1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جنوبيو الخرطوم ـ مخاوف متداخلة ومصير مجهول

٢١ نوفمبر ٢٠١٠

مع اقتراب موعد الاستفتاء لتقرير مصير مواطني جنوب السودان، المقرر إجراؤه في التاسع من شهر يناير من العام القادم، تزداد مخاوف الجنوبيين المقيمين في الشمال. دويتشه فيله زارت أحد أحيائهم في الخرطوم واستطلعت آراء عدد منهم.

عائلة جنوبية تقطعت بها السبل في العراءصورة من: DW/M. Amin Omar

يكثر الحديث في هذه الأيام عن مصير مجهول لمليوني جنوبي يقيمون في الشمال إذا ما فضل الجنوبيون الانفصال على الوحدة. هذا المصير المجهول تحركه عوامل عديدة منها التاريخي ومنها الاجتماعي ومنها الاقتصادي أيضا. وقد تجلت هذه العوامل أكثر ما يكون في النزاع الدموي بين الشمال والجنوب، الذي دام أكثر من عقدين من الزمان، إلى أن جاء حق تقرير المصير ضمن اتفاقية نيفاشا كحل أخير يتم اللجوء له.

مخاوف متداخلة

وتتداخل المخاوف والعوامل التاريخية مع الاجتماعية في موضوع حيازة وملكية الأراضي السكنية والزراعية. إلاَّ أن مخاوف القس سامسون بتيا تمتد لتشمل طُرق وأساليب ممارسة مسيحيي الجنوب لشعائرهم الدينية أيضا. ويقول القس بتيا لدويتشه فيله إن أكثر مخاوفه تتمثل في عدم قبول الحكومة في الشمال بممارسة الشعائر الكنسية فيما لو اختار الجنوب الانفصال. إلاّ أنه يستدرك قائلا: "إذا وافقت الحكومة في الخرطوم على بقاء الجنوبيين في الشمال فسيبقى"، لأن اثنين من أبنائه يدرسون بالجامعات ولا يريد أن يقطع مسيرتهم التعليمية.

يفضل القس سامسون بتيا البقاء في الشمال حتى لو صوت الجنوبيون لصالح الانفصالصورة من: DW/M. Amin Omar

هذه حالة تتكرر كثيراً وسط الأسر الجنوبية المقيمة في الخرطوم؛ ومعظم هذه الأسر تتخوف من مثل هذا المصير الذي ربما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار والتشتت فيما لو بقى الأبناء للدراسة بالشمال ورحل بقية أفراد العائلة إلى الجنوب. وبالنسبة للقس بتيا فإن مصير أسرته معلق بقرار حكومة الشمال، فهي إن رأت ترحيل الجنوبيين بالقوة فسيذهب إلى الجنوب ليمارس عمله هناك. وبالإضافة إلى ذلك فإن لدى القس منزلا في الخرطوم وهو لا يريد أن يبيعه مثل بعض الجنوبيين.

ويسرف القس بتيا في الأمل حين يقول إن الأمم المتحدة كانت واضحة فيما يتعلق بوضع الشماليين المقيمين في الجنوب والجنوبيين المقيمين في الشمال إذ ضمنت لهم العيش بسلام. إلا أن ضمانات الأمم المتحدة للمواطنين للعيش في سلام تكذبها الحقائق على الأرض وتنفيها مخاوف الجنوبيين من المصير المجهول.

عودة طوعية متعسرة

أطفال بانتظار المجهولصورة من: DW/M. Amin Omar

كثير من الأسر الجنوبية، وإثر تهديدات من قادة الحزب الحاكم لهم، قررت العودة إلى جنوب السودان ضمن البرنامج الذي بات يعرف بـ "العودة الطوعية". ويهدف برنامج العودة الطوعية، الذي تشرف عليه حكومة الجنوب، إلى إعادة مليون ونصف مليون مواطن جنوبي من الشمال إلى الجنوب. وكانت الحكومة قد أعلنت عن حوافز لحث الناخبين الجنوبيين على العودة إلى موطنهم الأصلي؛ وتردد أن من بينها تخصيص مبلغ 300 جنيه سوداني، أي ما يعادل نحو 125 دولارا أمريكيا، لكل أسرة عائدة.

ومن محطة باصات (أوتوبيسات) تقع جنوب العاصمة الخرطوم، بدأت حكومات الولايات الجنوبية تفويج العائدين إلى الجنوب. ولكن يبدو أن البرنامج لا يسير بصورة جيدة. إذ أن زيارة واحدة إلى هذه المحطة يمكن أن ترسم المشهد البائس للعائدين، إذ ليس ثمة ما يوحي برحلات العودة الطوعية. ليس هناك سوى مجموعة من الشباب الجنوبيين وبعض الأسر الصغيرة ينتظرون تحت الشمس الحارقة عودة الباصات من الجنوب. ويمتد انتظارهم للباصات، بحسب عائدين تحدثوا لدويتشه فيله، لأيام طويلة.

ويقول الشاب يوكي إدوارد ألوك ، 22 سنة، لدويتشه فيله إنه يتردد، ومنذ أكثر من أسبوع، على هذه المحطة حتى يتمكن من العودة إلى الجنوب. ويضيف ألوك بأنه سيعود إلى موطنه في ولاية الوحدة، بمقاطعة بانتيو. ويؤكد أنه حتى في حالة تخيير الحكومة لهم بأن يظلوا في الشمال فلن يبقى لأنه قرر الذهاب والعمل في الجنوب حتى يسهم في تنمية بلده، على حد قوله.

أما وليم دينق أكوج، 35 سنة، خريج كلية القانون بجامعة الخرطوم، فيؤكد أن الجنوبيين المقيمين في الخرطوم لم يخافوا من قبل على مصيرهم في الشمال إلاَّ بعد تصريحات وزير الإعلام كمال عبيد التي، هدد فيها الجنوبيين المقيمين في الشمال بحرمانهم من حق الإقامة والتملك والعلاج. ويضيف أكوج لدويتشه فيله بأن هذه التصريحات السلبية أثارت الذعر في نفوس الجنوبيين.

مخاوف في الجنوب أيضا

سوق تجارية للجنوبيين في قلب الخرطومصورة من: DW/M. Amin Omar

من ناحيته يرى الباحث في الشؤون الاقتصادية، إبراهيم وقداي، أن هناك عددا من الجنوبيين ترعرعوا في الشمال ولهم ممتلكات ووظائف هناك. مشيرا إلى أن مخاوف هذه الفئة تتركز في فقدان المنزل أو الوظيفة. ويكشف وقداي وجها آخر للمأساة حين يقول إن مخاوف الجنوبيين لا تقتصر على بقائهم في الشمال فحسب، إنما تمتد إلى مخاوف أخرى في الجنوب نفسه! إذ إن الجنوب ليست به بنية تحتية ولا فرص عمل ولا حتى مستوى تعليمي معقول، وبذا فهم، حسب وقداي، مقبلون على مصير مجهول.

ويعتبر وقداي الجنوبيين المقيمين في الخرطوم قوة شرائية ضاربة، فإذا ما عادوا إلى الجنوب فإن السوق ستشهد ركودا اقتصاديا. ومن المتوقع أن تحدث هذه العودة الجماعية فراغا في مجالات عمل معينة برع في أدائها الجنوبيون فقط، حسب تعبيره.

ضمانات حكومية مؤكدة

أما القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، مندور المهدي، فيجزم أن كل هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، لأن الرئيس عمر البشير، وبحسب المهدي، قال إن الجنوبيين في الشمال سيلقون الحماية وستكون ممتلكاتهم وأرواحهم تحت مسئولية الحكومة في الشمال.

ويضيف المهدي لدويتشه فيله أن حزبه سيضمن مصالح الجنوبيين الاقتصادية في الشمال. ويشير إلى أن هناك أكثر من 21 ألف طالب جنوبي بالجامعات في الشمال ستتيح لهم الحكومة إتمام تعليمهم بدون مضايقات؛ فهذه "الضمانات تم التأمين عليها على كل المستويات في الحكومة المركزية".

عثمان شنقر ـ الخرطوم

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW