1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس- استثناء ديمقراطي تحت وطأة استقطاب علماني إسلامي

سهام أشطو٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

أظهرت الانتخابات الرئاسية في تونس، من جديد هذا البلد كاستثناء ديمقراطي في دول الربيع العربي. لكن حالة الاستقطاب السياسي التي تعرفها البلاد بين الإسلاميين والعلمانيين تثير القلق من إمكانية الانزلاق نحو الحالة المصرية.

Wahlen in Tunesien
صورة من: F. Belaid/AFP/Getty Images

لم يتفاجئ المتابعون للإنتخابات التونسية بنتائجها الأولية، إذ كانت استطلاعات الرأي والمعطيات في الشارع التونسي تشير إلى أن المنافسة ستنحصر بين رئيس الوزراء الأسبق الباجي قايد السبسي والرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. الانتخابات مرت في أجواء سلمية وعرفت نسبة إقبال مهمة رغم بعض التجاوزات التي تم تسجيلها، لكن حالة الاستقطاب التي تعرفها تونس حاليا بين علمانيين وإسلاميين يثير مخاوف بعض المتتبعين للشأن التونسي من تكرار السيناريو المصري خاصة أن انقسام الناخبين بين المرشحين الذين عبرا إلى الدور الثاني من الانتخابات، يكرس أيضا الصراع بين رموز النظام السابق والجهات التي ساهمت في ثورة الياسمين بحسب بعض المراقبين. فهل ستنجرف تونس نحو السيناريو المصري، أم أنها ستحافظ على صورتها كقدوة للبلدان التي عرفت ثورات؟

انقسام الشارع

ملامح الإنقسام يمكن رصدها من خلال حدة الاستقطاب حول المرشحين المرزوقي والسبسي. مرشح حركة نداء تونس، الليبرالي العلماني، السبسي، قال إن بلاده ستنقسم في الجولة الثانية من الإنتخابات إلى الإسلاميين من جهة وكل الديمقراطيين وغير الإسلاميين من جهة أخرى، واصفا المنصف المرزوقي بأنه مرشح "الإسلاميين والسلفيين والجهاديين". رغم أن المرزوقي شخصية حقوقية علمانية معروفة، لكن تحالفه مع إسلاميي حزب النهضة جعله في مهب اتهامات خصمه السبسي.

تصريحات قدد تساهم في تعزيز حالة الاستقطاب التي تعرفها تونس حاليا لكن رضا غربي رئيس قائمة حزب الجبهة الشعبية ( تحالف يضم أحزابا يسارية وقومية عروبية) في ألمانيا يعتبر أن تصريحات السبسي قد تكون زلة لسان ولا تعبر عن الواقع. ويضيف في مقابلة مع DW عربية "لا يوجد انقسام بين التونسيين، وتحديدا لا صحة لما يقال عن الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين. الغالبية العظمى من التونسيين مسلمون، يبقى الفرق بين من يختار أحزابا ذات مرجعية إسلامية أو غير إسلامية".

التونسيون أمام الاختيار: المرزوقي أم السبسي؟

ويرى غربي أن ما يعرفه المجتمع التونسي هو بالأحرى صراع بين رموز النظام السابق التي تحاول العودة إلى السلطة من خلال مرشح نداء تونس، وبين من قاموا بالثورة.

ولم يختلف كثيرا سيناريو الانتخابات الرئاسية عن التشريعية التي أجريت في 26 تشرين الأول الماضي إذ أظهرت أيضا أن المشهد السياسي في تونس اتجه بشكل كبير نحو الاستقطاب الثنائي بين تيارين أساسيين هم الإسلاميون وتحديدا حركة النهضة المتحالفة مع المرزوقي، ومن جهة أخرى التيارات الليبرالية واليسارية العلمانية.

تراجع الإسلاميين

النخب السياسية بدت أيضا منقسمة بين القطبين فبينما لمحت بعض الأحزاب والتيارات إلى احتمال دعمها لأحد المرشحين فضلت أخرى اتخاذ موقف الحياد السلبي. حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، العضو في "الجبهة الشعبية"، أعلن على لسان أمينه العام زياد لخضر أنه لن يدعم المرزوقي "لأنه حليف الأطراف المعادية للديمقراطية والتي لها علاقة بالإرهاب"، بينما أعلنت حركة النهضة أنها تدرس موقفها من دعم أحد مرشحي الرئاسة. لكن من المرجح أن يستفيد المرزوقي من أصوات ناخبي حزب النهضة، وذلك على غرار ما حدث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

النساء في مقدمة القوى المدنية التي تواجه التيار الإسلاميصورة من: Reuters/Zoubeir Souissi

ويعتبر رشيد خشانة وهو صحفي وناشط سياسي تونسي أن ما يجري في تونس أمر طبيعي لأنها تعرف حالة انتقال ديمقراطي" أعتقد أن النقطة المهمة الآن ليست الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين وإنما قدرة الطرفين على قبول النتائج وعلى العمل سويا من أجل تونس. المهم هو أن نتائج الانتخابات قبلها الطرفان ولم يطعن فيها أحد".

صعود نداء تونس يحمل إشارة جديدة في المجتمع التونسي فهي المرة الأولى التي تصل فيها قوة علمانية إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية منذ انطلاق ما سمي بالربيع العربي، وذلك بعد مرحلة اكتسحت فيها حركة النهضة الإسلامية الساحة السياسية لكن الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة جعلت التونسيين على ما يبدو يفكرون هذه المرة في بديل آخر حسب المتتبعين.

انتقادات أخرى يؤاخذ عليها التونسيون الإسلاميين حسب الغربي وهي "أنهم حاولوا تغيير طبيعة ونمط الحياة في تونس وإدماج الشريعة فيها رغم أن البلد يعيش منذ عقود دون اعتبار الشريعة مصدرا للحكم. بالإضافة إلى عدم التزامهم بالصرامة حيال حماية شخصيات سياسية تعرضت للاغتيال". في إشارة إلى إغتيال القياديين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013.

هل يتكرر السيناريو المصري؟

ويرى البعض في تصدر نداء تونس الانتخابات التونسية الأخيرة تماشيا مع التوجه السائد حاليا في شمال أفريقيا والذي يصفه البعض ب"انقلاب ضد الإسلام السياسي" بدأ في مصر التي أطيح فيها بالرئيس الإسلامي محمد مرسي مرورا بليبيا التي سجل فيها الإخوان والإسلاميون عموما أداء غير جيد في انتخابات الصيف الماضي النيابية.

وحول إمكانية تكرار السيناريو المصري في تونس، يرى خشانة أن تونس ستعرف بالتأكيد استقطابا سياسيا حادا أيضا "التونسيون ليسوا ملائكة ولديهم بالتأكيد مواقف متضاربة واختلافات عديدة لكن قوتهم تكمن في القدرة على إدارة هذه الاختلافات بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وليس إلى العنف والفوضى وهو ما يميز التجربة التونسية".

ويضيف الخبير التونسي "التوافق هي كلمة السر في نجاح التجربة التونسية ومهما اختلفت المصالح والمواقف هناك وعي بأنه ينبغي العمل سويا لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه تونس وعلى رأسها تحريك عجلة التنمية التي تضررت كثيرا من الأحداث والاضطرابات السياسية والأمنية"، ونفس الرأي يشاطره غربي إذ يقول "أنا متفائل بهذا الخصوص، وعلى يقين بأن تونس ستثبت مرة أخرى أن مختلف الفئات التي يضمها المجتمع التونسي قادرة على الحوار".

وبعد أكثر من ثلاثة أعوام على الإطاحة بنظام بن علي، أقرت تونس دستورا جديدا على قاعدة التوافق، وتفادت بذلك أحزابها العلمانية والإسلامية، أزمات شهدتها دول الربيع العربي الذي تعتبر تونس مهده. وسمح النهج السياسي التوافقي وإبرام الاتفاقات بما في ذلك اتباع أسلوب أكثر مرونة إلى السماح لمسؤولين من النظام السابق بالعودة إلى الساحة السياسية. وهو ما أتاح لتونس الإبقاء على مسار الإنتقال حتى مع اغتيال اثنين من زعماء المعارضة العام الماضي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW