جدل حول مشاركة دور نشر يمينية في معرض فرانكفورت للكتاب
٢٢ أكتوبر ٢٠٢١
تثير مشاركة دار نشر يمينية في معرض فرانكفورت للكتاب الجدل، خصوصاً بعد مقاطعة كاتبة ألمانية ذات أصول إفريقية المعرض وتأكيدها أنه "لا مكان للنازيين فيه". لكن منظمي المعرض يعارضون ويؤكدون على "حرية التعبير".
إعلان
جدل لا يثار للمرة الأولى. مدير معرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس يدافع عن حضور دار النشر اليمينية بمدينة دريسدن "يونغه أوروبا" (أوروبا الفتية) في معرض الكتاب، مشيراً إلى "حرية التعبير". هذا الموقف يسبب الاستياء وقد أدى بالفعل إلى مقاطعة المعرض. فالكاتبة الألمانية ذات الأصول الإفريقية ياسمينا كونكه رفضت المشاركة في فعالية بالمعرض لتقديم روايتها الأولى "القلب الأسود". وعبرت كونكه عن غضبها من المعرض في تغريدة على تويتر.
لماذا يُسمح لدار النشر "يونغه أوروبا" بحضور المعرض؟
دار النشر "يونغه أوروبا"، التي تعرض كتبها في القاعة 3.1 بالمعرض، تدار من قبل يميني متطرف معروف. فصاحبها هو الناشط اليميني المتطرف فيليب شتاين الذي ينحدر من دريسدن ويبلغ من العمر 30 عاماً. قبل ذلك كان شتاين متحدثاً إعلامياً باسم منظمة "الأخوة الألمانية" اليمينية. كما ينظم اليوم مشروع التمويل الجماعي "واحد في المائة من أجل وطننا" والذي يروج للأفكار القومية والمناهضة للجوء في محيط "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي. وتم حظر صفحات المشروع المذكور على فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب. وفي أحدث تقرير لمكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، تم تصنيف مشروع "واحد بالمائة من أجل وكننا" كحالة مشتبه بها.
الكاتبة ياسمينا كونكه كتبت على موقع تويتر قبل بدء معرض الكتاب: "لا يوجد مكان بجواري للنازيين - ولهذا السبب لن أشارك في معرض هذا العام"، مشيرة إلى أن القناة الألمانية الأولى (ARD) دعتها إلى جلسة نقاش (في المعرض)، لكن مشاركتها لم تكن ممكنة إلا تحت تدابير حماية خاصة، على حد تعبيرها، بسبب "تهديد من قبل يمينيين"، ولذلك لم يتم الإعلان عن الجلسة مسبقاً، كما قالت. لكنها علمت فيما بعد أنه تم السماح لدار "يونغه أوروبا" بعرض كتبها في المعرض، في مكان غير بعيد عن مكان جلسة النقاش. كونكه تخشى على سلامتها
وقالت كونكه، إن شتاين، بصفته رئيس المشروع اليميني المتطرف "واحد في المائة من أجل وطننا"، كتب بشكل معلن أنه يجب ترحيلها (كونكه)، وتضيف: "لذلك فمن المتوقع، بالإضافة إلى دار النشر والمؤلفين، أن يزور متطرفون يمينيون آخرون المعرض، ما يجعل الخطر بالنسبة لي شخصياً حاضراً بشكل لا لبس فيه".
وما عدا ذلك، فإن كونكه تجد أنه "من غير المقبول إعطاء النازيين مساحة لتقديم أنفسهم". وكتبت على تويتر: "لا أتحدث إلى النازيين. لا أستمع إلى النازيين. لا أقرأ كتب النازيين. لهذا السبب اتخذت قراري، على حساب حضور كتابي والإعلانات المرتبطة بذلك، بإلغاء مشاركتي في معرض فرانكفورت للكتاب 2021"، مضيفة أنه لم يبق أمامها سوى خيار "المقاطعة، لحماية نفسي كامرأة سوداء".
المعرض: لا مخالفة للقانون
في عدة مقابلات، دافع مدير المعرض يورغن بوس عن السماح بمشاركة دور نشر يمينية،وقال: "طالما أن الرأي لا ينتهك القانون، يجب أن يكون الجميع قادرين على المشاركة في تبادل الآراء في المعرض"، وأضاف لموقع "دويتشلاند فونك": "أنا آسف جداً لعدم مشاركة الكاتبة في هذا الحوار". وأكد بوس أن السلامة الشخصية للكتاب المشاركين مضمونة، وأن "الإجراءات الأمنية في معرض فرانكفورت للكتاب مشددة جداً". وأوضح بوس أن المعرض كان دائماً منبراً للحوار السياسي، مضيفا: "لدينا خلافات في كل مكان. وهذا جزء من الحمض النووي لمعرض الكتاب".
في غضون ذلك، أعربت مؤسسة "آن فرانك/ Anne Frank" التعليمية في فرانكفورت عن تضامنها مع الكاتبة ياسمينا كونكه. وأوضح مدير المؤسسة ميرون مندل: "إنها كارثة لثقافة النقاش المفتوح لدينا عندما ينسحب المتأثرون بالعنصرية ومعاداة السامية والكراهية من معرض فرانكفورت للكتاب، باعتباره أكبر معرض نقاش في البلاد، لأنهم لا يشعرون بالأمان هناك"، مشيراً إلى إن الهجمات مثل تلك التي وقعت في هاله وهاناو أو اغتيال العضو السابق في برلمان ولاية هيسن فالتر لوبكه قبل عامين أوضحت بشكل جلي أن الأيديولوجية السامة لليمين تمثل خطراً حقيقياً على حياة الإنسان. وقال: "من يقدم لهم منصة على منصات عامة بارزة مثل معرض الكتاب في فرانكفورت يساهم في تطبيع ونشر كراهية البشر".
أيديولوجية اليمينيين "خطر على حقوق الإنسان"
مايكل مولر، المتحدث الثقافي والسياسي للكتلة البرلمانية لحزب اليسار في بلدية رومر بفرانكفورت، أدلى بتصريح مماثل، وشدد على أنه "يجب ألا يوفر معرض الكتاب في فرانكفورت منصة لدور النشر هذه، ولا حتى في الزاوية الخلفية الأخيرة"، مضيفاً أن الحق الأساسي في حرية التعبير في ألمانيا "لا يتم تقييده بذلك بالتأكيد".
الجدل حول دور النشر اليمينية اندلع في معرض الكتاب في عام 2017. ففي إطار معرض فرانكفورت للكتاب في ذلك الوقت وفي معرض لايبزيغ للكتاب بعده، تمت مناقشة مسألة ما إذا كان يُسمح للناشرين اليمينيين بالمشاركة. فلطالما كان يُنظر إلى معارض الكتاب على أنها مكان للتبادل وحرية التعبير. ولكن أين هو بالضبط الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض؟
قبل أربع سنوات، أوضح يورغن بوس، أنه لا يوجد أساس قانوني لفرض حظر على مشاركة دور النشر اليمينية. وقال في مقابلة مع DW: "الفكرة لا تنتهي بمجرد حظرها". من جهته قال رئيس جمعية تجارة الكتب الألمانية في ذلك الوقت، هاينريش ريتمولر: "إذا أخذنا حرية التعبير على محمل الجد، فيجب علينا أيضاً منحها لمن لا نشاركهم قيمهم وآراءهم، والذين نعتبر بأن آراءهم خطيرة". دار نشر "يونغه أوروبا" أيضاً ردت على بيان كونكه في تغريدة على تويتر.
وكتبت الدار: "الضيفة المفاجئة ألغت حضورها في معرض الكتاب بسبب مشاركتنا (كما تدّعي). ما يتبقى: امرأة تعتقد حقاً على ما يبدو أن يمينياً سيعرفها أو يهتم بها. سخيف". في عام 2017، ومع اقتراب نهاية معرض فرانكفورت للكتاب، حصلت اضطرابات على منصة دار نشر يمينية، واضطرت الشرطة للتدخل. وهذا كان السبب في أن معرضي الكتاب في كل من فرانكفورت ولايبزيغ قاما بمراجعة خططهما الأمنية.
وفتح المعرض بابه للمتخصصين يوم الأربعاء (20 تشرين الأول/أكتوبر) واعتباراً من الجمعة (22 تشرين الأول/أكتوبر) سيكون بابه مفتوحاً للجميع. وينتهي المعرض يوم الأحد (24 تشرين الأول/أكتوبر) بمنح جائزة السلامالألمانية التي تمنحها الجمعيةالألمانية لتجارة الكتب، للكاتبة تسيتسي دانغاريمبغا من زيمبابوي.
شتيفان ديغه/م.ع.ح
عودة جديدة لأكبر معرض كتاب في العالم
يعود معرض الكتاب الدولي للكتاب في فرانكفورت بعد غياب بسبب جائحة كورونا، ولكن ضمن قواعد محددة. ويأمل الزوار أن تكون هناك فرصة جديدة للقاء كتابهم المفضلين.
صورة من: picture-alliance/R. Koll
من جديد
افتتح أكبر معرض للكتاب في العالم مرة أخرى في مدينة فرانكفورت الألمانية، بعد أن اقتصر عام 2020 على وجوده افتراضياً بسبب جائحة كورونا. وكان قد توافد عليه أكثر من 300 ألف زائر عام 2019، وشاركت فيه 7450 منصة عرض من 104 بلدان.
صورة من: Arne Dedert/dpa/picture-alliance
إجراءات وقاية
يستقبل المعرض هذا العام 25 ألف زائر يومياً، ويمكن شراء التذاكر عبر الإنترنت فقط؛ من أجل تتبع المخالطين، مع ضرورة الحصول على تطعيم واختبار سلبي وارتداء الكمامات. وتم تقليل أعداد المشاركين لتسمح القاعة بتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي بشكل مناسب. كما سيكون المعرض هجيناً ما بين أرض الواقع والعالم الرقمي، إذ ستتم القراءات عبر الفيديو بشكل رقمي وأخرى من داخل المعرض.
صورة من: Jens Kalaene/dpa-Zentralbild/picture-alliance
ضيفة الشرف
من المتوقع أن تشارك هذا العام 60 دولة، من بينها ضيفة الشرف كندا، التي حصلت على الدعوة عام 2019، وتسلمتها بالنيابة عن الدولة الكاتبة الكندية المعروفة مارغريت آتوود، صاحبة رواية "حكاية خادمة". ويأمل زوار المعرض أن تزور آتوود المعرض مرة أخرى هذا العام.
صورة من: Michael Debets/Pacific Press/picture alliance
بداية جديدة في فرانكفورت
مر 72 عاماً على أول معرض للكتاب في فرانكفورت، إذ منحت كراسي قابلة للطي ورفوف مصفوفة مؤقتة من الكتب الزوار في سبتمبر 1949 نظرة عن سوق الكتاب في ألمانيا. التطلع نحو ثقافة وأدب من بلدان أخرى غير خاضعة للرقابة كان كبيراً. والتقسيم بين الشرق والغرب أدى إلى تأسيس معرض للكتاب في فرانكفورت (ألمانيا الغربية) وآخر في لايبزيغ (ألمانيا الشرقية).
صورة من: picture-alliance/R. Koll
التعطش للأدب
بعد قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية بفترة وجيزة، تم تنظيم معرض الكتاب في فرانكفورت من قبل نادي الكتاب وتجار كتب ملتزمين. ومن الثامن عشر إلى الثالث والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 1949، كان بإمكان ناشرين وبائعي الكتب وكتاب ومهتمين مشاهدة ما يعرضه 205 عارضاً وتكوين شبكة اتصالات. قدم 14 ألف زائر إلى كنيسة باولوس بفرانكفورت، حيث تم عرض 8500 كتاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/frm
الانتقال إلى أروقة المعرض الكبرى
توسعت مساحة معرض الكتاب بشكل كبير، بحيث كانت دور نشر أكثر من الخارج ترغب في عرض كتبها. في عام 1951 تم الانتقال إلى أروقة المعرض الكبرى. هذا واستفادت تجارة الكتب في ألمانيا من منح جائزة السلام لدور النشر الألمانية التي تجتذب جمهوراً دولياً. وفي عام 1953 وللمرة الأولى، كان عدد دور النشر الأجنبية أكثر من دور النشر الألمانية في المعرض.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
حمى كرة القدم
الغرض من تأسيس معرض فرانكفورت للكتاب كان سياسياً بامتياز، إذ كان الهدف هو تقديم ألمانيا الجديدة بعد الحقبة النازية، وهجرة الكثير من الناشرين والكتاب إلى الخارج، كأمة محبة للقافة أمام العالم. وبعد فوز المنتخب الألماني بكأس العالم لكرة القدم عام 1954، اجتاحت حمى كرة القدم المعرض أيضاً. في الصورة موظفو دار نشر "بوردا" يرتدون ملابس رياضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
موعد الخريف التقليدي
تحول موعد المعرض في أكتوبر/ تشرين الأول بسرعة في فرانكفورت إلى تقليد. أما معرض الكتاب في لايبزيغ فكان في المقابل يبدأ في الربيع حتى يتمكن الناشرون وتجار الكتب ورجال الأدب وكذلك الكتاب من الالتقاء في كلا الموعدين. كثير من المهاجرين ـ ناشرين وأدباء ـ وطئت أقدامهم ألمانيا مجدداً لحضور معرض الكتاب. في عام 1957 عرضت 1300 من دور النشر إصداراتها الجديدة.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
مركز تجارة التراخيص
الإصدارات الجديدة لدور النشر الألمانية كانت أيضاً مرآة لجمهورية ألمانيا الفتية. فمعرض فرانكفورت لم يكن مكاناً لعرض الأدب الرفيع والكتب المصورة القيمة فقط، بل ابتداءً من منتصف الستينيات، أضيفت إليه كتب نصائح شعبية وكتب جيب رخيصة. آنذاك تحولت فرانكفورت إلى مركز حيوي للتراخيص الدولية والكتاب إلى بضاعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Koll
ثوار الأدب
سنوات الاحتجاجات الطلابية في جمهورية ألمانيا الاتحادية تركت أيضاً بصماتها على معرض الكتاب. ففي عام 1968 دخل المعرض في فرانكفورت سجل التاريخ "كمعرض الشرطة". فقد أغلق عناصر الشرطة مدخل المعرض، حيث عبر متظاهرون عن غضبهم من منح جائزة السلام للرئيس السنغالي سنغور. وحتى الاحتجاجات ضد دور النشر اليمينية أربكت حركة المعرض.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Heuse
فضائح الأدب
في كل مرة، تسببت فضائح حول إصدارات كتب مثيرة سياسياً صدى إعلامياً واسعاً، كما حصل في 1989 مع "آيات شيطانية" للكاتب البريطاني الهندي سلمان رشدي. وحتى حظر القصة الغرامية Esra لماكسيم بيلر، الذي استولى بعد مفاوضات شاقة على محبوبته السابقة، أوقدت حتى 2008 الخواطر.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Eilmes
الفائز بجائزة نوبل للأدب بيتر هاندكه
وحتى كتب بيتر هاندكه، الفائز بجائزة نوبل للأدب 2019 ستثير بالتأكيد نقاشات خلافية هذا العام في المعرض. وقد حقق الاختراق الأول في 1966 بقطعته المسرحية "شتم الجمهور" التي يتعرض فيها الممثلون بالشتم في وجه الجمهور. كما أن موقفه المساند للصرب في حرب البلقان وكتابه " إنصاف صربيا" يثيران الجدل.
صورة من: Imago/Agencia EFE/C. Cabrera
محور البلدان المضيفة
بواسطة "محور البلدان"، الذي يعتني بالبلد المضيف، يمنح المعرض لبلدان منتقاة منذ 1988 فرصة تقديم عطائها الأدبي. إيطاليا كانت البلد المضيف الأول.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تنوع الكتب للجميع
نموذج معرض فرانكفورت للكتاب بمنح البلدان المضيفة المجال وتحويل الاهتمام العام إلى أدبها الوطني أصبح تقليداً في العالم. فتجارة حقوق الترجمة هي اليوم مكون محوري في معرض الكتاب. أكثر من 390 ألف كتاب وكتب مسموعة وأخرى إلكترونية ومنتجات رقمية يتم عرضها في فرانكفورت. إعداد: هايكه موند وغابي رويشر/ م.أ.م