1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قبل ربع قرن.. أنور شيمشك أول ضحايا خلية "إن إس أو" النازية

١٦ سبتمبر ٢٠٢٥

عشرة قتلى كانوا ضحية خلية "إن إس أو" الإرهابية النازية، التي ارتكبت جرائمها بدافع الكراهية والعنصرية في ألمانيا. رغم مرور ربع قرن على مقتل أول ضحية وتفكيك الخلية، لم تكشف حتى الآن جميع الملابسات التي أحاطت بجرائمها.

صورة لأول ضحايا خلية NSU أنور شيمشك
أنور سيمشيك المواطن التركي الأصل تم كان أول ضحايا الخلية النازية الإرهابية NSU التي قتلت العديد من المواطنين ذوي الأصول المهاجرة بدافع الكراهية والعنصريةصورة من: Bernd Thissen/dpa/picture alliance

نورنبرغ 9 سبتمبر/ أيلول 2000: بائع الزهور أنور شيمشك ينتظر الزبائن في كشكه المتنقل، وفي وقت مبكر من بعد الظهر كان قاتلوه ينتظرونه. يطلقون عليه ثماني طلقات، خمس منها تصيب رأس هذا الأب البالغ من العمر 38 عاما. بعد يومين يموت متأثرا بجراحه البالغة.

الدافع: الكراهية والعنصرية

لم يتمكن شيمشك من الإدلاء بأي معلومات عن الجناة، لأنه لم يستعد وعيه قبل وفاته. بعد أحد عشر عاما فقط علمت زوجته وطفلاه من قتله: مجموعة إرهابية لم تكن معروفة للجمهور حتى ذلك الحين أطلقت على نفسها اسم "النازيون الاشتراكيون القوميون" (NSU). الدافع: الكراهية والعنصرية.

في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 تم الكشف عن  خلية NSU. في ذلك اليوم بعد فشل عملية سطو على بنك في آيزناخ شرقي ألمانيا انتحر رجلان على الأرجح في ظروف لم يتم توضيحها تماما في عربة سكن متنقلة، وهما: أوفي بوهنهارت وأوفي موندلوس. شريكتهم بيآته تشيبه التي حُكم عليها في عام 2018 بالسجن المؤبد كشف عن الثلاثي الإرهابي الذي كانت تنتمي إليه.

تريد سمية شيمشيك وغامزه كوباشك من خلال كتابهما عن والديهما اللذين كان ضحية خلية NSU الوصول إلى الشباب بشكل خاص.صورة من: S. Fischer Verlage

بيآته تشيبه ترسل فيديو اعتراف مروع

أرسلت المرأة البالغة من العمر 36 عاما آنذاك عدة نسخ من فيديو اعتراف إلى منظمات مختلفة من بينها وسائل الإعلام. في هذا العمل المروع لا تفتخر NSU بقتل أنور شيمشك فحسب. حتى عام 2007 أطلقوا النار على ثمانية رجال آخرين من أصل تركي ويوناني أثناء سفرهم عبر البلاد.

الضحية العاشرة والأخيرة هي الشرطية ميشيل كيسفيتر. بالإضافة إلى ذلك تورطت خلية NSU في عدة هجمات بالقنابل. في شارع كويبشتراسه في كولونيا وحده حيث يعيش العديد من الأشخاص من أصول مهاجرة أصيب 22 شخصا بجروح بعضها خطيرة في هجوم بقنبلة مسامير.

ألمانيا في حالة صدمة. كيف يمكن أن تقوم  خلية إرهابية يمينية متطرفة بإعدام أشخاص من أصول مهاجرة على مدى سبع سنوات بنفس النمط، بينما تظل الشرطة وأجهزة الأمن الداخلي في حالة من الضبابية طوال هذه الفترة؟ سمية ابنة أنور شيمشك التي أصبحت يتيمة الأب في سن المراهقة لا تزال تطرح هذا السؤال والعديد من الأسئلة الأخرى.

الشرطة تشيبه في عائلة الضحية!

في فبراير/ شباط 2012 بعد ثلاثة أشهر من كشف النقاب عن خلية NSU، ألقت سمية كلمة مؤثرة في حفل تأبين الضحايا الذي أقيم في برلين، أصبحت الآن شابة تتحدث عن حزنها ويأسها وعن الإذلال. ففي أعقاب مقتل والدها بحث المحققون عن الجناة في محيط العائلة!

سمية شيمشك (يمين) وغامزه كوباشك والداهما كانا من بين ضحايا الخلية النازية الإرهابية صورة من: picture-alliance/dpa

  أنغيلا ميركل: "أرجو أن تسامحوني على ذلك"

"هل يمكنكم أن تتخيلوا كيف شعرت أمي عندما أصبحت فجأة موضع تحقيق؟" تسأل سمية شيمشك. تصف المستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل خلال إحياء الذكرى أن سنوات الشكوك كانت "مقلقة" وتضيف موجهة كلامها إلى الأقارب: "أرجو أن تسامحوني على ذلك".

مرت 13 سنة منذ ذلك الحين. خلال هذه الفترة جرت محاكمة خلية NSU الإرهابية أمام المحكمة العليا في ميونيخ التي بدأت في عام 2013 وانتهت في عام 2018. "في اليوم الأول كنا جميعا هناك"، تروي سمية في مقطع فيديو تم تصويره عام 2024 ويمكن مشاهدته على موقع الإنترنت "أماكن الذكرى في نورنمبرغ". تصف ابنة أول ضحية لـ NSU الأجواء في قاعة المحكمة بأنها لم تكن مريحة. "كان هناك أيضا العديد من الزوار النازيين".

خلية أن أس أو" الإرهابية..انتهاء أطول محاكمة في تاريخ ألمانيا الحديث وآراء الشارع حولها

03:11

This browser does not support the video element.

لم تكن هناك أي مساعدة من الدولة حتى كشف النقاب عن NSU

"أماكن الذكرى في نورنبرغ" هي مبادرة تعاونية مدنية يشارك فيها من بين آخرين مكتب حقوق الإنسان التابع للمدينة. في الفيديو تسترجع سمية شيمشك ذكريات طفولتها والتجارب الجميلة مع والدها. تصف السنوات التي تلت وفاته وحتى كشف أمر NSU بأنها "أسوأ الأوقات، الأوقات المظلمة". قبل ذلك لم يتلقوا أي دعم من الدولة أو أي دعم آخر.

"بعد الكشف عن  الخلية أراد الكثيرون دعمنا. لكنني في سن 25 لا أحتاج إلى دعم، كنت أرغب في الحصول عليه عندما كنت في سن الرابعة عشرة"، تقول سمية المولودة في ألمانيا والمقيمة حاليا في تركيا. عندما اتضح أخيرا من قتل والدها، تحولت الشكوك التي كانت تساورها هي وعائلتها إلى تعاطف.

"الآن أنتم ضحايا"

فجأة يسمعون عبارات مثل: "لم نصدقكم. تركناكم وحدكم. لكنكم الآن ضحايا ويمكنكم أن تعيشوا ذلك". بعد مرور أحد عشر عاما على وفاة والدها تأتي هذه الكلمات متأخرة جدا بالنسبة إلى سمية وترن في أذنيها كالسخرية: "لقد حاولت بالفعل أن أتعايش مع الأمر بطريقة ما".

 بعد ربع قرن من  أول جريمة قتل ارتكبتها خلية NSU الإرهابية كتبت ابنة أنور شيمشك مع غامزه كوباشك كتابا عن مصيرهما المشترك. فقد قُتل والدها أيضا محمد على يد الخلية الإرهابية في 4 أبريل/ نيسان 2006 في دورتموند. يتناول كتاب "ألمنا هو قوتنا" قصص عائلتيهما، وقضية NSU التي  لم يتم التحقيق فيها بشكل كافٍوكفاحهما من أجل الحفاظ على الذاكرة.

في 4 نوفمبر/ تشرين 2011 لقي عضوا خلية NSU الإرهابية أوفي موندلوس وأوفي بوهنهارت مصرعهما في هذه السيارة المتنقلة المحترقة في آيزناخصورة من: Carolin Lemuth/dpa/picture alliance

سمية شيمشك: لا يمكننا أن ننهي هذا الأمر

"لا يمكنني أن أبرم السلام"، تقول سمية وهي لا تزال متأثرة بالعديد من الأسئلة المفتوحة التي بقيت دون إجابة في  محاكمة خلية NSU وفي لجان التحقيق البرلمانية. "وهذا أيضا أحد الأسباب التي تجعلني أخرج إلى العلن وأقول: لا يمكننا أن ننهي هذا الأمر. لا تزال الأسئلة تشغل بالي: لماذا أبي بالذات؟ ما هي المعايير التي تم على أساسها اختيار هؤلاء الضحايا؟ لماذا لا يتم التحقيق مع  المتواطئين؟" لا تزال سمية شيمشك وغامزه كوباشك والعديد من أقارب الضحايا الآخرين ينتظرون إجابات بعد 25 عاما من بدء سلسلة القتل.

أعده للعربية: م.أ.م

تحرير: عارف جابو

مارسيل فورستيناو كاتب ومراسل في السياسة والتاريخ المعاصر – يتناول في مقالاته ألشؤون الألمانية في المقام الأول
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW