قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب شخصان من أفراد طاقم سفينة شحن ترفع علم ليبيريا في هجوم استهدفها في البحر الأحمر ونسب للحوثيين. يأتي ذلك بعد ساعات من تبني الحوثيين في اليمن هجوما على سفينة أخرى في البحر الأحمر و"إغراقها".
أدت هجمات الحوثيين من نهاية 2023 حتى أواخر 2024 إلى تعطيل حركة الشحن بين أوروبا وآسيا عبر قناة السويس. (ارشيف)صورة من: European Union's Operation Aspides via AP/picture alliance
إعلان
قالت قوة بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط الثلاثاء (الثامن من يوليو/تموز 2025) إن هجوما للحوثيين في اليمن على سفينة بالبحر الأحمر أسفر عن مقتل ثلاثة بحارة وإصابة اثنين آخرين.
وفي تحديث لتقريرها عن الحادث، قالت وكالة "يو كاي أم تي أو" البريطانية للأمن البحري والتي تديرها قوات البحرية الملكية البريطانية "تعرضت السفينة (إتيرنيتي سي) لأضرار جسيمة وفقدت قوة الدفع"، مضيفة أنها "محاطة بزوارق صغيرة والهجوم عليها مستمر".
وبينما لم يعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم على السفينة "إيترنيتي سي" المملوكة لشركة يونانية، ألقت كل من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وقوة الاتحاد الأوروبي والسفارة الأمريكية في اليمن باللوم على المتمردين في الهجوم.
وقالت السفارة الأمريكية، التي تعمل من السعودية بسبب الحرب في اليمن: "يظهر الحوثيون مرة أخرى تجاهلا صارخا لحياة الإنسان، ويقوضون حرية الملاحة في البحر الأحمر". وقدمت قوة الاتحاد الأوروبي معلومات عن الضحايا، قائلة إن أحد أفراد الطاقم المصابين فقد ساقه في الهجوم. ولا يزال الطاقم عالقا على متن السفينة التي تنجرف الآن في البحر الأحمر.
وهذه هي المرة الأولى منذ يونيو/حزيران 2024 التي يقتل فيها بحارة في هجمات على سفن في البحر الأحمر، ليرتفع إجمالي قتلى هذه الهجمات إلى ستة.
وأعلن المتمردون الحوثيون أمس الاثنين أنهم استهدفوا وأغرقوا سفينة أخرى في البحر الأحمر. وقال المتحدث العسطري باسم قوات الحوثيين يحيى سريع إن قوات جماعته "أغرقت ماجيك سيز كاملةً في أعماق البحر". وقالت السلطات في جيبوتي إن جميع أفراد طاقم ماجيك سيز تم إنقاذهم من خلال سفينة تجارية كانت تعبر في المنطقة ووصلوا بسلام إلى جيبوتي.
وقال مندوب ليبيريا في اجتماع المنظمة التابعة للأمم المتحدة بلندن "بينما تعاني ليبيريا صدمة وحزنا جراء الهجوم على ماجيك سيز، تلقينا بلاغا يفيد بتعرض إترنيتي سي لهجوم مروع هي الأخرى".
استراتيجية ترامب لمواجهة الحوثيين.. ما فرص نجاحها؟
18:55
This browser does not support the video element.
تصاعد المخاوف
وأنهى الهجومين ستة أشهر من الهدوء في البحر الأحمر، أحد أكثر طرق الشحن استخداما في العالم، حيث أدت هجمات الحوثيين من نهاية 2023 حتى أواخر 2024 إلى تعطيل حركة الشحن بين أوروبا وآسيا عبر قناة السويس.
إعلان
وفي يونيو/حزيران الماضي، تصاعد التوتر في المنطقة في أعقاب التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران. وكان الرئيس دونالد ترامب أعلن وقف الهجمات الأمريكية على الحوثيين، قائلا إن الجماعة وافقت على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في الشرق الأوسط.
وفي تعليقها، قالت إيلي شفيق رئيسة قسم المعلومات لدى شركة "فانغارد تيك" لإدارة المخاطر البحرية والتي تتخذ من بريطانيا مقرا، إن "توقف نشاط الحوثيين لا يشير بالضرورة إلى تغيير في النوايا."
وأضافت في مقابلة مع رويترز أنه "ما دام الصراع في غزة مستمرا، فإن السفن ذات هذا النوع من الارتباط، سواء كان وهميا أو حقيقيا، ستظل تواجه تزايدا في المخاطر".
تحرير: عبده جميل المخلافي
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.