مازالت الأوساط السياسية الفرنسية تتفاعل مع خبر الحكم على الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي بالسجن، كما أن للقضية تبعات وصلت حد التهديد بالقتل. وكانت قضية إدانة مارين لوبان قد أثارت جدلا مشابها.
أحدثت محكمة في باريس صدمة على الساحة السياسية بحكمها بسجن ساركوزي خمس سنوات صورة من: Christophe Ena/AP Photo/picture alliance
إعلان
أدى صدور حكم بالسجن على الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي إلى تعميق الانقسامات في فرنسا حول تعامل القضاة مع المخالفات السياسية، وذلك قبل أشهر من محاولة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان الطعن على إدانتها بالاختلاس والترشح لرئاسة الجمهورية.
إعلان
صدمة سياسية
وأحدثت محكمة في باريس صدمة على الساحة السياسية يوم الخميس (25 سبتمبر/ أيلول 2025) عندما قضت بسجن ساركوزي خمس سنوات بتهمة التآمر الجنائي لمحاولته جمع أموال لحملته الانتخابية من ليبيا وسيصبح قريبا أول رئيس سابق للبلاد في فترة ما بعد الحرب يُسجن.
وقال لودوفيك فريات رئيس أكبر نقابة تمثل المدعين والقضاة الفرنسيين، إن الحكم يثبت أن لا أحد فوق القانون، حتى لو اختار البعض التشكيك في دوافع المحكمة.
وأضاف "سيترك هذا القرار أثرا واضحا وسيميز بين ما كان عليه الوضع قبل صدوره وما بعده. في المحاكمات البارزة ذات الطابع السياسي والمالي، يرى البعض حتما أن القضاة يتدخلون في الشأن السياسي. وما يؤسفني هو أن هذا غالبا ما يتحول إلى ستار يصرف الانتباه عن الجرائم المرتكبة بالفعل".
تم اتهام ساركوزي بالتآمر الجنائي لمحاولته جمع أموال لحملته الانتخابية من ليبيا وسيصبح قريبا أول رئيس سابق للبلاد في فترة ما بعد الحرب يُسجن.صورة من: Alain Guizard/Bestimage/IMAGO
وكرر ساركوزي براءته لدى مغادرة المحكمة، وقال إن الحكم من شأنه أن يقوض الثقة في القضاء الفرنسي. وأضاف "ما حدث اليوم أمر بالغ الخطورة على سيادة القانون، وعلى الثقة التي يمكن أن يوفرها نظام العدالة".
ساركوزي سيدخل السجن في انتظار الاستئناف
وحكم السجن الصادر بحق ساركوزي قابل للتنفيذ على الفور، مع منح الرئيس السابق وقتا قصيرا لترتيب أموره، ولكن لن يُسمح له بتجنب دخول السجن في انتظار الاستئناف كما حدث لبعض الساسة الفرنسيين في الماضي.
وقال محامون وسياسيون لرويترز إن الاستئناف قد يستغرق سنوات، مما يمنح شعورا بالإفلات من العقاب لدى أصحاب النفوذ، لذلك دأب القضاة على إصدار أحكام "التنفيذ المؤقت" انتظارا لقرار نهائي أو استكمال الطعون.
وصدر حكم على مارين لوبان "بالتنفيذ المؤقت" في مارس آذار، بعد إدانتها باختلاس أموال الاتحاد الأوروبي. وحكم عليها بالحظر السياسي لمدة خمس سنوات، وهو ما يمنعها من الترشح في انتخابات 2027.
وقالت لوبان، التي سيحدد الاستئناف الذي تقدمت به في يناير كانون الثاني ما إذا كان بإمكانها الترشح في انتخابات عام 2027، إن إدانة ساركوزي أظهرت أن "تعميم الولايات القضائية لعمليات التنفيذ الفوري يمثل خطرا كبيرا".
تهديدات بالقتل
وارتباطا بهذه القضية، أعلن الاتحاد النقابي للقضاة أمس الجمعة (26 سبتمبر/ أيلول 2025)، أنه قدّم بلاغا للقضاء الفرنسي بشأن تهديدات طالت رئيسة المحكمة التي دانت الرئيس الأسبق ساركوزي بالسجن خمس سنوات وإيداعه الحبس.
وأفاد الأمين العام المعاون للاتحاد أوريليان مارتيني بأن رئيسة المحكمة تلقّت تهديدات بالقتل وبالعنف الشديد على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث نُشرت صورتها. وصرّح لوكالة فرانس برس "نتابع الوضع ونشعر بالقلق".
وأعرب اتحاد USM الذي يمثّل عددا كبيرا من الحقوقيين في فرنسا، في بيان "عن القلق من اعتبار القضاء والادعاء ومقرّ المحكمة كأعداء سياسيين والتداعيات المترتّبة عن الأمر، حتّى تلك غير المباشرة، كالتهديد بالقتل أو عنف خطير".
رؤساء وراء القضبان بتهمة الفساد
وجهت للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي تهم بالفساد وفي حال إدانته يمكن أن يدخل السجن. لكنه ليس أول رئيس سابق يحاكم بهذه التهمة، إذ اتهم من قبله العديد من رؤساء الدول بالفساد، لكن قليلين منهم أدينوا ودخلوا السجن.
صورة من: picture-alliance/dpa
مبارك وقضية "القصور الرئاسية"
حوكم الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك بعدد من التهم إحداها قضية فساد تعرف بقضية "القصور الرئاسية" وهي القضية الوحيدة التي أدين فيها وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. المحكمة أدانت مبارك ونجليه بعد أن تأكد لها استيلاءهم على مبلغ 125 مليون جنيه مصري من ميزانية رئاسة الجمهورية المخصصة للقصور الرئاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قضية رشوة تطيح برئيس وزراء إسرائيل
يعد إيهود أولمرت أول رئيس وزراء إسرائيلي يسجن في قضية فساد، إذ قضت محكمة إسرائيلية سنة 2015 بسجنه 6 سنوات على خلفية تلقيه رشى مالية عندما كان رئيسا لبلدية القدس. دخل أولمرت السجن سنة 2016 وحصل على عفو جزئي وخرج من السجن عام 2017.
صورة من: Reuters/R. Kastro
جوزيف استرادا الممثل الذي ضحك على الشعب
يعتبر رئيس الفلبين الأسبق جوزيف استرادا من أكثر رؤساء العالم فسادا، فقد كان نجما سينمائيا قبل أن يصبح رئيسا. أدانته محكمة فلبينية بنهب الأموال العامة وقامت ضده ثورة شعبية أطاحت به عام 2001. وفي سنة 2006 عاد ليقف أمام المحكمة بتهمة تحويل 80 مليون دولار من المال العام لصالحه. حكم عليه بالسجن المؤبد، لكن صدر بحقه عفو رئاسي ليصبج حرا طليقا وفي سنة 2013 أصبح عمدة للعاصمة مانيلا.
صورة من: Reuters/Romeo Ranoco
الوضع الصحي يوقف المحاكمة
اتهم محمد سوهارتو الرئيس الأندونيسي الأسبق باختلاس 571 مليون دولار لتمويل أحد المشاريع الخاصة به وبعائلته، وبدأت محاكمته فعليا بتهمة الفساد بعد خروجه من السلطة؛ لكن المحاكمة توقفت بسبب وضعه الصحي. توفي سنة 2008 وهو تحت الإقامة الجبرية.
صورة من: picture-alliance/CPA Media Co. Ltd
12 سنة سجن بتهمة الفساد
أدان القضاء الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا بتهمة الفساد وتليقه رشوة أثناء فترة حكمه، إذ شددت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي وحكمت عليه بـ 12 سنة سجن. الرئيس البرازيلي أكد مرارا أن محاكمته سياسية وأنه رغم قرار المحكمة عازم على العودة إلى السلطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Zuma Press/P. Lopes
عفو رئاسي عن رئيس "فاسد"
حكمت محكمة بيروفية على الرئيس البيروفي الأسبق ألبرتو فوجيموري بالسجن 25 عاما بعد إدانته بارتكاب جرائم تتعلق بحقوق الإنسان والكسب غير المشروع. غير أنه وبعد قضاء 12 عاما في السجن صدر بحقه عفو رئاسي بسبب وضعه الصحي، وهو الأمر الذي أدى لخروج مظاهرات احتجاجية في البيرو.
صورة من: picture-alliance/Agentur Andina/E. Ramos
جرائم حرب وتهم فساد
إلى جانب اتهامه في جرائم ضد الإنسانية فإن الرئيس اليوغسلافي الراحل سلوبودان ميلوسوفيتش اتهم أيضا في قضايا تتعلق باختلاس أموال عامة قدرت بملايين الدولارات. استمرت محاكمته أمام محكمة العدل الدولية خمس سنوات وتوفي في زنزانته سنة 2006 بأزمة قلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb
تهم ثقيلة تلاحق ساركوزي
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي متهم بالفساد واستغلال النفوذ. وسيحاكم الرئيس الفرنسي الأسبق بتهم تتعلق بحصوله على تفاصيل مسربة من تحقيق بشأن مزاعم عن تجاوزات ارتكبت خلال حملته الانتخابية عام 2007.
إعداد: ريم نجمي