ثلاث أزمات كبرى ـ أغرب حملة رئاسية في التاريخ الأمريكي
٧ يونيو ٢٠٢٠
تواجه الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب ثلاث أزمات كبرى: وباء كورونا وركود اقتصادي عميق وحركة مناهضة للعنصرية، تعيد تحديد الرهانات السياسية الكبيرة قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية التي يصعب التنبؤ بنتائجها.
إعلان
هل تشهد الولايات المتحدة الأمريكية لحظة تحوّل اجتماعي كبير أمام ثلاث أزمات استثنائية كبرى تواجه البلاد في خضمّ الحملة الرئاسية التي يتواجه فيها الرئيس الحالي دونالد ترامب وخصمه الديموقراطي جو بايدن. فقد توفي قرابة 110 آلاف أميركي جراء كورونا المستجدّ وهي أعلى حصيلة وفيات للوباء في العالم. وخسر عشرات الملايين وظائفهم بعد اتخاذ قرار وقف العجلة الاقتصادية للحدّ من تفشي المرض.
في الوقت نفسه، تعمّ المدن الأميركية حركة احتجاجية واسعة ضد اللامساواة العنصريةبعد وفاة المواطن الأميركي من أصول إفريقية جورج فلويد، على يد شرطي أبيض في مينيابوليس.
من جهته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا دانيال غيليون "أنها لحظة صعبة جداً". وأوضح أن هذه الأزمات كانت "فظيعة" بالنسبة للأميركيين من أصول إفريقية الذين يعانون تاريخياً من وصول محدود إلى نظام الصحة وهم أفقر من الأميركيين البيض وغالباً ما يسقطون ضحايا لعنف الشرطة. وأضاف "لا أذكر فترة مرً من خلالها السود بمثل هذه الاضطرابات وبهذه المعاناة وصعوبات من هذا النوع".
وتضرر الأميركيون السود كثيراً جراء تفشي وباء كوفيد-19. وإذا سجّل معدّل البطالةتراجعاً مفاجئاً في أيار/ مايو13.3 في المائة، إلا أنه ارتفع إلى 16.8 لدى الأميركيين السود.
وعاود جرح التفاوتات العنصرية نزيفه إثر مأساة مينيابوليس، عندما ضغط الشرطي الأبيض ديريك شوفن، بحسب مقاطع مصوّرة، بركبته على عنق رجل أسود، جورج فلويد حتى اختنق وفارق الحياة.
وقالت كايلا بيترسون (30 عاماً) هذا الأسبوع أثناء تظاهرة في مينيابوليس "لدى أميركا السوداء ركبة على عنقها منذ إلغاء العبودية. لم نكن يوماً أحراراً".
كان بإمكان الرئيس دونالد ترامب أن يلعب دور المهدئ، إلا أنه لم يفعل واتُهم بتأجيج المشاعر عبر خطاب عسكري ودعوات إلى تطبيق "القانون والنظام" ضد "لصوص" و"مثيري شغب".
وكان يهدف خروجه المستفز من البيت الأبيض في مطلع الأسبوع الماضي لالتقاط صورة، حاملاً الكتاب المقدس بيده أمام كنيسة تضررت بسبب التظاهرات، إلى توجيه رسالة لناخبيه التقليديين، المحافظين والإنجيليين.
وقال المرشح الديموقراطي جو بايدن إن ترامب "غير مؤهل بشكل خطير" لمنصب الرئاسة. ويبدو بايدن الذي غاب لأسابيع عدة عن الساحة السياسية بسبب العزل في منزله في ولاية ديلاوير، مصمماً على اغتنام اللحظة.
و يرى الديموقراطي المحنّك (77 عاماً) فرصة لتقديم نفسه على أنه جامع ورجل صلح قادر على جمع الجناحين التقدمي والمعتدل في حزبه مع استقطاب الناخبين المستقلين الذين ينفرون من ترامب.
و يعتبر خبراء أنه رغم أجواء الفوضى، لا يزال ترامب في وضع جيّد مؤاتٍ لإعادة انتخابه. وقال دانيال غيليون "إذا تمكن الرئيس من التحدث في مسألة الأعراق بشكل بناء، إذا كان قادراً على قيادة استئناف (النشاط) في مجالي الصحة والاقتصاد"، فسيظهر أنه رئيس في موقع قوة.
غير أن شعبية ترامب شهدت في الفترة الأخيرة تراجعاً في استطلاعات الرأي، خصوصاً في صفوف الناخبين الأساسيين لإعادة انتخابه: المسنون والمسيحيون الإنجيليون.
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
أدت الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد وضد سوء المعاملة الممنهج تجاه السود في الولايات المتحدة على أيدي الشرطة إلى مواجهات عنيفة. من جهته أكد الرئيس دونالد ترامب أن الجيش "جاهز ومستعد وقادر" على التدخل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Cortez
"لا أستطيع التنفس"
الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.
صورة من: picture-alliance/newscom/C. Sipkin
"العملاق اللطيف"
نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/O. Messinger
من السلمية إلى العنف
اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/J. Mallin
متاجر مخربة ومنهوبة
في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Pizello
"عندما يبدأ النهب ..."
هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/K. Birmingham
وسائل الإعلام في مرمى النيران
استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.
صورة من: Getty Images/S. Olson
الغضب يتجاوز الولايات المتحدة
احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Soeder
عند باب ترامب الأمامي
احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.
صورة من: Reuters/J. Ernst
حظر التجول في المدن الأمريكية الكبرى
مددت نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وميامي وديترويت وواشنطن العاصمة ومدن أمريكية أخرى حظر التجول مع دخول الاحتجاجات الليلة السادسة. ولاية أريزونا في غرب البلاد فرضت حظرًا للتجوال على مستوى الولاية على مدار أسبوع بعد اشتباك المتظاهرين مع الشرطة. كما تم نشر حوالي 5000 جندي من الحرس الجمهوري في 15 ولاية أمريكية.
صورة من: Reuters/P.T. Fallon
ترمب والكتاب المقدس
في مواجهة تجدد الاحتجاجات يوم الأحد، هدد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات في "الدفاع عن سكانها". ثم سار ترامب من مقر إقامته إلى كنيسة في الحديقة، حيث كان يحمل إنجيلًا عالياً خلال فرصة لالتقاط الصور. هذا التصرف أثار استياء الأسقف ماريان إدغار بودي بعد أن زار ترمب كنسيتها دون إذن مسبق ودون الصلاة في الكنيسة.
صورة من: Reuters/T. Brenner
مظاهرات سلمية
رغم انتشار العنف بقيت عدة احتجاجات في الولايات المتحدة محافظة على سلميتها. في ساحة تايمز سكوير في مانهاتن في نيويورك، استلقى المتظاهرون على الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، محاكين الوضعية التي كان فيها فلويد عندما قتل. وعلى الرغم من لجوء بعض المتظاهرين إلى العنف، أشاد العديد من رؤساء البلديات والحكام الأمريكيين بمستوى الاحتجاجات.
صورة من: Getty Images/AFP/T.A. Clary
ركوع ضباط من الشرطة أمام المتظاهرين
لكن رغم تصاعد حدة العنف، فهناك مواقف أظهر فيها المتظاهرون وضباط الشرطة في الولايات المتحدة نوعاً من التضامن. إذ أظهرت فيديوهات منتشرة على التواصل الاجتماعي ضباط شرطة يركعون للتضامن مع المتظاهرين. يشير الركوع إلى لاعب كرة القدم السابق في اتحاد كرة القدم الأميركي كولين كايبرنيك، الذي احتج على بهذه الوضعية خلال النشيد الأمريكي ضد العنصرية وعنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة. كرستيان كوبلر/س.أ
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Cohen
12 صورة1 | 12
وقد ينفّر تأخره في اتخاذ اجراءات في بداية تفشي الوباء إضافة إلى تهديداته بنشر الجيش في وجه المتظاهرين، جزءاً من أصوات النساء.
واعتبرت ناديا براون، أستاذة العلوم السياسية والدراسات حول الأميركيين السود في جامعة بورديو، أن النساء ذوات البشرة البيضاء "منزعجات من إدارته للوباء". إلا أن كل ذلك لا يقدّم لجو بايدن انتصاراً على طبق من فضة. ورأت براون أن بايدن هو "قط بسبع أرواح، لكن ترامب لديه 12" روحا.