ما تزال ثقافة التدوين والمدوّنات الالكترونية في ألمانيا محدودة مقارنة بأمريكا الشمالية وبآسيا. ولمناقشة أبعاد هذا الموضوع نُظّم مؤتمر في برلين بداية هذا الأسبوع، أطلق عليه "ري:بوبلكا"، شارك فيه مدونون من كافّة أنحاء ألمانيا. وعلى مدى ثلاثة أيام ناقش أكثر من ألف مشارك كيفية نشر ثقافة التدوين وتطوير المدوّنات الالكترونية. بيد أنه طغى على المؤتمر جوّ مليء بالنقد الذاتي، ذلك أن حركة التدوين في ألمانيا تعدّ، مقارنة بعدد من دول العالم، ضعيفة جدّا رغم التطور التكنولوجي الذي تتمتّع به البلاد.

الألمان يفضلون التعليق بدل الكتابة

في هذا الإطار قدّم جون كلي، خبير أمريكي في علوم الإعلام ولانترنيت، دراسة حول المدوّنات الالكترونية في العالم تتضمّن المواضيع التي يتطرّق إليها المدوّنون وكيفية تقديمهم لها وشبكات الاتصال فيما بينهم. وأظهرت الدراسة أن أوروبا بصفة عامّة تحتل مراتب متأخرّة فيما يتعلّق بثقافة التدوين مقارنة بآسيا وأمريكا الشمالية. أمّا عن الحركة الضعيفة والبطيئة لثقافة التدوين في ألمانيا، فيقول الخبير الأمريكي إن "للمدوّنين الألمان اتجاه قوي لوسائل الإعلام المحليّة، كما أنهم يركّزون على التعليقات على موضوعات بدلا من إنتاج مضامين جديدة خاصّة بهم." وهو أمر أكّده الصّحفي الألماني شتيفان نيغماير، الذي عُرف في ألمانيا من خلال مدوّنته الاليكترونية حول عالم الإعلام، إذ يقول إن "أهمّية تأثير المُدوّنات الالكترونية، كوسيلة للإعلام، ما تزال محدودة جدا في ألمانيا. كما أن عدد الأشخاص، الذين يطّلعون على المدوّنات الاليكترونية، مازال ضئيلا. بالإضافة إلى قلّة عدد المدوّنات الالكترونية التي تحظى باهتمام أصحاب القرار في ألمانيا."

محدودية ثقافة النقاش السياسي على الانترنيت

هذا، ولفت الصحفي الألماني إلى أن ستة في المائة فقط من مستخدمي الانترنيت يشاركون بمداخلات أو بتقارير خاصّة في المدوّنات الالكترونية، أو يطّلعون عليها بصفة منتظمة. ويعزو نيغماير ذلك إلى اختلاف ثقافة النقاش في ألمانيا عن الثقافة السّائدة في الولايات المتّحدة مثلا، حيث يتعلّم الأمريكيون منذ الصّغر أيضا مناقشة المواقف السياسية، في حين مازالت هذه الثقافة محدودة جدّا في ألمانيا، في رأي المدون الألماني.

من جهته، يرى ماركوس بيكيدال، أحد منظمي مؤتمر "ري:بوليكا" وصاحب مدوّنة الكترونية ذات طابع سياسي، أن الاهتمام في ألمانيا بالقضايا السياسية على شبكة الانترنيت محدود للغاية. وأن غالبية الشبكات الاجتماعية على غرار فيسبوك مثلا لها طابع ترفيهي بالدرجة الأولى. ويضيف بيكيدال أن الألمان غالبا ما يتخوفون من نشر أسمائهم، خوفا من ألاّ يجدوا عملا، إذا ما اطّلع أحد أرباب العمل عمّا كتبوه."

وقد تبيّن من خلال نقاشات المدونين المشاركين في المؤتمر أنه من الصعب عليهم منافسة وسائل الإعلام، ذلك أنهم من جهة لا يمارسون التدوين كمهنة وإنّما كهواية، ومن جهة أخرى يفتقدون إلى الوقت الكافي للقيام بأبحاث مطوّلة أو كتابة تقارير بصفة منتظمة.

الكاتب: زاكرياس زكاراكيس / شمس العياري

المحرر: عبده جميل المخلافي