1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"جزيرة النحل" في بافاريا : عسل من إنتاج عالم مصري

صلاح سليمان ـ ميونيخ٢١ مارس ٢٠١٣

تتميز مزارع النحل في بافاريا بالانفراد والخصوصية لما تتمتع به الطبيعة هناك من ثراء متنوع في أنواع الأشجار والأزهار والنباتات البرية المختلفة التي تتغذى عليها أسراب النحل في الولاية. أسرار النحل وفوائدها لا تعد ولا تحصى

صورة من: picture-alliance/dpa

أحد أهم مزارع النحل المتميزة في بافاريا هي "جزيرة النحل" التي يمتلكها الدكتور علي حسانين، أستاذ الفيزياء، مصري الأصل، في منطقة "جارمش" القريبة من ميونيخ .هي ليست مزرعة لإنتاج العسل ومشتقاته فقط ، و إنما هي أيضا مزرعة تعليمية يزورها يوميا المهتمين بعالم وأسرار مملكة النحل من تلاميذ مدارس وطلاب جامعات وهواة وباحثين .

هواية بعيدة عن التخصص

علي أبواب "جزيرة النحل" استقبلنا الدكتور علي حسانين وسط طنين النحل في كل مكان، وثمة نحلات تتطاير حول رؤوسنا مما يجعل المرء يتلفت حوله دون تركيز، يضحك الدكتور حسانين ويأخذنا إلي ركن هادئ، حيث راح على الفور يتحدث لنا عن كيفية وقوعه في غرام هواية تربية النحل. يقول :"من المهم في البداية أن نعرف أن الإنسانية لا تستطيع الاستغناء عن تلك الحشرة الصغيرة، فهي تلعب دورا في استمرار الحياة علي سطح هذا الكوكب، وأن أكثر من 80% من المحاصيل الغذائية يقوم النحل بتلقيحها مما يضمن استمرار غذاء البشر، هذا غير إنتاج العسل الذي يعتمد عليه الكثيرون كغذاء ودواء منذ أن أكتشفه الإنسان قبل 8 آلاف عام."

الدكتور علي حسانين يربي النحل إلى جانب مهنته كباحث علمي في مجال الطقاة الشمسيةصورة من: Aly Hassanein

إذن ما هو الدافع إلى هذه الهواية البعيدة عن التخصص في علوم الطاقة الشمسية التي درسها الدكتور حسانين في جامعة فرايبورج عام  1985؟ يقول عن ذلك :" إن الدراسة العلمية جعلتني أكثر اهتماما بتفاصيل كثيرة في الحياة، فهواية تربية النحل نافعة ومفيدة للغاية، وأن الإحساس بالملل يتلاشى تماما كلما تأملت عمل النحل والنظام العجيب الذي تتبعه داخل الخلية. حب الهواية نقلني في سنوات قليلة من امتلاك بضعة خلايا في حديقة المنزل إلى امتلاك هذه المزرعة أو ما يطلقون عليه هنا "جزيرة النحل". ويضيف الباحث العلمي المهاجر "من المهم أن يعرف الناس أن بعض الدول تعتبر وجود النحل هو بمثابة أمن قومي لها، في أمريكا على سبيل المثال تقوم النحل بتلقيح مزارع اللوز الشاسعة وبدونه تخسر البلاد مليارات الدولارات، لذلك فهو أمن قومي هناك لا يسمح بالمساس به. و يتابع قائلا "نتذكر في سنة 2005 عندما نفقت أعداد كبيرة منها سارعت أمريكا لشراء كميات مماثلة من أجل تعويض هذا المفقود على وجه السرعة".

الدكتور حسانين يشرح للأطفال نبذة عن حياة النحلصورة من: Aly Hassanein

العلاج بالعسل: فعال ومؤكد

كثيرون من الناس مهتمون بالعلاج بعسل النحل، وهناك الكثير من المعلومات في هذا الإطار. عن ذلك يحدثنا الدكتور حسانين بقوله :" إن العسل مضاد حيوي قوي، وقد ثبت أن العلاج "بسم "النحل يعالج عددا من الأمراض مثل الزهايمر والأيدز، والتهاب الكبد الوبائي "س" ومرض السكر" . ويضيف:" من الغريب أيضا أنه يعالج ضغط الدم بشكل فريد، فهو يقوم بالتنظيم التلقائي لضغط الدم، أي يخفض الضغط العالي ويرفع الضغط المنخفض". ويقول إن الغرام الواحد منه يباع بخمسين ألف دولار.

كل شيء تفرزه النحلة هو مهم لصحة الإنسان، حتى هواء خلية النحل، فإن استنشاقه يعالج أمراض الجهاز التنفسي، وفي سويسرا هناك فنادق متخصصة يمكنك استنشاق هواء خلية النحل مقابل 30 إلى 40 يورو في الجلسة الواحدة .أما شمع النحل فمعروف أن الإشعاعات النووية لا تستطيع اختراقه، وهو يستخدم على نطاق واسع في تدليك الأجساد المرهقة حيث يخلص الجسد من السموم ويعطي للجسم رونقا جميلا.

يرى الدكتور حسانين أن استخلاص حبوب اللقاح التي تحملها النحلة على هيئة كرتين مستديرتين في أرجلها أثناء تنقلها بين الزهور في موسم التلقيح في فصل الربيع، تستخدم أيضا لغذاء الإنسان. فقد وجد أنها تحتوي بالكامل على أهم الأحماض الأمينية الأربعة والعشرين التي يحتاجها جسم الإنسان. لذلك يحرص على استخلاصها من جسم النحلة عن طريق مصائد خاصة، ثم تعالج وتباع كغذاء يؤكل مع الزبادي أو العسل أو تستخدم في العلاج .

من جهة أخرى يؤكد الدكتور حسانين على أن انضمامه إلي رابطة العلاج الدولية بعسل النحل في عام 2007 أتاح له الفرصة لآن يتعرف على الكثير من مزايا العسل العلاجية، كما أن المزرعة أصبحت قبلة للمهتمين بهذا النوع من العلاج.

سألت أحد كبار السن الموجودين في المزرعة، وهو جنرال ألماني سابق، عن العلاج بعسل النحل فقال إنه يُعالج من مرض السكر باستخدام لدغات النحل .

ونظرة إلى داخل خلية نحلصورة من: Aly Hassanein

تجارة رائجة

تعتبر تجارة العسل تجارة رائجة حول العالم، فلا أحد يختلف حول أهميته كغذاء أو دخوله في صناعة الحلويات وغيرها.  كمية العسل التي تنتجها الخلية الواحدة تختلف من دولة إلى أخرى وفقا لعوامل عديدة، منها مناخية وأخرى غذائية. مثلا تنتج الخلية في مصر 6 كيلو غرامات من العسل، وفي ألمانيا 30 كيلو جراما. أما روسيا فتنتج  60 كيلو غراما. مذاق العسل متنوع منه الحلو ومنه المر جدا مثل عسل الجبل الأخضر في ليبيا. أسعار العسل أيضا تتفاوت بشكل كبير فهي تتراوح ما بين  10 إلى 700 دولار للكيلوغرام الواحد في الأسواق العالمية، وهناك أنواع من العسل تباع بالغرام، مثل عسل" المنادكا"  في نيوزيلندا، وهو مضاد حيوي قوي وفعال واسمه مشتق من تلك الشجرة العجيبة هناك وفق ما يقوله الدكتور حسانين.

تطال التجارة أيضا كل ما تنتجه النحل في الخلية، ويصل ثمن الكيلو غرام الواحد من "خبز النحلة" من  60 إلى 70 يورو ويقول :الدكتور حسانين" إن خبز النحلة هو عبارة عن تركيبة من العسل، وحبوب اللقاح، وغذاء الملكات، يتم خلطها وبيعها للزبائن.

أسرار وألغاز عالم النحل

يفتح لنا الدكتور حسانين إحدى الخلايا ويكشف لنا الكثير من أسرار النحل فيقول :"إن كل خلية بها ملكة واحدة تعيش لفترة تمتد من 3 إلى 5 سنوات. أما النحلة العاملة فهي تعيش حوالي 4 أسابيع فقط. ويصل عددها من 60 إلى 80 ألف عاملة في الخلية. وتحتوي الخلية أيضا على ألاف الذكور. والملكة تتغذي فقط على الغذاء الملكي، وهي مادة شديدة الغرابة، لم يتم فك شفرتها الكيميائية على وجه الدقة حتى الآن، تصنعها العاملات داخل أجسامها وتُطعمها للملكة فقط، حيث تضاعف من حجم النمو عندها. ويعتقد كثير من الناس أن غذاء الملكات يُطيل عمر البشر".

تضع الملكة البيض وعدده يتراوح من 2000 إلى 3000 بيضة يوميا. والغريب أن هذا الحجم من البيض يزيد في الوزن عن وزن الملكة نفسها، أما البيضة الملكية فتضعها الملكة في خلية مختلفة. والملكة تُلقح مرة واحدة في حياتها. وهي تحتفظ بالحيوانات المنوية في جسمها حيث تكفيها طوال العمر.  بين وقت وآخر يحدث تمرد في خلية النحل ضد الملكة عندما تضع البيض بشكل غير منتظم أو عندما يكثر النحل وتضيق الخلية بها، لهذا يقوم النحل بإجبار الملكة على وضع البيضة الملكية، ويتراوح عددها من 3 إلى أربع بيضات. بعد الفقس وفترة الحضانة تنفرد أقوى الملكات بالخلية وتقوم بقتل الملكات الأخريات وبذلك تظل في الخلية ملكة واحدة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW