1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: طلاب سلفيّون يريدون جامعات بالحجاب ودون اختلاط بين الجنسين

١٢ نوفمبر ٢٠١١

كثّف طلاب محسوبون على تيّارات "سلفيّة" من تحرّكاتهم داخل جامعات تونسيّة مطالبين وبأساليب "عنيفة" أحيانا المدرّسات والطالبات بالتحجّب وبمنع الاختلاط بين الجنسين. وتساؤلات في تونس عن خلفيات حملتهم ضد الحريات في الجامعة.

احدى تظاهرات السلفيين في شوارع تونس الشهر الماضيصورة من: dapd

تصاعدت تحركات النشطاء المحسوبين على جماعات سلفية في الآونة الأخيرة في تونس، وبشكل لافت خلال شهر أكتوبر الماضي الذي أجريت في الثالث والعشرين منه انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي فازت فيها حركة النهضة.وكان نحو 200 متشددا اقتحموا يوم 08 أكتوبر كلّيّة الآداب والعلوم السياسية بمدينة سوسة (150كيلومترا جنوب العاصمة تونس)واعتدوا بالعنف الشّديد على الكاتب العام للكليّة "نصرة"لطالبة منقبة رفض الكاتب العام(أمين عام)للكلية تسجيلها.وفي وقت لاحق دعا طلاب وطالبات في "كلّية الشريعة وأصول الدين"أساتذة اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية إلى ارتداء الحجاب وقاطعوا دروسهنّ وذهب بعضهم إلى منعهنّ من تقديم الدّروس ما لم يتحجّبن.

وفي المدرسة العليا للتجارة بمحافظة منّوبة (شمال شرق)استقبل طلاب أستاذة كانت ترتدي لباسا قصيرا بالصراخ والصياح والشتم وهددوها بالعنف إن عاودت ارتداء هذا اللباس "غير المحتشم". وللأسباب ذاتها وفي نفس المدرسة اعتدى طلاب بالعنف على أستاذة أخرى أمام مقر المدرسة كما اعتدت طالبة بالعنف على زميلة لها بعد أن عبّرت عن تعاطفها مع الأستاذتين المعتدى عليهما.

أما في محافظة قابس (جنوب البلاد)فقد منع طلاب متشددون مستخدمين القوة اختلاط الجنسين داخل المطعم الجامعي في كلية العلوم، وخصصوا جناحا للذكور وآخر للإناث داخل المطعم مبرّرين ذلك بالتصدي لمظاهر "الانحلال الأخلاقي"بالجامعات التونسية.وقالت مصادر طلابية لدويتشه فيله إن طلابا "متشددين"شرعوا في الدعوة إلى "الجهاد"بعدد من جامعات البلاد وفي التضييق على الطالبات والأساتذة لحلمهن على ارتداء الحجاب.

ردود فعل واسعة من قبل المجتمع المدني

الشرطة في تونس تفرق مظاهرة نظمها سلفيون شهر اكتوبر/تشرين أول الماضي ضد عرض فيلم يجسد النبي محمدصورة من: dapd

نقابة التعليم العالي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركيو نقابية في تونس.ندّدت في بيان (أصدرته يوم 31أكتوبر 2011)بـ"تتالي الاعتداءات على الحريات الفردية بالجامعة التونسية قبل وبعد انتخابات 23أكتوبر/تشرين أول ".وطالبت "السلطات بالتصدّي لهذه الظواهر المرضيّة وبحماية الجامعيّين والجامعيّات وتطبيق القانون وإحالة كل من ثبت تورطه في مثل هذه الممارسات على مجلس التأديب بل وعلى القضاء إن لزم الأمر ذلك".ودعت أيضا إلى "عقد اجتماعات بكافة المؤسسات الجامعية (...)لتدارس الأشكال النضالية الملائمة التي تستوجبها مثل هذه الانتهاكات والاعتداءات السافرة على زميلاتنا".وقد نفذ أساتذة جامعيون وقفات احتجاجية وإضرابات "جزئيّة"عن العمل بعدد من جامعات البلاد "تضامنا"مع الأساتذة اللاتي تعرضن للعنف.

ومن جهته طالب "منتدى الجامعيين التونسيين" (منظمة غير حكومية) بتتبع "مرتكبي أعمال العنف تأديبيا وجزائيا وتحييد الفضاء الجامعي عن الصراعات الإيديولوجية". كما دعا الحكومة إلى "إصدار قرار يحجر استعمال العنف داخل الجامعات باعتبارها فضاء للعلم والبحث بعيدا عن أي إيديولوجيا".

ويوم 02نوفمبر/تشرين الثاني تظاهرت مئات من النساء أمام مقر الحكومة، في ساحة القصبة وسط العاصمة تونس، للمطالبة بالتنصيص ضمن دستور تونس الجديد على صيانة المكاسب الحداثية التي تحققت للمرأة التونسية منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956 وحمايتها من خطر المتشددين.

حركة النهضة تنأى بنفسها عن العنف

وربط مراقبون بين الأحداث التي شهدتها الجامعات التونسية مؤخرا وبين فوز "حركة النهضة"الإسلامية بغالبية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي في الانتخابات التي أجريت يوم 23أكتوبر/تشرين أول 2011.

ويقول الهاشمي الطرودي الكاتب الصحافي بجريدة "المغرب"التونسية اليومية:"لقد تفاقمت هذه الأحداث وهي بصدد التوسع والتنوع عقب انتصار حركة النهضة، حيث يبدو أن المجموعات القليلة العدد والتي تنسب للتيار السلفي، رأت في هذا الانتصار الخطوة الأولى في مسار بناء دولة الإسلام".

وبحسب الطرودي، فإن هذه المجموعات أصبحت "تشعر"بعد فوز حركة النهضة في الانتخابات "بأنّ ظهرها بات محميا وأن الطريق باتت سالكة (أمامها)لتطبيق الفهم الوهابي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".وأضاف أن هذه المجموعات ترى أن "الوقت قد حان للشروع في تطبيق رؤاها وأحكامها على المجتمع التونسي والسعي عبر الضغوط والإكراه والعنف إن اقتضى الأمر إلى تغيير نمط عيش التونسيين ومصادرة حرياتهم الفردية والعامة".

الهاشمي الطرودي يرى أن حركة النهضة باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى "بالتبرؤ من التيار السلفي وإدانة تصرفاته بصفة علنية ودون لبس أو مراوغة" ودعاها إلى أن "تنخرط ضمن القوى التي تتدارس الأشكال الملائمة للتصدي له ولمحاسبته عن أفعاله سياسيا وقضائيا". كما دعا الكاتب الصحفي الدولة إلى "وضع الخطط الكفيلة بمحاصرة هذا التيار الذي يكفر بدولة القانون والمؤسسات ويضع نفسه وبكل طواعية تحت طائلة القانون".

ومن جهتها نأت حركة النهضة بنفسها عن هذه الاتهامات على لسان نور الدين البحيري عضو المكتب السياسي للنهضة والناطق الرسمي باسمها الذي عبّر في تصريح صحافي عن "رفض الحركة المطلق"للممارسات التي تم تسجيلها في الجامعات التونسية ودعا إلى "الابتعاد عن العنف".وذكر إن الحركة "تلتزم بحماية الحريات الشخصية ومكتسبات المجتمع الحداثي"وأنها "ستسعى إلى تطبيق القانون مع الاستئناس بالحوار".وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة لدويتشه فيله إن الحركة تتحاور مع السلفيين لإقناعهم بقبول الاختلاف والتعدّدية والابتعاد عن العنف.

"طابور خامس"

ناشطات تونسيات يتظاهرن بعد الثورة التونسية من أجل حماية مكتسبات المرأةصورة من: DW/S.Mersch

في المقابل استبعد شكري بن عمارة الأستاذ الجامعي بكلية العلوم الاقتصادية بتونس قال وجود "غرفة عمليات" تنسّق تحركات المتشددين داخل الجامعات التونسية. ولفت في تصريح صحافي إلى أن المتشددين خرجوا من عقالهم بعد أن باتوا يشعرون بأنهم "أصحاب القرار" الجدد في البلاد إثر الإطاحة ببن علي.

وقلل الطالب أحمد (25عاما)من أهمية تحركات السلفيين ومن تأثيرهم داخل الجامعات التونسية.وقال الطالب لدويتشه فيله إن "عددهم صغير جدا إذ لا يتجاوزون بضعة مئات في كل الجامعات التونسية التي يؤمها نحو 400ألف طالب وطالبة"مضيفا أن "الأفكار القديمة التي يدعون إليها وطرق لباسهم جعلتهم محلّ تندّر وسخرية أغلب الطلاب".ولم يستبعد زميله هشام أن يكون السلفيون مرتبطين ببقايا فلول نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذين قال إنهم "يحركون السلفيين لتشويه إسلاميي حركة النهضة وبث البلبلة في الجامعات التونسية".

واعتبرت الطالبة منال أن قرار الحكومة إلغاء جهاز البوليس الجامعي (بعد الإطاحة ببن علي) "لم يكن صائبا بالمرة إذ أصبحت الجامعة مرتعا للغرباء والبلطجية الذين يأتون إما لمعاكسة الطالبات أو لبث البلبلة" داعية إلى "إعادة جهاز البوليس الجامعي وتأمين محيط الجامعات". وقالت لدويتشه فيله إن "الخوف من بطش المتعصبين دفع عددا من زميلاتها إلى التحجب لاتقاء شرهم". بينما يخشى حقوقيون في تونس أن يكون الدفع بالعناصر السلفية لإحداث الفوضى، ذريعة لإعادة جهاز البوليس الجامعي، الذي إلغاؤه إثر الثورة، بسبب تورطه التجسس وقمع حريات الطلبة وأنشطتهم.

منير السويسي - تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW