"تيك توك" يلجأ للقضاء.. و"انستغرام" يتخوّف من مصير مماثل
١٩ سبتمبر ٢٠٢٠
طلبت إدارة تطبيق "تيك توك" من قاض أمريكي منع إدارة الرئيس ترامب من فرض الحظر عليها في الولايات المتحدة، في وقت ارتفعت فيه أصوات ضد القرار، منها حتى صوت تطبيق "إنستغرام" الأمريكي الذي يتخوّف أن يعامل بالمثل خارج البلد.
إعلان
تقدم تطبيق "تيك توك" وشركة "بايت دانس" المحدودة المالكة له بشكوى لمحكمة اتحادية في واشنطن ضد خطوات إدارة ترامب لحظر التطبيق، وفق ما أظهرته وثائق قضائية قدمتها إدارة التطبيق الذي يعمل كوسيلة تواصل اجتماعي مختصة في نشر الفيديوهات القصيرة.
وأشارت الشكوى إلى أن الحظر "دوافعه سياسية"، وأنه "يعد انتهاكا لحقوق الشركة بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي"، كما أنه "سيدمر أعمال تيك توك في الولايات المتحدة على نحو لا رجعة فيه".
وكانت وزارة التجارة الأمريكية قد أعلنت أمس الجمعة (18 أيلول/ سبتمبر 2020) أن حظر تنزيل تطبيقي "وي تشات" و"تيك توك" المملوكين لصينيين سيبدأ في 20 سبتمبر/ أيلول أي غدا الأحد. وبرّرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحظر بمخاوف تتعلق بالأمن القومي وقالت إن التطبيقين يمكن أن يكونا تحت "تعاون إلزامي مع أجهزة المخابرات" الصينية.
وقالت واشنطن إن وظائف "وي تشات" ستتأثر فورا بعد سريان الحظر، على الرغم من أن بعض الخدمات قد تستمر في العمل. ومن المتوقع أن يعمل "تيك توك" حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو الموعد النهائي المحدد بموجب أمر تنفيذي أصدره ترامب، لكن لن يتمكن المستخدمون بدد من الـ 20 من هذا الشهر تنزيل تحديثات لتطبيق الفيديو.
وتزيد هذه الخطوة من الضغط على شركة "بايتدانس" التي تملك "تيك توك" لإبرام صفقة مع شريك أمريكي لطمأنة مخاوف واشنطن بشأن أمن البيانات، إذ تجري شركة أوراكل العملاقة الأمريكية للتكنولوجيا في "سيليكون فالي" محادثات لشراء جزء من المجموعة لوضع "تيك توك" تحت السيطرة الأمريكية.
غير أن دعوى "تيك توك" قد لا تجد نهاية سعيدة لها، وقال روبرت تشيسني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة تكساس، إن الدعاوى القضائية تواجه معركة شاقة وأن المحاكم سمحت عموما للرؤساء بممارسة سلطات الطوارئ لفرض حظر في السابق.
وقال تشيسني إن هناك "عنصر على صلة بالتعديل الأول للدستور" في الدعاوى القضائية، لكن الحظر المتعلق بالمعاملات التجارية لشركات التكنولوجيا لا يزال خاضعا لمراجعة الأمن القومي.
قلق على حرية التعبير
من جهة أخرى، أعرب آدم موسيري، رئيس تطبيق إنستغرام الذي تملكه فيسبوك عن مخاوف مماثلة. وغرد قائلاً "إن حظر تيك توك في أمريكا سيكون سيئا للغاية على إنستغرام وفيسبوك والإنترنت عموماً".
وأضاف موسيري أن "معظم مستخدمي إنستغرام هم من خارج الولايات المتحدة، كما هي الحال بالنسبة لمعظم نموّنا المحتمل. والتكاليف على المدى الطويل... عندما تفرض الدول مطالب صارمة وتحظرنا على مدار العقد المقبل تفوق إبطاء منافس واحد اليوم".
ويشكل الحظر الأمريكي على التطبيقين الصينيين تحديا قانونيا أساسياً لحرية التعبير الرقمي قد تكون له تداعيات مهمة على نظام الانترنت على المستوى العالمي. ويرى معارضو الخطوة أن المخاطر الأمنية غير واضحة، وأن الحظر الشامل لمنصات شعبية على الإنترنت يثير مخاوف بشأن فرض قيود تنظيمية على حرية التعبير.
وقال جميل جافر، مدير معهد نايت فيرست أمندمنت في جامعة كولومبيا "من الخطأ التفكير في هذا كعقوبة (فقط) تستهدف "تيك توك" و"وي تشات". إنه تقييد خطير للحقوق التي يمنحها التعديل الأول للدستور للمواطنين والمقيمين في الولايات المتحدة".
وقال داريل ويست، مدير مركز الابتكار التكنولوجي في معهد بروكينغز "من المرجح أن يؤدي قرار ترامب إلى مزيد من الانقسام على الإنترنت. سيشجع الدول الأخرى على الانتقام من الشركات الأمريكية وإثارة مخاوفها الأمنية ضد الشركات الأجنبية. وقد تكون النتيجة عدة شبكات انترنت داخلية مختلفة على أساس بلد المنشأ".
إ.ع/ع.ج ( أ ف ب، رويترز)
فيسبوك - من أيادي الطلبة إلى أداة للأنظمة
جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/J. Arriens
البداية من هارفارد
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.
صورة من: Reuters/B. Snyder
إقبال متزايد
كان لـ"فيسبوك" قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على "فيسبوك" أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).
صورة من: Reuters/D. Ruvic
كوكب مواز
اختراق "فيسبوك" للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه "الكوكب الموازي".
صورة من: picture-alliance/dpa/J.W.Alker
"استحواذ" وشراكات
استطاع "فيسبوك" أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من "الاستحواذ" على برامج أخرى. وتعتبر شركة "مايكروسوفت" من بين الذين قدموا عرضاً لشراء "فيسبوك" عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم "فيسبوك". أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق "إنستغرام" أولها عام 2012، تلاها "واتساب" عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Becker
"نافذة للرقابة والقمع"
اعترفت بعض المحاكم بـ"فيسبوك" منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى "لم يرق" لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع "فيسبوك" "للتحريض" ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.
صورة من: picture-alliance/empics/D. Lipinski
أفيون الثورات؟
شكل "فيسبوك" مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من "فيسبوك"، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه "ثورة 2.0". لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Deghati
منصة للجيوش الإلكترونية
خلق "فيسبوك" أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، الذي ظهر إبان الثورة السورية (2011-2012) واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لنظام الأسد أو اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ"فيسبوك" بإغلاق حسابات لمعارضين.
صورة من: Vernon Manlapaz
انتقادات متكررة!
"انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز..." كلها انتقادات وجهت لـ"فيسبوك". لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: "لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق"، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/R. Khan
دعاوى قضائية متعددة
رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد "فيسبوك"، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة "كونكت يو" مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Reinhardt
"إخفاق كارثي"
مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت "فيسبوك" محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس "فيسبوك" إلى تقديم تفسير بخصوص "إخفاق شركته الكارثي" في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة. إعداد: مريم مرغيش