1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جرح عميق في أوروبا: لاجئون منسيون في البوسنة

٢٤ مايو ٢٠١٢

قررت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة تأجيل جلسات محاكمة راتكو ملاديتش، قائد قوات صرب البوسنة السابق المتهم بارتكاب جرائم حرب تسببت أيضا في تهجير مئات آلاف المسلمين الذين مازالوا يعيشون في مخيمات لاجئين.

ARCHIV - Frauen der Vereinigung «Mütter von Srebrenica» erinnern am 29.08.2008 in Sarajevo an das Massaker von Srebrenica. Der frühere Armeechef der bosnischen Serben, Ratko Mladic, ist angeklagt vor dem UN-Kriegsverbrechertribunal in Den Haag wegen der dreijährigen Belagerung Sarajevos mit Tausenden Toten, der Vertreibung von Hunderttausenden, der Gräuel in den Internierungslagern und der Ermordung von bis zu 8000 muslimischen Jungen und Männern im Juli 1995 im ostbosnischen Srebrenica. Foto: EPA/FEHIM/DEMIR (zu Themenpaket - Mladic Prozess - zum 16.05.) +++(c) dpa - Bildfunk+++
صورة من: picture-alliance/dpa

قام الادعاء في ثاني أيام محاكمة راتكو ملاديتش، قائد قوات صرب البوسنة السابق المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب أخرى. وقال رئيس هيئة القضاة ألفونس أوري بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إنه تقرر تأجيل المرحلة التالية من المحاكمة، والمتمثلة في عرض الأدلة - والتي كانت مقررة في الأصل في 29 أيار/مايو الجاري – لأن الادعاء لم يطلع الدفاع في الوقت المناسب على الأدلة التي سيقدمها.

ويوصف راتكو ملاديتش ب "سفاح البلقان" لأنه كان يريد "تصفية عرقية لأجزاء في البوسنة " ثم ضمها فيما بعد لصربيا. وكانت النتيجة اغتيال عشرات الآلاف وتهجير مئات الآلاف من المسلمين. ولازال بعض هؤلاء المهجرين يعيشون حتى الآن في مخيمات لاجئين، كما هو الحال في بلدة درافنيتشي الصغيرة في شمال شرق البوسنة حيث تبدو المناظر الطبيعية خلابة، وتعم السكينة الحدائق الجميلة للبيوت. لكن ظاهر الأمور يخدع. ففي تلك البلدة تعيش غالبية من النساء اللواتي لم يخترن الإقامة في تلك البلدة بمحض إرادتهن. إنهن لاجئات حرب فقدن أزواجهن وأبناءهن. وقلما يحط غرباء الرحال في هذه البلدة، لكن إذا زارها أحد، فإن لسكانها واسع الوقت للتحدث إليه وتكريمه وتقديم القهوة البوسنية التقليدية له المشهورة بجودتها كما يقال.

ناجون يبكون موتاهم في الذكرى السنوية لمذبحة سربرنيتساصورة من: picture alliance / dpa

جروح الحرب عميقة...

عائشة حوكيتش في ال 73 عاما من العمر لم تفقد رشاقتها. فهي تعودت على مواجهة متاعب الحياة لوحدها نظرا لأن زوجها فارق الحياة في وقت مبكر. عائشة كانت تعيش قبل الحرب في قرية ساسي بالقرب من سربرنيتسا مع أبناءها الخمسة وبنتها. لكن عندما شن جيش صرب البوسنة الحرب في عام 1992 بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش للاستيلاء على شرق البوسنة وتهجير سكانها المسلمين، تحولت قريتها الصغيرة فجأة إلى نقطة مركزية على حدود المواجهة. واحُتجزت عائشة في معسكر اعتقال، أما أبناؤها فقد فروا إلى سربرنيتسا. المرأة العجوز تتذكر تلك التجربة المريرة، وتقول: "لم أتوفر طوال شهر كامل على جرعة ماء، لا للغسيل ولا للشرب. ضربوني عندما وصلت إلى هناك. كان من الصعب تحمل تلك اللحظات".

وعندما عادت لاحقا إلى منزلها لم تجد أحدا ينتظرها. الأبناء الخمسة لقوا حتفهم في غضون شهرين خلال المعارك في سربرنيتسا، وقالت: " لا يمر يوم أو ليلة واحدة دون أن أبكي لفقدان أبنائي. عندما ذهبت كانوا على قيد الحياة، وعندما عدت فارقوها جميعهم. ما أحلاهم أبنائي... ذهبوا عني"

عائشة حوكيتش تعد القهوة على الطريقة البوسنيةصورة من: DW

سربرنيتسا تبقى في الذاكرة

في يوليو 1995 استولى جنود ملاديتش على بلدة سربرنيتسا، واغتالوا نحو 8000 من الرجال والشباب المسلمين. عائشة كانت مجبرة على مغادرة المدينة مع ابنتها هاجر وحفيدها فؤاد إلى مخيم للاجئين حيث مازالوا يعيشون فيه إلى يومنا هذا، بعد مرور 17 عاما. مرت الأيام وكبر ابن هاجر التي أصبحت تعمل في المخبزة المحلية. لكن الماضي لا يفارقها رغم مرور الأعوام، وتقول: " لن أنسى أبدا إخوتي، لن أنسى أبدا ما حصل. لقد سلبوني طفولتي ... لم أتمكن من إنجاز أي شيء في حياتي". وتؤكد أنها لن تغفر أبدا لقائد صرب البوسنة السابق راتكو ملاديتش، وتقول: "على محكمة لاهاي أن لا تسمح له بالحصول على محامي، يجب عليه أن يتلقى العقوبة القسوى. ويجب أن يكون ذلك أمام الملأ، ليعرف الجميع ما حصل، ولينتهي كل شيء".

اللاجئون البوسنيون يعيشون حياة صعبة

الحياة في مخيم اللاجئين تبدو وكأنها وضع انتقالي لانهاية لها. الناس يعيشون من تبرعات المنظمات الإنسانية ومساعدة اجتماعية متواضعة. والمخيم بعيد عن الطرق المعبدة ولا يتوفر على شبكة مياه. لكن عائشة وبنتها لا تفكران في العودة إلى سربرنيتسا، كما تشدد على ذلك الأم عائشة بقولها: "لا يوجد شيء نعود إليه، ليس هناك إمكانية. أنا لست غبية لأعود إلى هناك حيث الصرب. أفضل القفز في النهر".

وتبقى الحياة في مخيم اللاجئين بدون آفاق مستقبلية، وبدون فرص عمل. ففي بلد تصل فيه نسبة البطالة رسميا إلى 43 % لا أحد يهتم بمصير هؤلاء اللاجئين. وليس من المفاجأة أن يكون حفيد عائشة الذي يبلغ من العمر 20 عاما أن يغادر إلى العاصمة البوسنية سراييفو. فؤاد الذي غادر مع عائلته سربرنيتسا وهو في الثالثة من عمره يتصل كل يوم تقريبا بوالدته. ويحكي لها عن تجربة التهجير بقوله: "لا أتذكر الكثير، لكنني أعلم بأنني توقفت عن الكلام. كنت جالسا مع أمي داخل الحافلة التي صعد إليها رجل. وسألت أمي عنه. وردت علي بقوة "الزم الصمت، وإلا ذبحوك. إثرها توقفت عن الكلام طوال ثلاث سنوات".

جانب من مدينة سربرنيتساصورة من: picture-alliance/dpa/M. Schrader

التفاؤل من أجل الحياة

اليوم فؤاد يدرس الفقه الإسلامي، ويريد حفظ القرآن، وينوي العودة إلى المكان الذي حاول فيه راتكو ملاديتش تهجير عائلته بصفة دائمة، ويقول: "بمشيئة الله ستتحقق أحلامي، وسأعمل في مدينة مسقط رأسي في سربرنيتسا".

القائد السابق لصرب البوسنة كان ينوي فرض "تصفية عرقية" لسربرنيتسا من المسلمين، لكن تدبيره لم يتحقق، لأن المسلمين يعيشون مجددا في المدينة الواقعة شرق البوسنة. وفي الوقت الذي تحاول فيه المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في لاهاي إثبات التهم الموجهة لراتكو ملاديتش ، لازال الناس ومنهم فؤاد يقاومون آثار ما تسبب فيه الجنرال السابق من آلام وجروح.

زوران أربوتينا/ محمد المزياني

مراجعة: عبدالحي العلمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW