تونس والمغرب في مواجهة تفريخ التطرف ومخاطره على أوروبا
٢٩ أغسطس ٢٠١٧
تسير تونس في طريقها الصعب نحو الديمقراطية، وهي مقارنة بعدد سكانها تصدر الكثير من المتطرفين. والمغرب الذي لم يسجل منذ سنوات عملاً إرهابياً، له مواطنون بين المشتبهين بعمليات إرهابية في أوروبا. فمن أين يأتي هذا التطرف؟
إعلان
يعمل رضا الرداوي محامياً وساهم في تقييم ملفات نحو ألف من المشتبه بهم بالإرهاب في تونس وتوصل إلى نتيجة أن "أكثر من ثلاثة أرباع مجموعهم أصغر من 34 عاماً، وهذا جيل جديد لم يتأثر بضغط الدكتاتورية، وهو جيل متعلم، إذ أن 40 في المائة منهم ترددوا على دروس في الجامعة".
العديد من أولئك الشباب متعلمون ولهم تكوين جيد. وحوالي 70 في المائة من مجموع المشتبه بهم بالإرهاب التونسيين الذين تمت دراسة ملفاتهم، قضوا فترات في معسكرات تدريب في الخارج. بعضهم انتقل من أوساط المجرمين الصغار إلى القتال لدوافع دينية. لكن لا يوجد صنف موحد أو طريق واحد في اتجاه التطرف، إذ توجد العديد من الدوافع والأسباب.
انعدام الاستراتيجيات الوقائية
المحامي الرداوي وزملاؤه لاحظوا أن سجون البلاد تحولت إلى أماكن تفريخ حقيقية للراديكالية في البلاد. ويشتكي الرداوي من أن الحكومات التونسية المتعاقبة منذ ست سنوات بعد الثورة لم تبلور مخططاً لمكافحة التطرف: "السلطات مطالبة بتطوير مشروع لمكافحة الراديكالية، وهذا لم يحصل إلى يومنا هذا". أما الاستراتيجيات الوقائية فهي منعدمة، ولا يمكن تطويرها ببساطة عندما لا تتم دراسة الظاهرة بشكل كاف وفهمها.
في المغرب يمكن لأناس مثل أبو حفص تقديم المساعدة. هذا الرجل كان مشهوراً كخطيب شاب سلفي له مواقف راديكالية. وبعدما قضى تسع سنوات في السجن أخذ اسمه الحقيقي وهو محمد رفيقي الذي يحكي كيف أصبح متطرفاً دينياً: فوالده كان متديناً ومحافظاً، ويميل للسيطرة وأصدقاؤه كذلك. وتلقى محمد رفيقي تكوينه جزئياً في المملكة السعودية. "تلقنت بأن هناك تفسيراً واحدا لتعاليم الدين، ولم أعلم قبلها أن هناك تفسيرات إضافية، وهذا ما تعلمته لاحقاً، وكان بمثابة صدمة"، يقول رفيقي.
إلى حين حدوث تلك الصدمة كان رفيقي يلقي الخطب في المغرب ويرحب باعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 كـ"عقوبة عادلة للكفار".
ودخل المذهب الوهابية في السبعينات والثمانينات إلى المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يريد التصدي للمد اليساري القوي الذي كان يضع علامات استفهام أمام وجود الملكية في البلاد. أحمد عصيد، خبير الشأن الديني في المعهد الملكي بالرباط، يصف الوضع بالقول: "كان الهدف المراد من إدخال الوهابية هو نشر الهدوء، لأن الوهابية تقوم على فكرة أن الحاكم يعرف ما يليق بالمسلمين وأن كل شخص مطالب بقبول ذلك. والانتفاضة ضد الحاكم هي بمثابة جريمة في تصور الوهابية".
رقابة على الوعاظ وأئمة المساجد
وتجذر التفسير المحافظ لتعاليم الإسلام في المغرب في المدارس والجامعات، وباتت البلاد تخضع لتيار محافظ وأحياناً راديكالي. ولجأ سلفيون إلى تحريض شباب يعيشون في هامش المجتمع على ممارسة العنف باسم الدين. وفي 2003 قتل 12 شاباً من الأحياء الفقيرة في الدار البيضاء 40 شخصاً، ما شكل صدمة أيقظت انتباه السلطات في البلاد التي تحاول منذ ذلك الحين التصدي لهذا التطور بفرض رقابة على الوعاظ والأئمة في المساجد وإدخال بعض التحسينات السطحية على المرافق العامة في الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى.
وفي 2015 تم إنشاء "مركز التحقيقات القضائية" التي تُعد مركزاً لمكافحة الإرهاب. ويقول رئيس هذه المصلحة عبد الحق خيام إنه منذ تأسيس هذا المركز تم الكشف عن 46 خلية إرهابية في المغرب والقضاء عليها.
ويشير خيام إلى أن 1664 من المغاربة التحقوا بمختلف التنظيمات المتطرفة في الخارج، وغالبيتهم في صفوف تنظيم "داعش". ويضيف خيام: "يجب مكافحة أسباب الراديكالية، وهنا يجب على العائلات والمدرسة والمجتمع المدني أن يلعبوا دورهم، لأنها تحدي مشترك".
ولكن لماذا يصبح شخص ما راديكالياً؟ الدراسة أوضحت في تونس أن هناك أسباباً مختلفة. ويمكن افتراض أن ذلك ينطبق أيضاً على المغرب. السلفي السابق محمد رفيقي قضى تسع سنوات في السجن، وهو يعرف على الأقل نموذج تفكير الراديكاليين الذين يبحثون عن مجندين.
ينس بورشيرس/ م.أ.م
السلفيون في ألمانيا... أنشطة مختلفة والهدف واحد
يبدو المشهد السلفي في ألمانيا في صور مختلفة، فهو يضم العديد من المتطرفين المستعدين للقيام بأعمال عنف. كما يستغل هؤلاء كل فرصة لنشر مواقفهم المتشددة، من خلال القيام بأنشطة أو تظاهرات لجذب الشباب للتنظيمات المتطرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
استغلال المساجد لأهداف إيديولوجية
تقدر السلطات الأمنية عدد السلفيين المتشددين في ألمانيا بنحو 6500 ولكن ليسو جميعا مستعدين لاستخدام العنف. ويستغل هؤلاء المساجد لجذب الشبان ونشر التطرف بين المسلمين مثل مسجد النور في برلين الذي قامت السلطات الأمنية بإغلاقه، حيث كان يعتبر معقلا لسلفيين متشددين حسب هيئة حماية الدستور.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
توزيع القرآن بالمجان
بغرض نشر دعايتهم والتواصل مع الراي العام يستغل سلفيون حملة توزيع القرآن بالمجان في العديد من المدن الألمانية، أطلقوا عليها اسم "إقرأ"!
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
صلاة وسط شارع عمومي
يحاول السلفيون استغلال كل فرصة ومكان لنشر فكرهم واكتساب المزيد من المؤيدين. في الصورة مجموعة من السلفيين الذي تجمعوا في شارع قرب أكاديمية الملك فهد بمدينة بون لأداء الصلاة. تم ذلك بالقرب من تجمع لحزب "Pro NRW" اليميني المناهض للمهاجرين والإسلام، والذي اعتبر ذلك استفزازا له فحصل اشتباك بين أنصاره والمصلين في الشارع.
صورة من: dapd
"شرطة الشريعة"
عام 2015 قام سلفيون بدوريات عبر شوارع مدينة فوبرتال في ولاية شمال الراين فيستفاليا وكأنهم أفراد شرطة لحماية الشريعة، وتسبب ذلك في استياء عام على مستوى ألمانيا بأكملها.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان
هناك بين السلفيين جهاديون يتعاونون مع تنظيمات إرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث يجندون الشباب في ألمانيا لخدمة تلك التنظيمات. ومن ابرز هؤلاء أبو ولاء العراقي الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 . وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، بأنه يشكل "الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية".
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
استعداد للقيام بأعمال عنف
ينظم السلفيون مظاهرات لحشد مؤيديهم واستعراض قوتهم. أثناء تلك المظاهرات غالبا ما تقع اشتباكات بينهم وبين الشرطة التي تحاول تفريقهم، بسبب ما يقومون به من أعمال عنف وتخريب.
صورة من: picture-alliance/dpa
جماعات مناهضة للسلفيين
مقابل السلفيين المتشددين هناك جماعات يمينية متطرفة مناهضة مثل مجموعات "هوليغانز ضد السلفيين" التي تنظم مظاهرات رافضة للسلفيين. وأحيانا تحدث اشتباكات بينهم وبين السلفيين، كما حصل في إحدى المظاهرات بمدينة كولونيا في تشرين الأول/ اكتوبر، شارك فيها الآلاف.
صورة من: picture-alliance/dpa/Roberto Pfeil
مشاركة نسائية في التحركات السلفية
المشهد السلفي لا يقتصر على الرجال فقط، بل إن هناك نساء منهم يشاركن في النشاطات والتجمعات السلفية، كما في الصورة خلال تجمع لأحد أبرز زعماء السلفيين في ألمانيا بيير فوغل بمدينة أوفينباخ عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
مداهمة مقرات السلفيين وجمعياتهم
تقوم الشرطة بين الحين والآخر بمداهمة مساجد ومقرات جميعات سلفية وبيوت مسؤوليها وتعتقل المطلوبين منهم، كما تُغلق المكاتب والمقرات التي تعود إلى تلك الجمعيات التي يشتبه قيامها بنشاطات غير قانونية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Gossmann
حظر جميعة سلفية متشددة
يسعى السلفيون من خلال نشاطاتهم إلى نشر الفكر الإسلامي المتشدد وتقديم "الإسلام على أنه دين العنف والكراهية والزواج القسري والإرهاب"، كما جاء في أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت للجمعية السلفية "الدين الحق" التي تم حظرها من قبل السلطات الألمانية واعتُقل أحد مؤسسيها وأبرز وجوهها ابراهيم أبو ناجي.
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress/R. Harde
محاكمة مشتبه به
من يلجأ إلى العنف من بين السلفيين يقبض عليهم وتتم محاكمته مع حفظ حقه في محاكمة عادلة بوجود محامي الدفاع. في الصورة: السلفي مراد ك. بجانب المحامي أثناء جلسة المحاكمة في بون بتهمة الإيذاء الجسدي ومقاومة موظف عام أثناء القيام بمهامه.