"جرس تنبيه".. انتقادات لخطط سحب قوات أمريكية من ألمانيا
٦ يونيو ٢٠٢٠
تسببت التقارير حول خطط لسحب جزئي للقوات الأمريكية من ألمانيا في صدور انتقادات من جانب أحزاب الائتلاف الحاكم في برلين. ويخاف سياسيون محسوبون على ميركل على تماسك الناتو، بينما يرى آخرون في تلك الخطط فرصا أيضا.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قد نشرت أمس الجمعة تقريرا استندت فيه لمسؤول بالإدارة الأمريكية لم تفصح عن هويته أشار إلى اتجاه بتحديد سقف عدد القوات الأمريكية في ألمانيا بـ 25 ألف جندي. وتحدثت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أيضا، استنادا إلى معلوماتها الخاصة، عن خطط إجراء خفض كبير في الوجود العسكري الأمريكي في ألمانيا.
وأحجمت وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق لرويترز على الموضوع.
"جرس تنبيه لسياسات الأمن بأوروبا"
وقال يوهان فادفول المتحدث باسم السياسة الخارجية لتكتل حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في
البرلمان "تظهر الخطط مجددا أن إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب تهمل مهمة قيادية جوهرية، وهي إشراك الشركاء من حلف شمال الأطلسي في عملية اتخاذ القرار". وأضاف فادفول اليوم (السبت السادس من يونيو/ حزيران 2020): "الكل يستفيد من تضامن الحلف، لكن روسيا والصين تستفيدان من نزاعه. يتعين الانتباه إلى ذلك على نحو أكبر في واشنطن". واعتبر فادوفول أن ذلك يشكل "جرس تنبيه آخر" للأوروبيين لوضع أنفسهم في موقع أفضل فيما يتعلق بالسياسة الأمنية.
دوافع فنية أم سياسية؟
وأعرب منسق الحكومة الألمانية لشؤون العلاقات عبر الأطلسي، بيتر باير، عن مخاوفه من أن يؤدي انسحاب محتمل للقوات الأمريكية من الأراضي الألمانية لأضرار بالغة في العلاقات بين البلدين.
وقال باير في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) السبت: "قد تتضرر العلاقات الألمانية-الأمريكية بشدة من مثل هذا القرار من الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)... الأمر لا يدور فقط عن سحب 9500 جندي، بل أيضا عن أسرهم؛ أي نحو 20 ألف أمريكي. سيؤدي ذلك إلى هدم جسور عبر الأطلسي".
وقال باير في إشارة إلى ذلك: "هذا ليس مفاجئا تماما... ومع ذلك، فإنه أمر مزعج للغاية أن الخطط لم تُناقش مع الحكومة الألمانية. حتى الآن، لم تتلق الحكومة الألمانية أي معلومات حول هذه الخطط". وذكر باير أن للانسحاب المخطط على ما يبدو بعدا مفاجئا، وقال: "إذا تم تأكيد ذلك، فعلينا أن نسأل أنفسنا عن تأثيره على الناتو والهيكل الأمني في أوروبا". وأضاف أن الدول الأخرى الأعضاء في الناتو ستراقب أيضا عن كثب ما يعنيه هذا بالنسبة للتدريبات العسكرية المشتركة والاعتبارات الاستراتيجية.
ومن جانبه قال أندرياس نك، وهو عضو أيضا في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، لدويتشه فيله (DW) إن الدلائل تشير إلى أن "القرار ليس فنيا بل لدوافع سياسية بحتة".
وتمثل هذه الخطوة أحدث تطور في العلاقات بين برلين وواشنطن التي كثيرا ما شابها التوتر خلال رئاسة ترامب. وحث ترامب ألمانيا على زيادة الإنفاق الدفاعي واتهم برلين بأنها "أسيرة" لروسيا بسبب اعتمادها عليها في مجال الطاقة. لكن مسؤولا أمريكيا طلب عدم نشر اسمه قال إن هذه الخطوة كانت نتيجة عمل استمر شهورا من جانب الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة وليس لها علاقة بالتوترات بين ترامب والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي أحبطت خطة ترامب استضافة اجتماع لمجموعة السبع هذا الشهر.
"خذوا معكم القنابل النووية أيضا!"
ومن جانبه، طالب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "اليسار" الألماني، ديتمار بارتش، بأن تسحب الولايات المتحدة أيضا أسلحتها النووية من الأراضي الألمانية. وقال بارتش: "على الحكومة الألمانية أن تقبل هذا الانسحاب بامتنان، وأن تُعد قريبا مع إدارة ترامب انسحابا كاملا للجنود الأمريكيين. وعندما ينسحب الجنود، يتعين أن يأخذوا معهم في الوقت نفسه القنابل النووية الأمريكية... سيكون لهذا فائدة إضافية تتمثل في أن دافع الضرائب سيوفر المليارات لأنه لن يتم شراء طائرات مقاتلة جديدة (من أجل هذه القنابل)".
بولندا تتطلع للقرار الأمريكي
ومن جهته قال ماتيوس مورافيسكي رئيس وزراء بولندا اليوم السبت إنه يأمل في أن يتم نشر بعض القوات الأمريكية المقرر خروجها من ألمانيا في بلاده. وقال مورافيسكي لمحطة "آر.إم.إف24" الإذاعية الخاصة "أتمنى بشدة أن تسفر المحادثات العديدة التي أجريناها... عن نشر جزء من القوات (الأمريكية) التي ستنقلها الولايات المتحدة من ألمانيا ... في بولندا... القرار الآن يعود للولايات المتحدة".
ص.ش/أ.ح (د ب أ، رويترز)
العلاقات الأمريكية الألمانية على مدى العقود السبعة الأخيرة
دخلت العلاقات الأمريكية الألمانية عند انتهاء الحرب العالمية الثانية منعطفا نوعيا، فأعداء الأمس شكلوا تحالفا استراتيجيا متميزا. ويعرض متحف التاريخ في بون بين شهري مارس وأكتوبر تطور تلك العلاقات بدء من عام 1945
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
صورة أمريكا في العالم
هناك رموز عديدة إذا ما شاهدها أحد منّا، فإنه سيستحضر على الفور الولايات المتحدة وثقافتها. ومن بين تلك الصور، دراجة هارلي ديفدسون، أو بيل غيتس، الشخصية التي جسدت الحلم الأمريكي بامتياز بعد نجاحه المدهش، إضافة إلى سلسلة مطاعم ماكدونالد
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
نهاية الحرب العالمية الثانية
يعرض متحف التاريخ في مدينة بون الألمانية معرضا حول تطور العلاقات الأمريكية الألمانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وتوضح الخارطة كيف تمّ تقسيم ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب إلى مناطق كانت كل واحدة منها خاضعة لإحدى قوات التحالف، وكانت الولايات المتحدة تدير مناطق في الجنوب
صورة من: Stiftung Haus der Geschichte/Axel Thünker
"الولايات المتحدة إلى جانب ألمانيا"
تصريح أدلى به الرئيس الأمريكي أيزنهاور خلال زيارته لألمانيا عام 1959. ولكي لا تبقى صورة المحتل عالقة بهم، قام الجنود الأمريكيون بتوزيع الحلوى والشكولاته على الألمان. فيما أنشأت في الولايات المتحدة منظمة كاير الإنسانية وبفضل مساعداتها استطاع الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في ألمانيا التغلب على الجوع والفقر
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
إذاعة أمريكية
كانت قناة رياس الإذاعية تحظى بشعبية كبيرة لدى الألمان، والتي كانت تذيع برامجها من ألمانيا. وكانت القناة تُسمع حتى في الجزء الشرقي من ألمانيا والذي كان يخضع تحت السيطرة الروسية. وهو ما أثار حفيظة السلطات هناك، حيث أمروا بحملة مضادة لمنافسة البرامج والموسيقى الأمريكية التي كانت قناة رياس تذيعها.
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
إلفيس برسلي والألمان
لم يطبع أحد جيل فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا والولايات المتحدة، مثل ما فعل النجم الموسيقي الأمريكي، إيلفيس بريسلي، ملك الروكن رول. وإلى غاية اليوم يعد هذا المغني من أكثر المغنيين نجاحا في التاريخ. وغنى إليفيس باللغة الألمانية حين كان مجندا في معسكر بألمانيا، وهو ما عزز من شهرته في هذا البلد
صورة من: Elvis Presley Museum Düsseldorf
"أنا برليني"
بعدما ازدادت شعبية الولايات المتحدة لدى الألمان، ذكرت أرقام نشرت عام 1966 أن 58% من الألمان يكنون الحب للولايات المتحدة. وهناك إجماع على أن الزيارة التي قام بها جون ف. كينيدي إلى ألمانيا الغربية كان لها دور كبير في ذلك، خاصة وأنه صرح في خطاب شهير في برلين "أنا برليني"
صورة من: Stiftung Haus der Geschichte/Axel Thünker
مواقف مناوئة لواشنطن
بيد أن العلاقة الوطيدة التي نمت بين ألمانيا الغربية والولايات المتحدة، سرعان ما عكرت صفوها سلسلة من المواقف المناوئة لواشنطن، فخرجت في ستينيات القرن الماضي مظاهرات مطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من فيتنام. ثم في الثمانينيات مظاهرات أخرى رافضة لقيام واشنطن بوضع صواريخ باليستية في منطقة موتلانغن. وبلغ التوتر أوجه حين رفض المستشار السابق غيرهارد شرودر دعم الولايات المتحدة في حربها على العراق
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
هجمات الـ11 من أيلول/ سبتمبر 2011
في سابقة تعد الأولى في العالم، يعرض متحف برلين أشياء تتعلق بالهجمات الإرهابية التي ضربت مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2011.، مثل بقايا نافذة إحدى الطائرات التي نفذت بها الهجمات. وعقب الهجمات تعهد المستشار الألماني بالدعم غير المشروط للولايات المتحدة
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte/National Museum of American History/Smithonian Institution
ضحايا الإرهاب
والعديد من الألمان لقوا حتفهم في تلك الهجمات. وخصص قسم خاص للإحتفاء بذكرى ضحايا الهجمات.
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte/National Museum of American History/Smithonian Institution
"نعم نستطيع"!
بعد أن سئم العالم، ومعهم الألمان، من الرئيس جورج بوش الذي قاد الحرب على العراق، جاء منافسه باراك أوباما الذي زرع الأمل في قلوب الملايين بعد حملة انتخابية ناجحة ومقنعة بجميع المقاييس، قادته إلى ألمانيا 2008 وحينها التقى في العاصمة برلين بالآلاف في ساحة النصر، وكان تعاطف الألمان معه واضحا بقوة
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte
زيارة رقمية
ومن يتعذر عليه زيارة متحف التاريخ في بون، يستطيع متابعة العرض عبر الانترنت. إذ يعرض المتحف تطبيقات مجانية مخصصة للكمبيوتر اللوحي. ومن يرغب في ذلك عليه أن يبحث عن العرض تحت إسم "American Way“ .
صورة من: DW/N. Fischer/Stiftung Haus der Geschichte