توصل عالم البيولوجيا الجزئية فرانك برادتكه إلى حقائق طبية هامة: عقاقير مرض السرطان قد تساعد على تجديد الخلايا العصبية التالفة. وتقديرا لبحوثه، توج برادتكه بواحدة من أهم الجوائز العلمية في ألمانيا مع تسعة باحثين آخرين.
إعلان
حصل عشرة باحثين بارزين على "جائزة لايبنيتس" (Leibnitz) للبحوث العلمية للتشجيع على البحث العلمي التي تمنحها سنويا مؤسسة البحوث الألمانية. 2.5 مليون يورو هي قيمة الجائزة التي سيحصل عليها كل فائز لمساعدته على تحسين ظروف عمله.
فرانك برادتكه، أستاذ علوم الأحياء العصبية في جامعة بون ومدير فريق بحث لدى المركز الألماني للأمراض العصبية، هو أحد المتوجين العشرة. أجرى برادتكه بحوث علمية في مجال نمو الخلايا العصبية وكيفية تجديدها بعد تلفها إثر التعرض لحادث أو إعاقة.
نمو الخلايا العصبية مرتبط بأعضاء الجسم
تعمق برادتكه في دراساته بحثا عن الجزيئات الحيوية المسؤولة عن إتلاف أو تجديد الخلايا العصبية بعد التعرض لحادث أو إعاقة. مكان الأعصاب التالفة في الجسم يؤثر بشكل كبير على إمكانية ترميمها وإعادة نموها من جديد كالسابق. على سبيل المثال، الخلايا العصبية للأذرع والأرجل والأنف والصدر يمكن إعادة ترميمها ولو جزئيا. في المقابل، يصعب تجديد الخلايا العصبية التالفة في الدماغ أو في النخاع الشوكي، خاصة تلك التي تشوهت بسبب إصابات مزمنة أو تشوهات بسبب حادث أو مشاكل في العمود الفقري.
ما هي الأسباب التي تعيق ترميم الخلايا أو ما يسمى بالمحور العصبي، وإعادة نموها من جديد؟ الباحث برادتكه حاول الإجابة على هذا السؤال وقد توصل إلى حقائق مثيرة.
"خياطة الجروح هي المسؤولة"
"المواد الكيمائية المنبعثة من نسيج ندبة في الجسم بسبب جرح أو حادث، هي التي تمنع نمو الخلايا من جديد"، يوضح العالم الألماني المتخصص في علم الخلايا العصبية. لهذا من الضروري أن نتجنب قدر المستطاع تخييط الجروح بعد التعرض لحادث أو إصابة. في المقابل، يمكن أن تساعد بعض عقاقير مرض السرطان على تقليص نسيج الندبة وتنشيط عملية نمو الخلايا العصبية. هذا ما أثبتته على الأقل تجربة أجراها الباحث الألماني على في محاولة أولى على فئران تعاني من إصابات في العمود الفقري، وقد كانت النتيجة مثيرة. الفئران تعافت بعض الشيء وتحسنت حركتها بشكل واضح.
"سنختبر يوما ما هذه التجربة على بعض المرضى، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل لتحقيق ذلك". نتائج الاختبارات ستساعدنا على تركيز بحوثنا بهدف إيجاد عقاقير طبية تساعد على معالجة المرضى في المستقبل"، يقول الباحث الأألماني برادتكه .
وسيتم تسليم الجائزة إلى الباحثين العشرة في 1 مارس 2016 في برلين.
الطب المتجدد: عندما يعالج الجسم أمراضه ذاتياً
يتكون الجسم من أكثر من مائتي نوع من الخلاياـ تكون في البداية متشابهة وتعرف بالخلايا الجذعية. لكن سرعان ما تصبح لها وظائف محددة، تتحول بعدها إلى مصدر للخلايا الجذعية المهمة في الطب المتجدد، إذ تمنح الأمل لكثير من المرضى.
صورة من: picture-alliance/dpa
الخلايا الجذعية أصل الطب المتجدد
للخلايا الجذعية دور مهم في تطوير الطب المتجدد، فهي أصل جميع خلايا في الجسم، وبانقسامها تنشأ من الخلايا الجذعية خلايا فرعية لها وظائف محددة، لتتحول ثانية إلى خلايا جذعية. والمميز هو أن هذه العملية تستمر طيلة حياة الإنسان، وبذلك تتجدد أعضاء الجسم.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتقادات حادة
في عام 1998 نجح باحثون أمريكيون في الحصول على خلايا جذعية جنينية بشرية عبر قتل الأجنة، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة. فتوقيت بدء حياة الجنين الذي يتشكل بعد اتحاد البويضة بالنطفة لا يمكن تحديده، وفي عام 1991 تمّ تطبيق قانون حماية الأجنة في ألمانيا، الذي يمنع الحصول على خلايا جذعية من الأجنة، فضلاً عن أن استيراد هذه الخلايا الجنينية إلى ألمانيا لا يمكن أن يتم إلا وفق شروط صارمة.
صورة من: picture-alliance/dpa
خلايا جذعية مقبولة أخلاقياً
على عكس الخلايا المشتقة من الأجنة، فإن الحصول على ما يعرف بالخلايا الجذعية المستحثة أمر مقبول من الناحية الأخلاقية. فهي خلايا يتم الحصول عليها من خلايا جسدية بالغة، ويمكن تحويلها إلى خلايا جذعية بواسطة أربع خلايا يتم زرعها في المختبر. وتستخدم لعلاج الخلايا أو كأساس لاختبار الأدوية. وكثيراً ما تستخدم في بحوث خاصة بتطور مرض الشلل الرعاش مثلاً.
صورة من: AFP/Getty Images
تجديد أعضاء الجسم
لا يمكن لجميع أعضاء الجسم أن تتجدد، كالعيون والدماغ والقلب. ومع التقدم في العمر، تصبح قدرة الأعضاء على التجدد محدودة، إذ تموت الخلايا وتنخفض قدرة الأعضاء على القيام بوظائفها. أحد أهداف الطب المتجدد هو إعادة تفعيل قوى الشفاء الذاتي للجسم ثانية.
صورة من: Adimas/Fotolia.com
أنسجة بديلة
عبر هندسة الأنسجة يمكن تطوير أنسجة تشبه الأصلية. ويمكن استخدام هذه الأنسجة في علاج الحروق وفي إنتاج الأوردة الدموية والأعضاء. هذه الطريقة تعزز عملية الشفاء الذاتي وهي بمثابة تقدم مهم في عالم الطب يفتح الباب أمام إمكانيات عديدة. وعبر هندسة الأنسجة يسعى الباحثون لاستبدال أعضاء كاملة مثل الكبد أوالكلى.
صورة من: Colourbox
العلاج بالخلايا
الهدف من العلاج بالخلايا هو تحفيز عمليات التجديد، فضلاً عن استبدال الخلايا المشوهة أو المصابة. ويستخدم العلاج الخلوي كثيراً في حالات زراعة الخلايا الجذعية في الدم، وذلك عن طريق استبدال نخاع العظام المريض بخلايا سليمة، مثل علاج الحالات المتقدمة من سرطان الدم. فالعلاج الكيميائي والإشعاعي يؤثر سلباً على عملية إنتاج خلايا الدم والجهاز المناعي للمريض.
صورة من: C. Lee-Thedieck/KIT
العلاج بالجينات
ما يزال العلاج الجيني موضع جدل كبير في عالم الأبحاث. وفيه يتم حقن مادة وراثية جديدة في الخلايا الجذعية، وبهذا يتم استبدال المورثة الجينية المصابة بمورثات سليمة. وتستخدم هذه الطريقة لعلاج الأمراض الوراثية بشكل أساسي وبعض أمراض السرطان. أما مشكلة هذا العلاج فهو استخدام بعض الفيروسات المعدلة وراثياً لنقل هذه المورثات، وهنا من الممكن للفيروسات أن تستعيد نشاطها وبالتالي إصابة المرضى بأمراض أخرى.