1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جدل الإجازات في ألمانيا .. أعياد دينية وصدام مع جداول العمل

١١ أكتوبر ٢٠٢٥

مسيحيون ويهود ومسلمون .. تتجه ألمانيا نحو تنوع ديني متزايد. فماذا يعني ذلك بالنسبة للأعياد والعطل؟ ولماذا تعتبر بعض القواعد الخاصة بإجازات الأعياد الدينية قواعد معقدة جدًا؟

أرشيف عيد الفطر في ألمانيا
سواء لدى المسيحيين أو اليهود أو المسلمين أو أتباع الديانات الأخرى: غالبًا ما يوجد طعام جيد في الأعياد الدينيةصورة من: Eman Helal/dpa/picture alliance

"غير مثيرة على الإطلاق في محتواها". هكذا يصف أستاذ القانون والخبير في الدراسات الإسلامية ماتياس روهى لائحة قانونية أثارت ضجةً مؤخرًا. روهى خبير يقدّم استشارات للسياسيين في ألمانيا، وكان عضوا في أول نسخة من "مؤتمر الإسلام في ألمانيا" (DIK)، التي نظمت عام 2006، فما هي هذه اللائحة التي يشير إليها؟

هذه اللائحة تتعلق بولاية شليزفيغ هولشتاين وباتفاق تم توقيعه بين وزارة التعليم بها وبين واحدة من أكبر الجمعيات الإسلامية بتلك الولاية الواقعة بشمال ألمانيا. وينص هذا الاتفاق على إمكانية منح إجازة خاصة للعاملين والموظفين المسلمين في بعض الأعياد الإسلامية.

غضب من "أيام عطلة خاصة"

وحول هذا الاتفاق العادي دار من دون شك جدال حاد. وتكفلت بذلك صحيفة "بيلد"، التي تعد أكبر صحيفة شعبية في ألمانيا، والصحيفة الأكثر إثارة للجدل والاستياء. ونشرت مقالًا عنوانه: "في شليزفيغ هولشتاين: المسلمون يحصلون على إأيام عطلة إضافية". ثم جاء في نَص المقال: "في شليزفيغ هولشتاين يستطيع المسلمون الآن الحصول على أيام عطلة خاصة".

وكذلك صحيفة "فيلت"، التي تصدر مثل صحيفة "بيلد" عن دار نشر "شبرينغر"، تحدثت أيضًا عن "عطلتين إضافيتين للمسلمين" في ولاية شليزفيغ هولشتاين. واستضاف تلفزيون "فيلت" باحثة الدراسات الإسلامية سوزانه شروتر، التي تحدثت في عجالة عن "عطلتين إضافيتين للمسلمين فقط". مع أنَّ المسلمين، بحسب تعبيرها، يُعطلون أيضًا في الأعياد المسيحية. وأضافت أنَّ هذا يظلم في المستقبل "الآخرين، الذين لا توجد لديهم أيام عطلة إضافية خاصة".

سوزانه شروتر، باحثة دراسات إسلامية في فرانكفورت أم ماينصورة من: Privat

لكن؛ لا توجد "عطلات إضافية" للمسلمين في ألمانيا. ويوضح المتحدث باسم وزارة التعليم في كيل، عاصمة ولاية شليزفيغ هولشتاين، أنَّ اتفاق الولاية مع "رابطة المراكز الثقافية الإسلامية في شمال ألمانيا" يُنظّم بوضوح القاعدة المعمول بها، ولكنه لا ينص على أي قانون جديد.

وهذه الخطوة الصغيرة في شليزفيغ هولشتاين والاستياء منها تمثلان لمحة من نقاش ألماني أكبر حول الاندماج والهوية الثقافية، ويدور أيضًا حول العطلات الرسمية. ففي ألمانيا ينظم القانون الأيام التي يحصل فيها معظم الموظفين على إجازة. وتسمى هذه الأيام "عطلات رسمية". ويحدد القانون الاتحادي يومًا واحدًا فقط كعيد وطني هو الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر وهو عطلة رسمية في جميع أنحاء ألمانيا.

الولايات لديها قواعد مختلفة للعطلات الرسمية

تحدد الولايات العطلات الرسمية الأخرى، التي يستند معظمها إلى تقاليد دينية. وهذا يسبب تعقيدا في أمور تنظيمة كثيرة في ألمانيا.

ويحق لجميع العاملين في ألمانيا الحصول على يوم إجازة في اليوم الأول والثاني من عيد الميلاد وفي يوم اثنين الفصح (اثنين القيامة) واثنين العنصرة. وفي عيد القربان المقدس في أواخر الربيع، وهو عيد مهم عند المسيحيين الكاثوليك فقط، ولذلك يكون عطلة فقط في الولايات الاتحادية التي يعتبر غالبية سكانها من الكاثوليك. وفي عيد "يوم التوبة والصلاة" البروتستانتي في تشرين الثاني/نوفمبر، ينطبق الأمر نفسه في الولايات الاتحادية التي يعتبر غالبية سكانها من المسيحيين البروتستانت.

وهذه القواعد تم ترسيخها قبل عقود عديدة. ولكن الظروف والتوقعات الدينية يمكن أن تتغير. ومثلًا عيد القربان المقدس في ولاية شليزفيغ هولشتاين لا يعتبر عطلة رسمية.

رغم ذلك فإن كان هناك عامل مسيحي كاثوليكي لا يريد العمل في هذا اليوم، بل يريد الذهاب إلى القداسات الدينية والتأمل، فيمكنه تقديم طلب إجازة خاصة لدى صاحب العمل، ويجب الموافقة عليها إن كان ذلك ممكنًا. وتعتبر إجازة خاصة من دون أجر. وفي أوقات احتساب ساعات العمل وأوقات العمل المرن، يتم في العادة تنظيم مثل هذه الحقوق بشكل مختلف.

وهذا هو بالضبط ما يحدث في ولاية شليزفيغ هولشتاين الآن بالنسبة لعيدين دينيين لدى المسلمين. ففي اليوم الأول من عيد الفطر واليوم الأول من عيد الأضحى، يمكن "إعفاء" موظفي القطاع العام والموظفين والعاملين وتلاميذ المدارس، كما أوضحت وزارة الولاية. وأضافت أنَّ هذا يتم وفقًا لقانون أيام الأحد والعطلات الرسمية وكذلك قانون المدارس. أي إجازة مع التخلي عن الراتب.

تحضير الحلويات من أجل عيد الفطرصورة من: Eman Helal/dpa/picture alliance

إشارة إلى الحرية الدينية

ولهذا السبب وصف أستاذ القانون والدراسات الإسلامية ماتياس روهى، في حوار مع DW، اتفاق كيل بأنَّه "غير مثير على الإطلاق في محتواه المتعلق بالعطلات الرسمية". وهو يتبنى "قاعدة قانونية معمولا بها".

وأضاف أنَّ هذا يحترم "بشكل مناسب حرية المسلمين الدينية المحمية دستوريًا". وهذا التوضيح مفيد للسلطات والمنظمات، وذلك لأنَّ "تفاصيل الممارسة القانونية غير معروفة للجميع".

ماتياس روهى: أستاذ قانون وخبير في الدراسات الإسلامية بجامعة نورنبرغ-إرلانغنصورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler

التلاميذ يمكنهم الحصول على إجازة للأعياد الدينية

ما الذي ينطبق في المدارس؟ استفسرنا من سكرتارية مؤتمر وزراء التعليم والشؤون الثقافية في برلين. في النظام الاتحادي الألماني، الذي يتسم بعلاقة معقدة بين الحكومة الاتحادية والولايات الست عشرة، تقع مسؤولية سياسة التعليم والمدارس على عاتق الولايات. وأشارت سكرتارية مؤتمر وزراء التعليم إلى قواعد كل ولاية بمفردها وأرسلت توضيحات.

وتبيّن هذه القواعد أنَّ أطفال المدارس يمكنهم في العادة الحصول على عطلة مدرسية للاحتفال بالأعياد الدينية. وتحدد ولاية بافاريا للأطفال اليهود خمسة أعياد دينية تتطلب في العادة أكثر من عشرة أيام دراسية، وللأطفال المسلمين عيدين لمدة تصل حتى أربعة أيام دراسية، وللأطفال المسيحيين الأرثوذكس سبعة أعياد تصل حتى سبعة أيام دراسية .

وتسري في معظم الولايات الألمانية إجراءات غير متطابقة تمامًا ولكنها متشابهة جدًا. وأحيانًا يتم إدراج أعياد العلويين، مثلًا في ولايتي هامبورغ وراينلاند بفالتس.

وفي ولاية تورنغن في شرق ألمانيا يتم ذكر الأعياد المسيحية فقط. وبخلاف ذلك يسري في هذه الولاية: أنَّ "التقويم متعدد الثقافات" الصادر عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين يقدِّم إرشادات حول أهم الأعياد الدينية التي قد تكون مهمة للعائلات ذات الأصول المهاجرة.

وهذا يبيّن: أنَّ مثل هذه اللوائح قد تم تحديدها على مستوى ألمانيا بشكل أكثر وضوحًا في القطاع المدرسي مما هو عليه في قطاع العمل، الذي عملت فيه الآن ولاية شليزفيغ هولشتاين. وتوجد توضيحات مشابهة في الولايات التي يعيش فيها عدد أكبر من المواطنين المسلمين، مثل شمال الراين وستفاليا وبرلين.

سواء الكيباه أو الحجاب، الديانة اليهودية أو الإسلام - يجب إتاحة الفرصة للأشخاص المتدينين في ألمانيا من أجل الاحتفال بأعيادهمصورة من: picture-alliance/dpa/B. Pedersen

والحاجة إلى هذه القواعد ضرورية أكثر بالنسبة للمدارس مما هي عليه في سوق العمل: وذلك لأنَّ تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات لا يمكنهم أخذ أيام إجازة بشكل مرن أو التخطيط لساعات عمل إضافية، بعكس العمال. ولذلك يدعو معهد تيكفا، الذي يدافع عن وجهات النظر اليهودية، الولايات الألمانية إلى مراعاة الأعياد اليهودية المهمة عند تحديد مواعيد الامتحانات في الجامعات.

المجلس المركزي للمسلمين: لا يوجد تفضيل

ومن جانبه رحَّب رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، عبد الصمد اليزيدي بهذه التوضيحات. وقال لـDW: "في الواقع هذا لا يتعلق بتفضيل المسلمين والمسلمات"، بل بإمكانية أخذ إجازة أو تقديم طلب إجازة من دون أجر في الأعياد والمناسبات الدينية المهمة، "كما يحق هذا أيضًا لأعضاء الطوائف الدينية الأخرى غير المسيحية".

ولكن من المثير للقلق بحسب تعبيره هو أنَّ بعض الجهات الفاعلة في ألمانيا ووسائل الإعلام تستغل الفرص مرارًا وتكرارًا من أجل تعزيز الأحكام المسبقة تجاه المواطنين المسلمين. ويقول عبد الصمد اليزيدي إنَّ التعايش باحترام ضروري في المجتمع المتنوع.

وبالمناسبة فقد تناولت صحيفة "بيلد" هذا الموضوع من جديد بعد أيام قليلة. ولكنها كتبت الآن: "ضجة حول إعلان حكومي: عطلات إضافية للمسلمين؟ هذا ما وراء ذلك". وبعد بضعة أسطر: "لا تنتج عن ذلك أية مزايا في قانون العمل للمسلمين".

أعده للعربية: رائد الباش/ تحرير: صلاح شرارة

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW