هل تنجح الدبلوماسية الأمريكية مع إيران في عهد بايدن؟
١٥ فبراير ٢٠٢١
شد وجذب متواصل بين طهران وواشنطن بشأن الاتفاق النووي منذ وصول الرئيس جو بايدن للحكم في الولايات المتحدة. خبراء وصفوا التصريحات المتبادلة بين البلدين بـ"النزاعات التكتيكية". فما فرص دبلوماسية إدارة بايدن مع إيران؟
إعلان
قال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الاثنين (15 شباط/فبراير 2021) إن طهران ستواصل تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 إذا لم تنفذ أطراف الاتفاق الأخرى التزاماتها. وقال المتحدث سعيد خطيب زاده، مشيرا إلى قانون إيراني يلزم الحكومة بتشديد موقفها النووي "لا خيار أمامنا سوى احترام القانون. هذا لا يعني وقف كل عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ويلزم القانون الحكومة بأن تنهي في 21 فبراير شباط سلطات التفتيش واسعة النطاق التي منحها الاتفاق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وقصر عمليات التفتيش على المواقع النووية المعلنة فقط.
إيران.. هل هي مجرد ملف نووي؟
28:17
وتدرس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عددا من الأفكار بشأن كيفية إحياء الاتفاق النووي الموقع بين طهران والقوى العالمية الست، والذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018 وأعاد فرض عقوبات مشددة على إيران.
وعلى الرغم من الصرامة التي بدت في حديث بايدن عن الملف الإيراني ورفضه مطالب إيران برفع العقوبات الأمريكية حتى تمتثل طهران مجددا للاتفاق النووي المبرم عام 2015، إلا أن هذا هو مجرد "نزاع تكتيكي"، بحسب ما يقوله مايكل ماكوفسكي، المسؤول السابق في البنتاجون.
وقال ماكوفسكي في تقرير له نشرته مجلة "ذا ناشونال إنتريست" الامريكية، إن "القصة الحقيقية هي أنه من خلال تقديم تنازلات أحادية الجانب بالفعل، وتجاهل إسرائيل، وتخفيف حدة خطابه، فإن بايدن لن يكون أمامه سوى القليل من النفوذ لإصلاح عيوب الاتفاق، بحسب ما وعد، وتمكين إيران من التسلح النووي، وهو ما كان قد تعهد بمنعه".
ماكوفسكي رأي أيضا أن خطة العمل الشاملة مع إيران خلال فترة حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، لم تمنع تسلح إيران النووي، بحسب ما أقر به أوباما، ولكنها أدت إلى تأخيره فقط، بينما تم تجاهل سلوك إيراني آخرخطير، مثل تطوير الصواريخ الباليستية".
وأضاف: "في الوقت نفسه، سعى أوباما بصورة نشطة، من خلال المحادثات والتسريبات، إلى وقف الشيء الوحيد - الذي يفوق قوة الولايات المتحدة - الذي كان من الممكن أن يمنع تسلح إيران النووي: وهو التدخل العسكري الإسرائيلي."
وتشير الدلائل الأولية إلى أن بايدن لن يفى أيضا بـ "التزامه الذي لا يتزعزع"، بحسب ماكوفسكي، وهو رئيس "المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي"، ومديره التنفيذي. وقال: "في الواقع، فقد تراجعت إدارته (بايدن) بالفعل عن لغته الصارمة"، مضيفا: "قال وزير الخارجية الامريكي، توني بلينكن، مؤخرا لأعضاء مجلس الشيوخ إن بايدن /ملتزم بمقترح أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا./ وهناك فجوة كبيرة بين التزام بمقترح ما والتزام لا يتزعزع بالعمل. وتبدو السياسة الآن هي أن منع تسلح إيران النووي هو طموح مهم، ولكنه غير قابل للتحقيق بالضرورة".
وردا على الانسحاب الأمريكي، تخلت طهران عن الالتزام بقيود رئيسية للاتفاق، حيث خصبت اليورانيوم إلى مستوى 20 بالمئة، مقارنة مع السقف الذي يفرضه الاتفاق البالغ 3.67 بالمئة، لكن دون مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع أسلحة، وزادت مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب كما استخدمت أجهزة طرد مركزي متطورة في التخصيب.
ا.ف/ ع.ج.م (رويترز، د.ب.أ)
قاسم سليماني.. نهاية دموية لجنرال إيران النافذ بالمنطقة العربية
ساعد الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في بسط نفوذ إيران في دول عربية عديدة، لكن نهايته جاءت مفزعة في ضربة جوية أمريكية بالعراق. كان يعتبر ثاني أقوى رجل في إيران، وفتح مقتله الباب لنتائج غير معلومة العواقب.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
نهاية مفاجأة
في ساعة مبكرة من صباح الجمعة (الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020) أعلنت الولايات المتحدة أنها نفذت ضربة جوية على مطار بغداد الدولي، أدت لمقتل عدد من الأشخاص على رأسهم الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، ما يمثل نهاية مفاجأة لشخص كان لاعبا كبيرا في الجزء الشرقي من العالم العربي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Office of the Iranian Supreme Leader
احتراق مركبته مع قادة بالحشد الشعبي
نُفذت الضربة ليلة الجمعة وقتل فيها معه أبومهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي. وكان الحشد قد أعلن فجر الجمعة عن مقتل خمسة من أعضائه بقصف استهدف مطار بغداد، وذكرت مصادر الحشد أن بينهم محمد رضا الجابري مسؤول التشريفات. أما خلية الاعلام الأمني التابعة لرئاسة الوزراء العراقية فقالت: "ثلاثة صواريخ سقطت على مطار بغداد.. قرب صالة الشحن الجوي، ما أدى إلى احتراق مركبتين اثنتين.."
صورة من: AFP/Iraqi Military
عقود في خدمة التمدد الإيراني بالمنطقة
عين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي الجنرال سليماني قائدا لفيلق القدس في عام 1998، وهو منصب ظل فيه خلف الكواليس لسنوات بينما كان يعزز روابط إيران بحزب الله في لبنان وحكومة الأسد والفصائل الشيعية في العراق.
وبفضل نجاحات فيلق القدس، أصبح سليماني شخصية محورية في التمدد المطرد لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، وهو ما صعّب على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة كبح جماحه.
صورة من: FARS
محاربة الثوار في سوريا وداعش في العراق
مسؤول عراقي كبير سابق طلب عدم نشر اسمه قال في مقابلة عام 2014 "سليماني لم يكن رجلا يجلس على مكتب. كان يذهب إلى الجبهات لتفقد الجنود ويشهد المعارك". وحشد فيلق القدس الدعم للرئيس السوري الأسد عندما بدا على وشك الهزيمة في الحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011 كما ساعد الفصائل المسلحة على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. وفي الصورة هنا سلمياني يتحدث إلى جنود سوريين في شمال سوريا، في خريف 2015.
صورة من: khabaronline.ir
الجنرال ذو الشعر المصفف واللحية المشذبة
كان سليماني يخلط استراتيجيات الحرب بالسياسة، وكان حاضراً في نشاط إيران "الثوري" بالمنطقة، وخاصة العراق وسوريا ولبنان. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، زادت شهرته في الوقت الذي كان المقاتلون والقياديون في العراق وسوريا ينشرون صورا له في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها دوما بلحية مشذبة وشعر مصفف بعناية.
صورة من: Mehrnews
خامنئي- "انتقام عنيف ينتظر من قتلوه" !
قلّده خامنئي وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979. وفي بيان بعد مقتل سليماني، قال خامنئي إن انتقاما عنيفا ينتظر "المجرمين" الذين قتلوه. وأضاف أنه رغم أن مقتل سليماني "يشعرنا بالمرارة" فإنه سيضاعف الحافز لمقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل.
صورة من: Khamenei.ir
الرجل الثاني بعد المرشد ويتحدى ترامب
وقال المسؤول العراقي المذكور إنه "لا يسبقه في تسلسل القيادة سوى الزعيم الأعلى. عندما كان يحتاج الأموال كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج الذخيرة كان يحصل عليها وعندما كان يحتاج العتاد كان يحصل عليه".
وتحدى سليماني الرئيس الأمريكي علنا. وقال في مقطع فيديو نشر بالإنترنت "أقول لك يا سيد ترامب المقامر... اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه". وأضاف "ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها".
صورة من: Fararu
"عواقب لا يمكن التكهن بها"
عبّر نواب جمهوريون عن دعمهم لترامب الذي أمر بتنفيذ العملية، فيما حذّر آخرون من تداعياتها. وقال النائب الجمهوري البارز كيفن ماكارثي: "ضربنا قائد هؤلاء الذين يهاجمون أراضينا الأميركية ذات السيادة". في إشارة على ما يبدو لإحراق السفارة الأمريكية في بغداد. لكن الديمقراطي إليوت إنغل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب قال إنها "تشكل "تصعيدا خطيرا لنزاعنا مع إيران مع عواقب لا يمكن التكهن بها".