1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تهريب اللاجئين عبر البلقان .. "تجارة" مزدهرة

أمبرا مونتاناري، جيوفاني بياتزيس/ ياسر أبو معيلق٢٦ أغسطس ٢٠١٦

بالنسبة لآلاف اللاجئين الذين عبروا الحدود بين تركيا وبلغاريا، فإن البديل الوحيد لمغادرة بلغاريا هو عن طريق المهربين، لذلك ازدهرت عمليات التهريب بشكل كبير في تلك المنطقة كما يوضح تقرير أنجز في عين المكان.

Filmstill " Die Balkanroute – Auf der Flucht ",
صورة من: ORF

في إحدى الحدائق العامة القريبة من مسجد في العاصمة البلغارية صوفيا، حيث تستعد عائلات بأكملها للمغادرة حاملة حقائب ظهر وأكياس بلاستيكية، يجلس آصف ليصف حياته كمهرب. يقول آصف لـDW: "في إحدى المرات حصلت على 2400 يورو في يوم واحد. السعر عادة ما يتراوح بين 600 و900 يورو". يبلغ آصف الخامسة والعشرين من العمر وينحدر من أفغانستان. وبدأ منذ العام الماضي بتهريب البشر بين بلغاريا وصربيا.

تهريب البشر في بلغاريا كان حاضراً على الدوام، ولكن في الصيف يصبح هذا الأمر مربحاً للغاية، فالطقس الجيد والصحو يجعل من السهل عبور الغابات على الحدود مع صربيا. لهذا، وعندما يتوافد السياح الشباب من بريطانيا وروسيا على شواطئ البحر الأسود في بلغاريا، ينتقل آصف إلى صوفيا لتهريب البشر خارج بلغاريا.

ويوضح الشاب الأفغاني بلغة إيطالية لا تشوبها شائبة: "أعمل هنا (في صوفيا) خمسة أشهر، أعود بعدها إلى إيطاليا، لأنني لا أستطيع مغادرتها لأكثر من ذلك الوقت لأن السلطات هناك ما تزال تنظر في طلب اللجوء الذي قدمته".

تعتبر بلغاريا من أقل الدول الأوروبية ترحيباً باللاجئين (أرشيف)صورة من: DW/E.Barbiroglio

بلد معاد للاجئين

تم "تجنيد" آصف للعمل في التهريب في مدينة ميلانو شمال إيطاليا، إذ احتاج رؤساؤه إلى شخص يستطيع تكلم اللغة الدارية، لأن أغلب من يتم تهريبهم من بلغاريا في الوقت الراهن هم أفغان، وبقاؤهم في بلغاريا يعني المجازفة بأن يظلوا عالقين في أحد أقل الدول ترحيباً باللاجئين في أوروبا. فالقوانين الخاصة بحقوق اللاجئين تفرض قيوداً صارمة للغاية، بالإضافة إلى أن المهاجرين عادة ما يتعرضون لهجمات من قبل مجموعات يمينية معادية للأجانب.

إلى ذلك، فإن "طريق البلقان" هو أرخص الطرق للوصول إلى ألمانيا أو فرنسا، حيث يأمل اللاجئون في العثور على عمل هناك وإعالة عائلاتهم كي يتمكنوا من الانضمام إليهم.

آصف أيضاً ترك والده وأخاه في أفغانستان، واللذان يتاجران هناك في الأنسجة الفاخرة. تم إرسال آصف للدراسة في بريطانيا عندما كان في الرابعة عشر من العمر، ولكنه طُرد بعدها بفترة قصيرة من المدرسة، ليبدأ بعد ذلك في السفر في أنحاء أوروبا بصورة غير قانونية، وذلك بفضل أصدقاء التقى بهم في صقلية وميلانو. ويقول آصف: "عشت في روسيا لبعض الوقت. في أحد الأيام شربت الكثير (من الكحول) وتعاركت مع أحدهم. انتهى الأمر بي في السجن، حيث قضيت ستة أشهر".

بعدها ينظر آصف حوله، ويتواصل مع زملائه في المهنة عبر الشارع بإيماءات بالعين والرأس لا تكاد العين تلحظها. أحياناً يقترب أحدهم منه ويسأله عما يفعل. هذه الحديقة العامة عبارة عن مكتب مفتوح للمهربين، ومكان لتجمع من يريدون السفر ليلاً عبر الحدود البلغارية الصربية. عندما يحين الوقت، يستقل هؤلاء سيارة أجرة أو شاحنة، ومن ثم يقوم السائق البلغاري بإيصالهم إلى مكان قريب من الحدود، ومن هناك يقوم جهاز تتبع بالأقمار الصناعية "جي بي إس" بإرشادهم إلى الطريق.

السلطات البلغارية وشرطة الحدود تعلم تماماً بما يحدث، حسب ما يقول بلال، وهو مهرب آخر كآصف. يدخل بلال مخيم "فوينا رامبا"، الذي يبعد 20 دقيقة عن صوفيا، ويخرج منه كما يريد، ويقوم بركن سيارته السوداء من نوع مرسيدس أمام الحديقة العامة، على بعد خمسة أمتار فقط من سيارة للشرطة، حيث يأخذ أحد رجال الشرطة قيلولة. لا أحد يلتفت إليه باستثناء طالبي اللجوء الذين يلتقونه من أجل ترتيب رحلتهم المقبلة.

يضطر من رفضت بلغاريا دخولهم إليها للاعتماد على المهربين لإيصالهم إلى الدول التي يسعون للوصول إليها (أرشيف)صورة من: Getty Images/AFP/N. Doychinov

عمل مزدهر

آصف وزملاؤه ما هم إلا فريق من بين فرق عديدة من المهربين العاملين في العاصمة البلغارية. ويوضح آصف: "لدينا زبائننا ولهم زبائنهم. نحن لا نتقاتل على الناس. المهاجرون لديهم رقمي في تركيا قبل وصولهم هنا ... عندما يصلون هنا، يقومون بالاتصال بي وترتيب وسيلة نقل، وعندما يصبحون على الطرف الآخر، تقوم عائلتهم في أفغانستان بدفع المبلغ لأصدقائي (شبكة التهريب)". آصف لا يتحدث أبداً عن هوية رؤسائه، ولكنه يكشف عن أنهم يتواجدون حالياً في أفغانستان وتركيا.

يتم دفع المبلغ المتفق عليه بمجرد عبور المهاجر إلى الدولة الأخرى، وهلم جرّا، إلى أن يصل إلى ألمانيا أو إيطاليا أو النمسا أو فرنسا، وهي الدول الرئيسية التي يهاجر إليها طالبو اللجوء الأفغان. ويشير آصف إلى السماء ويقول "إن شاء الله سيصلونها".

لكن بعض المهاجرين العالقين في بلغاريا لا أمل لهم في مغادرتها في المستقبل القريب لأنهم لا يمتلكون المال الكافي لتحمل مصاريف التهريب. وحتى إذا تمكنوا من عبور الحدود إلى أوروبا الغربية، فإنهم يخاطرون باحتمال إعادتهم إلى بلغاريا، ذلك أن بصماتهم أخذت هناك وبحسب اتفاقية دبلن للتعامل مع طالبي اللجوء، فإن بلغاريا تعتبر الدولة المسؤولة عن التعامل مع طلبات لجوئهم.

أسعار التهريب

يقول آصف ضاحكاً: "إذا ما كنتَ دون العاشرة من العمر، فإنك تدفع نصف السعر، مثل مدن الملاهي". ويتابع بالقول: "هناك الكثير من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 12 أو 13 عاماً وهم يدفعون السعر كاملاً. أحياناً هناك من يدفعون الكثير من المال ليسافروا في سيارة لوحدهم، ولكننا عادة ما نهرّب المهاجرين في مجموعات تتألف من 20 أو 30 شخصاً. الأمر يعتمد على ما يستطيعون دفعه – كلما دفعوا أكثر، كلما كانت المجموعة أصغر. هناك تكاليف يجب أن نتحملها أيضاً، كما تعلم".

في تقريرها السنوي لعام 2015، وجدت منظمة العفو الدولية أن "المنظمات غير الحكومية أشارت في تقارير إلى أن الأناس الساعين لحماية دولية ممن يحاولون دخول بلغاريا عبر حواجز التفتيش تم رفضهم". وكنتيجة لذلك، فإن البديل الوحيد للمهاجرين هو الاعتماد على المهربين.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW