠٢٥
مع تواصل القصف الإسرائيلي في سوريا تتصاعد الاتهامات بين تركيا والدولة العبرية، حيث اعتبرت أنقرة أن إسرائيل تقوض استقرار سوريا، فيما اتهمت إسرائيل تركيا بلعب "دور سلبي" في سوريا وتحويل هذا البلد إلى "محمية تركية".
تركيا تتهم إسرائيل بأنها "مزعزعة للاستقرار" بالمنطقة بينما تتهم إسرائيل تركيا بالسعي لجعل سوريا "محمية تركية". (صورة رمزية لعلمي تركيا وإسرائيل أرشيف 26/6/2016)صورة من: Reuters/B. Ratner
إعلان
اتهمت وزارة الخارجية التركية في بيان لها إسرائيل بـ "تقويض الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في سوريا". وقال البيان الذي صدر الخميس (الثالث من أبريل/ نيسان 2025) إن "إسرائيل أصبحت أكبر تهديد لأمن منطقتنا بهجماتها التي تستهدف أراضي دول المنطقة ووحدتها الوطنية".
وكثفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا الليلة الماضية وأعلنت أن الهجمات هي تحذير للحكام الإسلاميين الجدد في دمشق كما اتهمت أنقرة اليوم الخميس بمحاولة فرض وصايتها على سوريا.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تركيا بلعب "دور سلبي" في سوريا. وقال في مؤتمر صحفي في باريس الخميس أيضا: "إنهم يبذلون قصارى جهدهم لجعل سوريا محمية تركية ومن الواضح أن هذه هي نيتهم".
وأضاف ساعر: "لا نعتقد أن الوضع كان جيدا عندما كانت سوريا وكيلا لإيران... ولا نعتقد أن سوريا يجب أن تكون "محمية تركية".
وقال يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي إن الغارات الجوية التي وقعت مساء الأربعاء "رسالة واضحة وتحذير للمستقبل، لن نسمح بالمساس بأمن دولة إسرائيل".
هل تتحول سوريا إلى حلبة صراع بين تركيا وإسرائيل؟
34:16
This browser does not support the video element.
وأعلنت إسرائيل الأربعاء أيضا استهدافها لقاعدة تي.4 الجوية في محافظة حمص، وهي قاعدة تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر خلال الأسبوع الماضي.
وقال الجيش الإسرائيلي إن "وجود أسلحة في جنوب سوريا يشكل تهديدا لدولة إسرائيل... جيش الدفاع لن يسمح بوجود تهديد عسكري في سوريا وسيتحرك ضده".
واستولت إسرائيل على أجزاء من جنوب غرب سوريا وأنشأت منطقة عازلة هناك منذ سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، قائلة إن ذلك لتأمين سلامة إسرائيل من الجماعات المسلحة.
ص.ش/ع.ج.م (أ ب، أ ب /د ب أ)
"سوا ربِينا".. قرن على علاقات معقدة بين لبنان وسوريا!
أدت إرهاصات نشوء وتأسيس الدولتين السورية واللبنانية بعد انهيار الحكم الفيصلي في 1920 إلى علاقة بين البلدين شابها الكثير من التعقيد وعدم الارتياح والتوتر أحيانا، وهو أمر غذته الطبيعة المختلفة للنظامين وعوامل خارجية.
صورة من: AP Photo/picture alliance
ولادات قيصرية
ولدت سوريا بعد تفاهمات دولية أهمها اتفاقية سايكس-بيكو، أما "لبنان الكبير" فقد ولد عام 1920 بقرار من الجنرال الفرنسي هنري غورو بضم أربعة أقضية غالبية سكانها من المسلمين والتي كانت تتبع للداخل السوري وتشكل ثلثي مساحة لبنان الحالي إلى متصرفية جبل لبنان وبيروت. بعد نيل البلدين استقلالهما في الأربعينات انفصلت عرى العلاقات الاقتصادية المتشابكة بينهما وسط عدم ارتياح، ودون فتح سفارات أو ترسيم للحدود.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
بين الشرق والغرب
بعد الاستقلال سلك كل من البلدين طريقه الخاص سواء في السياسات الداخلية، الاقتصادية والاجتماعية، أو حتى في التحالفات الدولية: اقترب لبنان من حلف بغداد والمحور الغربي، أما دمشق فقد وقعت ضحية سلسلة انقلابات وخطت طريقها باتجاه المحور السوفياتي وصولاً للوحدة مع "زعيم القومية العربية" جمال عبد الناصر في شباط من عام 1958.
صورة من: Mario Torrisi /ASSOCIATED PRESS/picture alliance
"مبدأ أيزنهاور"
بعد الوحدة السورية المصرية ازداد الاستقطاب في الداخل اللبناني نتيجة تطلع المسلمين للانضمام للوحدة وعوامل أخرى ساهمت في اندلاع أزمة صيف 1958. دعمت دولة الوحدة المحور المناوئ للرئيس كميل شمعون ما نتج عنه نزول قوات المارينز الأمريكية في لبنان وفقاً لـ "مبدأ أيزنهاور": تدخل الولايات المتحدة في الدول المهددة بالخطر الشيوعي. (في صور جنود أمريكيون في سطح إحدى عمارات بيروت).
صورة من: Keystone Pictures USA/ZUMAPRESS/picture alliance
قمة رئاسية في "خيمة شتورا"
انتهت الأزمة اللبنانية بانتخاب فؤاد شهاب رئيساً توافقياً حاز قبول عبد الناصر والغرب. واتسمت السنوات اللاحقة ببعض الدفء وتجسدت بلقاء "خيمة شتورا" على الحدود بين الرئيسين جمال عبد الناصر وفؤاد شهاب في بداية عام 1959. في الستينات أخذت عمليات منظمة التحرير تستهدف إسرائيل بالتزايد. وحظي الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان بدعم من سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
"سوريا الأسد" تدخل لبنان
دخل الجيش السوري إلى لبنان لدعم الجبهة اللبنانية (تحالف من الأحزاب اليمينية المسيحية) في وجه تقدم قوى اليسار بزعامة كمال جنبلاط ومن منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات. بيد أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بدل تحالفاته عدة مرات في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) واصطدام بمعظم الأطراف. انتهت الحرب الأهلية باتفاق الطائف عام 1989 الذي غيّر موازين المعادلة الطائفية للحكم في لبنان.
صورة من: KEVIN FRAYER/AP Photo/picture alliance
"عهد الوصاية"
استغل حافظ الأسد الغزو العراقي للكويت وتأييده للتحالف الدولي ضد صدام حسين وقام بطرد الجنرال ميشيل عون من قصر بعبدا الرئاسي في بيروت وليكرس نفسه "وصياً" على لبنان، الأمر الذي تجسد بما عرف بـ "معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق". وأصبحت "الشقيقة الكبيرة" هي المتحكمة بمفاصل الدولة اللبنانية الداخلية وحتى بسياسته الخارجية.
(في الصورة الرئيس إلياس الهراوي ثاني رئيس لبناني منتخب بعد الطائف مع الأسد).
صورة من: AFP via Getty Images
اغتيال الحريري وانسحاب الجيش السوري
أدى الضغط الدولي بعد اتهام النظام السوري وحلفائه بتدبير اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وشخصيات لبنانية رفيعة إلى اندلاع "ثورة الأرز" وهو ما أجبر النظام السوري على سحب قواته من لبنان عام 2005. نتج عن ذلك تعاظم نفوذ حزب الله وإيران. وبعد الانسحاب بثلاثة أعوام قرر البلدان إقامة علاقات دبلوماسية بينهما لأول مرة في تاريخهما وفتح السفارات.
صورة من: Balkis Press/ABACA/picture alliance
حزب الله يتدخل في سوريا لدعم الأسد
مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011 وتحول الثورة السلمية للعمل العسكري تدخل حزب الله في الصراع السوري إلى جانب النظام بقيادة بشار الأسد. ساهم الحزب وإيران وروسيا وعوامل أخرى في إبقاء النظام السوري على قيد الحياة في مواجهة المعارضة المسلحة. ونتج عن هذا التدخل انقلاب التأييد للحزب في وسط الكثير من السوريين إلى غضب وعداوة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
سقوط "الأسدية"
أدت الضربات الموجعة التي تلقاها حزب الله في لبنان وسوريا وانشغال الحزب بما أسماها "معركة إسناد غزة" إلى إضعاف حضور الحزب وحلفائه في سوريا. وفي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 سقط نظام الأسد، وبذلك فقد حزب الله الرئة التي يتنفس منها وخط إمداده من إيران. كما نتج عنه انهيار ما يسمى بـ "محور المقاومة" ومشروعها لـ "تصدير الثورة"، وهو المحور الذي استثمرت فيه طهران على مدار عقود.
صورة من: Lebanese Presidency press office/AP/picture alliance
اشتباكات حدودية
تصاعد التوتر على الحدود الجبلية منذ تولي المعارضة الحكم. وفي آذار/مارس 2025 أعلنت الدولتان عن مقتل ثلاثة جنود سوريين الجديد وسبعة لبنانيين في اشتباكات على الحدود. دمشق اتهمت حزب الله بالمسؤولية عما وقع لجنودها، الأمر الذي نفاه الحزب "بشكل قاطع". وفيما يسود هدوء حذر عند الحدود اللبنانية السورية بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، خرجت أصوات تطالب بضرورة ترسيم الحدود. أعد ألبوم الصور: خالد سلامة.