1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: النصر على الفساد شرط لدوران عجلة الاقتصاد

٢٥ سبتمبر ٢٠١٦

استفحلت آفة الفساد في مرحلة التحول الديمقراطي التونسي بشكل مهول على مختلف المستويات. هل تنجح الحكومة التونسية في حربها على هذه الآفة، لاسيما وأن تدفق الاستثمارات ودوران عجلة المؤسسات المتضررة مرتبطان بالقضاء عليها؟

Tunesien Tunis Proteste gegen Straferlass Korruption
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Messara

تنتشر آفة الفساد في تونس بشكل مهول بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي لدرجة أن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد اعتبر "مكافحة الفساد أصعب من مكافحة الإرهاب". وقال الشاهد في كلمته خلال المؤتمر العربي الوزاري الخامس للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد أوائل سبتمبر/ أيلول الجاري 2016 إن "الحرب على الفساد والحرب على الإرهاب.. وجهان لآفة واحدة". ويبدو أن هذه الآفة التي كانت قبل الثورة منتشرة بشكل رأسي على ارتباط مباشر برأس النظام، أي بن علي وعائلته والمقربين منه، واستشرت بعدها بشكل أفقي كالنار في الهشيم في مختلف القطاعات الخاصة منها والعامة على حد تعبير عبد اللطيف الحناشي، أستاذ التاريخ السياسي الراهن في الجامعة التونسية.

ويرى الحناشي في حديث مع DW عربية أن هناك "علاقة جدلية بين الإرهاب والفساد لأن كلاهما يعمل خارج القانون ومن مصلحتهما إضعاف الدولة من خلال وسائل مختلفة كالرشوة وتهريب السلع والخدمات والتهرب من الوفاء بالالتزامات الضريبية والجمركية والمالية الأخرى. ويقدر شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن قيمة اقتصاد الفساد والاقتصاد الموازي غير الرسمي في تونس تصل إلى حوالي 22 مليار دولار يورو، أي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي التونسي في الوقت الحاضر بعدما كانت أقل من الثلث قبل الثورة.

خسائر مرعبة، نصف الناتج المحلي الإجمالي التونسي ضحية الفسادصورة من: ben Belgacem / DW

للوهلة الأولى يبدو استشراء الفساد غريباً على تونس، لاسيما وأنها تعد قدوة في مجال الانتقال الديمقراطي على مستوى المنطقة العربية. كما أن الدولة التونسية لم تشهد فوضى وانهيارات في أجهزتها الأمنية والقضائية على غرار ما حصل في دول عربية أخرى مثل ليبيا واليمن. "ليست المشكلة في القوانين واستمرار عمل الأجهزة المعنية، بل في غياب الإرادة السياسية الحاسمة لتفكيك منظومة الفساد حتى الساعة" يقول عبد اللطيف الحناشي موضحاً بأن تغلغل الفاسدين وأعوانهم في أجهزة الدولة السياسية والأمنية والاقتصادية ووصولهم إلى مناصب قيادية يعرقل هذه الإرادة لأن محاربة الفساد والرشوة يتضارب مع مصالحهم".

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يمكن لحكومة الشاهد أن تنجح في محاربة الفساد في ظل وصول بارونات الفساد إلى مراكز اتخاذ القرار على أعلى المستويات؟ وسبق لهذه الحكومة أن وضعت مكافحة الفساد والرشوة كأحد خمس أولويات أساسية في برنامج عملها وهي كسب المعركة ضد الإرهاب والحرب على الفساد ودفع نسق النمو والحفاظ على التوازنات المالية ومعالجة ملف النظافة والبيئة.

رغم أن المعطيات على أرض الواقع لا تقدم صورة وردية، فإن الخبير الحناشي متفائل ويرى فرصة كبيرة أمام الحكومة لإطلاق معركتها ضد الفساد بالتوازي مع حربها ضد الإرهاب. ويعود السبب الرئيسي في ذلك برأيه إلى أن محاربة الفساد بتونس في الوقت الحالي لم تعد مطلباً وطنياً فقط، بل ودولياً كذلك أكثر من أي وقت مضى. فصندوق النقد الدولي والدول المانحة تطالب الحكومة التونسية باتخاذ خطوات سريعة لتقويض دعائمه دون تسويف أو تأخير. وفيما عدا ذلك فإن تونس لن تحصل على الاستثمارات والقروض والمساعدات الضرورية لإنعاش اقتصادها الذي أصيب بضربة قاسية لأسباب متعددة بينها الهجمات الإرهابية التي ضربت السياحة حسب تقدير الحناشي.

وتبدو الحكومة التونسية بالفعل تحت ضغط الوقت، لأنها تأمل بالحصول على الأموال المطلوبة خلال المؤتمر الدولي للاستثمار في تونس "تونس 2020". وقد عبر ممثلو 70 دولة عن نيتهم المشاركة في أعماله يومي 29 و 30 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم. ويبرز من بين أهداف المؤتمر إتاحة الموارد اللازمة لتنفيذ مشاريع كبيرة في البنية التحتية والطاقات البديلة وإقناع المستثمرين الأجانب بوجود مناخ استثماري مناسب في تونس.

من المؤكد أن الحكومة لن تنجح خلال شهر أو شهرين في مكافحة آفة الفساد والرشوة التي رسخت أقدامها في جسم الاقتصاد والدولة على مدى عقود طويلة. غير أن تفعيل دور الرقابة وصدور الأحكام القضائية بالسرعة المطلوبة ضد الفاسدين ومصالحهم قد ينجح في دفع الممولين إلى تقديم ولو جزء من الأموال المطلوبة لعودة عجلة الاقتصاد المعطلة ولو يشكل تدريجي خلال السنوات القليلة القادمة.

حكومة يوسف الشاهد أمام اختبار في حربها ضد الفسادصورة من: Reuters/Z. Souissi

في هذا السياق تشير المعطيات المتوفرة إلى تبليغ كثيف عن حالات فساد ورشوة على مختلف المستويات بدعم من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تقوم بحملات متواصلة للتبليغ عن الفساد والمرتشين. وقد وفرت لهذا الغرض خطاً هاتفياً مجانياً أطلقت عليه "الخط الأخضر" للقيام بعملية التبليغ هذه من قبل المهتمين بمحاربة الفساد من مواطنين وغيرهم. غير أن عمليات التبليغ هذه وعلى الرغم من أهميتها لا تردع الفاسدين دون صدور الأحكام القضائية التي تحاسبهم على فعلتهم. وعلى ضوء ذلك يجري حاليا وضع آليات للمراقبة والمساءلة السريعة أمام القضاء حسب الخبير الحناشي الذي يرى بأن تونس تحتاج أيضاً إلى آليات "تحمي المتعاونين في الكشف عن الفساد وتضمن سلامة رجال القضاء والذين يحاربونه من شرور الفاسدين". في هذا السياق تطالب منظمات جهات عديدة على رأسها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد INLUCC بوضع إستراتيجية وطنية لمكافحته الفساد تضم إلى جانب هذه الجهات الحكومة والسلطات التشريعية والقضائية والإعلامية وهيئات المجتمع المدني.

وهكذا فإن أمام الحكومة التونسية الفتية تحديات جسام في مجال مكافحة الفساد بعد خمسة أعوام على الثورة، فهل تنجح في مواجهتها، لاسيما وأنها حكومة وحدة وطنية تضم القوى السياسية الأكثر فعالية على الساحة التونسية؟

 

 إبراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW