العنف بحق المهاجرين والإفلات من العقاب أمر "سائد" في تونس
٢١ مارس ٢٠٢٤
أبدت أكثر من 30 منظمة وجمعية قلقها من تحول أعمال العنف بحق المهاجرين في تونس إلى ممارسات "طبيعية" لا يحاسب عليها القانون. ونددت بظاهرة ازدياد العنصرية وكراهية الأجانب في البلاد.
إعلان
أوضحت 30 جمعية داعمة لحقوق المهاجرين، في بيان صحفي مشترك، يوم الاثنين 18 آذار/مارس، تزايد حالات العنف والعنصرية وكراهية الأجانب في تونس، لا سيما المهاجرين في البلاد.
وذكرت في بيانها وصول "العنف المؤسسي والشرطي ذروته مع تزايد شبكات تهريب المهاجرين من جنوب الصحراء، الذين تسلمهم الميليشيات الليبية على الحدود".
وأشارت إلى وجود تواصل بين شبكات التهريب والميليشات الليبية أثناء نقل المهاجرين قسرا من تونس إلى ليبيا، وإلى تزايد حالات الخطف مقابل فدية خصوصا في مدينة صفاقس.
إلى جانب ذلك، أكد بيان الجمعيات على ارتفاع نسبة النساء المهاجرات اللاتي يقبعن عرضة عنف جنسي، ”وهي ظاهرة يبدو أنها منتشرة على نطاق واسع مع الإفلات التام من العقاب".
العودة إلى بداية الأحداث
بدأ تصاعد أعمال العنف بحق المهاجرين في تونس عقب إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد في شباط/فبراير 2023، أن ”جحافل المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى" تشكل تهديداً على ”ديموغرافية البلاد". وأسفر الإعلان عن موجة ”رهيبة" من العنف عاثت البلاد، لا تزال آثارها إلى اليوم، وفق بيان الجمعيات.
مهاجرون يتهمون تونس بطردهم إلى الصحراء والأخيرة تنفي
01:52
وباشرت السلطات التونسية منذ ذلك الحين، باعتقال المهاجرين وخصوصا القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، في الشوارع وفي المنازل، قبل طردهم إلى أماكن صحراوية على الحدود مع الجزائر وليبيا. وهي ممارسة أكدتها المنظمة العالمية لمكافحة التعذيب، وقالت في تقرير نشرته في كانون الأول/ديسمبر عام 2023، إنها أكثر ”تنظيما وانتظاما".
وأوضحت المنظمة في التقرير أن المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في تونس، يتعرضون "لعنف مؤسساتي يومي" من "اعتقالات تعسفية وتهجير قسري وإبعاد غير قانوني"، باتجاه الحدود مع ليبيا والجزائر.
وجاء التقرير بعد خبر وفاة 27 مهاجرا (على الأقل) من أفريقيا جنوب الصحراء بعد طردهم من تونس باتجاه الحدود الليبية، في آب/أغسطس 2023.
مع ذلك، نفت السلطات التونسية انتهاج ممارسات الطرد والعنف بحق المهاجرين، وكان أكد المتحدث التونسي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبالي لمهاجرنيوز، في كانون الأول/ديسمبر عام 2023، "لا شيء يحدث على الحدود مع ليبيا (من طرف السلطات التونسية)، ولا توجد عمليات طرد. نحن نحاول مساعدة المهاجرين وتنفيذ عمليات الإنقاذ في البحر".
ولم تنف المنظمة الدولية للهجرة عمليات الطرد حينها، لكنها لم تؤكدها، مشيرة إلى إدانة "أي شكل من أشكال الاعتقال التعسفي أو طرد المهاجرين".
شهادات مهاجرين تؤكد استمرار العنف في تونس
رصد فريق مهاجرنيوز شهادات مهاجرين كانوا ضحايا ممارسات الطرد والإعادة القسرية والعنف المستمر في تونس. منها شهادة خالد* وهو مهاجر سوداني يبلغ 34 عاماً، غادر بلاده هرباً من الحرب. ومرّ على ليبيا وتشاد والنيجر والجزائر حتى وصل إلى تونس.
وأفاد الشاب في شهادة سجلت في كانون الثاني/يناير الماضي، بأنه وآخرين ”محاصرون من جميع الاتجاهات، السلطات التونسية لا تريدنا، والمجتمع عنصري تجاهنا، والمفوضية غير مهتمة بإيجاد حلول لنا". كما أكد ”توقفنا الشرطة دائما، وبما إن معظم المهاجرين فقدوا أوراقهم الثبوتية على طريق الهجرة، نتعرض للاحتجاز والاعتداءات".
وبيّن عثمان، وهو مهاجر آخر من غامبيا مقيم في تونس، سوء تعامل عناصر الشرطة التونسية أثناء مداهمات متكررة لمخيم أقام فيه بعد طرده من صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية .
وقال الشاب في شهادة سجلت في شباط/فبراير الماضي، إنه هرب إلى الغابات خوفا من الاعتقال، إذ ”بمجرد القبض على أي منا، لن يعرف الآخرون وجهته، سوف يأخذونك للمجهول".
مضيفا ”لا أعرف ما المشكلة، حتى التحدث مع التونسيين يعد مشكلة، يقولون لنا إن الشرطة لا تسمح لهم بالتحدث مع المهاجرين. إنها عنصرية واضحة، لأنه حتى في البلدة التي كنت أعيش فيها في البداية، كانت هناك متاجر معينة عندما تذهب إليها، إذا كنت أسودا، فلا تتم خدمتك".
دعوة إلى وقف التعاون التونسي الأوروبي
واعتبرت الجمعيات التي وقعت على البيان، أن استمرار التعاون التونسي الأوروبي في مجال الهجرة يدفع تونس إلى مواصلة انتهاك حقوق الإنسان. مضيفة "يجب وقف أي تعاون يمس حياة الناس وكرامتهم".
وشددت على أن التنقل حق يصونه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، رافضة أعمال العنف اليومية التي يواجهها المهاجرون في تونس أثناء تنقلهم.
وفي النهاية، دعت الجمعيات السلطات التونسية إلى احترام حقوق الإنسان وضمان أمن المهاجرين مع تيسير حصولهم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو