1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تنويعات على بيانو القمع

ترجمة رواية "عازفة البيانو" الصادرة حديثاً تتناول موضوعات حساسة وتقدم نقداً شديداً للمجتمع البرجوازي النمساوي. ترجمتها إلى العربية تتيح للقارئ العربي إطلالة على الأدب النمساوي الحديث. حوار قصير مع مترجمها سمير جريس.

الفريده يلنيكصورة من: AP

صدرت حديثاً عن دار ميريت القاهرية رواية "عازفة البيانو" للكاتبة النمساوية الفريدة يلنيك الحاصلة على جائزة نوبل للآداب عام 2004، قام بترجمتها عن الألمانية سمير جريس، وصدرت الرواية بالتعاون مع مشروع ليتركس لدعم ترجمة الأدب الألماني. وقد جاء في حيثيات منح جائزة نوبل أن الكاتبة حققت في أعمالها "انسيابية موسيقية للأصوات والأصوات المضادة التي تكشف بعذوبة لغوية فريدة عبثية القوالب الاجتماعية الجاهزة وقوتها المسيطرة".

غلاف رواية "عازفة البيانو" بالعربية

والرواية عمل مربك للقارئ لجرأتها في تناول موضوعات حساسة خاصةً موضوع الجنس. بطلة الرواية هي عازفة بيانو تعاقبت على روحها مؤسسات اجتماعية قامعة نجحت في تخريب روحها. تجمعها بوالدتها علاقة استحواذ مرضية، فلقد فرضت الأم على ابنتها عزلة كاملة حتى تتفرغ تماماً لإتقان البيانو. وأحكمت سيطرتها عليها حتى أصبحت الأم محور حياتها الوحيد. تبدأ عازفة البيانو علاقة غرامية مع أحد تلاميذها في درس الموسيقى، وبدلاً من أن تساعدها هذه العلاقة على الخروج من سجن الأم، جعلتها تغوص عميقاً في طبقات القهر والاحتقار التي يفرزها المجتمع حولها. وتنتهي العلاقة إلى شذوذ شديد يكشف عن مدى التشوهات التي أصابت روح عازفة البيانو.

بمناسبة صدور الرواية كان لنا اللقاء التالي مع مترجم الرواية سمير جريس:

رواية "عازفة البيانو" تتطرق لموضوعات جريئة كتناول علاقات جنسية منحرفة، أو على الأقل غريبة، هل وفقت الكاتبة في توظيف الجنس؟

الرواية مكتوبة بالألمانية لجمهور ألماني أو أوروبي بشكل عام، والقارئ الأوروبي ليس في حاجة إلى مداعبة غرائزه فلديه جنس أدبي بأكمله هو الأدب البورنوغرافي. لذلك فأنا أعتقد أن المشاهد الجنسية في الرواية ليست مجانية، بل هي موظفة بشكل جيد جداً وتلعب دوراً فنياً هاماً في الرواية. على سبيل المثال مشهد وصف عرض الاستربتيز هو مثال جيد لذلك، فبطلة الرواية تصف مسرحاً لرقص النساء العاريات وتسخر بشدة من الرجال الحاضرين كما تسخر من النساء الراقصات، معبرةً عن تحول الجنس إلى شكل بدون مضمون.

لماذا اخترت ترجمة الألفاظ الجنسية باستخدام ألفاظ سوقية دارجة؟

من عرض مسرحية "بامبي لاند" ليلنيك في مدينة فايمرصورة من: dpa

أسلوب الكاتب هو الذي يحدد الأسلوب الذي سيختاره المترجم للترجمة. يلنيك تستخدم عبارات فاحشة وسوقية في وصف مشاهدها الجنسية، والمثير في تلك العبارات هو مدى تناقضها مع اللغة السامية لأجواء المجتمع البرجوازي في فيينا التي تصفها الرواية. الأمانة في التعامل مع الترجمة حتمت عليّ تقديم مكافئ لهذا الأسلوب السوقي، فإذا كان هذا اختيار الكاتب فلماذا يكون المترجم أقل شجاعةً منه؟. ولا تكمن مشكلة استخدام مفردات سوقية جنسية في رد فعل القارئ المصدوم بقدر ما تكمن في لعب الناشر دور الرقيب، فلقد مررت قبل ذلك بتجربة ترجمة عمل أدبي ثم قام الناشر بتغيير بعض الألفاظ التي ارتأى أنها سوقية بالرغم من كونها أكثر ملائمة لطبيعة العمل. لحسن الحظ كان الناشر أكثر جرأة هذه المرة.

كيف كانت ردود الأفعال على الرواية، فلقد تسبب الفيلم المأخوذ عن الرواية في إثارة ضجة كبيرة في ألمانيا؟

حتى الآن كانت ردود الفعل ايجابية جداً، ومن خلال الندوتين التين أقيمتا في القاهرة بمناسبة صدور الرواية لمست إعجابا من الحضور بالرواية والترجمة. ولكن يحسن الانتظار قليلاً حتى نعرف رأي القارئ "العادي". من وجهة نظري الرواية أفضل وأعمق بكثير من الفيلم فهي تتعرض لعلاقة الأم والابنة المهمة التي أهملها الفيلم.

الأدب النمساوي أقل حضوراً عند القارئ العربي مقارنةً بالأدب الألماني، إلى ماذا يرجع ذلك؟

مجموعة من كتب الفريده يلنيك في إحدى المكتباتصورة من: AP

هذا صحيح فالأدب الألماني معروف على مستوى أوسع من الأدب النمساوي، ولعل ذلك يرجع إلى أسباب عملية وهي أن الألمان أنشط بكثير من النمساويين في دعم ترجمة الأعمال الأدبية. لكن الأدب النمساوي ليس مجهولاً تماماً للقارئ العربي فلقد شهدت فترة الستينات اهتماماً كبيراً بأعمال الأديب النمساوي شتيفان تزفايج وكان من أبرز الترجمات هي ترجمة الأديب الكبير يحي حقي لروايته "لاعب الشطرنج"، وهي الرواية التي قال يحي حقي إنه تأثر بها أثناء كتابته لرواية البوسطجي. بجانب ذلك هناك ترجمات كثيرة للروائي بيتر هاندكة والشاعرة انجبورج باخمان والشاعر اريش فريد، إضافةً إلى بعض أعمال لروبرت موزيل وتوماس برنارد. وإذا أخذنا في الاعتبار الإمبراطورية النمساوية الهنغارية فيجب أن نذكر أيضاً كافكا التشيكي والياس كانيتي البلغاري الأصل.

هل كانت رواية "عازفة البيانو" ستحظى بنفس الاهتمام بدون جائزة نوبل؟

أعتقد ذلك. لكن ذلك لا يمنع أن ظروفاً كثيرة كانت مواتية وساهمت في إنجاح انجاز ترجمة الرواية في وقت قصير. فأولاً هناك مشروع ليتريكس الذي ساهم في تكاليف إصدار الكتاب، وثانياً كان حظي طيباً في الحصول على منحة "شترالين" للترجمة، التي سمحت لي بالتفرغ لعمل الترجمة، ثالثاً تمكن الناشر من الحصول على حقوق النشر بسرعة وسهولة.

وأخيراً ماهي الصعوبات التي واجهتك أثناء ترجمة العمل؟

إحدى العروض المسرحية التي كتبتها يلنيكصورة من: dpa

ترجمة "عازفة البيانو" هي من أصعب الأعمال التي قمت بترجمتها. هناك صعوبتان رئيسيتان في كتابة الفريده يلنيك، الصعوبة الأولى هي ولعها بالتلاعب اللغوي، فهي تستعمل قولاً مأثوراً أو مثلاً شائعاً وتقوم بتحويره تحويراً ينضح بسخرية شديدة، كما تهوى استخدام الكلمات المتعددة المعاني فمثلاً كلمة "باخ" قد تعني الموسيقار الشهير وقد تعني الغدير. الصعوبة الثانية هي اعتماد كتابتها على السخرية، فالسخرية شديدة الصعوبة في الترجمة، والترجمة الحرفية هي أسوأ الطرق في هذه الحالة، فهي تنقل الصورة الأصلية بعد أن تكون فقدت حيويتها وغناها، لذلك يحتاج المترجم إلى البحث طويلاً عن صورة مماثلة من اللغة التي يترجم إليها تستطيع العبير عن الصورة الأصلية دون أن تفقدها حيويتها.

بشكل عام اللغة هي البطل الأساسي في أعمال الفريدة يلنيك، وبرغم صعوبات ترجمة رواية "عازفة البيانو" فهي أكثر رواياتها قابلية للترجمة. الروايات الأخرى مثل "لذة" و"طمع" وغيرها تكاد تستحيل ترجمتها. يلنيك تأخذ لغة الإعلانات أو لغة أفلام البورنو وتأخذ في تحويرها والسخرية منها حتى تبدو كأنها لغة خاصة بها.

هيثم الورداني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW