جرس كنيسة يحمل الصليب المعقوف وتحية أدولف هتلر. هذا الجرس أدخل قرية ألمانية عالم الشهرة حتى خارج حدود البلاد. والآن قررت القرية -رغم الانتقادات- أن تظل تلك القطعة التاريخية من حقبة النازية في مكانها.
إعلان
يبقى الجرس الكبير معلقا بعيدا عن الضجة في برج الكنيسة بقرية هركسهايم. الجرس الذي يبلغ وزنه نحو 240 كلغ يبدو للوهلة الأولى عاديا، لكن عندما نقترب منه نشاهد كتابة منقوشة: "كل شيء من أجل الوطن أدولف هتلر" وتحتها يظهر صليب معقوف. وانطلق رنين الجرس طوال 84 عاما. "جرس هتلر" الذي عُلق في 1934 يشير في كل ربع ساعة إلى الوقت ويقرع في أوقات القداس وتعميد المواليد والأعراس للقرية التي يسكنها 800 شخص في جنوب غرب ألمانيا. ولا أحد تقريبا كان يعلم بماضيها المظلم إلى أن اكتشفت الكتابة المنقوشة على الجرس معلمة للموسيقى من قرية مجاورة في مايو/أيار الماضي، واتصلت مصدومةً بالصحافة المحلية.
في تصويت سري لبقاء الجرس
الجرس يذكر بالدكتاتورية النازية، وبالسنوات الـ12 المظلمة للتاريخ الألماني، ما جعل القرية تحتل وبسرعة عناوين الصحف، خارج حدود جمهورية ألمانيا. وبعد نقاش استمر شهورا، وجب التقرير نهائيا ما إذا حان وقت إنهاء حياة الجرس، أي هل يُنقل إلى متحف أم يبقى في مكانه. وفي تصويت سري قرر مجلس القرية بعشرة أصوات مقابل ثلاثة الحفاظ على الجرس "كنصب تذكاري ضد العنف والظلم". ويُتوقع أن يستأنف الجرس عمله، وإلصاق لوح تذكاري بجدار الكنيسة يشير إلى تاريخها. وبدا هذا القرار هو الأفضل "عوض أن يُعلق في متحف، ويقف أحدهم أمام الجرس ويأخذ صورة تذكارية"، كما قال عمدة القرية غيورغ فيلكر الذي لا ينتمي إلى أي حزب في تعليل أمام الصحافة التي حضرت بقوة. وقال إنه يعتبر أن الجرس يقدم إمكانية للتفكير "في كيفية التعامل مع وقتنا اليوم، وكيف تعامل الناس في الماضي مع وقتهم".
جرس كهدية لقاتل
أما استنتاج زغريد بيترس ـ معلمة الموسيقى التي عرفت الرأي العام "بجرس هتلر" فكان من نوع آخر. وقالت بيترس لـDW: "لدي تخوفات قوية من حقبة النازيين بعد هذه الجلسة". وهي اعتبرت أن قرار الحفاظ على الجرس يأتي في إطار النجاحات الانتخابية لليمينيين الشعبويين من حزب البديل من أجل ألمانيا. وأكدت أن ذلك ليس صدفة. وأشارت بيترس إلى أنها حزينة بسبب الوضع السياسي، و"أن يحصل هذا الأمر بأن نكرس جرسا داخل كنيسة لقاتل".
وبيترس لا تخشى فقط أن تتحول الكنيسة إلى محج لليمينيين المتطرفين، وإنما أيضا أن يكون لبقاء الجرس أثر وخيم على الوضع في الخارج. وهذا الانطباع حصلت عليه من صحفيين أجانب. "كان لدي عمل مع التلفزة الكندية. وكان بالنسبة إليهم مثيرا للغاية كيف تتعامل ألمانيا مع الصليب المعقوف وهذه الكتابة المنقوشة". وهناك في الحقيقة رأي سائد في الخارج بأن ألمانيا قدمت جهدا كبيرا للتعامل مع ماضيها. كما أن الألمان نجحوا في أداء تلك المهمة. ولكن "هذا الخارج مصدوم بسبب أن يبقى هذا الجرس معلقا في كنيسة ولا أحد يزعجه ذلك".
هفوة كلامية للعمدة
ومن المشكوك فيه أن تحصل قرية هركسهايم، الواقعة في منطقة زراعة العنب، على هدوئها المعتاد. فعمدة القرية فيلكر أوضح بكل ثقة بالنفس أن موضوع الجرس "يجب أن يكون قد انتهى". إلا أن الشخصيات الرسمية في القرية ظهرت بوجه آخر في هذه القضية، وأثارت جزئيا بعض الاضطراب. فسلف فيلكر مثلا أعلن في تقرير متلفز أنه "يفتخر بهذا الجرس". ومثل هذه الهفوة الكلامية صدرت أيضا عن فيلكر بعد تسلمه منصبه. وقال عبر التلفزة إنه يسمع عند رن الجرس أصوات الضحايا: "إنهم كانوا مواطنين ألمان، إذن ليس فقط يهود". واحتج المجلس المركزي لليهود في ألمانيا بسرعة، لأن فيلكر ألمح أن اليهود ليسوا مواطنين ألمان. وأمام المحكمة اعترف العمدة بأن تعبيره ريما يكون قد "أسيء فهمه".
منطقة ضبابية في ميراث هتلر
والتطورات الحاصلة في بلدة هركسهايم تكشف كيف يكون تجاوز الماضي معقدا. والنقاشات حول آثار النازيين توجد من حين لآخر في ألمانيا. وعملت القوى المنتصرة للحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية على منع رموز النازية ومنع الدعاية اليمينية المتطرفة مثل لبس القمصان التي تحمل الصليب المعقوف، وهذا يضمنه أيضا القانون الأساسي في ألمانيا. لكن كنيسة قرية هركسهايم ليست إلا موقعا واحدا من بين الكثير من الأماكن في ألمانيا التي ماتزال بها آثار الحقبة النازية. وهذا نفسه ينطبق على بنايات عامة وأسماء شوارع ومؤسسات عسكرية قديمة، لأن هناك منطقة ضبابية. فبعض الآثار من الماضي يمكن أن تقدم معلومات قيمة لكتابة التاريخ. وحتى داخل كاتدرائية كولونيا، الإرث الثقافي الكبير، نجد حجارة بها صلبان معقوفة، وبالتالي فإن إرث هتلر يبقى حاضرا في كثير من الأماكن.
رالف بوزن/ م.أ.م
لوحات من الهولوكوست - لوحات توثِّق الإبادة النازية لليهود
عاشوا الرعب والتعذيب في معسكرات الاعتقال النازية او هاربين من حملات الابادة ورسموا معاناتهم باللون والخطوط . بقي بعضهم على قيد الحياة ونقل لوحاته وذكرياته الأليمة معه، فيما غادر بعضهم الحياة ولم تبق سوى لوحاته الفنية.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
هل ممكن أن يصنع الرعب والإرهاب فنا جميلا؟ يحاول المعرض الفني الذي يقام في برلين تحت شعار "فن من الهولوكوست" الإجابة عن هذا السؤال اكبر جريمة في التاريخ الإنساني خلال الحكم النازي مورست بحق اليهود، ورغم ذلك استطاع بعض الفنانين خلال وجودهم في المعسكرات النازية رسم وتخليد لحظات حياتهم في مادة فنية ، كما في لوحة "شارع في غيتو في مدينة وودج" لجوزيف كونر الذي نجا من المحارق.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استعار المعرض في برلين 100 لوحة فنية من متحف ياد فاشيم من إسرائيل. وعرضت اللوحات أعمال 50 فنانا يهوديا نجا 26 منهم من المحارق، فيما لقي الفنانون الآخرون المعروضة أعمالهم حتفهم على يد النازية، ومنهم فيلكس نوسباوم الذي يعد من أشهرهم، والذي توفي في سنة 1944 في معسكر أوشفيتز. الصورة هي لوحته الشهيرة "اللاجئ" التي رسمها في سنة 1939 في بروكسل التي عرضت في برلين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
عرضت أعمال فنية للرسامة شارلوته سالومون التي رسمت لوحات ومخطوطات تجاوزت الـ 700 عمل وثقت فيها حياتها في مجموعة فنية تحت عنوان "حياة أم مسرح؟". نُقلت شارلوته وكانت حاملا من معسكرات الاعتقال النازية في جنوب فرنسا إلى معسكر أوشفيتز في سنة 1943 وقتلت هناك فور وصولها.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنانة نيللي تول فنجت من الموت من المحارق والمعسكرات النازية بعد أن اختبأت مع أمها عند عائلة مسيحية آوتهما في مدينة لفيف الأوكرانية. ورسمت نيللي في غرفتها المقفلة لوحات باستعمال ألوان جواش (وهي من الألوان المائية المعتمة). وجاءت نيللي التي تبلغ من العمر اليوم 81 عاما خصيصا من محل إقامتها في الولايات المتحدة إلى برلين لحضور المعرض الفني.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
وُلد الفنان ليو بروير في مدينة بون وشارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الألماني. وفي سنة 1934 وبعد عام على وصول هتلر إلى الحكم هرب إلى مدينة لاهاي الهولندية ومن ثم إلى بروكسل وعمل هناك رساما لغاية سنة 1940 حيث اودع في معسكر الاعتقال بسانت سيبرين جنوب فرنسا. استطاع بروير الاحتفاظ بمخطوطاته وأعماله المائية، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى مدينته بون ليعيش فيها حتى وفاته في سنة 1975.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كانت بيدريش فريتا تدير مرسما في معسكر الاعتقال تيريزين، وكانت مهمتهم الرسمية تنفيذأعمال دعائية للنازية، لكن فريتا ورفاقها استطاعوا رسم بعض اللوحات بصورة سرية عن رعب الحياة في المعسكر. وفي سنة 1944 قبض عليها متلبسة وأرسلت إلى معسكر أوشفيتز لتموت هناك. وبعد التحرير من النازية كشف عن 200 عمل فني لها كانت قد خبأتها في الجدران أو تحت الأرض.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
ليو هاس لم يكن معروفا لكونه شارك بيدريش فريتا في رسم الكثير من الأعمال الفنية التي وثقت جرائم النازية فحسب، بل لكونه شارك أيضا وبطلب من النازية في تزوير أوراق نقدية تابعة لقوات الحلفاء في عملية أطلق عليها تسمية "عملية بيرنهارد". ليو هاس نجا من الموت وتبنى بعد تحريره الطفل توماس ابن بيدريش فريتا واستطاع العثور على 400 عملا فنيا كان قد خبائها أثناء الاعتقال في تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كان بافيل فانتل ضمن قائمة الفنانين في معسكر الاعتقال في تيريزين، على الرغم من أنه كان مدير المستوصف الخاص لمرضى التيفوئيد في المعسكر كونه قد درس الطب. وقبض عليه أيضا في المعسكر متلبسا برسم لوحات عن الجرائم النازية وأرسل إلى معسكر أوشفيتز ليعدم هناك في سنة 1945. بعد التحرير عُثر على نحو 80 عملا لفانتل في معسكر تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنان ياكوب ليبشيتس فكان يدرس في معهد الفنون في فيلنيوس قبل الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 1941 أجبر على العيش في غيتو كاوناس وهناك انضم إلى مجموعة من الفنانين التي رسمت أعمال فنية عن الحياة في غيتو كاوناس وبصورة سرية. توفي ليبشيتس في سنة 1945 وبعد التحرير عادت زوجته وابنته إلى غيتو كاوناس لإنقاذ أعماله الفنية التي خبأها في مقبرة الغيتو.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استطاع الفنانون توثيق الخراب والعنف في المعسكرات النازية، وتمكنوا أيضا من رسم عالم آخر في لوحاتهم الفنية مغاير لما يعيشونه في الواقع، كما في لوحة "سقوف المباني في الشتاء" لموريتس مولر. ينعقد معرض "فن من الهولوكوست" على قاعات المتحف التاريخي في برلين ويستمر لغاية الثالث من نيسان/ أبريل 2016.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem