ثمانينية ألمانية تعيش في سيارتها منذ عامين.. تعرف على قصتها
٢٤ مارس ٢٠١٩
في قصة أقرب ما تكون إلى فيلم سينمائي لجأت إحدى المتقاعدات الألمانيات في عقدها الثامن إلى العيش في سيارتها بعد أن فقدت شقتها. عامان من حياة بائسة لم يكسرا إرادة إنغريد التي لا تفكر في الاستسلام رغم مأساوية قدرها.
إعلان
بين صفوف المنازل وسط مدينة هانوفر الألمانية تقف سيارة رينو سوداء اللون من موديل 2008، لكن سائقتها التي تركت السنون الطوال آثارها على وجهها، تكاد لا تبارحها، فهي مسكنها الذي انتهى مصيرها إليه منذ عامين. المساحة الداخلية لا تزيد عن أربعة أمتار مربعة تخنقها الملابس المكدسة والأوراق المرزومة والصور القديمة لحياة وأشخاص مضوا، فلا يتبقى لها الكثير لممارسة حياتها.
عملت إنغريد ب. كمحاسبة وهي اليوم متقاعدة في الواحدة والثمانين من العمر، ولا يتجاوز تقاعدها الـ1200 يورو شهرياً. عن حياتها داخل سيارتها منذ عامين تقول المتقاعدة الألمانية لصحيفة "بيلد" الألمانية: "طُردت من شقتي بعد أن سكنتها نحو 60 عاماً". وكان سبب ذلك قيامها بدفع إيجار أقل نتيجة إصابة الشقة بأضرار جراء تسرب للماء. لكن يوم الحساب أتى بعد أن أرسل إليها صاحب الشقة بإيصال يطلب فيه المتبقي من الإيجار وكان بقيمة نحو 4000 يورو تجمعت على مدار أشهر.
والنتيجة: إخلاء قسري في 12 أبريل/ نيسان 2017. ومنذ ذلك الوقت تسكن إنغريد ب. داخل سيارتها السوداء. وتعلق على ذلك بالقول: "لا أريد أن ينتهي بي المطاف في دار للعجزة. أريد استرجاع شقتي القديمة".
وتكشف صحيفة "بيلد" عن التفاصيل اليومية لحياة المتقاعدة الثمانينية، إذ تستيقظ في الساعة الخامسة فجراً بعد أن تقضي الليل نائمة في وضع الجلوس وهي متشبثة بحقيبتها اليدوية. "تعرضتُ 8 مرات للسرقة. في إحدى المرات كسروا النافذة الجانبية للسيارة. بعد كل حادث سرقة أعود لاستصدار الأوراق الضرورية من جديد: بطاقة المصرف، الأوراق الثبوتية وشراء هاتف جديد". لكن حليها الذهبية سُرقت إلى الأبد.
عند الساعة السابعة صباحاً تذهب إنغريد للاستحمام في محطة القطارات التي تبعد نحو 600 متر عن موقف سيارتها. وتنقل صحيفة "بيلد" عن المتقاعدة الألمانية قولها: "في ساعة الزحام يطرق المسافرون الباب مرات عدة لكي أخرج في أسرع وقت". وعند التاسعة تذهب المتقاعدة الألمانية إلى تناول إفطارها في إحدى المقاهي، لتطلب – كما هو الحال في كل صباح – سندويتش الديك الرومي الذي يبلغ ثمنه يورو وسبعين سنتاً وكوباً من القهوة.
وتقول إنها في الكثير من الأحيان لا تتناول غير هذه الوجبة. وعند الظهيرة تعود إنغريد إلى سيارتها لتستمع إلى الراديو، "حينها لا أشعر بالوحدة المطبقة"، خصوصاً بعد أن تخلى عنها الأصدقاء وأفراد عائلتها، الذين كانوا يشعرون بالخجل من حياة المتقاعدة الألمانية ووضعها.
ورغم كل هذه المعاناة، إلا أن المصائب لا تأتي فرادا كما يقول المثل. فبسبب المخالفات العديدة لإيقاف السيارة في الأماكن غير المرخصة فقد قررت إدارة المدينة سحب رخصة السياقة الخاصة بإنغريد التي تقول: "يا لها من كارثة! حين أضطر للذهاب إلى المرحاض ليلاً، يتوجب عليّ أن أطلب سيارة أجرة".
بيد أن إرادة إنغريد ب. تبقى حديدية إذ تقول: "حتى وأن كانت الحياة بهذا البؤس فإنني لن استسلم أبداً".
أفقر المدن في ألمانيا
ألمانيا من الدول الغنية والمتطورة في العالم، لكن ذلك لا يمنع وجود فقراء ومدن فقيرة فيها. في بعض المدن تبدو ظاهرة الفقر واضحة للعيان ويمكن للزائر ملاحظتها فور دخوله المدينة. فما هي المدن الأفقر في ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Kalaene
المدن والأقضية الأفقر في ألمانيا
ذكر تقرير "فينانز ريبورت كومونال" الأخير الصادر من مؤسسة يبرتيلسمان، أن ميزانيات المدن والأقضية المحلية في ألمانيا ارتفعت بصورة كبيرة مقارنة بالأعوام الماضية، لكن الفارق بين المدن الغنية والفقيرة ما زال كبيرا، وذلك بالاعتماد على معدل الدخل ونسبة الضرائب المستقطعة من العاملين. وفيما وصل معدل استقطاع الضرائب في أغنى مدينة وهي ميوينخ إلى 3440 يورو سنويا لكل شخص تراجع إلى 462 يورو فقط في أفقرها.
صورة من: picture-alliance/dpa/W.Grubitzsch
مدينة فايمار في تورنغن
فايمار هي إحدى المدن المهمة في تاريخ ألمانيا وفيها عاش الأديب الألماني الشهير غوته والشاعر المسرحي شيلر، وفيها تأسست الجمهورية الألمانية الأولى بعد إسقاط الملكية في سنة 1919 وسميت بجمهورية فايمار نسبة إليها. وكانت تعد من أهم المدن الألمانية في القرن العشرين وحتى قدوم النازية. أما اليوم فتعد المدينة من الأفقر في ألمانيا واحتلت المركز 17 في القائمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Reichel
كوسيل في راينلاند فالتس
تعد مدينة كوسيل في ولاية راينلاند فالتس أصغر مدينة فيها إدارة محلية كقضاء في ألمانيا ويسكنها نحو 5 آلاف شخص فقط. وهي أفقر مدينة في ولايات جمهورية "ألمانيا الغربية سابقا" وفي المركز 16 في عموم ألمانيا. يدفع سكان المدينة في المعدل نحو 564 يورو من الضرائب سنويا.
صورة من: Imago/Chromeorange
غورليتس في سكسونيا
تعد مدينة غورليتس من المدن التاريخية المهمة في ألمانيا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وترسيم الحدود وقعت المدينة مباشرة على الحدود مع بولندا. وتوجد في المدينة أكثر من 4000 قطعة وبناية مسجلة ضمن قوائم "المعالم الأثرية الثقافية" في المدينة، ولذلك تضم المدينة أكبر تجمع للإرث الثقافي والعمراني في ألمانيا. أما في قائمة الضرائب فاحتلت المركز الثامن في قائمة المدن الأفقر في ألمانيا.
صورة من: imago/Rainer Weisflog
قضاء غرايفسفالد في مكلينبورغ فوربوميرن
تعد مدينة غرايفسفالد عاصمة قضاء غرايفسفالد بولاية مكلينبورغ فوربوميرن من المدن الشهيرة والقديمة في شمال شرق ألمانيا وتطل مباشرة على بحر البلطيق، وعرفت بمدينة "الرومانسية". وتشتهر المدينة كذلك بإحيائها للكثير من الفعاليات الثقافية والموسيقية لكنها رغم الغناء الثقافي والعلمي تعد فقيرة جدا مقارنة بالمدن الأخرى ولا يدفع سكانها سوى 518 يورو ضرائب في السنة.
صورة من: Fotolia/Thomas Otto
مدينة هاله/ زاله في سكسونيا
تقع مدينة هاله على نهر زاله في ولاية سكسونيا أنهالت ويقطنها أكثر من 230 ألف شخص واشتهرت تاريخيا بمدينة الملح وكانت مركزا لصناعته وتجميعه. وفيها جامعة قديمة شهيرة. ورغم أنها نجت من الحرب العالمية الثانية دون أضرار كبيرة قبعت المدينة في قائمة المدن الفقيرة في ألمانيا ولم يتجاوز معدل استقطاع الضرائب من ضريبة الدخل سوى 513 يورو، وحلت بذلك في المركز السادس في القائمة.
صورة من: Picture-alliance/dpa/H. Schmidt
قضاء ألتينبورغر لاند في تورنغن
المدينة الألمانية الساحرة ألتينبورغ هي عاصمة قضاء ألتينبورغر لاند في ولاية تورنغن وكانت تعد من المدن المهمة في القرون الماضية وفيها الكثير من القلاع القديمة. كما اكتشف فيها ورق اللعب الشهير في القرن التاسع عشر، ويقام فيها مهرجان الملابس الفلكلورية. أما اليوم فتقبع في المركز الثالث بقائمة أفقر المناطق في ألمانيا وبلغ معدل استقطاع الضرائب من رواتب السكان فيها 497 يورو فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
قضاء إرتسغيبيرغس في سكسونيا
جمال الطبيعية والريف الساحر قد يجلب الهدوء والراحة والسرور لكنه لا يجلب المال دائما. فلذلك قبعت منطقة إرتسغيبيرغس الواقعة في ولاية سكسونيا شرق ألمانيا في المركز قبل الأخير في قائمة أفقر المناطق في ألمانيا. معدل استقطاع الضرائب كان فيها 485 يورو فقط سنويا من كل فرد.
صورة من: Martin Roddewig
قضاء مانسفيلد زود هارتس في سكسونيا أنهالت
أيسليبن هي المدينة الثانية في قضاء مانسفيلد زود هارتس ورغم غناها الثقافي والتاريخي كونها المدينة التي ولد ومات فيها مارتن لوثر وفيها أحد أهم معالم الإرث الحضاري العالمي لكنها تعد أفقر منطقة في ألمانيا. ووصل معدل استقطاع الضرائب من العاملين في قضاء مانسفيلد زود هارتس إلى 462 يورو سنويا فقط.