1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ثورات الربيع العربي لا تصل بغداد

٧ أكتوبر ٢٠١١

تشير كل استطلاعات الرأي والتقارير الصحفية والأنباء الشفوية المتناقلة وقراءات المراقبين السياسيين إلى أن العراقيين مستاءون من حكومتهم، وغاضبون من النخب السياسية، لكن الأدلة تشير أن لا أحد يرغب في التظاهر كل ضد ذلك.

صورة من: Karlos Zurutuza

الثورات العربية - فيما صار يطلق عليه الربيع العربي- مستمرة، ولكن يبدو أن نيران هذه الثورات لا تصل إلى العراق، حيث لا يزال مئات من العراقيين

يتظاهرون كل يوم في ساحة التحرير منذ 8 أشهر، لكن هذه التظاهرات لم تحرك الوضع، ولم تقد إلى ثورة شعبية عارمة.

يوم أمس 05.10.2011 حصل تطور على ملف الوجود الأمريكي يثبت أن الانسحاب الأمريكي التام سيتم هذا العام. ماذا بعد الانسحاب؟ هل تصل نيران الثورات العربية إلى العراق؟ أم أن العراق لم يعد يتأثر بمحيطه العربي والاقليمي؟

ربما يكون العراقيون قد ملوا من كثرة الفوضى والثورات ولم يعد يهمهم كيف سيكون الوضع في بلدهم.

البرلمان العراقي بدون معارضةصورة من: picture-alliance/dpa

كل هذه الاحتمالات وأخرى شكلت محاور حوار منبر العراق اليوم من دويتشه فيله، حيث تحدث الصحفي ليث محمد رضا رئيس تجمع المواطن من بغداد لمايكروفون البرنامج مجيبا على سؤال يلخص كل الحوار: لماذا لا يتظاهر العراقيون ضد حكومتهم إذا كان الاستياء من أدائها هو السائد بين الجميع؟ بالقول:" إن العراقيين قد تظاهروا ضد حكومتهم واستمرت تظاهراتهم لمدة أشهر، لكنها لم تكن واسعة الحجم لتشمل كل العراقيين، وأنا اختلف مع القول بأن العراق بلد ديمقراطي، إلا أن هذا لا يعني بالطبع أننا نعيش في ظل ديكتاتورية، وأنا أرى أن بعض الأنظمة العربية تعيش ديكتاتورية صلبة ( كما في سوريا وليبيا ) والبعض في ديكتاتورية ناعمة ( كما في مصر و تونس سابقا )، والبعض الآخر من هذه الأنظمة تعيش في مرحلة تحول باتجاه الديمقراطية ( والمثال هنا هو العراق ونأمل أن يكون التحول باتجاه شيء آخر) ونحن الآن نتخوف من اتجاه العراق نحو الديكتاتورية، لاسيما بعد الممارسات غير الديمقراطية تجاه المحتجين ما أدى إلى انحسار موجة التظاهرات وتراجع الحشد الشعبي، فالناس صاروا يخافون على أنفسهم، لذا امتنعوا عن التظاهر والاحتجاج، فيما هناك نوع آخر من العراقيين لا يؤمنون بثقافة التظاهر والاحتجاج " .

نقص الخدمات لا يحرك العراقيينصورة من: Karlos Zurutuza

يوم الغضب العراقي: مشاركة جماهيرية متواضعة

في 25 شباط فبراير من العام الجاري قامت مجموعة من الشباب بإطلاق مبادرة يوم الغضب العراقي، تيمنا بجُمع الربيع العربي التي قادت إلى إسقاط الأنظمة الديكتاتورية والفاسدة. تبنت المبادرة مؤسسات إعلامية وموقع الكترونية معادية للتغيير الذي حدث في العراق وصارت تبث أفلاما وإعلانات تشير إلى اعتصامات كبرى في ميادين المدن العراقية.

الأحزاب العراقية الكبرى وتحالفات القوى السياسية في مجملها أعلنت مقاطعتها للتظاهرات ومنعت عناصرها وقواعدها الجماهيرية من المشاركة فيها، الأمر الذي قلل إلى حد كبير جدا من حجم الحضور الجماهيري، حتى اقتصر عدد المجتمعين في ساحة التحرير ببغداد على 6000 شخص بأعلى التقديرات( هناك تقديرات أشارت إلى رقم 2000 متظاهر)، ولم تحدث تجمعات مماثلة في أغلب المدن العراقية الكبرى. بعض المراقبين اعتبروا أن تلك المبادرة هي مؤشر ايجابي يدل على تنامي الوعي الديمقراطي في العراق.

من هؤلاء المراقبين د. غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية الذي دخل الحوار من لندن مشيرا إلى أنه يعتبر " تظاهرات فبراير هي البادرة الايجابية الوحيدة في العراق منذ عام 2003، وقد استقبلها البعض بالتفاؤل- ولم أكن من ضمن هؤلاء- معتبرين أن من الممكن أن تخلق الاحتجاجات تيارا جديدا من الشباب يقود عملية الإصلاح في البلد. وهذا ليس جديدا على تاريخ العراق، فهذا ما حدث في أربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي، أما اليوم فأضحى الأمر أكثر تعقيدا حيث لم يبق أمام الشباب سوى خيارين: أما أن يهاجروا ويبحثوا عن مستقبل آمن وسعيد في بلد آخر ، أو ان ينخرطوا في الأجواء السياسية السائدة المريضة في العراق بانتمائهم للأحزاب. الملفت للنظر أن العراقيين في خمسينات وستينات القرن الماضي كانوا حين ينتمون إلى الأحزاب يتبرعون لها ويدعمونها ماليا ومعنويا، أما اليوم فإن المواطن ينتمي إلى الأحزاب منتظرا أن يستفيد من إمكاناتها المادية والمعنوية".

ومضى د العطية إلى القول" بادرة احتجاجات ساحة التحرير أرعبت السلطة وأرعبت الأحزاب التقليدية ، لكن الواقع العراقي منقسم اثنيا وطائفيا، فروح المواطنة باتت غائبة ونحن نعيش في مرحلة صراع هويات، وما يسمى بالمحاصصة أضحت أسلوبا للتعايش والعمل، ولم يعد هناك من يطرح مشروع المواطن العراقي، لقد تغيرت المعادلة من ديكتاتور متجبّر يقف على الضد من أغلبية الشعب، أو من قوة استعمارية تقف في مقابل كل مكونات الشعب الذي يريد التخلص منها بأية وسيلة، إلى شعب تتصارع مكوناته فيما بينها على أسس طائفية واثنيه. مطالب التظاهرات التي وقعت في العراق لم تناقش أصلا، بل أعلنت عليها الحرب من خلال تشويه مضامينها، فمن يفكر بعقلية شيعية مثلا قال إن التظاهرات تمثل السنة، ومن يفكر بعقلية فئوية قال إن هذه التظاهرات لا تمثل الكرد مثلا، كل هذا قاد إلى عدم إجماع بشأن المشاركة في التظاهرات، هذا غير أن ننسى أن التظاهرات انطلقت من السليمانية في إقليم كردستان قبل أن تنطلق من ساحة التحرير، وكانت تلك التظاهرات تنتقد أداء حكومة إقليم كردستان ونخبه السياسية".

تظاهرات ساحة التحرير في بغداد، مشاركة خجولةصورة من: Munaf Al-saidy

مستوى الفقر يمكن أن يحرك الشارع

تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التخطيط إلى وجود سبعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، وذلك بعد مرور أكثر من سبع سنوات منذ سقوط النظام السابق في عام 2003.

وخط الفقر مصطلح يستخدم في وصف الدخل السنوي لشخص أو لعائلة لا تتمكن من تأمين متطلبات الحياة الأساسية. خط الفقر العالمي يحدد الدخل بأقل من دولار أميركي في اليوم الواحد غير أن خط الفقر في العراق مختلف حيث حدد الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التخطيط هذا الخط بسبعة وسبعين ألف دينار أو بخمسة وستين دولارا في الشهر حسب المتحدث باسم الجهاز عبد الزهرة الهنداوي في تصريح نقلته إذاعة العراق الحر.

السياسية العراقية د ناهدة التميميصورة من: Nahida El Tamimi

السياسية العراقية د ناهدة التميمي ، شاركت في الحوار من أمستردام مشيرة إلى " أن سوء الأوضاع في العراق لا يحتاج إلى أكثر من زيارة لمناطق الثورة والشعلة وحي طارق ومناطق أطراف بغداد وبيوت الصفيح في باقي المدن ، وسكانها يمثلون أكثرية الشعب، لكن حجم المعانة التي مر ويمر بها العراقيون جعلت لسان حال أغلبهم يقول ( عندي ما يكفيني من المشاكل ولا أريد أن أضيف لها مشكلة مشاركتي في تظاهرات قد لا تغير شيء)."

ثم مضت د. التميمي إلى القول" أن السلطة لجأت إلى ممارسات قمعية بحق المتظاهرين، لكن المشكلة الأكبر هي أن الشعب العراق اليوم ليس مكونا واحدا، بل مجموعة مكونات ممثلة في البرلمان، ومن الطبيعي أن يقف الشعب خلف هذه المكونات، وانعدام الثقة بين ممثلي المكونات في البرلمان ينعكس على المكونات نفسها، فإذا دعت هذه الفئة إلى التظاهر، فإن تلك الفئة ستمتنع عن المشاركة خشية من أن تجيّر مشاركتها لصالح الجهة التي دعت إلى التظاهر، والمشكلة الكبرى أن الأحزاب غير متفقة على شيء وغير متفقة على مصالح الشعب، بل إن المتظاهرين أنفسهم لم يكونوا متفقين على سطح مطالب مشترك".

عقيل دخل الحوار في اتصال هاتفي من السويد ليبيّن " أن الحكومة العراقية حين بدأت التظاهرات كانت تخاف من الشعب ولكن الحكومة نجحت في قمع "الانتفاضة"، وفرضت إجراءات تعسفية بحق المشاركين فيها- حتى من شارك منهم عبر الانترنيت-، وما صار إليه الوضع حاليا هو أن الشعب صار يخاف من الحكومة خصوصا بعد أن أمسى أسلوب الاغتيال بكاتم الصوت هو الأنجع والأسرع في إخماد أصوات الغضب، وخير مثال على ذلك هو اغتيال شهيد الرأي والتظاهرات في ساحة التحرير الصحفي هادي المهدي".

الانسحاب الأمريكي:هل يضع العراق على طريق الثورات العربية؟

قرار الحكومة العراقية بحثّ الأمريكيين على الانسحاب نهاية هذا العام وطلبها الإبقاء على عدد قليل من الخبراء لغرض تدريب وتأهيل القوات العراقية على أن لا يمنحوا أي حصانة يضع نهاية أكيدة للوجود الأمريكي في العراق نهاية هذا العام وهو ما تسعى إليه إدارة اوباما منذ وصولها إلى السلطة، وهذا الانسحاب قد يضع العراق في مناخ الربيع العربي. د غسان العطية استبعد أن يدخل العراق ربيع الثورات العربية " لأن العراقيين منقسمين فيما بينهم ومعادين لبعضهم البعض، والانسحاب الأمريكي يعكس في واقع الحال إحباطا أمريكيا مفاده أن الوضع في العراق من الصعب إصلاحه، لا سيما وأن استطلاع رأي جرى في صفوف الثورات الأمريكية التي قاتلت في أفغانستان والعراق أظهر أن الحرب في هذين البلدين غير ذات فائدة".وبيّن د العطية " أن الولايات المتحدة بذلت مليارات الدولارات في حرب العراق حيث قتل آلاف الأمريكيين، كما فقدت الدولة العظمى سمعتها ومكانتها، ولم تجن مقابل ذلك حتى عقودا للشركات الأمريكية."

الصحفي ليث محمد رضا رئيس تجمع المواطنصورة من: Layth Mohammed Ridha

لكن د ناهدة التميمي اعترضت على بعض ما ذهب إليه د. العطية ، مشيرة إلى أن "الانسحاب الأمريكي قد لا ينقل الربيع العربي إلى العراق إلا أنه سيضع البلد على قارعة الصراع بين الإسلام السياسي وبين العلمانية، وقد يضع البلد على اعتاب حرب أهلية قد تؤدي إلى التقسيم."

من جانبه أعرب الصحفي ليث محمد رضا عن اعتقاده أن الانسحاب الأمريكي وما سيعقبه سيجعل " المرحلة تشهد تصاعدا لدور الشباب وتنامي حركة الاحتجاجات، لكن هذا لن يكون على مدى قريب، وفي اعتقادي أن الوضع في العراق رغم كل التوقعات المتشائمة يسير باتجاه التحسن ولكن على مدى بعيد."

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW