تنسيق ألماني أمريكي عشية قمتي العشرين والثمانية
٢٢ يونيو ٢٠١٠قبل ثلاثة أيام من بدء أعمال "قمة الثمانية" الصناعية وأربعة أيام من انعقاد "قمة العشرين" في كندا، التي تتمثل فيها الدول الصاعدة، أوضح مصدر حكومي مطلع في برلين أن الخلافات مع الولايات المتحدة هي أقل مما يشاع عنها، مؤكدا أن المحادثة الهاتفية التي أجرتها المستشارة أنغيلا مركل مع الرئيس الأميركي باراك أوباما تحضيرا للقمتين جرت في أجواء إيجابية وجيّدة. وردّ المصدر الحكومي بكلامه هذا ضمنا على الأنباء التي تحدثت عن مواجهة عنيفة ستجري في القمتين بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
"أوباما لم يطلب من ميركل وقف سياسة التقشف"
وكان أوباما طالب رؤساء دول وحكومات الدول العشرين في رسالة وجهها إليهم أخيرا "بتعزيز برامج الدعم الحكومي لتقوية النمو الاقتصادي في بلدانهم"، الأمر الذي ترفضه ألمانيا وأوروبا حاليا على اعتبار أن ليس من المفيد الاستمرار في الدعم في وقت بدأت فيه عجلة الاقتصاد في الدوران والإنتاج والتصدير.
وشدّد المصدر على أن الرئيس الأميركي "لم يطلب" من ميركل خلال الحديث الهاتفي الذي استمرّ عشرين دقيقة زيادة الدعم الحكومي للاقتصاد الخاص، "بل بحثا سوية في كيفية تعزيز النمو من خلال اتخاذ تدابير بنيوية" مشيرا إلى ان الفروقات بين البلدين في النظرة إلى هذا الأمر "طفيفة". وأضاف أن من يقرأ رسالة أوباما بتمعّن "يرى أن الخلافات بين ألمانيا والولايات المتحدة قليلة جدا".
وقال مصدر حكومي آخر إن ألمانيا لا تتخوف لهذا السبب من التعرض في القمتين إلى ضغوط بسبب سياسة التقشف التي قررت اتباعها لخفض العجز المالي الكبير الذي يواجهها. وأضاف أن البعض فهم على ما يبدو أن حكومته تريد تغطية العجز في موازنة السنة الحالية البالغ 80 مليار يورو خلال سنة واحدة، لكن الحقيقة هي أن الخطة تقضي بسدّه خلال بضع سنوات. ولم يستبعد المصدر "حصول نقاش مستفيض حول العلاقة بين دعم النمو وسد عجز موازنة الدولة"، إلا أن الحكومة لا تعتقد بأنها ستتعرض إلى ضغوط للتخلي عن موقفها كما صرّح بذلك.
"قمة العشرين" و اقتراحات النمو المستدام
وشدد المصدر على أن الموضوع المحوري الذي ستبحثه قمة العشرين في نهاية الأسبوع المقبل يحمل اسم "إطار العمل من أجل نمو مستدام في العالم وقوي ومتوازن"، وهو إطار "يتعلق بالوسائل والطرق التي ستستخدم لتقوية النمو في الدول النامية، خاصة وأن الاستناد إلى تنسيق دولي وثيق الصلة يقدّم لها فرصا كثيرة".
وسيكون بامكان القمة تقديم سلسلة من الاقتراحات العملانية التي ستُرفع إلى القمة التي ستعقد في سيول عاصمة كوريا الجنوبية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وأعرب المصدر عن ارتياحه لكون الجهود المبذولة لتفادي أية أزمة مالية مستقبلية في الدول النامية العشرين تحقق تقدما مشيرا كذلك إلى الارتياح الذي أثارته خطوة الصين أخيرا برفع قيمة عملتها اليوان المدعومة من الحكومة في وجه الدولار والعملات الصعبة الأخرى، وهو مطلب قديم للدول الصناعية المصدّرة. والزيادة في قيمة اليوان ستسمح عمليا للدول المصدّرة بمنافسة السلع الصينية على أرضها وخارجها، وببيع المزيد من إنتاجها.
"قمة الثمانية" مع فتح معابر غزة وإنشاء دولة فلسطينية
وعلى عكس قمة العشرين ستبحث قمة الثمانية الأزمات السياسية الإقليمية والدولية مثل أزمة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وأفغانستان، وأزمة البرنامج النووي الإيراني والكوري الشمالي، ونزع السلاح ومنع الانتشار النووي. وعلى صعيد الشرق الأوسط أكد مسؤول ألماني أن القمة ستؤكد على فتح معابر قطاع غزة وعلى هدف أقامة فلسطين إلى جانب إسرائيل، أي تنفيذ حل الدولتين. كما ستبحث القمة المسائل الاقتصادية والمالية الدولية المحورية مثل تحقيق الشفافية في الأسواق المالية، وفرض ضريبة على التحويلات الجارية في الأسواق المالية، والعمل على توجيهها ووضع ضوابط لها مع تحميلها جزءا من كلفة الأزمة الدولية التي تسببت بها بعد انقاذها من الانهيار والإفلاس. وقال إن الدول الصناعية تمكّنت مع دول صاعدة من دعم رأسمال صندوق النقد الدولي ورفعه من 50 إلى 500 مليار يورو، ما يعتبر نجاحا كبيرا لها.
كلفة عقد القمتين قد تصل ل870 مليون يورو!
وتستعد كندا منذ أشهر عديدة لاستقبال القمتين الدوليتين. وفيما ستعقد قمة الثمانية في 25 الشهر الجاري جلستين في مدينة هانتسفيل التي تبعد 225 كلم عن العاصمة ستنعقد قمة العشرين في تورونتو في اليومين التاليين. وذكرت السلطات الكندية المضيفة أن الترتيبات للقمتين وللتدابير الأمنية الضرورية للمكانين وللمشاركين فيهما من رؤساء دول وحكومات قد تكلف دافعي الضرائب الكنديين ما قدره 870 مليون يورو، وهو رقم خيالي يُصرف في زمن الأزمة المالية الدولية، وتراجع المساعدات الإنمائية، وازدياد الجوع والفقر والأمية، ومتابعة تدمير البيئة.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: حسن زنيند