تكثيف الجهود لمكافحة ختان الإناث في ألمانيا
٦ فبراير ٢٠١٠تلاقي المبادرة التي بدأتها ولايتا هيسن وبادن فورتمبرغ التأييد والدعم من قبل غالبية الولايات الألمانية كما يقول وزير العدل وشؤون المهاجرين في ولاية هيسن، يورغ أوفيه هان، في حديث خص به دويتشه فيله، والهدف من هذه الخطوة كما يقول الوزير الألماني هو "التوصل إلى فرض عقوبة خاصة على اقتراف هذا العمل الوحشي والمهين وإدراج نص خاص بذلك في قانون العقوبات". ويؤكد الوزير على أن المساعي تتركز على تبيان أن "أعمالاً من هذا النوع لا مجال لاقترافها في مجتمعنا".
ومن النواحي التي تصعب على السلطات الألمانية ملاحقة مقترفي جريمة ختان الإناث هو أن أهل الفتاة لا يجرونها عادة في ألمانيا إنما في بلدانهم الأصلية، ويجد الوزير أن هذا التصرف في غاية القسوة والوحشية "لأن الذين يمارسونها هم من أفراد عائلة الفتاة بالذات".
لذلك يسعى وزراء العدل في الولايات الألمانية إلى حصول المؤسسات الألمانية على الصلاحية القانونية لملاحقة الجريمة حتى في حال اقترافها خارج ألمانيا، كما يؤكد هان، مضيفاً: "في الوقت الحاضر لا يمكن ملاحقة الفاعلين لدى وجودهم في بلدانهم التي يتوجهون إليها أوقات الإجازات ويستغلون هذه المناسبة لختان بناتهم. لهذا تهدف المبادرة الجديدة إلى التوصل إلى تقديمهم أمام القضاء الألماني لدى عودتهم إلى ألمانيا".
توعية الفتيات تعد أول سبل الوقاية
ومن النواحي الهامة التي يتم بحثها في خضم مكافحة جريمة الختان، تحسين سبل الوقاية، ويأتي في مقدمة ذلك كما يقول وزير العدل وشؤون المهاجرين في ولاية هيسن، توعية الفتيات المعرضات إلى خطر الختان عن طريق تزويدهن بمواد إعلامية "وتشجيعهن على رفع شكوى أمام القضاء في حال تعرضهن إلى هذه العملية"، فالكشف عن هذه الممارسة كما يقول الوزير يورغ أوفيه هان يلعب دوراً هاماً في التمكن من مكافحتها.
وبعد التوصل إلى إخراج هذه الممارسة من الحيز المظلم ستكون الخطوة التالية كما يقول يورغ أوفيه هان هي "السعي إلى إجراء محادثات مع الدول المعنية كي تضع هذه المشكلة فوق جدول أعمالها". ويشير وزير العدل وشؤون الاندماج في ولاية هيسن في هذا الإطار إلى اهتمامه الكبير بشعور المواطنين ذوي الأصول الأجنبية بالسعادة والاطمئنان، مؤكداً على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب "التقيد بالقوانين والقواعد الموضوعة"، فالأذية الجسدية تعد هي حسب رأيه من أشنع الأعمال التي يمكن للأهل أن يقترفوها بحق الطفل، "وهذا ما يتم فعله من خلال الختان".
ويقوم عدد من الولايات الألمانية بالتنسيق فيما بينها على صعيد مكافحة الختان ومن بين الإجراءات المخطط لها كما يقول يورغ أوفيه هان تزويد المؤسسات التي ترعى النساء بما تحتاج إليه كي تتمكن من أداء هذه المهمة، وتحفيز الأطباء على الحديث مع النساء بشكل متفهم لأوضاعهن، وإقناعهن بالحديث عن معاناتهن.
"نحن نحمي بناتنا" - نشرة عربية للتوعية بأضرار الختان
وهناك منظمات نسائية وإنسانية عديدة في ألمانيا تقوم بجهود كبيرة لحماية النساء والفتيات المعرضات إلى خطر الختان، وهي التي ساهمت بشكل كبير في حث المسؤولين على الاهتمام بهذه القضية. ومن بين هذه المنظمات منظمة تير دي فام أو "أرض النساء"، التي تقول المسؤولة فيها فرانسيسكا غروبر في حديث لدويتشه فيله "إن المنظمة تقدم مشورة هاتفية للنساء المعنيات وتؤمن لهن الرعاية اللازمة، كما تساعد النساء الساعيات للحصول على حق اللجوء في حال هربهن من بلدانهن خوفاً من عمليات الختان". وتضيف أن المنظمة تؤمن لهؤلاء النساء المحامين الذين يدافعون عن قضاياهن، وتدعم مشاريع الوقاية من الختان عن طريق التوعية بمخاطره.
كذلك تصدر منظمة "تير دي فام" كتيبات إعلامية بعدة لغات ومن ضمنها اللغة العربية أيضاً تحت عنوان"نحن نحمي بناتنا" وتنشر عناوينها وأرقام الاتصال بها على صفحات الانترنت، كي تهتدي الفتيات والنساء إليها وتطلب منها المساعدة. وتعبر فرانسيسكا غروبر في حديثها مع دويتشه فيله عن ارتياح منظمتها لمبادرة وزراء العدل لمكافحة الختان قائلة: "نحن نؤيد هذه المبادرة لأننا نعتبر تحديد عقوبة قانونية على تشويه الأعضاء الجنسية للفتيات خطوة إلى الأمام تجلب توضيحاً قانونياً للتعامل مع القضية في ألمانيا".
والناحية الإيجابية الأخرى في المبادرة كما ترى فرانسيسكا غروبر هي "إدراج الختان في سجل الجرائم التي تقترف في الخارج" أي عدم الاقتصار على ملاحقة الفاعلين داخل ألمانيا، إذا كانت الفتاة تحمل الجنسية الألمانية، إنما تنص على ملاحقة المجرم على جميع الأحوال. وتطالب منظمة تير ده فام بإجراء فحوص طبية وقائية لكل الأطفال في ألمانيا بغض النظر عن الأصل والجنس، وبإلزام الأطباء بالإخبار عن حالات الختان التي يكتشفونها، لأن هذا من شأنه كما تقول غروبر"أن يساعد على حماية الأخوات الأصغر من هذا الخطر".
الكاتبة: منى صالح
مراجعة: سمر كرم