1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ثورة مصر تشكو التوتر الطائفي وأصابع الاتهام تتجه نحو النظام السابق

٨ مايو ٢٠١١

أحداث الاحتقان الطائفي التي وقعت مؤخراً بين جماعات سلفية وأقباط في حي إمبابة تثير قلق المعنيين بالشأن المصري. ورغم اختلاف تحليلهم لأسباب الاحتقان فهم يتفقون على وجود أصابع خفية تستغل التوترات الطائفية للعب وراء الكواليس.

الاحتقان الطائفي... "فزاعة" جديدة لإرهاب المصريين؟صورة من: picture-alliance/dpa

اثنا عشر قتيلاً وأكثر من مائتي جريح كانت حصيلة المواجهات التي اندلعت مساء أمس (السبت السابع من مايو/ أيار 2011) في حي إمبابة في العاصمة المصرية القاهرة بين مسلمين محسوبين على التيار السلفي وأقباط. المواجهات أسفرت أيضاً عن أضرار في عدد من المنازل وإحراق كنيسة مار مينا التي دارت في محيطها الاشتباكات.

والسبب المعلن وراء المواجهات كان الزعم بوجود سيدة قبطية اعتنقت الإسلام وتم اختطافها إلى الكنيسة المذكورة، وهي حجة كشف أكثر من مصدر عن أنها كانت "كذبة" تم استخدامها لتأجيج المشاعر وإثارة النعرات الطائفية، إذ اتهم الحقوقي المصري نجيب جبرائيل، في مؤتمر صحفي، السلفيين باستهداف الأقباط.

لكن المشكلة أكبر من ذلك، بحسب الكاتب والمحلل السياسي وائل عبد الفتاح، والذي قال لدويتشه فيله إن السلفيين هم "الفزاعة" الجديدة التي تتحكم بها فلول الأجهزة الأمنية الموالية لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأن الظهور العلني لهذه الجماعات لا يمكن تفسيره سوى أنه بدعم من هذه الأجهزة، والتي انهارت نتيجة لثورة 25 يناير.

عودة إلى فكر "الطائفة" و"القبيلة"

وظف النظام المصري الحاكم سابقاً العلاقة المضطربة بين السلفيين والأقباط لخدمة أجندتهصورة من: picture-alliance/dpa

ويضيف عبد الفتاح أن اختيار الأقباط كهدف يعود إلى كونهم "كتلة انتخابية مغلقة يمكن إدارتها من خلال العلاقة مع الكنيسة ... عناصر اللعبة هذه (العلاقة بين السلفيين والأقباط) كان الأمن يديرها في السنوات العشر الأخيرة. أن أصابعه ما زالت تلعب بهذه الملفات كي يبين أيضا أن الأمن مفقود في مصر ما بعد الثورة".

أما المحلل السياسي المعروف وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة فيشير في حديثه مع دويتشه فيله إلى الجذور التاريخية للسلفيين، التي تعود إلى عهد الرئيس أنور السادات. ويؤكد نافعة أن إفراج السادات عن عدد من السلفيين في سبعينات القرن الماضي كان يهدف "لضرب اليسار والناصريين في الجامعات. ومنذ ذلك الوقت هناك احتقان سببه الأساسي النظام الحاكم، فعلى مدى 30 عاماً تعمق هذا الاحتقان وكانت معالجته بطريقة خاطئة تماماً. وبعد ثورة 25 يناير وانهيار الأجهزة الأمنية، أظن أن فلول هذه الأجهزة تحاول الآن إثارة المشكلة الطائفية من جديد كوسيلة لبث الاضطراب وربما لإشاعة اليأس لدى الناس من إمكانية نجاح الثورة".

ويتفق عبد الفتاح مع هذا التحليل، موضحاً أن الظهور الذي وصفه بـ"الفجّ" للمجموعات السلفية على الساحة السياسية المصرية بعد الثورة لا يتفق والصورة السابقة لهذه الجماعات، التي كانت على علاقة جيدة مع النظام وكانت تدعو دوماً "إلى إطاعة أولي الأمر"، وهو ما قد يعزز من فكرة وجود "أصابع تريد إحداث الفوضى عبر إثارة الصراع ما بين طرفين هما الأقباط وما يسمى الآن بالسلفيين".

فلول النظام تتحرك بدافع الانتقام

لكن المحلل السياسي المصري يوضح بأن هذه العناصر ليست بالذكاء أو الدهاء الذي يتوقعه الكثيرون منها، مؤكداً أن عناصرها يفتقرون إلى القدرة على الخروج بخطة لزعزعة الاستقرار في البلاد، لكنهم يمتلكون القدرة على إشاعة الفوضى والبلبلة. ويتابع بالقول: "المخطط الواضح أمامي هو أن هناك محاولات لا نهائية من قبل عناصر في النظام السابق أو عناصر فقدت الشعور بأن مصر دولتها أو مزرعتها أو "عزبتها"، والآن يريدون الانتقام واستعادة بعض القوة أو إفشال سيطرة الثورة على المجتمع والحكم وإعادة الاستقرار.

وفي هذا السياق قد يثير المرء تساؤلاً عن دور الجيش المصري، الذي يحكم البلاد بشكل مؤقت عبر المجلس العسكري الأعلى، والذي رد على أحداث إمبابة ببيان لوزير العدل محمد عبد العزيز الجندي قال فيه إن المجلس قرر تفعيل المواد الخاصة بـ"قانون البلطجة"، التي يصل الحد الأقصى للعقوبة فيها إلى الإعدام. وأضاف أن الحكومة ستنشر قوات الأمن المركزي في مناطق البلاد المهددة.

الاحتقان الطائفي "قطعة في فسيفساء" الثورة المضادة

تباطؤ الجيش في الحدّ من تعديات السلفيين يثير قلق المحللين السياسيين وحيرتهمصورة من: dapd

لكن الدكتور حسن نافعة يستغرب رد فعل المجلس العسكري، معتبراً أن القضية "لا تعالج بطريقة أمنية فقط، وإذا كان المقصود هو أن يكون جهاز الأمن أو الجيش أكثر حزماً في التعامل مع الذين يثيرون الفتنة الطائفية، فأنا لا أظن أن هذا سينجح على الإطلاق ... أظن أنه من المطلوب إعادة النظر في دور الأزهر والكنيسة. أنا أظن أن الكنيسة مسؤولة جزئياً على الأقل عن هذا الاحتقان الطائفي الذي تعاني منه مصر، وكل المؤسسات المصرية مسؤولة عن هذا الاحتقان ويجب أن تعلب دوراً إيجابياً لمعالجة هذه المشكلة المزمنة".

لكن وائل عبد الفتاح يعتقد بأن الجيش يتعامل بطريقة مناسبة مع الاحتقان الطائفي، وإن كان هذا التعامل متأخراً بعض الشيء، وذلك بسبب "بعض التفاصيل التي كان لا بد أن تحسم قبل ذلك بزمن طويل. لا بد أن يتم مواجهة الجماعات السلفية التي أعلنت عن ظهورها بشكل لا يخلو من الفجاجة بعد الثورة ... هذه الأحداث تم التعامل معها بلا مبالاة وبغض الطرف بحيث أدى إلى تصاعدها وشعور هذه المجموعات بالقوة".

تعامل الجيش مع ظاهرة الاحتقان الطائفي أو الجماعات السلفية يعني فقط القضاء على جزء من مكونات ما بات يعرف بـ"الثورة المضادة"، التي تستند إلى شبكة من المصالح بناها النظام السابق على مدى سنوات حكمه الثلاثين، لدرجة تغلغلها في أحشاء المجتمع المصري. فسقوط رأس النظام لا يعني بالضرورة إسقاط هذه المصالح ومن يتحكمون بها، وطالما بقيت وبقوا فإن منجزات ثورة 25 يناير لا تزال مهددة بأن يتم القضاء عليها.

ياسر أبو معيلق

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW