تمويل الأونروا ـ بين الانتقادات الدولية والقلق العربي
٢٩ يناير ٢٠٢٤
بعد ألمانيا، أعلنت النمسا تعليق تمويل وكالة أونروا، لتلحق بعدد من الدول الغربية المانحة للوكالة الأممية والتي قررت إجراء مماثلا، فيما حذرت دول عربية من آثار هذه الخطوة على الشعب الفلسطيني في هذا الوقت "شديد الحساسية".
إعلان
انضمت النمسا الإثنين (29 يناير/ كانون الثاني 2024)، إلى قائمة الدول التي أوقفت تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعد اتهامات إسرائيلية بتورط محتمل لبعض موظفيها في الهجوم الدموي الذي نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
قالت وزارة الخارجية النمساوية في بيان إن "الاتهامات التي تشير إلى تورط مزعوم لمتعاونين مع الأونروا صادمة جدا ومقلقة للغاية"، داعية إلى "إجراء تحقيق شامل وسريع ولا تشوبه شائبة" حول هذه الإدعاءات. وبحسب البيان فإن "مصداقية الأمم المتحدة على المحك، والتي يجب أن تكون فوق كل شك".
وأعلنت تسع دول مانحة، بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان، عن إجراءات مماثلة في الأيام الأخيرة. وتعقيبا على قرار بلاده وقف تمويل الوكالة الأممية، قال المتحدث عن الخارجية الألمانية الاثنين إن وكالة (أونروا) ليست المصدر الوحيد الذي يقدم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، مضيفا "نواصل الدعوة إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية".
النرويج تحذر من العواقب
في المقابل، أعلنت النرويج، إحدى الدول المانحة الرئيسية للوكالة، مواصلة عملية التمويل، وفقا لما جاء في بيان وزير الخارجية إسبن بارث إيدي الصادر الأحد. وقال الأخير: "بينما أشارك القلق بشأن الادعاءات الخطيرة للغاية ضد بعض موظفي الأونروا، فإنني أحث المانحين الآخرين على النظر في العواقب الأوسع نطاقا لخفض تمويل الأونروا في هذا الوقت من الأزمة الإنسانية الشديدة". وتابع الوزير "لا ينبغي لنا أن نعاقب ملايين الأشخاص بشكل جماعي". وشدد وزير الخارجية النروجي أنه "يجب علينا التمييز بين ما قد يفعله الأفراد وما تمثله الأونروا".
وتوالت بيانات توقيف الدعم، بعدما اتهمت إسرائيل الجمعة عددا من موظفي الأونروا بالمشاركة في هجوم حماس غير المسبوق. وسارعت الولايات المتحدة للإعلان عن وقف تمويلها للوكالة التابعة للأمم المتحدة، تبعها عدد من الدول أبرزها ألمانيا وأستراليا وإيطاليا وفنلندا وبريطانيا. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية..
وفي أول ردّ فعل فلسطيني، وصف رئيس الوزراء محمد اشتية، الأحد، قرار هذه الدول بتجميد تمويلها بـ"الإجراء الخطير". كما أعرب، في مؤتمر صحفي، عقده بمكتبه بمدينة رام الله بالضفة الغربية، عن "صدمته من هذه القرارات الصادرة عن دول تساهم بحوالي 70% من موازنة الأونروا".
وانتقد أشتيه الدول المانحة لما وصفه امتثال لـ "الرواية الإسرائيلية"، "حتى من دون انتظار نتائج التحقيق" الذي أعلنت عنه الوكالة. وأضاف أن تجميد المساعدات "يتزامن مع مخطط اسرائيل لتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة ويجب أن يتوقف" حسب قوله.
"عقاب جماعي"؟
وأثارت المواقف الأمريكية والغربية للدول المانحة حفيظة العديد من الدول العربية التي حذرت بدورها من خطورة وقف تمويل الأونروا. وفي اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري سامح شكري مع المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، نوه شكري إلى أنه "من غير المقبول" اتخاذ بعض الدول قرارات بتعليق تمويلها لأنشطة الوكالة في توقيت "دقيق الحساسية، فيما يبدو أنه بمثابة عقاب جماعي ضد جميع العاملين في الوكالة، والذين يبلغ عددهم حوالي 30 ألفا، وكذلك أبناء الشعب الفلسطيني، على إثر مزاعم تتعلق بتورط عدد محدود جدا من موظفي الوكالة". "العقاب الجماعي" مصطلح تبنته أيضا منظمة التعاون الإسلامي التي أعربت عن أسفها من هذه القرارات. فيم حذرت تركيا من مغبة ذلك وأثره على "الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى".
تاريخ طويل من التوتر
يذكر أن التوتر بين إسرائيل والوكالة الأممية ممتد إلى عقود، وقد ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية أن آخر حلقاته تمثل في استهداف ملجأ تابع للوكالةفي خان يونس بقطاع غزة الأسبوع الماضي وهو يأوي 800 شخص، ما أسفر عن مقتل 13 شخصا.
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance
12 صورة1 | 12
ونقلت الصحيفة عن مايراف زونسزين ، كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، قولها إن "إسرائيل دأبت على بناء قضية ضد الأونروا منذ فترة طويلة. وقالت قبل أسابيع إنها تريد خروجها التدريجي من غزة". وأضافت زونسزين :"وبغض النظر عن صحة التهمة، فإن قرار مسايرة هذه الأخبار يبدو وكأنه محاولة لصرف الانتباه عن حكم محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة".