ثلاثة دروس على يؤاخيم لوف تعلمها من التجربة الهولندية
٢٠ نوفمبر ٢٠١٨
مساء حزين آخر لمشجعي المنتخب الألماني، بعد أن لاح الفوز قريباً حتى الدقيقة 85 من مباراته أمام هولندا. لكن هذا التعادل بطعم الخسارة أمام هولندا يفرض على يؤاخيم لوف الالتفات إلى ثلاثة دروس لابد من الأخذ بها. فما هي؟
إعلان
بعد مشوار شهد خيبات أمل كبيرة هذا العام تطلع مدرب المنتخب الألماني يؤاخيم لوف إلى ختم هذا العام بفوزين على روسيا ودياً وعلى هولندا في إياب دوري الأمم، علها تُنسي مرارة الخروج من مونديال روسيا 2018 وخسارات ثقيلة أخرى. وكاد الحلم يتحقق بفوز المانشافات على روسيا، لكني الفوز على هولندا بقي عصياً على تحقيق الحلم.
بعد هدفي تيمو فيرنر وليروي ساني كانت المباراة تلوح بنهاية إيجابية للمنتخب الألماني، الذي سيطر على المباراة وصنع العديد من الفرص.
لكن على حين غرة، وقُبيل النهاية المؤملة للألمان، عاد الهولنديون بالمباراة، فغابت الثقة عن لاعبي المانشافت، لتصبح نتيجتها التعادل الذي قضى على آمال المانشافات في بطولة دوري الأمم الأوروبية. وفي هذا السياق يحدد المحلل الرياضي لموقع "فوكوس شبورت" الألماني ألكسندر فوغل ثلاثة دروس على المنتخب الألماني تعلمها من المباراة مع الجار الهولندي:
1. لوف وجد ضالته في الهجوم:
يرى المحلل الرياضي فوغل أن المدير الفني للمنتخب الألماني اعتمد مسبقاً في المباراة الودية مع المنتخب الروسي على خط هجوم مكون من تيمو فيرنر وسيرغي غنابري وليروي ساني. وبدا واضحاً أن الخصم الهولندي وجد صعوبة في إيقاف الثلاثي الشاب الذي تسبب في مشكلات عديدة للدفاع الهولندي بفضل سرعتهم الكبيرة خاصة في الشوط الأول.
وبدا التناغم واضحاً بين أضلع هذا المثلث الهجومي الواعد، كما لو كان يلعب بهذه التشكيلة منذ سنوات طويلة. وسجل فيرنر مبكراً هدف ألمانيا الأول، وبعد دقائق قليلة أضاف ساني هدفاً ثانياً طمأن الألمان. كما أن غنابري شكل خطراً متواصلاً على مرمى هولندا.
عن ذلك قال لوف نفسه في تصريحات صحفية: "يتمتع الثلاثي فيرنر وغنابري وساني بالسرعة والانطلاق في العمق ويقدم أداء جيدا. نحن بحاجة إلى تقديم المزيد في الثلث الأخير".
وبالتالي فإن الثلاثي الشاب يشكل بادرة أمل جديدة لمستقبل منتخب ألمانيا بعد عام للنسيان بدأت أولى خيبات أمله بالخروج المبكر من كأس العالم روسيا 2018، وما على لوف إلا الاعتماد على هذا الثلاثي بالشكل الأمثل.
2. المانشافت على خطى بروسيا دورتموند:
ويضيف فوغل أن طريقة لعب المنتخب الألماني تذكر في الوقت الراهن بنادي بروسيا دورتموند، الذي لا يولي الاحتفاظ بالكرة تلك الأهمية الكبيرة على حساب الهجمات المرتدة السريعة المباغتة. وفي مباراته أمام هولندا ترك المنتخب الألماني مساحات واسعة للخصم لبناء هجماته، وأحياناً حتى داخل ملعب المانشافت.
لكن هذه الهجمات كانت تنتهي على أمتار قليلة من منطقة جزاء المنتخب الألماني، الذي كان لاعبوه على مقربة من الكرة وبكثرة عددية للاستحواذ على أغلب الكرات.
ومن ثم، وبسرعة يعطي كروس الكرة لفيرنر وغنابري وساني السريعين بتمريرات ذكية. وهددت الهجمات المرتدة السريعة هذه المرمى الهولندي في أكثر من مناسبة.
تحت قيادة مدربه السويسري لوسيان فافري يلعب دورتموند، متصدر الدوري الألماني، اعتماداً على الفكرة ذاتها. ولكن بفارق واضح: إن أسود ويستفاليا يفوزون في تلك المباريات. وهذه هي الخطوة التي لا بد على يؤاخيم لوف تحقيقها إذا ما أراد الاستمرار في مشواره مع المانشافت في ظل الانتقادات المتزايدة له.
3. تمسك لوف بأبطال كأس العالم 2014:
في هذه المباراة أعاد لوف اعتماده في تشكيلته الأساسية على ماتس هوملس بدلاً عن ماتياس غينتر (بوروسيا مونشنغلادباخ). وتمتع قلب الدفاع في أغلب أوقات المباراة بالثقة التامة. لكن الشوط الثاني أدخل لوف توماس موللر (29 عاماً) البعيد عن مستواه في الوقت الراهن.
وطوال الدقائق الـ25 التي لعبها، لم يقدم بطل كأس العالم 2014 أداء مقنعاً. ولم يُشرك لوف لاعب وسط باير ليفركوزن كاي هافرتس، الذي قدم أداء قوياً في المباراة الودية مع روسيا، وكانت ثاني مباراة دولية له وأول مشاركة له بالتشكيلة الأساسية للمانشافت.
ففي تلك المباراة صنع الهدف الثالث الذي سجله غنابري قبل نهاية الشوط الأول، لدرجة أن لوف نفسه أثنى عليه قائلاً: "أعجبني كاي هافرتس هذا المساء. لقد قدم أداء جيداً وأظهراً وعياً كبيراً وسرعة بديهة في التعامل مع الكثير من المواقف. دائماً ما يفتح زاوية التمرير ويظهر حماساً كبيراً ورغبة في الهجوم". كما لم يشرك لوف يوليان برانت أيضاً.
يبدو أن قرار لوف هذا مرتبط بفكرة متجذرة لديه، إذ سبق له أن قال: "من المهم لنا أن يهتدي اللاعبون الشباب بزملائهم الأكبر سناً". ويبدو أن لوف غير مستعد لكسر هذه القاعدة في ظل عدم رغبته بالتخلي تماماً عن لاعبين ساهموا في تحقيق أكبر أمجاده حين فاز بكأس العالم 2014.
صحيح أن "التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها"، كما قال لوف في تصريحات عقب المباراة، إلا أن التغيير لابد أن يكون جذرياً، فيجب على لوف أن يعي أن ألمانيا لم تحقق سوى أربعة انتصارات فقط في 13 مباراة خاضتها طوال هذا العام. وبلغة الأرقام أيضاً، فإن ذلك يعني أن نسبة فوز المانشافت خلال هذه الفترة لم تبلغ سوى 30 بالمائة، وهي الأسوأ له منذ 1964، كما تكشف شبكة "سكواكا" للإحصائيات.
يواخيم لوف - المدرب الأبدي للمنتخب الألماني
منذ نحو 12 سنة يتولى يواخيم لوف تدريب المنتخب الألماني لكرة القدم. ورغم النتيجة السلبية بعد الإقصاء في روسيا يواصل المدرب البالغ من العمر 58 عاما مشواره الرياضي. وكأن عليه دوما الكفاح لشق طريقه.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Charisius
استمرار العمل على وتيرة دقات الساعة
يعتزم يواخيم لوف الالتزام بعقده المستمر حتى سنة 2022 كمدرب للمنتخب الألماني رغم ظهوره المخيب للآمال في بطولة كأس العالم لكرة القدم في روسيا 2018. ويُراد من الرجل البالغ من العمر 58 عاما قيادة المنتخب خلال البطولة الأوروبية في 2020. وقد قرر اتحاد كرة القدم الألماني منحه الوقت لذلك.
صورة من: Getty Images/A. Hassenstein
الكرة تطبع حياته
وُلد لوف عام 1960 في بلدة شوناو الهادئة بالغابة السوداء. مشواره الرياضي كلاعب محترف بدأ عام 1978 في فرايبورغ، وبعدها بسنتين انتقل إلى شتوتغارت. ثم جاءت محطة فرانكفورت، ومجددا فرايبورغ وكارلسروه ثم مرة أخرى فرايبورغ. وفي 1989 انتقل إلى سويسرا حيث أنهى مسيرته كلاعب مع فريق شافهاوزن ثم فينترثور.
صورة من: picture alliance/dpa
الفوز بكأس الاتحاد الألماني لكرة القدم
في الملعب لم يتمكن لوف أبدا من تحقيق الاختراق، وفي سن الـ 34 عاما جاءت النهاية كلاعب. وابتداء من 1994 عمل في صفوف نادي فراونفيلد كمدرب، ليسطع نجمه نهائيا بعدها بسنة إذ أصبح مساعد مدرب في شتوتغارت. وفي 1996 تولى منصب المدرب ولو بدون ترخيص رسمي لممارسة مهنة التدريب. وقد أنهى موسمه الأول بنيل كأس الاتحاد الألماني لكرة القدم.
صورة من: imago sportfotodienst
بدون سعادة في تركيا
بعد تسريحه المفاجئ لدى نادي شتوتغارت في مايو 1998، احتل النادي المرتبة الرابعة في الدوري الألماني، انتقل لوف إلى تركيا للعمل صفوف فريق اسطنبول، ولم تحالفه السعادة هناك. وفي أكتوبر 1999 انتقل لمدة نصف سنة إلى نادي كارلسروه من الدرجة الثانية. وخلال دورة تعليمية لنيل رخصة مدرب تعرف على يورغن كلينسمان.
صورة من: Imago
الفترة في النمسا طبعت لوف
انتقل لوف مرة أخرى إلى أدنا سبور في تركيا ليبحث بعد ثمانية أسابيع فقط عن مكان آخر. في أكتوبر 2001 التحق بنادي إنسبروك النمساوي الذي نال معه البطولة. وبعد إفلاس النادي انتقل إلى نادي فيينا وأحرز أيضا معه اللقب. لكن تم التخلي عن لوف في مارس 2004، لأنه لم يتفاهم مع رئيس فريق فيينا فرانك شتروناخ.
صورة من: picture-alliance/dpa
كلينسمان ولوف- ثنائي ممتاز
يورغن كلينسمان (يمين) الذي تم تعيينه لتوه مدربا ألمانيا جعل من لوف بعد البطولة الأوروبية في 2004 مساعدا له. وحصل تفاهم بين الاثنين وأصبحا صديقين. ذروة حقبة كلينسمان ولوف طبعتها بطولة كأس العالم 2006 في ألمانيا. وقد وصل المنتخب الألماني حينها إلى نصف النهائي إلى أن حققت إيطاليا الفوز في الوقت الإضافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Hannibal
المرتبة الثالثة في كأس العالم 2006 بألمانيا
احتلت ألمانيا المرتبة الثالثة في بطولة كأس العالم والثنائي المدرب احتفل أمام بوابة براندنبورغ التاريخية. بالعناق احتفل باللحظة أمام بوابة براندنبورغ مدرب الحراس أندرياس كوبكه، والمدرب الرئيس يورغن كلينسمان ومساعده يواخيم لوف ومدير الفريق أوليفر بيرهوف
صورة من: picture-alliance/dpa
بداية حقبة لوف كمدرب للمانشافت
بعد بطولة كأس العالم 2006 استقال كلينسمان وأصبح لوف مدرب الفريق الألماني. في 2008 تأهل فريقه إلى نهائيات بطولة أوروبا قبيل انتهاء التصفيات. في تلك الاثناء أعطى لوف إشارة حاسمة عندما أقصى المهاجم كوراني عن المنتخب الألماني. جاء ذلك بعدما غادر الأخير الملعب في إحدى المباريات غضبا واحتجاجا على إبعاده من الشوط الثاني فيها.
صورة من: Oliver Berg/dpa/picture-alliance
البطولة الأوروبية 2008: إسبانيا تنتزع اللقب
أثناء البطولة الأوروبية 2008 وصل فريق لوف عن جدارة إلى النهائي، إلا ان الإسبان كانوا متفوقين، إذ انتزعوا لقب البطولة الأوروبية بفضل هدف سجله المهاجم فرناندو توريس. حلم نيل اللقب تبخر بالنسبة إلى لوف وطاقمه.
صورة من: Sven Simon/picture-alliance
إسبانيا حجر عثرة في جنوب إفريقيا
أثناء بطولة كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا شغف المنتخب الألماني جمهوره بمواهب جديدة وكثيرا من الهجوم نحو الأمام. وبرهن لوف على أنه قادر على التعامل مع لاعبين شباب، وحتى مسعود أوزيل (يمين) تطور أثناء المسابقة تحت إشراف لوف. وتمكن المنتخب الألماني من بلوغ منتصف النهائي حيث أوقفه الإسبان من جديد.
صورة من: Stephane de Sakutin/AFP/Getty Images
صدمة وارسو أثناء البطولة الأوروبية 2012
تجرع لوف انتكاسة شخصية أثناء البطولة الأوروبية 2012 في بولندا وأوكرانيا حيث تألق المنتخب الألماني بعشرة انتصارات عبر المسابقة إلى أن توقف في النصف النهائي. وفي المباراة ضد إيطاليا تعثر المدرب. الفريق الألماني لم يحسن لعبه ببساطة.
صورة من: Jens Wolf/dpa/picture-alliance
نجم لوف والطاقم في ملعب ماراكانا
بعدها جاء التتويج في 2014! بفضل هدف واحد لصفر في الوقت الإضافي ضد الأرجنتين ضمنت ألمانيا للمرة الرابعة كأس العالم. لوف وصل إثرها إلى القمة. في البرازيل حقق وألمانيا الشغوفة بكرة القدم حلم اللقب العالمي، وقد تحقق الحلم دون خسارة وبنتيجة سبعة أهداف مقابل هدف واحد ضد البلد المضيف في النصف النهائي.
صورة من: picture-alliance/dpa/A.Gebert
تبخر حلم الفوز بلقب البطولة الأوروبية مجددا
خلال البطولة الأوروبية 2016 في فرنسا لم يكن البلد المضيف في النصف النهائي أفضل في مارسيليا، لكنه برهن على فاعلية أكبر. وانتهى حلم البطولة الأوروبية بعد لقب كأس العالم، وبالرغم من ذلك مدد لوف عقده حتى 2020 وبحماسة لخوض غمار بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Weiken
ثقة خادعة بعد الفوز بكأس القارات
سنة قبل انطلاق فعاليات بطولة كأس العالم 2018 بدت الكرة الألمانية مستعدة للسنوات القادمة، على الأقل ظهرت مستعدة للدفاع عن لقب كأس العالم 2018 في روسيا. وبتشكيلة تنقصها التجربة فاز لوف في كل مباراة في كأس القارات وأحرز اللقب في صيف 2017.
صورة من: picture-alliance/M.Meissner
المكسيك تقسم ظهر ألمانيا في روسيا
كيف يمكن للمرء أن يخطأ! تأهل المنتخب الألماني بجدارة لخوض مونديال روسيا 2018، ومدد لوف بفترة وجيزة قبل انطلاق المسابقة عقده حتى 2022. إلا أنه في روسيا ظل الفريق الألماني دون إمكانياته وأُقصي منذ الدور الأول كأول منتخب ألماني في تاريخ المسابقة. آخرون كانوا سيقدمون استقالتهم، إلا أن لوف لم يفعل ذلك، فهو سيبقى مدربا للمنتخب الألماني.