تومي روبنسون، أشهر يميني متطرف في بريطانيا، ذاع صيته في الأيام الماضية في مظاهرة "وحدوا المملكة"، وأصبح حديث الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن هو تومي روبنسون، ولماذا حكم عليه بالسجن عدة مرات؟
تومي روبنسون، 42 عاماً، مؤسس وزعيم رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) المناهضة للإسلام.صورة من: Tayfun Salci/ZUMA/picture alliance
إعلان
تومي روبنسون (42 عاماً) هو أحد أبرز المتطرفين اليمينيين في بريطانيا وشخصية مثيرة للجدل. اسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون، وبرز اسمه في أوائل القرن الحادي والعشرين كناشط معادٍ للإسلام، وخاصة بعد أن أسس رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) عام 2009 بحسب شبكة "بي بي سي" الإخبارية.
أسس روبنسون هذه المنظمة كرد على ما يعتبره هو وأنصاره تهديداً من "التطرف الإسلامي" للمجتمع البريطاني، وسرعان ما انتشرت الرابطة وجذبت الآلاف في مسيراتها، ومع ذلك كانت مثيرة للانقسام، بسبب ارتباطها بأعمال عنف وخطاب كراهية.
وفي عام 2013 أعلن روبنسون انسحابه من الرابطة معبراً عن قلقه من أنها انحرفت عن هدفها الأصلي وأصبحت جزءًا من المشكلة؛ من خلال تشجيع العنف اليميني المتطرف عوضاً عن أن تكون جزءًا من الحل.
حملات بريطانيا الانتخابية على ظهور المهاجرين
26:03
This browser does not support the video element.
سجل جنائي
انسحاب روبنسون من رابطة الدفاع الإنجليزية لم يكن النهاية، إذ واصل ظهوره العلني على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وعُرف بمواقفه المناهضة للهجرة والإسلام. وفي عام 2017 ظهر من أمام محكمة كانتربري خلال محاكمة أربعة رجال أدينوا باغتصاب جماعي لفتاة تبلغ من العمر 16 عاماً.
إعلان
وقام روبنسون ببث مباشر من أمام المحكمة، يُظهر المتهمين أثناء دخولهم المحكمة، وتحدّث عن القضية، وهو ما أدى إلى الحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر، بسبب انتهاك قوانين تغطية المحاكمات، وتم تعليق تنفيذ الحكم لمدة 18 شهراً بشرط عدم تكرار مثل هذه المخالفات.
لكن روبنسون لم ينتظر طويلاً، وبعد عام واحد فقط، صوّر متهمين أمام محكمة في ليدز حيث كانت تُجرى محاكمتهم، وتحدّث عن القضية مباشرة، ما أسفر عن اعتقاله مباشرة، وحُكم عليه بالسجن 13 شهراً بالاستناد إلى مخالفته السابقة في كانتربري.
لاقى هذا الحكم احتجاجاً واسعاً بين مؤيديه وأنصاره، الذين اعتبروا ما جرى له هو قمعاً لحرية التعبير، مما أدى إلى ظهور احتجاجات في لندن ومانشستر وليدز للمطالبة بالإفراج عنه.
لكن أكدت السلطات البريطانية أن تصرّف روبنسون لا يندرج ضمن نطاق "حرية التعبير" وإنما يعدّ تدخلاً مباشراً قد يُفسد سير العدالة، ويعرّض المحاكمة للخطر، وربما يؤدي إلى إلغائها أو إعادة النظر فيها، ما يعني إضاعة الوقت والمال.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2024 سُجن روبنسون مجدداً، بسبب نشره لادعاءات كاذبة عن لاجئ سوري، ولكن أطلق سراحه بعد عدّة أشهر.
نظم تومي روبنسون مظاهرة تحت شعار "وحدوا المملكة" يوم 13 سبتمبر/ أيلول، أدلى خلالها بخطاب عنصري مناهض للإسلام والمهاجرين.صورة من: Jaimi Joy/REUTERS
روبنسون يعود إلى الواجهة
عاد تومي روبنسون إلى المشهد مجدداً، إذ دعا إلى تنظيم مظاهرة تحت شعار "وحدوا المملكة" يوم السبت الماضي (13 سبتمبر/ أيلول). وشارك في تلك المظاهرة بين 110 آلاف إلى 150 ألف شخص.
نُظِّمت المظاهرة بعد عدة احتجاجات مناهضة للهجرة خلال هذا العام أمام فنادق تؤوي طالبي لجوء في بريطانيا، وروج لها روبنسون على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفت بأنها من أجل "حرية التعبير" بحسب وكالة فرانس برس.
طالب المتظاهرون بحرية التعبير وباستقالة رئيس الوزراء كير ستارمر، إلا أن المطالبة بمكافحة الهجرة غير النظامية تصدرت المشهد. وقال روبنسون أمام المتظاهرين: " الغالبية الصامتة لن تبقى صامتة بعد الآن. اليوم يُمثل بداية ثورة ثقافية".
كما زعم أن حقوق المهاجرين في بريطانيا تتفوق على حقوق "المجتمع المحلي"، وقال: "قالوا للعالم إن الصوماليين والأفغان والباكستانيين، جميعهم، حقوقهم تتفوق على حقوقكم، الشعب البريطاني، الشعب الذي بنى هذه الأمة."
ومن ثم عرض فيديو يتضمن مشاهد لأعمال عنف ارتكبها مُدانين من خلفيات مهاجرة، تبعتها صورة امرأة بيضاء تبكي بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
التظاهرة بدأت بشكل سلمي، لكن تخللتها أعمال عنف قبل انتهائها، مما أسفر عن إصابة 26 رجل شرطة، أربعة منهم في حالة خطيرة، وقد تم اعتقال 24 شخصاً، بتهم متعددة تشمل الشجار وارتكاب أعمال شغب عنيفة والاعتداء والتخريب، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
ورفض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر استخدام العلم البريطاني كرمز لـ "العنف والخوف والانقسام"، وقال "لن نتسامح مع الاعتداءات على رجال الشرطة أثناء أداء واجبهم، ولن نسمح بأن يشعر الناس بالترهيب في شوارعنا بسبب أصولهم أو لون بشرتهم".
وفي مقابل مظاهرة "وحدوا المملكة"، نظم نحو 5 آلاف ناشط "مناهض للعنصرية" احتجاجاً مضاداً حمل شعار "مسيرة ضد الفاشية"، على بعد حوالي كيلومتر ونصف، حيث تم نشر نحو ألف شرطي للفصل بين المجموعتين المتنافستين.
بالصور - الاحتجاجات ضد العنصرية تعم قارات العالم
مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد في مينيابوليس بعد أن جثم شرطي أبيض على رقبته حرك الناس في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من وباء كورونا قرر مئات الآلاف الخروج للشوارع للتظاهر ضد العنصرية التي تُمارس بشكل ممنهج.
صورة من: Reuters/R. Casilli
باريس: احتجاج في متنزه لو شامب دي مارس
قبل بضعة أيام، قامت الشرطة الفرنسية بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع. وكان في البداية قد تم حظر المظاهرات التي أعلن عن تنظيمها عند برج إيفل وخارج السفارة الأمريكية. لكن مع ذلك، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع ضد العنصرية، حتى خارج باريس. عنف الشرطة ضد السود منتشر بشكل خاص في الضواحي.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/A. Morissard
لييج: مظاهرة رغم الحظر
بلجيكا، مثل معظم البلدان الأوروبية، لديها نصيب من الاستغلال الاستعماري وإخضاع مناطق أخرى من العالم: فقد كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية مملوكة ملكية خاصة للملك ليوبولد الثاني، الذي تم إنشاء نظام الظلم العنصري نيابة عنه. وقد جرى التظاهر ضد العنصرية في بروكسل وأنتفيرب ولييج؛ على الرغم من الحظر المتعلق بفيروس كورونا.
صورة من: picture-alliance/abaca/B. Arnaud
ميونيخ: بافاريا ذات التعددية
في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، نظمت واحدة من أكبر المظاهرات في ألمانيا تجمع فيها 30 ألف شخص. كما خرجت مظاهرات في مدن ألمانية أخرى كبيرة منها كولونيا وفرانكفورت وهامبورغ. أما في برلين، فتحتم على الشرطة منع وصول المتظاهرين لبعض الوقت إلى ميدان ألكسندر بسبب توافد الكثير من الناس للمشاركة في المظاهرة.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/S. Babbar
فيينا: 50 ألف متظاهر ضد العنصرية
في العاصمة النمساوية فيينا ذكرت الشرطة يوم الجمعة أن 50 ألف شخص تجمعوا، في واحدة من أكبر المظاهرات في السنوات الأخيرة، في البلد الذي شهد العام الماضي "فضيحة إيبيزا" والسقوط المدوي للائتلاف الحكومي اليميني في 2019. وبحسب صحفيين، كُتبت عبارة "حياة السود مهمة" على سيارة للشرطة.
صورة من: picture-alliance/H. Punz
صوفيا: لفت الانظار للعنصرية في بلغاريا أيضا
كما هو الحال في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، تحظر بلغاريا حاليا التجمعات التي تضم أكثر من عشرة مشاركين. ومع ذلك اجتمع المئات في العاصمة صوفيا. المتظاهرون صرخوا بكلمات جورج فلويد الأخيرة "لا أستطيع التنفس"، لكنهم لفتوا الانتباه أيضا إلى العنصرية في المجتمع البلغاري.
صورة من: picture-alliance/AA
تورين: احتجاج في زمن كورونا
بسرعة، قامت هذه المرأة في تورين بتدوين مخاوفها السياسية على الكمامة التي لا تزال ضرورية بسبب كورونا: "حياة السود مهمة أيضًا في إيطاليا". المظاهرات ضد العنصرية بما في ذلك تلك التي أقيمت في روما وميلانو، ربما تكون أكبر التجمعات التي شهدتها إيطاليا منذ بدء إجراءات كورونا. وإيطاليا هي واحدة من الدول المستقبلة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة في الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/M. Ujetto
لشبونة: تحرك الآن!
"تحرك الآن" هي العبارة المكتوبة على هذه اللافتة التي رفعها هذان المتظاهران في العاصمة البرتغالية لشبونة. لم تتم الموافقة على المظاهرة، لكن الشرطة سمحت للمشاركين بالمسيرة. في البرتغال أيضا، هناك دائما عنف من قبل الشرطة ضد السود. وعندما تظاهر المئات بشكل عفوي بعد حادث مشابه في يناير/ كانون الثاني 2019، ردت الشرطة فأطلقت عليهم الرصاص المطاطي.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/J. Mantilla
مكسيكو سيتي: ليس فلويد فقط وإنما لوبيز أيضا
في المكسيك، لم يثر مقتل جورج فلويد الغضب في البلاد فحسب، بل لفت الأنظار لمصير عامل البناء جيوفاني لوبيز أيضا، الذي تم القبض عليه في مايو/ أيار في ولاية خاليسكو الغربية لعدم ارتدائه كمامة واقية. ويبدو أنه مات من عنف الشرطة. ويتزايد غضب المتظاهرين المكسيكيين منذ ظهور شريط فيديو قبل أيام قليلة عن عملية قبض الشرطة على لوبيز.
صورة من: picture-alliance/Zumapress
سيدني: لا للعنصرية ضد السكان الأصليين
بدأت المسيرة في سيدني بمراسم دخان تقليدية. ولم يكن التضامن الصريح لما لا يقل عن 20 ألف مشارك مع جورج فلويد فقط، ولكن أيضا مع الأستراليين من السكان الأصليين (أبورجيون)، الذين كانوا أيضا ضحايا لعنف الشرطة العنصري. وطالب المتظاهرون بعدم السماح مرة أخرى بمقتل أي شخص منهم في حجز الشرطة.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/I. Khan
بريتوريا: بقبضة مرفوعة مثل مانديلا
القبضة المرفوعة في الهواء هي رمز لحركة # BlackLivesMatter (حياة السود مهمة) لكن الرمز أقدم بكثير؛ فعندما أطلق نظام الفصل العنصري سراح المقاتل من أجل الحرية، نيلسون مانديلا، من السجن في فبراير/ شباط 1990، رفع قبضته في طريقه إلى الحرية، مثلما فعلت هذه المحتجة في بريتوريا الآن. لا يزال البيض يتمتعون بامتيازات في جنوب أفريقيا. إعداد: دافيد إيل/ ص.ش