تكنولوجيا جديدة في ألمانيا لمواجهة تزوير طلبات اللجوء
١٠ ديسمبر ٢٠١٧
قامت ألمانيا بتطوير تكنولوجيا خاصة لتحديد الدول التي يأتي منها طالبو اللجوء، وقد قام وزير الداخلية الألمانية بالاطلاع على هذه التكنولوجيا المثيرة للجدل في زيارة إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين.
إعلان
في غرفة الانتظار في فرع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في برلين، يعلّق موظف بسرعة لوحة جديدة مكتوب عليها "بلدك، مستقبلك". لكن المقصود من هذا البلد ليس ألمانيا، بل البلد الذي يأتي منه طالب اللجوء، الذي يقدم طلبه هنا. ومع وضع آخر دبوس لتثبيت اللوحة، تأتي زيارة من شخص تم تزيين القاعة المجاورة والتي لا يتم تزيينها في أوقات أخرى من أجله. إنها زيارة من وزير الداخلية الاتحادي توماس ديميزيير الذي يريد أن يرى إن كان هناك تقدم في حل مشكلة الهجرة، التي يتم ذكرها الآن بشكل أكبر في فترة ما قبل عيد الميلاد.
يقول ديميزيير: "نريد أن نعرف عمن يدور الموضوع، وعما إذا كان هناك شيء ضده".هذا أهم موضوع بالنسبة للسياسي الذي ينتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي ادّعى إحدى المرات أن 30 في المئة من طالبي اللجوء في ألمانيا يغشون في طلبات لجوئهم. وبالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة حول هذا الموضوع، إلا أن هناك مثال قاسٍ على تزوير البيانات الشخصية. فمنذ حوالي عام، قاد أنيس عامري شاحنة بإحدى أسواق عيد الميلاد في العاصمة برلين ليتسبب بمقتل أحد عشر شخصاً. وكان عامري قد سجل نفسه بعدة هويات مختلفة لدى السلطات وحصل على اللجوء. وهذا ما ينبغي ألا يتكرر أبداً، بحسب الوزير. نظام الكتروني جديد
لهذا السبب قام المكتب الاتحادي للاجئين والهجرة بترقية التكنولوجيا الموجودة لديه، حيث تم تركيب المكونات الجديدة في غرفة مجاورة. توجه ديميزيير أولاً إلى حاسوب تجلس عليه مترجمة سورية لدى المكتب الاتحادي والتي تقوم بإدخال سجل أحد طالبي اللجوء، ومسؤول تكنولوجيا المعلومات في فرع المكتب الاتحادي في برلين، ماركوس ريشتر يقف إلى جانبها وتبدو عليه علامات الرضى، ويقول: "قمنا بتطبيق الأدوات الجديدة خلال تسعة أشهر فقط"، كما يقول ديميزيير أنه "ينبغي على الدول الأوروبية الأخرى أن تتعلم من ألمانيا".
والآن يقوم ريشتر بشرح ما يجري على الشاشة للوزير، ويقول: "بما أنه تم توحيد أسلوب التهجئة وتوضيحه بنفس الوقت، فستظهر الدولة التي تتناسب مع البيانات التي يقدمها طالبو اللجوء". لكن هذه هي البداية فحسب. تلتقط المترجمة سماعة الهاتف وتختار رقم البرنامج المركزي لتمييز الكلام، وهي تكتب في قاعدة البيانات بلغتها الأم لمدة دقيقتين. يقول ريشتر: "يمكننا من خلال هذا معرفة البلد العربي الذي جاء منه طالبو اللجوء، حتى بالنسبة للذين يجيدون التظاهر من أنهم من بلد آخر".و يتابع أن التكنولوجيا الجديدة تعمل بالاعتماد على نبرة الصوت، كما يمكن إضافة أي نموذج صوتي إليه. واستغرق الأمر بضع دقائق حتى ظهور النتيجة. تم تصنيف السورية على أنها من بلاد الشام. لكن هذا ليس دقيقاً بشكل كافي. يقول الوزير: "لكن بلاد الشام أكبر قليلاً من هذا"، ويجيب عليه ريشتر أن "هذه مجرد أداة للمساعدة، فنسبة الخطأ تبلغ 20 بالمئة".
وعلى بعد عدة أمتار، يتم إظهار كيفية تصوير طالبي اللجوء، حيث يستخدم النظام المركزي 1.9 مليون صورة بيومترية، ويقول رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات: "هذا مهم بشكل خاص بالنسبة للأطفال الذين ليس لديهم بصمات للأصابع".
فحص الهواتف المحمولة لطالبي اللجوء يثير الجدل
المحطة الأخيرة في النظام المتكامل الجديد للتعرف على الأشخاص لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، تثير الكثير من الجدل بين السياسيين المختصين وانتقادات من قبل القانونيين. ويقول المعارضون أنّ هذه الخطوة هي تطفل على الحياة الشخصية للمهاجرين. يوستوس شتروبينغ، المسؤول عن أدوات التكنولوجيا الجديدة، يفتح حقيبة صغيرة مليئة بقابسات الهواتف الخلوية، ويقول: "هذه تناسب جميع الأجهزة الخلوية المعروفة". ثم يقوم بربط جهاز بحاسوبه الشخصي الذي يقرأ البيانات الموجودة على ذلك الهاتف، ويظهر شريط على الشاشة حيث تظهر نسبة التقدم.
يؤكّد شتروبينغ أنهم سيأخذون البيانات الإلكترونية الأساسية فقط، أي معلومات عن البلد الذي أجريت إليه مكالمة هاتفية، ولكن ليس مع رقم محدد، وبالمثل سيتم تحديد أصل بيانات الانترنت، وليس محتويات الانترنت.
وفي النهاية يمكن للموظف المسؤول عن ملف طالب لجوء معين أن يقوم باستخدام إحصائية، عندما يكون لديه شكوك حول معقولية المعلومات من مقدم الطلب.
يسأل وزير الداخلية الاتحادي: "وإذا لم يوافق طالب اللجوء على فحص هاتفه المحمول؟"، يجيب مسؤولو المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أن ذلك سيؤثر سلبياً على إجراءات لجوئه، ليضيف ديميزيير وهو يهز رأسه موافقاً: "قانون الالتزام بالتعاون".
هاينر كيزل/م.ع.ح
أنيس عامري.. رحلته من مجرم صغير في تونس ونهايته كإرهابي في أوروبا
أكدت السلطات الإيطالية مقتل أنيس عامري، المشتبه به في تنفيذ اعتداء برلين، الذي قتل فيه 12 شخصا. عامري كان قد هرب بسبب الأوضاع الاقتصادية وبسبب عقوبة جنائية في تونس قبل سبع سنوات، فيما "تطرف لاحقا وصار إرهابيا في أوروبا."
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Police Handout
أكدت السلطات الإيطالية رسميا اليوم الجمعة (23 كانون الأول/ ديسمبر 2016) مقتل أنيس عامري المشتبه به في تنفيذ الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين، في اشتباك مع الشرطة في مدينة ميلانو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Daniele Bennati/B&V
مصطفى عامري والد أنيس أمام منزل العائلة. أنيس من مواليد عام 1992 وهو مولود في حي حشاد بمنطقة الوسلاتية التابعة لولاية القيروان. وقال مسؤول أمني تونسي إن له أخا واحدا وأربع شقيقات. كما ذكر أن أنيس عامري أوقف مرات عدة بسبب المخدرات قبل الثورة، التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
بسبب تاريخها الإسلامي تعد القيروان عاصمة روحية لتونس. وفيها الجامع الكبير، الذي أسسه عقبة بن نافع. لكن المدينة تحولت في الأعوام الأخيرة إلى مركز للسلفيين المتشددين في تونس. واندلعت مصادمات في سنة 2013 بين الشرطة ومؤيدي جماعة "أنصار الشريعة" المتشددة في القيروان، بعد أن منعت السلطات التونسية ملتقى سنويا تعقده الجماعة في المدينة ويحضره الآلاف منهم.
صورة من: picture alliance/AP Photo
غادر أنيس تونس في سنة 2009، وبحسب أخيه عبد القادر، هرب أنيس من الفقر في تونس وكان "يريد بأي ثمن تحسين الوضع المادي لعائلاتنا التي تعيش تحت خط الفقر كأغلب سكان الوسلاتية." وذكر عبد القادر عامري أن أنيس حكم عليه في تونس بالسجن 4 سنوات بسبب إدانته في جرائم سرقة وسطو.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
وذكرت صحف إيطالية أن أنيس أعلن أنه قاصر عندما قدم طلب اللجوء وتم ارساله إلى مركز لاستقبال اللاجئين القصر في مدينة كاتانيا في جزيرة صقلية. وفي 24 تشرين الأول/ اكتوبر 2011 أُوقف مع ثلاثة من مواطنيه بعد حرقهم مدرسة، وحكم عليه بالسجن لأربع سنوات، وأمضى عقوبته في كاتانيا ثم في عدة سجون في صقلية. ولأنه لم يكن من المساجين المنضبطين، لم ينل أي خفض لمدة عقوبته وأمضي فترة العقوبة بالكامل في السجون.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
بعد خروجه من السجن سنة 2015 أُرسل إلى مركز لتحديد هويته وصدر بحقه قرار طرد من إيطاليا. وقالت صحيفة "ميلانو" إن إجراءات تحديد الهوية الضرورية لترحيله "لم تقم بها السلطات التونسية ضمن المهل القانونية"، ما يفسر اضطرار ايطاليا "للإفراج عنه". ومن ثم دخل ألمانيا وقدم فيها طلبا للجوء في تموز/ يوليو 2015. واشتبهت الشرطة الألمانية باتصاله بالتيار السلفي، وتم تصنيفه كـ "شخص خطر."
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundeskriminalamt
كان أنيس يخضع للتحقيق منذ آذار/ مارس الماضي، كُلِّفت به نيابة برلين بتهمة "الإعداد لعمل إجرامي خطير يشكل خطرا على الدولة." لكن التهم أسقطت لغياب الأدلة الكافية، ومن ثم توقفت مراقبته في أيلول/ سبتمبر الماضي. وأمضى أنيس عامري وقته متنقلا في مختلف أنحاء ألمانيا، لإخفاء أثره على ما يبدو.
صورة من: REUTERS
وأشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية إلى أن الشاب التونسي كان على علاقة مع عراقي يبلغ 32 عاما، مشهور باسم أحمد عبد العزيز عبد الله ولقبه "أبو ولاء". وأوقف "أبو ولاء" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى جانب أربعة شركاء آخرين لتشكيلهم شبكة تجنيد لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بحسب النيابة الاتحادية الألمانية.
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
فيما قال رالف ييغر، وزير الداخلية بولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية، إن أنيس رُفِضَ كطالب لجوء في حزيران/ يونيو 2016 "ولكن لم تستطع السلطات المعنية ترحيله لأنه لم يكن لديه أوراق هوية صالحة". كما أكد الوزير أن تونس شككت مرارا في أنه تونسي الجنسية. وأكد الوزير أن أوراق الهوية المطلوبة لترحيله لم تصل سوى بعد يومين، بعد الهجوم الإرهابي في برلين.
صورة من: Reuters/I. Fassbender
وكان الادعاء العام الألماني قد صدر أمر اعتقال بحق أنيس عامري بتهمة الهجوم بشاحنة على سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين. وقالت المتحدثة باسم الادعاء العام أن الأدلة تشير إلى أن عامري هو من قاد الشاحنة، التي اقتحمت السوق مساء الإثنين (19 ديسمبر/ كانون الأول) وتسببت في قتل 12 شخصا وإصابة نحو 50 آخرين. الكاتب: زمن البدري