1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: ضغوط السلطة وعدم الشفافية تهدد إستقلالية الإعلام

حاتم الشافعي - تونس ١٧ سبتمبر ٢٠١٣

يخشى الصحافيون في تونس من تراجعات في حرية الصحافة أمام تواصل التدخل الحكومي في وسائل إعلام عمومية وتتالي ملاحقات قضائية لصحافيين منتقدين للسلطات. وخبراء يرون وجها آخر لمعظلة إعلام ما بعد الثورة في تونس.

Mongi Khadraoui, general secretary of the Union of Tunisian Journalists. Tunis,Tunisia (2012).
صورة من: DW

قررت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين (مستقلة) إضرابا عاما في قطاع الصحافة يوم 17 سبتمبر/ أيلول 2013، احتجاجا على ما أسمته "مخططا حكوميا لضرب حرية التعبير والصحافة والإبداع عبر توظيف القضاء من أجل سجن وترهيب الصحفيين والإعلاميين والمبدعين".

ويأتي الإضراب بعد صدور حكم قضائي (يوم 13 سبتمبر) بسجن الصحفي البارز زياد الهاني على خلفية انتقاده قرارا قضائيا بسجن مصور تلفزيوني ثلاثة أسابيع بسبب تصويره منتصف أغسطس حادثة رشق وزير الثقافة ببيضة. وتمسكت النقابة بتنظيم الإضراب رغم أن القضاء أصدر مساء 13 سبتمبر (وإثر ضغط منظمات حقوقية تونسية وأجنبية) قرارا بالإفراج عن الهاني الذي غادر السجن يوم الاثنين 16 مقابل كفالة مالية بنحو ألف يورو.

ويوم 13 سبتمبر مثل أمام القضاء الصحافيان الطاهر بن حسين بتهمة "التآمر على أمن الدولة" التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وزهير الجيس بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وقد أجّلت المحكمة النظر في قضيتيهما إلى تاريخ لاحق.

وكان صحافيو "مؤسسة الإذاعة" التي تضم 9 محطات إذاعية مملوكة للدولة أضربوا عن العمل يوم 3 سبتمبر 2013 احتجاجا على قيام رئيس المؤسسة محمد المؤدب المحسوب على حزب النهضة الإسلامي الحاكم، بتعيين مديرين جدد لخمس إذاعات قال الصحافيون إنهم "موالون" للحزب الحاكم.

زياد الهاني، صحافي تونسي، سجن ثلاثة أيام بسبب انتقاده قرارا قضائياصورة من: AFP/Getty Images

"الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري" (هايكا) وهي هيئة تعديل رسمية دورها تحقيق استقلالية الإعلام العمومي تجاه مراكز الضغط السياسي والمالي، احتجت على هذه التعيينات التي قالت إنها تفتقد إلى معايير "الاستقلالية والحياد والموضوعية" وطالبت الحكومة بمراجعتها لكن الأخيرة رفضت، حسبما أعلنت الهيئة في بيان.

وخلال إضرابهم يوم 3 سبتمبر، ندد صحافيو الإذاعات العمومية بفرض رئيس المؤسسة "رقابة مسبقة" على عملهم بعدما طالب (في مذكرة بتاريخ 20 أغسطس 2013) مقدمي ومنتجي البرامج الإذاعية بتقديم "دليل الحصة (البرنامج) إلى الإدارة 24 ساعة قبل البث المباشر" وبـ"الالتزام بما تدونه الإدارة من ملاحظات على دليل الحصة".

ورأى هؤلاء في مذكرة أخرى أصدرها رئيس المؤسسة يوم 15 أغسطس وطالب فيها بـ"عدم بث الأخبار التي من شأنها أن تهدد الأمن العام" دعوة صريحة إلى "التعتيم" على مظاهرات تنظمها المعارضة منذ اغتيال المعارض العلماني محمد البراهمي في 25 يوليو 2013.

منظمة "مراسلون بلا حدود" أعلنت أن المؤدب أوقف يوم 31 يوليو/تموز 2013 برنامجا حواريا كانت تبثه إحدى الإذاعات العمومية لتطرقه إلى موضوع المواجهات بين الجيش ومسلحين إسلاميين في جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر.

القضاء يلاحق الصحافيين بقوانين "فترة الاستبداد"

يقول منجي الخضراوي أمين عام "النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين" (مستقلة) لـDW عربية إن كل القضايا التي أثارتها النيابة العامة مؤخرا ضد الصحافيين استندت على القانون الجنائي "القمعي" الذي يعود تاريخ إصداره إلى 1913 عوضا عن "المرسوم 115" (قانون الصحافة الجديد) المنشور بالجريدة الرسمية في 2 نوفمبر 2011.

صورة من: DW

الخضراوي لفت إلى أن قانون الصحافة الجديد "دخل حيّز التنفيذ (القانوني) منذ تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، مثلما نص على ذلك الفصل 80 من المرسوم 115، وألغى جميع النصوص القانونية الأخرى التي تتعارض معه مثلما نص على ذلك الفصل 79 من المرسوم" مضيفا أن "الفصل 13 من المرسوم 115 يمنع مساءلة أي صحفي بسبب عمله إلا إذا ثبت إخلاله بالأحكام الواردة بهذا المرسوم دون غيره".

ولاحظ أن قانون الصحافة الجديد "يوفر عدة ضمانات للصحافيين أمام القضاء لذلك لا تعتمده السلطات القضائية وتتعمد استخدام قوانين فترة الاستبداد التي تجد فيها ما يشفي غليل الانتقام لترويع الصحافيين وتكميم أفواههم".

رضا جنيّح أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، وأحد المشاركين في صياغة المرسوم 115 قال إن القضاء التونسي "ليس له استقلالية كاملة" وان وزارة العدل "مازالت تعطي التعليمات للنيابة العامة لملاحقة الصحافيين وإيقافهم" وهو أمر نفته الوزارة التي أعلنت يوم 14 سبتمبر 2013 أن "علاقة وزارة العدل بالنّيابة العموميّة تنظّمها أحكام مجلّة الإجراءات الجزائيّة (...) التي لا تخوّل لوزير العدل التدخّل في مسار القضايا المنشورة" لدى المحاكم.

من ناحيتها أعلنت الحكومة (في 14 سبتمبر 2013) أن "استدعاء السلطات القضائية لبعض الصحفيين للمثول أمامها كسائر المواطنين لمساءلتهم.. هو شأن قضائي لا دخل للحكومة فيه" قائلة إنها "تعمل على تكريس وتعميق حرية التعبير والصحافة باعتبارها عماد الديمقراطية، وهذا ما يؤكّده واقع السقف العالي للحريات عموما ولحريّة التعبير في بلادنا بوجه خاص".

"ضعف أدوات التأطير المهني"

كثيرا ما يطعن مسؤولون في الحكومة أو في حزب النهضة في "مهنية" بعض وسائل الإعلام التونسي ويتهمونه بالقيام بدور المعارض للسلطة الحاكمة.

الصحافي فاهم بوكدوس منسق وحدة رصد الانتهاكات في حق الإعلاميين في "مركز تونس لحرية الصحافة" (مستقل)صورة من: DW

وبداية سبتمبر الحالي نشرت ''المجموعة العربيّة لرصد الإعلام'' (شبكة منظمات عربية غير حكومية) دراسة بعنوان "رصد خطابات الحقد والكراهية في وسائل الإعلام التونسية" أظهرت نتائجها أن "خطابات الحقد والكراهية تحولت إلى ظاهرة إعلامية" في تونس بسبب "غياب التأطير المهني" و"ضعف أدوات الضبط المهني" و"ضغط أنواع العنف التي أصبح الصحفيون هدفا لها".

الدراسة أوصت بـ"تشكيل مجلس لأخلاقيات مهنة الصحافة تكون له سلطة معنوية في التنديد بكل خطابات الحقد والكراهية".

الصحافي فاهم بوكدوس منسق وحدة رصد الانتهاكات في حق الإعلاميين في "مركز تونس لحرية الصحافة" (مستقل) قال لـ DW عربية "صحيح أن التعاطي مع الخبر في أغلب المؤسسات الإعلامية لا يخلو من هنات وأخطاء وسقطات، كما لا تخلو البرامج السياسية من بعض التحيز والتوجيه والتسييس، ولكن هذا الأمر يمكن تفهمه نظرا لعمق إرث الدعاية السياسية في إعلام العقود الماضية، ولحدّة التدخل السياسي والمالي في عمل الإعلام ما بعد الثورة" لافتا إلى أن "المهنية لا توهب مرة واحدة وإنما هي مسار يتأثر بمجمل المسارات السياسية والاجتماعية، ويرتبط بالبيئة القانونية والإدارية والهيكلية للقطاع الإعلامي".

وأضاف بوكدوس أن "السلطة تتحمل مسؤولية عرقلة الجهود التعديلية للهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري" (هايكا) بسبب تباطئها في تفعيل المرسوم (القانون) 116 (المحدث للهايكا والصادر في 2 نوفمبر 2011) وعدم منحها الهيئة الإمكانيات اللوجستية الضرورية والصلاحية التقريرية الكافية للتصدي لانتهاك أخلاقيات المهنة".

هشام السنوسي العضو في "الهايكا" الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري.صورة من: DW

ومن جهته دعا وزير العدل نذير بن عمو (مستقل) الى وضع مواثيق أخلاقية للمهنة الصحفية. وقال لـ DW عربية "يجب على الصحافيين الاتفاق على مواثيق أخلاقية يحددون فيها الحدود (الاخلاقية) الدنيا التي لا يجب تجاوزها وهذا أكبر ضامن ليتواصل عملهم في كنف الحرية". وأضاف "ينجرّ عن تجاوز الحدود (الاخلاقية) الدنيا عقوبات (تأديبية) داخل الجسم الصحفي وليس (عقوبات) قانونية".

أما هشام السنوسي العضو في "الهايكا" فيتساءل قائلا "ما الفائدة من تكوين صحافي وتعليمه أخلاقيات المهنة ثم وضعه في مؤسسة إعلامية تشتغل بنفس الطريقة الموروثة من عهد (الرئيس المخلوع) زين العابدين بن علي فالعملية تصبح عبثية".

ويضيف السنوسي أن "المؤسسات الإعلامية العمومية في تونس ليس فيها حوكمة(حسن تسيير) داخلية وتقييم ذاتي وأبجديات العمل الصحفي مثل اجتماعات مجالس التحرير وتحديد العلاقة بين التحرير والإدارة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW