1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تنمر وعنف وانهيار نفسي.. ماذا يحدث في مدارس ألمانيا؟

٦ مايو ٢٠٢٤

مدارس متهالكة تعاني من ارتفاع في مستوى العنف، ومدرسون ومدرسات يصلون إلى حد الانهيار النفسي والجسدي، ناقوس الخطر يقرع في المدارس الألمانية، فما مدى تدهور النظام التعليمي الألماني؟

صورة رمزية  للعنف داخل المدرسة
ترتفع نسبة العنف في المدارس بحسب بارومتر المدارس في ألمانياصورة من: imagebroker/IMAGO

في بعض الأيام، تستمتع وزيرة التعليم الألمانية في أيام عملها، على سبيل المثال، عندما يكرم أفضل المعلمين كل عام كما جرت العادة. ويكون للوزيرة بيتينا شتارك- فاتسينغر الشرف الخاص بإلقاء كلمة تقديرية للفائزين بجائزة المعلمين الألمان. مثلاً، لمدرس الرياضيات الذي يجعل الساعة الأكثر مللا ممتعة لتلاميذه، أو المعلمة التربوية الخاصة التي تشارك طلابها ذوي الاحتياجات الخاصة في مشروع مسرحيتها، أو المدرس الذي يدمج مقاطع الفيديو التي صنعها بنفسه في دروسه.

هل كل شيء رائع في بلاد الشعراء والفلاسفة؟

ليس تمامًا. فخلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، أظهرت دراسة تلو الأخرى أن النظام التعليمي الألماني  بحاجة ماسة إلى الدعم. في البداية، كانت هناك دراسة بيزا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث حصل الطلاب الألمان على أسوأ النتائج في الرياضيات والقراءة على الإطلاق. في دراسة الشباب لعام 2024، انتقد الشباب نقصًا فادحًا في التحول الرقمي في المدرسة، وأنها لا تُعِدّهم للحياة العملية والحقيقية. بالإضافة إلى ذلك، أفادت دراسة البارومتر المدرسي بأن 47 في المائة من المعلمين رأوا على الأقل مرة واحدة عنفًا نفسيًا أو جسديًا بين الطلاب.

تصف داغمار فولف، المعلمة السابقة والتي تدير قسم التعليم في مؤسسة روبرت بوش في شتوتغارت النتائج كـ "مشهد لحظي لنظام مريض". وتوضح أن المؤسسة استطلعت آراء أكثر من 1600 معلم عبر الإنترنت لتحضير "بارومتر المدرسة". وتضيف في مقابلة مع DW "نتحدث عن التنمر، نتحدث عن التخريب، ولكننا نتحدث أيضًا عن صراعات على مستوى جسدي، بعضها يتخطى الفناء المدرسي بالطبع. حتى أُبلغنا عن حالات تورط فيها الآباء. ربما تكون استثناءً، ولكن ليس من النادر وجود مثل هذه الحالات".

داغمار فولف: نتحدث عن التنمر والتخريب، وعن صراعات على مستوى جسدي، بعضها يتخطى الفناء المدرسي بالطبع صورة من: Robert Bosch Stiftung/Foto: Michael Fuchs

العنف حتى في المدارس الابتدائية

 كان من غير المتوقع في السابق أن تُرسل وزيرة التعليم في برلين رسالة إلى 800 مدرسة لتحذيرها من شائعة على تيك توك، حيث جرى تداول خبر كاذب عن "يوم الاغتصاب الوطني"، إذ زعم أن الاعتداءات الجنسية مسموح بها في 24 نيسان/ أبريل. الأزمات الجيوسياسية والحروب تؤثر أيضًا، تقول فولف "إن إدارات المدارس أبلغت بأنه بسبب  الحرب في غزة وإسرائيل ، زادت حالات العنف بين الطلاب".

من الخطأ الاعتقاد أن كل هذه المشاكل تقتصر فقط على المدارس الثانوية، فحتى في المدارس الابتدائية ، أي بين التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين ستة وعشر سنوات، توجد حالات من التنمر. وعلينا أن نتخلى عن فكرة المدرسة الابتدائية اللطيفة والمرحة. في الحصيلة: بالنسبة للتعليم، فإن ألمانيا بلد مقسم إلى جزأين: من جهة، هناك أكثر من 3000 مدرسة ثانوية، بظروف وتحديات مختلفة تمامًا عن تلك التي تواجهها المدارس التي يحضرها بشكل رئيسي الأطفال والشباب ذوو الأصول المهاجرة ومن الطبقات الفقيرة. وهناك أيضًا تحدي ضخم لجميع المدارس في ألمانيا: استقبال اللاجئين."

"في السنتين الأخيرتين، قمنا بدمج أكثر من مئتي ألف طفل في نظام التعليم، كانوا من أوكرانيا. وعلى الأقل بنفس العدد من الدول الأخرى، حيث تعاني من الفقر الاقتصادي الشديد أو من الحروب الأهلية أو الأوضاع المشابهة للحروب. وهذا بالطبع يجعل الوضع في المدرسة الابتدائية أصعب بكثير مما كان عليه قبل عشر سنوات"، تقول داغمار فولف من مؤسسة روبرت بوش.

كيف عانى الأطفال من إغلاق المدارس

00:44

This browser does not support the video element.

تحديات استخدام الهواتف الذكية وجائحة كورونا

من يرغب في الحصول على فكرة عن كيفية تغير الحياة اليومية والتعامل في المدارس خلال السنوات الأخيرة، يجب أن يتحدث مع تورستن مولر (اسم مستعار). إنه موظف اجتماعي في إحدى المدارس في ولاية شمال الراين - ويستفاليا، ولديه كل يوم أذن تستمع لمشاكل وهموم التلاميذ. فيما يخص الزيادة في الإجهاد والإرهاق والشكوك بالنفس وفقدان الدوافع، كما أشارت إليه دراسة الشباب، لديه التفسير التالي الذي قدمه في حديث مع DW بالقول إن "الأمر المهم بالطبع هو استعمال الهواتف الذكية، الذي قام بتغيير التواصل بين الشباب تمامًا. يتحدث الشباب أكثر عن بعضهم البعض بدلاً من التحدث مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى حدوث سوء فهم لم يكن موجودًا عند التواجد وجهًا لوجه. وما زلنا نعمل على معالجة تداعيات جائحة كورونا ، مع فقدان الشعور بالأمان وزيادة ملحوظة في الأمراض النفسية".

إغلاق المدارس لعدة أشهر يُعتبر أكبر خطأ في سياسة ألمانيا لمواجهة كورونا: بينما كانت المدارس مغلقة في فرنسا لمدة 56 يومًا، وفي إسبانيا لمدة 45 يومًا، وفي السويد لمدة 31 يومًا فقط، اضطر التلاميذ هنا في ألمانيا إلى البقاء في المنزل لأكثر من 180 يومًا. يلاحظ مولر أن الكثير من الشباب اليوم أصبحت أعصابهم مضطربة بشكل واضح، حيث يلجؤون بسرعة أكبر إلى العنف بدلاً من تبادل الحجج. تحاول المدرسة التصدي لهذا السلوك بواسطة تدريبات خفض التصعيد، حيث يدير العامل الاجتماعي وفريقه تلك التدريبات لمدة ثلاثة أيام.

"نقوم بتوفير المعلومات حول كيفية وقوع الخلافات بشكل عام وما يمكنني فعله كفرد أو كمجموعة لتجنب الوقوع في هذه الحالة على الإطلاق. كيف يظهر التنمر، الذي يجربه كل ثاني أو ثالث على الأقل بنفسه. ثم نقوم بتطوير استراتيجية مشتركة لمواجهتها من خلال تمارين". يقول مولر

شتيفان دول: نحتاج إلى شخصيات داعمة في مجال علم النفس المدرسي، المساعدة المدرسية، والعمل الشبابيصورة من: Andreas Gebert/bpv

مطالب بزيادة المتخصصين

صفوف أصغر مع نفس عدد المدرسين، ونظام مساعدة جيد وتوسيع العمل الاجتماعي وعلم النفس المدرسي، هي الوصفة التي يقترحها مولر لإعادة المدارس في ألمانيا إلى المسار الصحيح. ربما سيوافق شتيفان دول مباشرة على هذا الاقتراح، لكن قائمته أطول بكثير. يقول رئيس اتحاد المعلمين الألمان لـDW: "نحتاج إلى الكثير من الأشخاص الذين يمكنهم تدريس اللغة الألمانية كلغة ثانية أو لغة أجنبية. نحتاج إلى شخصيات داعمة في مجال علم النفس المدرسي، المساعدة المدرسية، والعمل الشبابي. ولكننا لم نعد نجد الأشخاص بسهولة كما كان في السابق، لأن التطور الديموغرافي يتعارض مع الحاجة ويزداد ولكن الخبرات المطلوبة تقل. لذلك، هذه العملية لم تعد تعمل بشكل جيد بعد الآن".

وبالتالي، يزداد الإحباط أيضًا بين المعلمين، الذين يجدون أنفسهم يتحاكمون في النزاعات بدلاً من التدريس. تتحدث نتائج بارومتر المدرسة بشكل واضح: يشعر كل ثلاثة معلمين وفقًا للاستطلاع بالإرهاق النفسي. ومع 27 في المائة، فإن أكثر من ربع المستطلعين يفكرون في مغادرة الخدمة التعليمية - على الرغم من أن الغالبية العظمى من المعلمين لا تزال راضية عن مهنتها. ويعتبر سلوك الطلاب الآن التحدي الأكبر.

لذلك، يجب أن يكون هناك المزيد من الأفراد للوقاية من العنف، كما يطالب مدير إحدى  المدارس الثانوية في بافاريا.  وعلى الرغم من ذلك، فإن تجاوز حدود معينة يعني نهاية سياسة التسامح: "عندما نصل إلى نقطة معينة، نكون قد وصلنا إلى الحد الأقصى، ونلجأ إلى القانون الجنائي مع تقديم شكوى لدى الشرطة، للتحذير. وهذا ينطبق على حالات التنمر. حتى في حالة التنمر الإلكتروني، يقدم العديد من مديري المدارس القضايا إلى الشرطة.

أعده للعربية: عباس الخشالي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW