جدل في مصر بسبب موقف الأزهر الرافض لتكفير "داعش"
٢٢ ديسمبر ٢٠١٤جاء في بيان للأزهر الشريف يوم 11 ديسمبر: "تناقلت بعض وسائل الإعلام الإلكترونية عبارات مقتطعة للشيخ إبراهيم صالح الحسيني مفتي نيجيريا من كلمته التي ألقاها بمؤتمر الأزهر الشريف لمواجهة العنف والتطرف، ناسبة إليه أنه أفتى بتكفير تنظيم "داعش"، وإن هذا غير صحيح" وأشار البيان أنه "لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر الوسطي المعتدل أن يقبله بحال". وقد أثار ذلك جدلا واسعاً في مصر حول موقف الأزهر من قضايا الكفر والإيمان. وهناك من يتساءل عن مدي تأثير ذلك على موقف الأزهر من هذا التنظيم وعلى صورة الأزهر في الداخل أو الخارج، وكذا إلى أي مدى ينجذب الشباب للتنظيم المتطرف.
"بيان الأزهر فرصة لتبرئة داعش"
الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أيًد في حديثه لـ DWعربية بيان الأزهر، واعتبره محل اتفاق. ولكنه أبدى في نفس الوقت تخوفه من أن يستغل بعض السلفيين الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين، فيعمدون إلى تكفير غيرهم. وهو يرى أنه من الأفضل مناقشة الثنائية بين الظلم والعدالة وليس بين الكفر والإيمان.
ووجًه الهلالي لومه إلى الأزهر الشريف، قائلاً: "أسرع الأزهر للدفاع عما ألمح إليه المفتي النيجيري في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب حول تكفير "داعش"، ورغم أن المفتي ليس قاصراً ليتحدث عن نفسه" لماذا يتدخل الأزهر ويتحدث بالنيابة؟، فهذه مسألة لم تعرض على الأزهر!".
وأكد الهلالي أن بيان الأزهر سيكون له تأثير على صورة داعش سواء داخل مصر أو في الخارج. وأوضح قائلا "إنها تبرئة لساحة "داعش" الدينية، والتي قد تستغلها "داعش" لصالحها باعتبارها طبق من فضة".
وتعرض الهلالي لهجوم كبير من قبل أعضاء في مجمع البحوث الإسلامية، بسبب تصريحاته التي أكد فيها أن صفة المسلم لاتتم عبر نطق الشهادتين وإنما لمن "سالم". وتساءل منتقدا: "هل يجوز للأزهر أو غيره أن يصادر أقواله العلمية وأن يلغي آراء الآخرين". وتابع: "من حق الأزهر أن يتبنى مختلف الآراء ولكن ليس من حقه أن يصادر آراء الاخرين. وشدًد في حديثه على وجود لوبي "إخواني- سلفي" يسيطر على مركز اتخاذ القرار في الأزهر بشكل عام.
تباين الآراء الدينية
كما ظهرت أصوات أخرى من داخل المؤسسة ترفض البيان، ومن بين هذه الأصوات الشيخ صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، الذي اعتبر أن "داعش" كافرة دينياً، ويجب قتالهم، باعتبارهم خوارج، في صفاتهم وأفعالهم، وأن الخوارج كفًار. وأبدى دهشته في حديثه مع DWعربية من بيان الأزهر قائلاً: "أنا شخصياً صدمت. فما بالك بالنسبة للناس العاديين". وأردف قائلاً: "هذا البيان صدم كل مؤسسات العالم التي تعتبر أن الأزهر عمل على أخفاء الحقيقة، وتستًر على هذه الأفعال".
وأكد أن هذا البيان غيًر صورة العالم من لأزهر كمؤسسة دينية يقتبس منها العلماء الأمر الديني. وتساءل"ماذا يقول الأزهر عن من يكفًره، لماذا سمح بأن يكفًر داعش الأزهر ولا يرد بالمثل؟ وأضاف: "كان على الأزهر أن يحافظ على الاستقرار وعلى حالة الناس ويقول: إن داعش كافرة!".
ويخالف الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهرهذا الرأي ويعتبر أن "الأزهر يقول كلمة الحق للحاكم وللمحكوم، لأن العلماء ورثة الأنبياء ولا يعني هذا أننا ندافع عن "داعش". ويشرح محمود مهناً لـ DWعربية قائلاً: "إن تنظيم "داعش" لا يمثل الإسلام لأنه إرهابي بدعم أمريكي، والأدلة واضحة على ذلك، فهو يبيع النساء ويعيد الرقة التي قام الإسلام بإنهائها". وأوضح محمود مهنا أن الأزهر يؤكد أيضا على أن هؤلاء مفسدون في الأرض ويجب مقاومتهم.
البيان يوحًد حزب النور والأزهر
برغم الخلافات في المواقف بين الأزهر والسلفيين في مصر، يدافع حزب النور بقوة عن بيان الأزهر ويعلن تضامنه الكامل مع الأزهر ضد ما سماه بـ"الحرب على المشيخة". وفي هذا السياق، يقول يحي الصافي سعدالله،نائب رئيس لجنة العلاقات العربية بحزب النور: " هناك قضايا خلافية بالتأكيد، وواجبنا أن ندافع على الازهر بكلمة حق عندما يهاجم، وليس دفاعا عن الأزهر ذاته". وشدًد في حديثه معDW عربية على أن الأزهر لا يصدر فتاوى سياسية، وأنه لا يكفًر أحداً.
هل يشكل البيان نقطة انجذاب لداعش؟
وفي نظرة تحليلية للموضوع يرى الدكتور فؤاد حلبوني، باحث متخصص في الشؤون الدينية في مصر، أن مسألة استخدام خطاب التكفير في صورة موقف شرعي أو فتوى أمر شائك. وفسًر ذلك بالقول: "لأن ذلك يفتح الباب للمرجعيات الدينية الكبرى فى الوطن العربى مثل المؤسسة الدينية فى السعودية والأزهر ذاته للدخول مع الجماعات التكفيرية فى حروب إطلاق تهم التكفير". و قد يؤدى ذلك إلى انزلاق الأزهر في صراع فقهي بين فرق متحاربة، حسب حلبوني. ومع ذلك، أشار حلبوني إلى أن صراع القوى الإقليمية والدولية المستمر في سوريا والعراق يلقى بظلاله على موقف الأزهر من تنظيم "داعش" ويشرح أن "الأزهر حريص على عدم التطرق الى الدعم الخليجي لتنظيم "داعش" في الصراع الدائر ضد النظام السوري والداعمين له من إيران و حزب الله و بعض فصائل الشيعية في العراق".
كما أثار البيان جدلا حول مدى تأثير هذا الموضوع على انجذاب الشباب في مصر لداعش واحتمال تعاطفه مع التنظيم الإرهابي. وعن هذه المسألة يقول حلبوني في حواره مع DWعربية: الأجيال الشابة في التيارات الإسلامية ترى أن مؤسسة الأزهر "متماهية" مع الدولة المصرية، لذلك لن يشكل ذلك عامل جذب للانضمام لداعش، وقد يكون عامل الانجذاب الأقوى للشباب المصري للانضمام لداعش، مأساة "مذبحة رابعة" وغيرها من مجازر النظام المستمرة ضد التيار الإسلامي".