جدل حول أسبقية نظرية النشوء والإرتقاء في المدارس الأمريكية
٨ أغسطس ٢٠٠٥دار نقاش بين خمسة صحافيين أمريكيين يعملون في صحف إقليمية مختلفة مع الرئيس جورج بوش حول مسألة خلق الكون ونشاة الطبيعة والإنسان، فتهرب بوش من الإجابة حينما سؤل من أحدهم عن رأيه الشخصي في هذا الشأن قائلا: "إن مسألة الخلق والوجود يستحيل أن تكون بدون خالق أكبر." بهذه الكلمات استطاع الرئيس الأمريكي الإلتفاف على الإجابة المباشرة على هذا السؤال. وأضاف خلال حديثه المطول مع الصحفيين بأنه "من واجب التعليم المدرسي التعريف بالنظريات والأفكار المختلفة المتعلقة بهذا الأمر." وبعزمه هذا يكون الرئيس بوش قد دخل في مناقشات وجدالات حادة، من شأنها أن تبعث على الاستغراب بل حتى القلق عند العديد من الأمريكيين، وخصوصا عند المسيحيين المتزمتين في أمريكا، فهم يعتبرون مسألة تدريس "نظرية داروين" في حصة البيولوجيا شيء لا يمكن السكوت عليه. وأصبح العديد من الأمريكيين في الآونة يميل إلى استعمال التسمية المرفوضة العلمية "الإبداع الالهاي الحكيم " لتجنب ذكر الخالق "الله". ويرى الرئيس الأمريكي بأن هذه الطريقة في التفكير غيرمنطقية فكيف يمكن تصور نشأة الكون بأنها "ناتجة عن تغيرات واختيارات طبيعية دون وجود قوة أعلى تتحكم في الكون بأكمله".
أسبقية نظرية النشوء والإرتقاء؟
ومن المتوقع القيام في المستقبل القريب بالبدء بتدريس "موضوع الخالق" في دروس البيولوجيا بولاية "كانساس" الأمريكية. وكانت إدارة إحدى المدارس بالولاية قد قررت بعد مشاورة مع لجنة مختصة بهذا الشأن إدراج حصص حول هذا الموضوع في برنامجها التعليمي، إضافة إلى دروس حول نظرية النشوء والإرتقاء لتشارس داروين. هذا إلى جانب وجود مناقشات مماثلة في هذا الشأن في حوالي 20 ولاية أمريكية أخرى. وفي هذا السياق يقول ألبرت تايش الباحث في أكبر إتحاد علمي في الولايات المتحدة (AAAS):"إن الفكرة بحد ذاتها ليست معقولة كونها تقوم على أساس غير علمي، وبالتالي لا يمكن إدراجها في حصص العلوم الطبيعية، خاصة وأنه يمكن إثبات صحة أو خطأ النظريات العلمية أو إثبات عكسها، الأمر الذي لا ينطبق على نظرية النشوء والإرتقاء التي لا نقض فيها علمياً".
ويضيف المسؤول بأنه من الممكن أن يستغل مؤيدوا الفكرة موقف بوش الايجابي بالنسبة لهم في دعم نظرياتهم. ويشارك عالم الفيزياء بجامعة أوهايو لورانس كراوس الذي يعتبر أحد أكبر معارضي هذه الخطة تايش الرأي، ويقول: "يظن العديد من الناس في أمريكا بأن الحياة تم ابتكارها وأن الأرض تم اكتشافها منذ 10 آلاف سنة". إلى جانب ذلك يعتبر الفيزيائي هذا الأمر بمثابة "اعتداء على العلم بشكل عام" ويصف رئيسه بوش في هذا الشأن بأنه "عديم المسؤولية".
مخاوف من تقييد حرية العلم
يعتبر ولفرام كينتسيغ عالم أصول الدين بجامعة بون الألمانية أن بوش "أحد المسيحيين المتشبتين بالدين وبالأفكار الأصولية المحضة، بالرغم من كون زوجته لاورا ذات أفكار ليبرالية متحررة. وكما هو معروف فإن الرئيس الأمريكي متأثر جداً بالأصوليين المسيحيين (Southern Batists) ولديه وعي بالرسالة السماوية. ويضيف كينتسيغ بأن هذا الاعتقاد واضح في خطاب الرئيس المتكرر الذي يذكر فيه "بأن تحقيق الديمقراطية والحرية مسألة كلفه بها الخالق." ولكن يبدو أنه ليس من شأن هذا كله أن يقلل من شعبية الرئيس الأمريكي بل بالعكس، حيث يشير استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب (Gallup) بأن 45 بالمائة من الأمريكيين يعتقدون أن الإنسان خلق خلال العشرة آلاف سنة الماضية وأن 12 بالمائة منهم يرون أن وجود الإنسان في هذا الكون لا علاقة له بالخالق الأعلى.
تقرير: صفاء جاري