تواصل الاشتباكات في شمال سوريا وموسكو تطالب بـ"فرض النظام"
٢٩ نوفمبر ٢٠٢٤
تتواصل الاشتباكات العنيفة بين مقاتلين من المعارضة والجيش السوري في شمال غرب البلاد، ما تسبب في نزوح نحو 14 ألف شخص. وفيما دفع الجيش بتعزيزات إلى المنطقة، طالب الكرملين بـ"فرض النظام" بصورة "‘عاجلة"، وسط اتهامات لأنقرة.
إعلان
وصلت تعزيزات عسكرية إلى مدينة حلب في شمال سوريا، على ما أكد مصدر أمني سوري لوكالة فرانس برس اليوم الجمعة (29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، في وقت تشن مجموعات مسلّحة من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقأ) وفصائل أخرى متحالفة، هجوما واسع النطاق ضد القوات النظامية. وأفاد المصدر طالبا عدم كشف هويته عن "معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب" مؤكدا أنها "لم تصل إلى حدود المدينة".
بيد أن مصدر مقرب من إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة قال إن "قواتهم تواصل تقدمها على مختلف الجبهات الجنوبية والغربية والشمالية ودخلت حي الراشدين ومركز البحوث العلمية عند مدخل مدينة حلب الغربي والجنوبي". وأشار إلى "التقدم في كافة محاور المعارك في جنوب وغرب مدينة حلب".
من جانبه، قال القائد العسكري في القوات الموالية للقوات النظامية السورية في جبهات مدينة حلب، أبو محمود عمر، لوكالة الأنباء الالمانية "بدأت قوات الجيش السوري والقوات الموالية عملياتها لاستعادة المناطق التي خسرتها خلال اليومين الماضيين في مناطق ريفي حلب الغربي والجنوبي".
وذكر الجيش السوري ومصادر في المعارضة أن المقاتلات الروسية والسورية قصفت منطقة تسيطر عليها المعارضة قرب الحدود مع تركيا أمس الخميس، في محاولة لصدّها.
وتعدّ هذه المعارك "الأعنف" في المنطقة منذ سنوات ، وتدور في مناطق تبعد قرابة 10 كيلومترات من أطراف حلب، كبرى مدن شمال سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان المقرب من المعارضة. ووصف الجيش السوري الهجوم المستمر بأنه "هجوم إرهابي ضخم وواسع النطاق... باستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
معارك طاحنة في الشمال السوري... من له مصلحة في ذلك؟
29:44
وأسفرت المعارك عن مقتل 242 شخصا على الأقل منذ الأربعاء، وفق ما أفاد المرصد الذي يتخذ من العاصمة البريطانية مقرا له ويقول إنه يتوفر على شبكة مراسلين واسعة على الأرض. فيما قال المسؤول بالأمم المتحدة ديفيد كاردن لرويترز إن 27 مدنيا بينهم أطفال قتلوا خلال الأيام الثلاثة الماضية. كما تسببت المعارك، وفق الأمم المتحدة ونشطاء، عن نزوح 14 ألف شخص أجبروا على مغادرة منازلهم.
إعلان
الكرملين يطالب بـ"إعادة فرض النظام" بصورة "عاجلة"
وطالب الكرملين السلطات السورية بإعادة فرض النظام بصورة عاجلة في هذه المنطقة" معتبرا أن الهجوم المتواصل "اعتداء على سيادة سوريا"، وفق ما قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين الجمعة.
وكانت القوات السورية النظامية قد استعادت السيطرة على مناطق ريف حلب وإدلب خلال المعارك والاتفاقات الى تمت بين تركيا وروسيا وسوريا. وهذا هو أول تقدم على الأرض تحققه قوات المعارضة منذ مارس آذار 2020 عندما اتفقت روسيا وتركيا، التي تدعم فصائل معارضة، على وقف إطلاق النار مما أدى إلى توقف العمليات العسكرية في آخر معقل كبير للمعارضة في شمال غرب سوريا.
واتهم القائد العسكري أبو محمود عمر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) "القوات التركية والفصائل الموالية لها بانتهاك الاتفاقيات الدولية في منطقة خفض التصعيد التي تم الاتفاق عليها بين روسيا وتركيا وهذه المنطقة التي تمت السيطرة عليها هي نقاط مراقبة بالنسبة للجيش السوري والقوات الرديفة ، وهو ما سهل عملية السيطرة عليها بشكل سريع".
ويأتي هذا التطور على الرغم من وجود مؤشرات على تقارب محتمل بين أنقرة ودمشق ، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تموز/يوليو إنه يأمل في لقاء الأسد للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن. وتسيطر تركيا على رقعة من شمال سوريا تمتد إلى ما بعد إدلب وتضم فصائل متمردة أصغر حجما.
وفسر عمر أوزكيزيلجيك، من مركز أبحاث المجلس الأطلسي، تقدم مسلحي المعارضة إلى كون أن "أنقرة رأت أن جهودها لإحياء العلاقات مع دمشق قد توقفت".
ع.ج.م/و.ب (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
سوريا.. خمسة عقود في قبضة عائلة الأسد
تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من 5 عقود بقبضة من حديد، إذ يستمر الرئيس السوري بشار الأسد على نهج أبيه حافظ الذي تولى الحكم بانقلاب عسكري. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا في عهد عائلة الأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق".
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق. م.ع.ح/ع.ج.م