تواصل القصف في الغوطة وموسكو تعرض "خروجا آمنا" للمقاتلين
٦ مارس ٢٠١٨
فيما يتواصل القصف الجوي والمعارك البرية بالغوطة الشرقية قرب دمشق وسط أنباء عن سقوط مدنيين جدد، عرضت روسيا على مقاتلي المعارضة "خروجا آمنا"، نافية في الوقت نفسه اتهامات لدمشق باستخدام أسلحة كيميائية.
إعلان
جددت قوات النظام السوري قصفها للغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق موقعة المزيد من الضحايا المدنيين، بالتزامن مع استمرار المعارك على الأرض وتقلص مناطق سيطرة الفصائل المعارضة بشكل يومي أمام الهجوم البري العنيف، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراسلي وكالة فرانس برس.
وارتفعت حصيلة القتلى منذ بدء التصعيد على الغوطة الشرقية في 18 شباط/فبراير إلى أكثر 780 قتيلاً مدنياً، بينهم أكثر من 170 طفلاً، حسب المرصد السوري المقرب من المعارضة. وبات الجيش السوري يسيطر على 40 في المئة من هذه المنطقة المحاصرة. فيما قالت وسائل إعلام رسمية إن العشرات قتلوا في قصف المعارضة للعاصمة خلال الأسبوعين الماضيين.
وعرض الجيش الروسي على مقاتلي المعارضة الخروج الآمن من الغوطة الشرقية، وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان "يضمن مركز المصالحة الروسي الحصانة لكل مقاتلي المعارضة الذين يقررون مغادرة الغوطة الشرقية بأسلحتهم الشخصية ومع أسرهم". وأضافت أنه سيتم توفير سيارات "وتأمين المسار بأكمله". وهذا سيعني أن المعارضة ستتخلى عن آخر معقل كبير لها قرب العاصمة دمشق.
في هذا السياق أتهم المتحدث باسم ما يسمى بـ "فيلق الرحمن"، إحدى الجماعات الرئيسية في الغوطة الشرقية، روسيا بأنها "تصر على التصعيد العسكري لفرض التهجير". وقال المتحدث باسمه وائل علوان، في اتصال مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) :"لم يعرض الروس علينا شيئا... وبالأساس لا يوجد تواصل بيننا وبينهم لا بشكل مباشر ولا غير مباشر".
مبان سويت بالأرض وسكان ينتظرون الفرج في الغوطة
01:35
موسكو تنفي اتهامات لدمشق باستخدام اسلحة كيميائية
من جانب آخر ندد الكرملين اليوم بالاتهامات "المجانية" ضد دمشق بأنها استخدمت أسلحة كيميائية، مؤكدا أن كل هذه الأسلحة السورية دمرت تحت إشراف دولي. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه في سوريا "تتواصل الاستفزازات مع كل هذه التلميحات والاتهامات المجانية حيال السلطات السورية". وجاء ذلك ردا على تقارير في الأسابيع الماضية أشارت إلى حصول هجمات مفترضة بغاز الكلور من قبل النظام السوري، الذي نفى عدة مرات استخدام أسلحة كيميائية. وترى موسكو حليفة دمشق أن "مثل هذه الاتهامات يمكن أن تصدر فقط عن خلاصات لجنة تحقيق دولية وتحقيق حيادي"، مضيفا "في ظل غياب مثل هذا التحقيق، فإن كل الاتهامات ليست سوى تلميحات".
وأمس الاثنين أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن بأنه "تم توثيق 18 حالة اختناق وضيق تنفس بعد صاروخ أطلقته طائرة حربية واستهدف بلدة حمورية"، مشيرا إلى تعذر معرفة الأسباب الناتجة عنها. وتحدث ناشطون معارضون على وسائل التواصل الاجتماعي عن قصف بـ "الغازات السامة" و"غاز الكلور"، إلا أن الإعلام الرسمي وصف اتهام الحكومة السورية باستخدام تلك الأسلحة بـ "مسرحية الكيماوي". وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن "مسرحية الكيماوي هي دليل انهيار الجماعات الإرهابية وتتزامن مع التقدم الكبير للجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية وهدفها حماية الإرهابيين".
وعلى صعيد العمليات الإنسانية أجبر القصف والقتال أمس قافلة مساعدات أممية على مغادرة المنطقة "لأسباب أمنية وتجنب المخاطرة بسلامة الفرق الإنسانية على الأرض"، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما قال مسؤول في يونيسف إن بعض الأسر في الغوطة تعيش في مخابئ تحت الأرض منذ أربعة أسابيع وبعض المخابئ فيها 200 شخص.
ع.ج.م/ع.ج (أ ف ب، د ب أ، رويترز)
الغوطة الشرقية.. أطراف الحرب وضحاياها من المدنيين
في وجه الهجوم الشرس للنظام السوري وحلفائه تستميت فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية في الدفاع عن آخر معاقلها قرب العاصمة. ما هي أبرز أطراف النزاع على الجانبين؟ وما حجم معاناة السكان هناك؟
صورة من: Getty Images/AFP/H. Al-Ajweh
"جيش الإسلام"
يعد "جيش الإسلام" أبرز فصائل المعارضة في المنطقة، والذي أسسه وتولى قيادته زهران علوش عام 2013 إلى حين مقتله إثر غارات جوية روسية عام 2015. وتكون "جيش الإسلام" نتيجة اتحاد أكثر من 45 فصيلاً من "الجيش الحر". ويضم قرابة 10 آلاف مقاتل ويسيطر على نصف مساحة منطقة الغوطة الشرقية وتحديداً مدينة دوما ومحيطها.
صورة من: Getty Images/AFP/A.AlmohibanyGetty Images/AFP/A.Almohibany
"فيلق الرحمن"
يعد "فيلق الرحمن" ثاني أكبر الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، بعد "جيش الإسلام". وتأسست نواته الأولى التي كانت تسمى بـ"لواء البراء" في آب/ أغسطس 2012، وتغير اسم الجماعة المسلحة مع تزايد أعداد أفرادها إلى فيلق "الرحمن". وتضم الجماعة ما يقرب من تسعة آلاف مقاتل وتسيطر على ما يسمى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدناً عدة أبرزها عربين وحموريه، بالإضافة إلى أجزاء من حي جوبر في شمال شرق دمشق.
صورة من: Getty Images/AFP/A.Eassa
"حركة أحرار الشام"
تنفرد "حركة تحرير الشام" بالسيطرة على أجزاء من مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية. وخاضت إلى جانب "هيئة تحرير الشام" عدة معارك ضد قوات النظام في المنطقة، رغم الخلاف الكبير بينهما.
صورة من: Getty Images/AFP/B. al-Habibi
"هيئة تحرير الشام"
تضم "هيئة تحرير الشام"، والتي كانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا)، مئات المقاتلين إلى جانب عدد كبير من المقاتلين الأجانب. ويترأسها في الغوطة المدعو بالشيخ أبوعاصي. وتقتصر سيطرتها على بعض المراكز المحدودة في القطاع الأوسط في الغوطة.
صورة من: Rami Al-Sayed/AFP/Getty Images
النظام السوري وحلفاؤه
على الجانب المقابل يخوض جيش النظام السوري وحلفاؤه من ما يُطلق عليها "القوات الرديفة" معارك شرسة ضد قوات المعارضة. ولا يعرف على وجه الدقة من هي المجموعات والميلشيات التي تساند الأسد في الحرب في منطقة الغوطة. هذا ويتم الحديث عن مشاركة ميلشيات تابعة لإيران وأخرى عراقية وحزب الله اللبناني.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
واشنطن تتهم وموسكو تنفي
نفى الكرملين ضلوع روسيا في القصف على الغوطة الشرقية. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين "إنها اتهامات لا أساس لها" بعدما اتهمت الخارجية الأميركية روسيا بأنها "مسؤولة" عن هذه الهجمات.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sputnik/E. Shtukina
المدنيون يدفعون الثمن دائماً
يعيش في المنطقة المحاصرة من الغوطة الشرقية قرابة 400 ألف شخص، وهي منطقة مؤلفة من مدن وبلدات ومزارع تحاصرها قوات النظام والميليشيات الموالية لها منذ 2013. وتعد الغوطة الشرقية آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب دمشق. ولاقى منذ بداية الغارات الجوية والقصف، الذي يشنه النظام السوري على الغوطة الشرقية، لحد الآن أكثر من 417 مدني حتفه، من بينهم نحو مئة طفل، وأصيب مئات آخرين بجروح.
صورة من: picture alliance/abaca/A. Al Bushy
تفاقم الوضع الإنساني
ولليوم السادس على التوالي قصفت طائرات حربية الغوطة الشرقية. وذكرت منظمات خيرية طبية إن الطائرات أصابت أكثر من عشرة مستشفيات الأمر الذي يجعل مهمة علاج المصابين شبه مستحيلة. وصرحت منظمة "أطباء بلا حدود" أن القصف أدى إلى هدم وتدمير 13 مشفى وعيادة تدعمها. إعداد: إيمان ملوك