صيام تلاميذ المدارس في ألمانيا تسبب في مناقشات عديدة لاسيما مع طول عدد ساعات الصيام. مؤسسات إسلامية تشدد على أهمية تعود الصغار تدريجيا على الصوم، واتحادات ألمانية تخشى من تأثير الصيام على صحة التلاميذ وتحصيلهم الدراسي.
إعلان
عدد ساعات الصيام وغياب الأجواء الرمضانية ورؤية هلال رمضان.. مواضيع عديدة تشغل بال الصائمين في ألمانيا، يضاف إليها قضية تحظى بالكثير من النقاش داخل العائلات التي لديها أبناء في سن المدرسة، ألا وهي التوفيق بين عدد ساعات الصيام الطويلة وأداء الواجبات المدرسية والمشاركة في حصص الرياضة والرحلات المدرسية.
ولا تشغل هذه القضية العائلات المسلمة فحسب، بل إدارات المدارس في ألمانيا أيضا، إذ دعت روابط المعلمين في ألمانيا، عائلات التلاميذ المسلمين للتعامل بحكمة مع الصيام. وقال أودو بيكمان، رئيس رابطة التعليم والتربية في ألمانيا في تصريحات لوكالة "كي إن إيه" الإخبارية: "نحترم ممارسة الفرائض الدينية..لكن إذا تأثرت صحة التلميذ وتحصيله التعليمي، فسيكون الأمر تخطى الحدود".
وأشار رئيس رابطة المعلمين في ألمانيا، جوزيف كراوز إلى صعوبة تغيير الجداول الدراسية في رمضان نظرا لازدحام المخططات المدرسية ومواعيد الاختبارات الثابتة. في الوقت نفسه دعا رئيس مركز الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر، مهند خورشيد، إلى التوصل لحلول مرنة من الجانبين مشيرا إلى ضرورة أن تصل للتلاميذ الصائمين فكرة تقبل المجتمع للتنوع الديني. في الوقت نفسه أكد خورشيد على مبدأ إباحة الإفطار لمن لا يسمح لهم وضعهم الصحي بالصيام، مشيرا إلى أن كل شخص في هذه الحالة مخول باتخاذ القرار في هذا الشأن ومضيفا: "لا يوجد حكم مطلق حول الصيام خلال فترة الاختبارات على سبيل المثال..فبعض الناس بوسعهم التركيز جيدا أثناء الصوم في حين أن العكس هو الصحيح عند البعض الآخر". في حين ترى مراكز إسلامية أخرى أن المراهقين والشباب الذين يتمتعوا بالوعي الديني لديهم قدرة أكبر على مواجهة التطرف.
ويحكي بيرند رضوان باوكنيشت الذي يدرس محاضرات عن الإسلام في ولاية شمال الراين ويستفاليا منذ 14 عاما، عن مشاهداته لرد فعل التلاميذ خلال شهر رمضان ويقول إنه كان يتدخل عندما يبدأ طلبة صائمون في سؤال زملائهم عما إذا كانوا يصوموا شهر رمضان أم لا. ويضيف باوكنيشت لوكالة "كي إن إيه": "أحيانا يقول أحد التلاميذ لزميله المسلم افتح فمك وأرني لسانك كي أتأكد من صيامك..هنا أتدخل وأوضح لهم أن الصيام مسألة شخصية بين العبد وربه ولا إرغام فيها".
وطالب باوكنيشت بالمزيد من التفهم من الجانبين مقترحا وضع شهر رمضان في الاعتبار خلال التخطيط المبكر للأنشطة المدرسية وإرجاء الاحتفالات على سبيل المثال لما بعد رمضان أو قبله. أما بالنسبة للرحلات المدرسية فأشار باوكنيشت إلى إمكانية الإفطار بالنسبة لمن كان على سفر.
موائد الإفطار الرمضانية.. تقليد سياسي جديد في ألمانيا
للمرة الثانية على التوالي، يشارك وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عائلة سورية طعام الإفطار. وقبله بأيام، شاركت المستشارة الألمانية ميركل مسلمين ألمان مائدة الإفطار. تقليد سنوي بدأ يترسخ لدى الساسة الألمان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bayerischer Rundfunk
في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي، شاركت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مأدبة إفطار بمناسبة شهر رمضان، نظمتها وزارة الخارجية الألمانية في "فيلا بورزيغ" بحي تيغيل في العاصمة برلين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Loos
ألقت ميركل كلمة في المناسبة قالت فيها: "بدون أي شك، الإسلام بات جزءاً من ألمانيا". وإلى جانب المستشارة، شارك مسؤولون كبار ورجال دين من مختلف الأديان وشخصيات بارزة في السياسة والمجتمع.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Loos
ميركل ليست المسؤولة الألمانية الوحيدة المشاركة في إفطار رمضان، إذ شارك وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير هذا العام أيضاً عائلة سورية إفطارها الرمضاني.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Schmidt
وللسنة الثانية على التوالي، يحرص وزير الخارجية الألماني على القيام بهذه اللفتة. فقد سبق لشتاينماير أن حلّ في 21 يوليو/ تموز من العام الماضي ضيفاً على عائلة سورية لجأت إلى ألمانيا مع طفلها.
صورة من: picture-alliance/dpa
بدأ هذا التلقيد عام 2013، عندما دعا وزير ألماني أول مرة لمائدة إفطار. ففي 30 يوليو/ تموز 2013، أقام وزير الخارجية الألماني السابق غيدو فيسترفيله مأدبة إفطار دعا إليها ممثلين عن الجالية المسلمة في ألمانيا وسفراء الدول العربية والإسلامية لدى برلين. كما حضرها وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان.
صورة من: picture-alliance/dpa
دعوات السياسيين الغربيين لمواطنيهم المسلمين لمأدبة الإفطار تقليد معروف في عدة دول، مثل الولايات المتحدة. ففي 22 يونيو/ حزيران 2015 دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما مسلمين أمريكيين لحضور مأدبة إفطار في الحجرة الشرقية من البيت الأبيض.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Douliery
وبالعودة إلى ألمانيا، نلاحظ أن مناسبة الإفطار الرمضاني لا تقتصر على القادة والوزراء الألمان، بل هي موجودة على كافة مستويات الحياة السياسية، حتى على مستوى البلدات والأحياء والمدن والولايات، كما في هذه المأدبة بمدينة كولون.
صورة من: DW/T. Yildirim
وبالمقابل، ينظم المسلمون أنفسهم في ألمانيا موائد إفطار جماعي يدعون إليها غير المسلمين، سواء جيران المسجد أو مسؤولين عن الحكومة المحلية أو ممثلين عن الأديان الأخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa
ربما زاد الاهتمام بهذا الأمر خلال رمضان الحالي بشكل أكبر. فقد وضعت قناة حكومية ألمانية هي قناة BR في ولاية بافاريا شعار الهلال على زاوية الشاشة مع بدء شهر رمضان. كما تعتزم ذات القناة، وللمرة الأولى على قناة ألمانية، نقل شعائر صلاة عيد الفطر من أحد مساجد الولاية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bayerischer Rundfunk