تونس ـ الحكم بسجن ناشطين بتهمة تسهيل الهجرة غير النظامية
خالد سلامة أ ف ب، د ب أ، أ ب
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٥
خلال جلسات المحكمة، انتقدت منظمة حقوقية دولية محاكمات نشطاء في تونس بتهمة المساعدة على إيواء مهاجرين عبر نظاميين واستقرارهم بتونس. وقد صدر الحُكم على ناشطَين إثنين، أحدهما تونسي-سويسري، بالسجن لمدة عامين.
في شباط/فبراير 2023، انتقد الرئيس قيس سعيّد في خطاب وصول "جحافل من المهاجرين غير النظاميين" من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معتبراً أنهم يهددون "التركيبة الديموغرافية" لتونس. وإثر ذلك، تم طرد عشرات المهاجرين من المدن الكبرى (أرشيف)صورة من: Basil Wegener/dpa/picture alliance
إعلان
حُكم على ناشطَين في المجال الإنساني، أحدهما تونسي-سويسري، بالحبس لمدة عامين لإدانتهما بتسهيل دخول مهاجرين غير نظاميين، على أن "يُطلق سراحهما مساء" اليوم لقضائهما نحو 20 شهرا في السجن، وفق ما أفادت محاميتهما الإثنين وكالة فرانس برس.
والمحكومان هما مؤسس "المجلس التونسي للاجئين" مصطفى الجمالي، وهو تونسي-سويسري يبلغ 81 عاما، ومدير المشاريع لدى المنظمة عبد الرزاق الكريمي. واعتُقل كلاهما قبل أكثر من عام ونصف عام، وبدأت محاكمتهما مع ثلاثة ناشطين آخرين في 16 تشرين الأول/أكتوبر بتهم بينها "إيواء" مهاجرين و"تسهيل الدخول غير القانوني" إلى تونس.
وقالت المحامية منيرة العياري، وكيلة الدفاع عن الجمالي والكريمي إن المحكمة قرّرت وقف الملاحقات القضائية بحق المتّهمين الثلاثة الآخرين في القضية والذين مثلوا غير موقوفين.
وقالت ابنة مؤسس "المجلس التونسي للاجئين" يسرا الجمالي في تصريح لوكالة فرانس برس "نحن سعداء للغاية"، معربة عن ارتياحها للحكم الصادر. وتابعت "ما زال أمامه نحو أربعة أشهر (من الحبس) مع وقف التنفيذ، ولكن الأهم هو أنه سيخرج من السجن هذا المساء".
"هيومن رايتس ووتش" تندد بالمحاكمة
وقبل صدور الحكم اليوم الاثنين (24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد دعت إلى إسقاط التهم عن العاملين في مجال الإغاثة ، منددة بتحرّك اعتبرت أنه يندرج في إطار حملة أوسع تستهدف المنظمات غير الحكومية. ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات إلى "إسقاط التهم التي لا أساس لها، وإطلاق سراح الموظفين المحتجزين، والتوقف عن تجريم العمل المشروع للمنظمات المستقلة".
المهاجرون الأفارقة في تونس
05:19
This browser does not support the video element.
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "هيومن رايتس ووتش" بسام خواجا: "قام المجلس التونسي للاجئين بعمل أساسي في مجال الحماية لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء، وعمل بشكل قانوني مع منظمات دولية معتمدة في تونس". وأضاف أن "استهداف منظمة بإجراءات قانونية تعسفية يُجرم العمل الإنساني الضروري ويحرم طالبي اللجوء من الدعم الذي هم في أشدّ الحاجة إليه".
كما ودانت مجموعات حقوقية تونسية أيضاً المحاكمة، قائلة إنها تُجرّم مساعدة اللاجئين والمهاجرين، فيما شدد محامون على أن المجلس التونسي للاجئين عمل بشكل قانوني لمساعدة طالبي اللجوء.
إعلان
المتهمون ينفون التهم المنسوبة لهم
ونفى المتهمون التهم المنسوبة إليهم، وقال الجمالي وهو مسؤول سابق في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمام المحكمة "نتعامل مع طالبي اللجوء وليس لنا علاقة بالمهاجرين غير الشرعيين". وتابع "السلطات الجهوية تطلب منا مساعدتها في إيواء المهاجرين الذين يقوم الحرس البحري بانقاذهم في البحر"، وأضاف "نحن كمجلس وبإشراف المفوضية نقوم بايوائهم".
وتساءل عن سبب محاكمته قائلا "أعمل في مجال المساعدة الإنسانية منذ أكثر من أربعين عاما. لماذا أنا هنا؟".
كذلك تساءل الكريمي "لماذا نحن موقوفون منذ 20 شهرا؟"، وقال "نقدم المساعدة الى الحالات الهشة، الى الأطفال والنساء ضحايا العنف الجنسي وكبار السن".
وتابع "عملنا بدافع وطني وأشعر كأنني مهاجر في بلدي"، وأضاف "كنا نقوم بالتنسيق مع السلطات من وزارة الخارجية والمرأة والشؤون الاجتماعية في تقديم المساعدات".
وتعد مسألة الهجرة قضية حساسة للغاية في تونس التي تعد نقطة عبور لعشرات آلاف الأشخاص الساعين للوصول إلى أوروبا كل عام.
وتم توقيف المتّهمين في أيار/مايو 2024 إلى جانب نحو عشرة ناشطين في المجال الإنساني، من بينهم أعضاء في جمعية "أرض اللجوء" الفرنسية ومنظمة "منامتي" المناهضة للعنصرية، لا يزالون بانتظار محاكمتهم.
وفي شباط/فبراير 2023، انتقد الرئيس قيس سعيّد في خطاب وصول "جحافل من المهاجرين غير النظاميين" من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معتبراً أنهم يهددون "التركيبة الديموغرافية" لتونس. وإثر ذلك، تم طرد عشرات المهاجرين من المدن الكبرى.
تحرير: عبده جميل المخلافي
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.