تواصل الاحتجاجات في العراق والسيستاني يعلن دعمه للمحتجين
١٥ نوفمبر ٢٠١٩
عاد المحتجون إلى شوارع بغداد لمواصلة مسيرة الانتفاضة ضد الفساد والنظام السياسي في البلاد، فيما فتحت قوى الأمن نيران اسلحتها وبذخيرة حية على المحتجين فسقط البعض منهم. والمرجعية الشيعية الأعلى تدعم المحتجين.
إعلان
لم يجلب فوز المنتخب العراقي على نظيره الإيراني في مباراة لكرة القدم الليلة الماضية سوى استراحة قصيرة من العنف في العراق، إذ عاد المحتجون المناهضون للحكومة إلى الشوارع وأطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية باتجاههم فقتلت ما لا يقل عن ثلاثة وأصابت العشرات.
وتحول الغضب العارم المستمر منذ ستة أسابيع إلى حالة من الفرحة بعد فوز العراق بهدفين مقابل هدف على إيران التي يتهمها المتظاهرون بدعم الحكومة التي يطالبون بإزاحتها عن السلطة. وأُطلق الرصاص في الهواء ابتهاجا وانطلقت الألعاب النارية حتى الصباح الباكر.
لكن ومع بزوغ فجر الجمعة (15 تشرين ثاني/نوفمبر 2019)، كانت نشوة الانتصار الكروي قد انقشعت واستأنف المحتجون والشرطة معارك الكر والفر في الشوارع وعاد العنف الذي راح ضحيته أكثر من 300 شخص على مدى الأسابيع الستة الماضية. وأطلقت قوات الأمن الرصاص الحي باتجاه المحتجين في ساحة الخلاني ببغداد اليوم الجمعة لدفعهم إلى العودة لمخيم الاحتجاج الرئيسي في ساحة التحرير في إطار مسعى حكومي لاحتواء القلاقل.
وأعلن المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني مساندته للاحتجاجات في خطبة اليوم وقال إنه يشك في أن النخبة ستحقق الإصلاح. وفي خطبته التي قرأها ممثل عنه، قال السيستاني الذي لا يتدخل في أمور السياسة إلا في أوقات الأزمة "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".
وأكد السيستاني، الذي لا يظهر إلى العلن، أن "المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد". واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم "بتوافق القوى الحاكمة (...) على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر". ويعد هذا انتقاداً صريحاً للسلطة الحاكمة.
على صعيد متصل، أفاد شهود عيان مساء اليوم الجمعة أن العشرات من المتظاهرين أغلقوا الطرق المؤدية الى البوابة الشمالية لميناء أم قصر التجاري شمالي الخليج بمحافظة البصرة. وأفاد الشهود أن القوات العراقية تحيط بالمتظاهرين. وكانت السلطات المحلية بالتعاون مع الزعامات العشائرية، قد تمكنت في السابع من الشهر الجاري من إعادة افتتاح الطرق المؤدية إلى بوابات ميناء أم قصر بعد إغلاق دام نحو اسبوع.
ح.ع.ح/ع.ج( أ.ف.ب، رويترز)
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س