جائزة "Echo" الألمانية: فرقة "البناطيل الميتة" أكبر الرابحين
٢٣ مارس ٢٠١٣ سنة 2012 كانت من أفضل السنوات التي عرفتها فرقة "Die Toten Hosen" (البناطيل الميتة) الموسيقية الألمانية، إذ احتفلت فيها بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسها. كما تصدرت أغنيتها "أيام مثل هذه" ترتيب الأغاني الأكثر استماعاً في ألمانيا لعدة أسابيع، وحصل ألبومها على المركز الثاني لأكثر الألبومات مبيعاً، إضافة إلى نفاد التذاكر لكل حفلاتها.
وتم بيع حوالي 700 ألف نسخة من ألبوم الفرقة، الذي يحمل عنوان "حمل الجمهورية". أما حفلاتهم، التي تنطلق تحت عنوان "ضجيج الجمهورية"، فقد بيعت تذاكرها بالكامل حتى منتصف شهور مايو/ أيار المقبل، وحفلتهم في مدينتهم الأم دوسلدورف بيعت تذاكرها الـ42 ألف في غضون ساعات فقط.
لكن "البناطيل الميتة" لم تكتف بذلك وحسب، بل وأضافت له فوزاً ساحقاً خلال حفل توزيع جائزة "إيشو" الموسيقية الألمانية، والتي تمنحه الأكاديمية الألمانية للصوتيات. فقد تم تكريم الفرقة بعدة جوائز، منها جائزة أفضل فرقة في فئة فرق الروك والبوب الوطنية، إضافة إلى حصول ألبومهم على جائزة أفضل ألبوم، وأغنيتهم "أيام مثل هذه" على جائزة أفضل أغنية خلال العام.
مسيرة غير عادية
تنحدر فرقة "البناطيل الميتة" من مدينة دوسلدورف، وتتكون من خمسة أشخاص بقيادة المغني كامبينو ذي الشخصية الجذابة. وفي آخر حفل أقامته الفرقة في دوسلدورف سنة 1982، لم يحلم أعضاء الفرقة كامبينو وكودل وفوم وأندي وبرايتي بأنهم سيحققون نجاحات مثل ما حققوه هذا العام.
فاليوم يعتبر أعضاء الفرقة من أصحاب الملايين، علاوة على كونهم قدوة في مجالات النشاط الرياضي والاجتماعي. وفي جولتهم الفنية لإحياء ذكرى مرور ثلاثين عاماً على تأسيس الفرقة، أثبت أعضاء "البناطيل الميتة" أنهم قادرون على الإبهار، فأحيوا حفلات خاصة في غرف المعيشة لبعض معجبيهم وفاجأوا بإحياء حفل في أحد السجون الألمانية.
ورغم شهرتهم التي امتدت إلى خارج ألمانيا، إلا أن أعضاء الفرقة حافظوا على تواضعهم، ففي مسقط رأسهم دوسلدورف تجدهم يحضرون مباريات كرة القدم أو حفلات موسيقية أو يجلسون حتى في إحدى الحانات.
التزام بالبانك روك
ويشرح الناقد الموسيقي فيليب هولشتاين ظاهرة "البناطيل الميتة" كالتالي: "لقد بقي أعضاء الفرقة أوفياء لأنفسهم، وهم ملتزمون بموسيقى البانك روك ... كلما طال مقامي في مدينة دوسلدورف، كلما لاحظت بشكل أوضح مدى أهميتهم للمدينة ولألمانيا بشكل عام".
لا عجب في ذلك، فـ"البناطيل الميتة" معروفون بمواقفهم الثابتة، سواء ضد استخدام الطاقة النووية أو ضد النازيين، أو وقوفهم عراة أمام الكاميرا كجزء من حملة ضد استخدام الفراء الطبيعي في الملابس. وردهم على ترشيح فرقة "فرايفيلد" اليمينية النمساوية للجائزة كان واضحاً أيضاً، وإن كان معتدلاً بعض الشيء. وفيما رفضت فرقة "كرافت كلوب"، شاكرة، ترشيحها للجائزة، قالت فرقة "البناطيل الميتة" في بيان بعد ترشيحها: "يجب ألا نغمض أعيننا عن حقيقة أن هناك العديد من الناس ممن يحبون ويشترون الموسيقى التي تخدم المصالح اليمينية. لكن يؤسفنا أن فرقة ثانوية مثل فرايفيلد صعدت فجأة إلى خشبة المسرح بسبب النقاش الدائر".
واقترحت الفرقة أن تضيف جائزة "إيشو" فئة جديدة إلى جوائزها تكرم الفنانين الذين نأوا بأنفسهم عن الحركات اليمينية.
نجاح فأزمة فبحث عن الذات
حققت فرقة "البناطيل الميتة" أول نجاح لها سنة 1988 من خلال ألبومها "جزء من عرض مرعب" وأغنية "أليكس قادم"، التي أصبحت من أشهر الأغاني الألمانية. النغمات البسيطة والنصوص التي يسهل فهمها انتشرت كالنار في الهشيم بين عشاق الموسيقى، وبألبومات حملت أسماء مثل "اشترني" أو "أفيون للشعب"، صعدت الفرقة بسرعة سلم الأغاني الأكثر استماعاً.
كما جذبت الفرقة كل الفئات العمرية إليها، ولم يكن من النادر أن ترى الآباء يصطحبون أبناءهم إلى حفلاتها الموسيقية. وما يميز هذه الفرقة عن غيرها هي صيتها الذائع في الأرجنتين، والمستمر منذ عشرين عاماً، وهذا ليس سببه غناءهم لأغنية "غوانتاناميرا" الأرجنتينية الشهيرة.
وقبل 15 عاماً، وأثناء حفلهم الموسيقي الألف، كانت الفرقة على حافة التفكك، بعد وفاة شاب في السادسة عشر من العمر جراء التدافع في الحفل. حالة الوفاة هذه أدت إلى جدل كبير وأزمة عميقة داخل الفرقة ، إلا أنها تغلبت في النهاية على هذه الأزمة واستمرت.
وفي سنة 2007 حبس الكثير من عشاق الفرقة أنفاسهم، بعد أن منحها راديو "1 لايف" جائزة "التاج" عن مجمل أعمالها، وهي جائزة تلمح إلى أن وقت التقاعد قد حان. لكن ذلك لم يثن "البناطيل الميتة"، والذين يعتقدون بأن هذه الجائزة مُنحت لهم في وقت مبكر للغاية.
هذه المسيرة المليئة بالنجاحات تركت حتى نجم الفرقة كامبينو عاجزاً عن التعبير، إلا أنه قال: "أعترف بأن 90 في المئة من كل ما عشته في حياتي ويمكنني وصفه بأنه رائع أو ممتاز مرتبط بالبناطيل الميتة". ولا يبدو وكأن الفرقة تنوي في الوقت الراهن اختتام مسيرتها الفنية. وحتى في حالة الوفاة، فإن الفرقة مستعدة لذلك، فقد اشترى أعضاؤها قبراً جماعياً في إحدى مقابر دوسلدورف.