جزر الكناري... مهاجرون بلا أمل في عزّ جائحة كورونا
٢٦ ديسمبر ٢٠٢٠
جائحة كورونا عمقت أزمات المهاجرين في جزر الكناري التي يعتمد اقتصادها على السياحة بشكل جوهري. صداقة من رحم اللجوء جمعت بين رجلين مغربين: شاب وآخر ستيني.
أشرف ومصطفى في جزر الكناري
صورة من: Marco Wolter/InfoMigrants
إعلان
أشرف مغرم بالرياضة ويشجع الرجاء المغربي، أحد فريقي عاصمة المغرب الاقتصادية الدار البيضاء. الفريق الآخر هو الوداد وعادة ما يكون اللقاء بين الفريقين مناسبة مثيرة في المدينة الساحلية وعموم أرجاء المغرب.
قد لا يكون مستغرباً معرفة أن أشرف، ذي الـ 25 ربيعاً، يريد أن يحط رحاله في نهاية رحلته في مدينة ميلان الإيطالية، التي فيها كحال الدار البيضاء ناديان كبيران هما إنتر ميلان وإسي ميلان. إلى جانب الرياضة لأشرف أسباب أخرى للتوجه إلى ميلان، إذ يعيش بعض أفراد عائلته هناك.
محاولات متكررة للوصول إلى أوروبا
أصبح أشرف ومصطفى صديقين. رحلة مصطفى في محاولة الوصول إلى الاتحاد الأوروبي بدأت منذ سنوات بعيدة: "المرة الأولى التي وصلت إسبانيا كانت عام 1990 على قارب صغير طوله ثلاثة أمتار"، يقول الرجل الستيني.
لغة مصطفى خليط غريب عجيب من العربية والفرنسية والإسبانية. يقول وهو ينفث دخان سيجارته: "انطلقنا من طنجة إلى طريفة في إسبانيا ومن هناك إلى لاهاي، بيد أن الشرطة الهولندية أرجعتني للمغرب".
بعد تلك المحاولة الفاشلة، جرب مصطفى حظه مرة أخرى في عام 2006، ولكن "هذه المرة بالطائرة وبفيزا"، يؤكد مصطفى.
جزر الكناري في أزمة
يعمل مصطفى في مطعم، ولكن منذ جائحة كورونا أغلق المطعم نظراً لغياب السياح. يتلقى مصطفى إعانات البطالة من الحكومة الإسبانية والتي تشكل ما يقارب 70 من راتبه.
جائحة كورونا وانقطاعه عن العمل وفرت لمصطفى الكثير من أوقات الفراغ. ومن هنا تعرف على أشرف الذي ساعده في أحد محلات بيع الملابس باعتبار أن الشاب لا يتحدث الإسبانية.
ثمن مرتفع لمغامرة خطيرة
ينحدر أشرف من مدينة بني ملال في وسط المغرب والتي يعيش فيها حوالي 200 ألف نسمة. وصل جزر الكناري في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وهو واحد من بين 8000 مهاجر وصل الجزر منذ ذلك التاريخ.
يعرض علينا أشرف مقاطع فيديو للرحلة. حوالي عشرة أشخاص يجلسون في قارب صغير وسط المحيط الأطلسي الذي بدا أنه كان هادئاً. الكثير منهم يحدقون في هواتفهم المحمولة أو يصورون الرحلة بها. تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر كلفت أشرف 1500 دولاراً لمهربي البشر.
مهاجرون غير شرعيين في جزر الكناري.صورة من: picture-alliance/dpa
عالقون في الجزر
يروي أشرف لنا المزيد ويقول إنه غادر من مدينة الداخلة في منطقة الصحراء الغربية: "استغرقت الرحلة يومين ونصف". يرد عليه مصطفى: "إنها مغامرة خطيرة. كان عليك البقاء في المغرب"، يعلق الرجل الستيني عندما شاهد فيديو الرحلة. "علاوة على خطورة الرحلة أصبح الوضع من الناحية الاقتصادية صعباً على الشباب في ظل جائحة كورونا". ويتابع مصطفى: "إنهم بلا جوزات سفر ولا وثائق شخصية. لا بد من حل ما: إما بإرجاعهم للمغرب أو نقلهم لبلدان أخرى".
في عز جائحة كورونا لا أمل في أي ضوء في نهاية النفق. حسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي يشكل المغاربة النسبة الأكبر من الواصلين إلى جزر الكناري، إذ بلغوا أكثر من الثلث منذ بداية العام.
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو