جبل طارق يجمع لندن والاتحاد الأوروبي في اتفاق "تاريخي"
ماجدة بوعزة أ ف ب/ د ب أ
١١ يونيو ٢٠٢٥
بعد سنوات من الجدل بشأن المنطقة عقب بريكست، توصلت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن الحدود بين إسبانيا وجيب جبل طارق البريطاني الواقع في جنوب إسبانيا، التي تطالب بالسيادة عليه. فما مضمون هذا الاتفاق؟
اتفاق تنقل حر للأشخاص والبضائع بين جبل طارق وإسبانيا، بعد تسوية للمسألة العالقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا منذ بريكست.صورة من: Micha Korb/pressefoto_korb/picture alliance
إعلان
أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء (11 يونيو/حزيران 2025) اتفاق تنقل حر للأشخاص والبضائع بين جبل طارق وإسبانيا، في تسوية لمسألة كانت لا تزال عالقة بينهما منذ بريكست.
وأفادت لندن وبروكسل في بيان مشترك بأن الاتفاق الذي ما زال يتعين المصادقة عليه، يهدف إلى إزالة "كل الحواجز المادية وعمليات الضبط والتحقق على الأشخاص والبضائع التي تتنقل بين إسبانيا وجبل طارق".
فائدة للجميع!
وأكد المفوض الأوروبي ماروس سيفكوفيتش للصحافيين، أن الاتفاق "يعود بالفائدة على الجميع وسيجلب الأمن القانوني والطمأنينة لأهالي المنطقة وشركاتها".
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أشاد سيفكوفيتش بالاتفاق باعتباره "حدثا تاريخيا حقا: اتفاق سياسي بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن العلاقة المستقبلية بشأن جبل طارق، هذا يفيد الجميع ويعزز فصلا جديدا في العلاقة بين الجانبين".
وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، مبديا ارتياحه، إن الاتفاق "يأتي بحل عملي بعد سنوات من انعدام اليقين". وبقيت مسألة العلاقة بين الجيب البريطاني الواقع في جنوب إسبانيا والتكتل الأوروبي عالقة مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2020.
وفي نهاية 2020، توصلت مدريد ولندن في اللحظة الأخيرة قبل بريكست إلى اتفاق إطاري للحفاظ على حرية تنقل الأشخاص والبضائع على الحدود بين إسبانيا وجبل طارق، لكن لم يوقع اتفاق نهائي بهذا الصدد.
تاريخ وعلاقة مستمرة
وفي استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، أيد 96% من الناخبين في جبل طارق البقاء في الاتحاد الأوروبي. ويعبر حوالي 15 ألف شخص غالبيتهم من الإسبان الحدود كل يوم لدخول الجيب البالغ عدد سكانه حوالي 34 ألف نسمة من أجل العمل.
وتعتمد المنطقة الصغيرة على الطرف الجنوبي لإسبانيا بشكل كبير على الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي لسكانها البالغ عددهم 34 ألف نسمة.
وتخلت إسبانيا عن جبل طارق لبريطانيا عام 1713 في إطار معاهدة أوتريخت، لكنها تطالب منذ ذلك الحين بالسيادة عليه، ما يثير باستمرار توترا بين مدريد ولندن.
ومع التوصل إلى بروتوكول بين لندن وبروكسل حول إيرلندا الشمالية في 2023، بقي جبل طارق آخر منطقة بريطانية بدون اتفاق يحدد بوضوح علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
جبل طارق: الصراع على الجيب البريطاني
تشييد حواجز بيتونية في البحر ضاعف من حدة الصراع بين مدريد ولندن، ومؤخرا اتفق الجانبان على استقبال بعثة مراقبين من الاتحاد الأوروبي إلى إقليم جبل طارق، في محاول لامتصاص الأزمة.
صورة من: Getty Images
تصعيد للنزاع
تتنازع إسبانيا والمملكة المتحدة بسبب إقامة أكثر من 70 كتلة إسمنتية قبالة سواحل جبل طارق. وفي نهاية شهر يوليو/ تموز قامت حكومة جبل طارق هناك بتشييد شعاب اصطناعية في البحر الأبيض المتوسط. مهمة هذه الحواجز البيتونية حماية المياه الساحلية ومنع الأنشطة غير المشروعة للصيادين الإسبان. إسبانيا اعتبرت الإجراء بأنه غير قانوني، لأن تلك المياه تخضع للسيادة الإسبانية.
صورة من: Reuters/Jon Nazca
احتجاج صيادي الأسماك
احتجاجا على تلك الحواجز التي وضعت تحت الماء، قام 38 قارب صيد إسباني بالدخول يوم الأحد 18 أغسطس/ آب إلى سواحل المنطقة البريطانية. الصيادون الإسبان احتجوا على بناء الحاجز واشتكوا من أنه يمنعهم من الدخول إلى مناطق الصيد. زوارق حراس الشواطئ أغلقت الطريق عليهم وأجبرتهم على العودة.
صورة من: Getty Images
سفينة حربية قبالة الساحل
الصراع شهد تصعيدا جديدا عندما رست سفينة حربية بريطانية يوم الاثنين 19 أغسطس/ آب قبالة سواحل جبل طارق. رحلة السفينة المسلحة التي كانت ستشارك في مناورات بحرية، كان متفق عليها سابقا مع إسبانيا. تزامن هذا الأمر مع التوترات الدبلوماسية.
صورة من: Marco Moreno/AFP/Getty Images
ساعات طويلة من الانتظار
فرضت إسبانيا مراقبة أكثر صرامة على الحدود لمن يريد دخول إسبانيا من جبل طارق. وصار على سائقي السيارات أن يأخذوا في الاعتبار فترات انتظار تصل إلى ثلاث ساعات أو أكثر. إسبانيا بررت الضوابط بأنها ضرورية للتفتيش عن مهربين.
صورة من: Reuters
محاولة لصرف الأنظار؟
رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو اتهم الحكومة الإسبانية بأنها "تريد صرف الأنظار عن مشاكلها الخاصة مثل فسادها وفضائح تبييض الأموال التي تقوم بها". إسبانيا تدفع حاليا باتجاه "مسار تصادمي" وتحاول قطع خيط الحوار الدبلوماسي.
صورة من: MARCOS MORENO/AFP/Getty Images
مساعدة من الاتحاد الأوروبي
في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أعرب رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي عن استيائه من بناء الشعاب الاصطناعية ورفض هذا الإجراء "غير المقبول" كليا. والآن يفترض أن تقوم بعثة مراقبين من الاتحاد الأوروبي بدراسة الوضع على الحدود. هذا ما اتفق عليه زعيما الدولتين مع رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو.
صورة من: picture alliance / empics
الاتحاد الأوروبي كوسيط
وتهدف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى المساهمة في وضع حد للنزاع المستمر منذ أسابيع بين لندن ومدريد. وستعمل البعثة بمشاركة السلطات الإسبانية والبريطانية وستقوم بالتحقق من الوضع على الحدود. متى يبدأ الخبراء عملهم؟ أمر لم يتضح بعد.
صورة من: Getty Images/Pablo Blazquez Dominguez
مستعمرة جبل طارق التابعة للتاج البريطاني
السبب البعيد للخلاف بين الدولتين هو أن إسبانيا لم تتقبل بشكل كامل انضمام جبل طارق لبريطانيا. في معاهدة أوترخت لعام 1713 تم التوقيع على ملكية البريطانيين لجبل طارق. وبعدها باءت كل المحاولات الإسبانية للسيطرة عليها بالفشل. ووفقا لدستور عام 1969 بات جبل طارق مستعمرة تابعة للتاج البريطاني.
صورة من: Getty Images/Afp/Marcos Moreno
البقاء مع بريطانيا
يتمتع جبل طارق بحكم ذاتي في الشؤون الداخلية. فقط الدفاع والشؤون الخارجية تتولاها المملكة المتحدة. البريطانيون يقولون إنهم سيقبلون عودة الإقليم لإسبانيا في حال وافق السكان على ذلك. في الاستفتائين الذين أجريا في عامي 1967 و 2002، صوت نحو 99 بالمئة من السكان لصالح بقاء جبل طارق تحت التاج البريطاني.